كان مركز مدى الكرمل- المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التّطبيقيّة قد علّق عقد مؤتمره السنويّ لعام 2020 نتيجة انتشار جائحة كورونا، حيث اضطر إلى تأجيل مؤتمره الذي كان من المزمع عقده في شهر آذار الماضي. ونتيجة للتقييدات المستمرّة للحدّ من انتشار الجائحة، قرر مركز مدى الكرمل عقد مؤتمره على امتداد ثلاثة أيّام مختلفة، بحيث يعقد في كلّ يوم جلسة من جلسات المؤتمر ويبثّها أونلاين على وسائل مواقع التواصل الاجتماعيّ. يناقش المؤتمر السنويّ كلّ عام جانبًا من واقع الفلسطينيّين في إسرائيل، ويناقش هذا العام موضوع: “الحقل السّياسيّ الفلسطينيّ: تحوّلات في القيادة ودور الأحزاب بين التّمثيل والتّنظيم”. 

يُشارك في المؤتمر نُخبة من الأكاديميّين، السّياسيّين والنّاشطين لمناقشة سبع أوراق بحثيّة سيتمّ نشرها في كتاب المؤتمر وتوزيعه على جمهور مدى الكرمل مجّانًا. ستفتتح المؤتمر بروفيسور نادرة شلهوب- كيفوركيان رئيسة الهيئة الإداريّة لمركز مدى الكرمل، فيما سيلقي د. مهنّد مصطفى المدير العام لمدى الكرمل كلمة افتتاحيّة ترمي إلى تأطير موضوع المؤتمر في سياق التحوّلات السياسيّة الراهنة.

ستُعقد الجلسة الأولى يوم الجمعة، في الثالث والعشرين من تشرين الأوّل، الساعة العاشرة صباحًا، عنوانها “تحوّلات في القيادة والخطاب السّياسيّين”. يترأس الجلسة المحامي علي حيدر أكاديميّ وناشط حقوقيّ. ويعرض فيها بروفيسور أمل جمّال، محاضر وباحث في قسم العلوم السّياسيّة في جامعة تل أبيب، ورقة بعنوان “تحليل نموذجيّ للنخب والقيادات الفلسطينيّة في إسرائيل، التّحوّلات الطّارئة عليها ومدى تمثيليّتها”. كما وسيعرض د. منصور النّصاصرة، محاضر في العلاقات الدّوليّة، قسم السّياسة والحكم في جامعة بن غوريون، ورقة بعنوان “تحوّلات في الحقل السّياسيّ الفلسطينيّ في إسرائيل بعد اتّفاق أوسلو”. على هاتين الورقتين ستُعقّب عضوة الكنيست عن التّجمع الوطنيّ الديمقراطيّ في القائمة المشتركة النّائبة د. هبة يزبك.

فيما ستعقد الجلسة الثّانية المعنونة “مقاربة اقتصاديّة ودور الأحزاب”، يوم السبت، في الرابع والعشرين من تشرين الأوّل، الساعة الثانية عشر ظهرًا. يترأس الجلسة د. رامز عيد، باحث ومحاضر في الأنثروبولوجيا السّياسيّة والحقوق، وفيها سيطرح د. سامي ميعاري، محاضر في جامعة تل أبيب وجامعة أوكسفورد ومدير عام منتدى الاقتصاد العربيّ، ورقته حول التّحوّلات الاقتصاديّة وأثرها على الحقل السّياسيّ الفلسطينيّ في إسرائيل. يليه محمّد خلايلة، الباحث وطالب الدّكتواره في كلّيّة العلوم السّياسيّة في جامعة حيفا، الذي سيقدّم ورقة تحت عنوان “تراجع قوّة الأحزاب السّياسيّة في الحكم المحلّيّ، بين الثّابت والمتحوّل”. أمّا د. سعيد سليمان، وهو باحث مستقلّ ومحاضر في مجال الجغرافيا، فسيناقش في ورقته تراجع دور وأداء الأحزاب العربيّة في التّنشئة السّياسيّة. ستُدلي النّائبة عايدة توما- سليمان، عضوة الكنيست عن الجبهة الديمقراطيّة للسّلام والمساواة في القائمة المشتركة، بتعقيبها على الأوراق الثّلاث السّابقة.

