مقاومة الهيمنة:
محاكمة عزمي بشارة
نمر سلطاني، أريج صباغ-خوري
(تشرين أول 2003)
سلسلة دراسات مدى: (52 صفحة)
ISBN: 965-90573-3-4
ملخص:
ضمن "سلسلة دراسات مدى" صدرت دراسة تحليلية لمحاكمة عزمي بشارة في محكمة الصلح في نتسرات عليت حيث يواجه بشارة لائحتي اتهام تتعلقان بتنظيمه لزيارات إلى سورية وتصريحات سياسية ألقاها.
يعتبر المؤلفان، نمر سلطاني وأريج صباغ-خوري، وكلاهما باحث في مركز مدى، محاكمة عزمي بشارة أحد المفترقات الاجتماعية والسياسية المهمة التي تخيم على علاقات دولة إسرائيل والأقلية الأصلانية الفلسطينية التي تعيش فيها. وفي متن الدراسة يتطرق الباحثان إلى الطريق التي أفضت الى المحاكمة، والى موقف السلطات وأذرعها المختلفة والرأي اليهودي الاسرائيلي العام تجاه بشارة وحزبه، والدلالات السياسية لموقع المحاكمة وتوقيتها، بالاضافة الى أمر منع الارهاب وتأثيره على الخطاب السياسي، وتأثير هوية القضاة على المحاكمة وغير ذلك من المواضيع.
يكتب المؤلفان في المقدمة:
"نرمي في هذه الدراسة إلى إثبات أن محاكمة عزمي بشارة محاكمة سياسية كلاسيكية، وفق جميع المقاييس المدرجة في النظرية القانونية المتعلقة بالمحاكمات السياسية وأدبياتها. لكن هذه المحاكمة تختلف عن المحاكم السياسية الأُخرى التي جرت في إسرائيل. وذلك في عدد من الأمور: أولاً، جرت المحاكمات السياسية ضد أشخاص اتهموا بارتكاب مخالفات جنائية صرفة تتعلق بأخذ الرشاوى (كما هو الحال في محاكمة وزير الداخلية السابق، زعيم حركة شاس أرييه درعي) أو كانت محاكمات سياسية مرتبطة بالمحرقة النازية ( مثل حالتي يسرائيل كاستنر، وأدولف أيخمان). في المقابل، يحاكم في قضية بشارة، وللمرة الأولى، عضو كنيست بسبب تصريحاته السياسية. ثانيا، تشكل حالة بشارة، المرة الأولى في تاريخ الكنيست التي يتم فيها رفع الحصانة البرلمانية عن عضو كنيست بسبب تصريح سياسي؛ ثالثا، لا يقوم محام خاص بالترافع عن عزمي بشارة، وإنما يقوم بذلك مركز "عدالة- المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل"- وهي منظمة ترفع راية الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في إسرائيل، وتتماثل تماثلا تاما مع وجهة نظر بشارة في هذا الشأن، الأمر الذي يضفي على المحاكمة طابعاً جماعياً؛ رابعاً، يحاكم في الأنظمة الديموقراطية عادة سياسيون غير ديموقراطيين، بينما نرى في حالة بشارة – موضوع الدراسة– أن رسالته السياسية هي رسالة ديموقراطية في تعريفها لذاتها وطروحاتها.
لقد سبق أن تمّت مقاربة محاكمة بشارة بمحاكمة درايفوس. وعلى غرار إميل زولا, فقد أطلق بشارة صرخة "إني أتهم"، حيث ظهر الشعار على لافتات كبيرة حملت صورة بشارة. كان كاستنر قد ادعى هو الآخر أنه درايفوس الإسرائيلي، واستخدم التعبير نفسه-"إني أتهم"- لكن محاكمته عكست جدلا بين تيارين صهيونيين. اما في قضية درعي فقد استُخدم الشعار نفسه في الشريط المتلفز الذي أصدره درعي ضد حكاية المؤسسة الصهيونية الحاكمة ذاتها بإسم مجموعتين في المجتمع الإسرائيلي-اليهودي تضررتا منها وهما: الشرقيون والحريديم. في المقابل، فإننا في محاكمة بشارة أمام اتهام أشد لهجة وأكثر تحذيراً. فبشارة يتصدى للروح الجمعية الصهيونية باسم الأقلية الفلسطينية المقصية عن المجتمع الإسرائيلي. وهي روح جماعية معادية للأقلية الفلسطينية، تعرّفها بأنها عدو وتتعامل معها تبعا لذلك.
ادعاؤنا المركزي في هذه الدراسة هو أن ما يكمن في لب محاكمة بشارة بصورة جلية هو الشرخ القومي الصهيوني- الفلسطيني ، متمثلا بالمواجهة بين الدولة " اليهودية والديموقراطية" كتعريف قانوني- دستوري، وبين شعار "دولة جميع مواطنيها" الذي يمثله عضو الكنيست بشارة. إن المواجهة بين هاتين المنظومتين الفكريتين تعكس نزاعاً بشأن تقاسم القوه السياسية."