هذا وستعقد الجلسة الثالثة والأخيرة ” مقاربة نسويّة وما بعد السياسة” يوم الأحد، في الخامس والعشرين من تشرين الأول، الساعة السادسة مساءً. يترأس الجلسة عضو لجنة الأبحاث في مدى الكرمل، د. أيمن اغباريّة، ويشارك فيها خالد عنبتاوي، طالب دكتوراه في علم الاجتماع والإنسان في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، بورقته “مقاربات في سؤال السياسة الفلسطينيّة في الداخل وقراءة في التحوّلات والأزمة”. تُلحقها د. عرين هوّاري، باحثة ومنسّقة برنامج دعم طلّاب الدّراسات العليا في مدى الكرمل، بورقتها ” الدّينيّ والسّياسيّ لدى قياديّات في الحركة الإسلاميّة: مقاربة نسويّة”. المعقّبة على هاتين الورقتين، السّيّدة هبة هريش عواودة، هي مستشارة تربويّة، ناشطة اجتماعيّة، وباحثة في موضوع القيم.

لبرنامج المؤتمر اضغط هنا

عقد مركز مدى الكرمل، المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التّطبيقيّة، مؤتمره السّنويّ السادس لطلبة الدّكتوراه الفلسطينيّين، السّبت الماضي، في فندق رمادا أوليفييه في الناصرة بحضور وجاهي للمتحدّثين فقط وذلك نتيجة لتقييدات أزمة كورونا. أمّا الجمهور فقد تمكّن من مشاهدة المؤتمر والمشاركة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ من خلال البثّ المباشر للمؤتمر الذي نظّمه المركز. عرض أربعة باحثين وأربع باحثات فلسطينيّات من الجيل الجديد أبحاثهم/ن الدكتوراه في المؤتمر، وناقشوها مع أكاديميّين، باحثين وناشطين آخرين.

افتُتح المؤتمر بكلمات ترحيبيّة لعضو اللجنة الأكاديميّة للمؤتمر والمدير العام لمركز مدى الكرمل، د. مهنّد مصطفى، مشيرًا إلى هدف المؤتمر في إنتاج معرفة منحازة، لكنها علميّة وتعتمد المناهج البحثيّة الرصينة، وتنتج باللغة العربيّة التي هي جزء من ماهية المعرفة. مشدّدًا على أهمّيّة الدراسة والبحث خاصّة في ظلّ التحوّلات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والصحّيّة التي يعيشها هذا الجيل.

أتبعه د. نمر سلطاني، وهو محاضر في كلّيّة الدراسات الشرقيّة والأفريقيّة (سواس) في جامعة لندن، بمحاضرة افتتاحيّة بعنوان: الأكاديميا بين النيوليبراليّة والمقاومة، محاولًا الإجابة على السؤال كيف يمكن إنتاج معرفة مقاوِمة؟ ويقصد سلطاني بذلك مقاومة الهيمنات، ومقاومة الليبراليّة، والرأسماليّة، وعدم المساواة، والسلطة، والظلم بكلّ جوانبه من أجل ازدياد الحرّيّات في المجتمع.

تخلّل المؤتمر جلستين اثنتين، أدار الأولى منهما د. أيمن اغباريّة، عضو اللجنة الأكاديميّة للمؤتمر ورئيس برنامج اللقب الثاني في دراسات التربية والمجتمع والثقافة في جامعة حيفا، والتي كان عنوانها “فلسطين- مقاربات تاريخيّة واجتماعيّة”. عُرِض خلال هذه الجلسة أربعة أبحاث: الأوّل بعنوان “أثر الاحتلال الصليبيّ على العمارة الدينيّة في أرض فلسطين“، قدّمه الباحث عبد الرازق متّاني، طالب دكتوراه في قسم الآثار في جامعة بن غوريون. واستعرض خلاله أثر الاحتلال الصليبيّ على العمارة الدينيّة في أرض فلسطين مقارنة مع الحيّز الشاميّ الذي لم يقع تحت الاحتلال الصليبيّ. مداخلته هذه كانت جزءًا من رسالته الدكتوراه التي تناقش تطوّر عمارة المساجد في جنديّ الأردن وفلسطين منذ الفتح الإسلاميّ حتّى مطلع القرن العشرين.

 أمّا البحث الثّاني، والذي جاء بعنوان “ما بين الجبل والبحر: خدمات الصرف الصحّيّ كمدخل لدراسة العلاقة ما بين أحياء حيفا الانتدابيّة“، فقد كان للباحث أحمد محمود، طالب دكتوراه في قسم دراسات الإسلام والشرق الأوسط في الجامعة العبريّة في القدس. تناول محمود حال شبكات الصرف الصحّيّ بين الأجندة الاستعماريّة البريطانيّة وإدارة الحياة اليوميّة في مجال الصحّة العامّة خلال العقد الأوّل من سنوات الانتداب البريطانيّ على مدينة حيفا. وقد ناقش البحث الثالث الذي عرضه الباحث خالد عنبتاويّ، طالب دكتوراه في علم الاجتماع والإنسان؛ معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا، سؤالَ “الطائفيّة في تصوّرات الناس: كيف تُنتِج الطائفيّة السياسيّة طوائِفَها محلّيًّا؟“. وقد ادّعى عنبتاوي أنّه حين تُرسم حدود الطائفيّة، يتحوّل الانتماء للجماعة ولمجموعة البشر، وليس بالضرورة لقيم الدين ذاته، وحين تُنتج هذه الجماعة مصالحها السياسيّة والاجتماعيّة المُتخيّلة في الخطاب والممارسة (للنخبة خاصّة)، تتحوّل الطائفيّة إلى لاعب مركزيّ في السياسة المحلّيّة. 

المداخلة الرابعة والأخيرة لهذه الجلسة كانت لطالبة الدكتوراه في العلوم الاجتماعيّة في جامعة بير زيت، حليمة أبو هنيّة، بعنوان “ التحوّلات الاقتصاديّة الاجتماعيّة في مخيّم شعفاط للاجئين في القدس: 1965-2018″. ادّعت هنيّة بأن ّالتمييز والأوضاع الصعبة التي عانى منها سكّان مخيّم شعفاط مَنحَت السكّانَ مصادر قوّة ساعدتهم في تمكين أنفسهم والتغلّب على تهميشهم وإقصائهم، كأن يكسروا حاجز الخوف من المستعمِر، وهي أمور برزت كأدوات مقاومة وصمود لديهم. 

جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان “الهويّة والممارسة في سياقات فلسطينيّة متعدّدة” أدارها أ.د خالد أبو عصبة، وهو محاضر ومشرف برنامج الدكتوراه في التربية في الجامعة العربيّة الأمريكيّة للدراسات العليا في رام الله. قدّمت خلال هذه الجلسة أربع مداخلات كانت الأولى لرلى (حامد) أبو زيد – أونيل، الحاصلة على إجازة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة كورك – إيرلندا. تطرّقت أبو زيد – أونيل في مداخلتها “النساء، الذاكرة والنكبة: حالة الفلسطينيّات مهجّرات الداخل” إلى دور الأمّهات والجدّات في نقل الرواية الفلسطينيّة وإلى كيفية تحويلهنّ لهذه القصص والحكايا إلى وسيلة لخلق ثقافة الانتماء، والوعي تجاه الظلم التاريخيّ والوطنيّ، ووسيلتهنّ للتعبير عن مشاعر جيل النكبة اتّجاه تجاربهم وذكرياتهم بأدوات وآليات يتقنونها.

قدّمت المداخلة الثّانية التي جاءت تحت عنوان “تضافر وتنافر آليات القمع وأثرها على التجربة المهنية للحقوقيات الفلسطينيّات في الدولة اليهوديّة“، الباحثة بانة شغري، طالبة دكتوراه في كلّيّة القانون في الجامعة العبريّة في القدس. سلّطت خلالها الضوء على أثر تضافر وتنافر آليات القمع الجندريّة والقوميّة المُمارَسة على الحقوقيّات الفلسطينيّات بسبب تقاطع هويّاتهن الشخصيّة والمهنيّة على مسيرتهنّ المهنيّة، وعلى الأساليب التي يعتمدن عليها للمقاومة والنضال من أجل القضايا التي يُؤْمِنَّ بها ولخلق مساحة من الحرّيّة لأنفسهنّ.

أمّا المتحدّث الثالث، فكان الباحث لؤي وتد، وهو طالب دكتوراة في دائرة علم الاجتماع في جامعة تل أبيب، فقد عرض بحثًا بعنوان “أدب أقلّي لقرّاء أقلّيّين: تحليل مقارن لحقل أدب الأطفال الفلسطينيّ في إسرائيل والضفّة الغربيّة”. أشار وتد أنّه من خلال قراءة حقل أدب الأطفال الفلسطينيّ بأدوات ومفاهيم نقديّة واجتماعيّة، تتحوّل قصّة الأطفال لاستعارة ومثل سياسيّ. السياسة تكشف – من خلال وجهات نظر “أطفاليّة” و”طفوليّة” و”أصلانيّة” – بُعدًا جديدًا ومختلفًا. في حين أنّ مجال الطفولة و”الأطفاليّة”، ذلك المجال المحايد والمنسلخ عن السياسة، يصبح وسيلة دلاليّةً للهروب والخلاص من تثبيت ذلك النظام السياسيّ. 

المداخلة الأخيرة في الجلسة والمؤتمر، كانت لطالبة الدكتوراه في مدرسة الخدمة الاجتماعيّة في جامعة حيفا، لينا غنايم بدران، بعنوان ” بين الدين والعلمانيّة- الفروقات بين العمّال الاجتماعيّين، والأئمة في التوصيّة حول قضايا الأحوال الشخصيّة للأشخاص ذوي التحدّيات العقليّة”. ادّعت بدران أنّه على الرغم من أنّ المجتمع الفلسطينيّ في الداخل ديناميكيّ ومتغيّر، إلّا أنّه لا يزال يتعامل مع مشاكل الصحّة العقليّة والنفسيّة لدى سكّانه من خلال المرآة الدينيّة والتقليديّة، يضمن ذلك طرق التكيّف والعلاج.

وتجدر الإشارة بأن المؤتمر حاز على ما يقارب 7000 مشاهدة بالمجموع، وعبّر الجمهور من خلال تعليقاتهم عن استحسانهم للجهد المبذول من قبل المركز، وإعجابهم بالمضامين المطروحة خلال المداخلات والإطراء على مدى تميّز المتحدّثين والمتحدّثات لهذا العام، على سبيل المثال، كتبَت إحدى المتابعات: ” اللغة مظهر من مظاهر الابتكار في مجموع الأمة أو ذاتها العامّة، فإذا هجعت قوّة الابتكار، توقّفت اللغة عن مسيرها، وفي الوقوف التقهقر، وفي التقهقر الموت والاندثار. كلّ الاحترام لطرح الطلبة مواضيع البحث باللغة العربيّة فهذا ليس مفهومًا ضمنًا”.

برنامج المؤتمر اضغط هنا

لمشاهدة مداخلات الجلسة الأولى:
عبد الرازق متّاني اضغط هنا
أحمد محمود اضغط هنا
خالد عنبتاويّ اضغط هنا
حليمة أبو هنيّة اضغط هنا

لمشاهدة مداخلات الجلسة الثانية:
د.رلى (حامد) أبو زيد – أونيل اضغط هنا
بانة شغري اضغط هنا
لؤي وتد اضغط هنا
لينا غنايم بدران اضغط هنا

ضمن سلسلة محاضرات “السياسة في زمن الكورونا” التي أطلقها مركز مدى الكرمل، ألقى الباحث خالد عنبتاوي، طالب الدكتوراه في معهد جنيف للدراسات العليا، محاضرته بإشارته إلى هدفه بإعادة تحليل كتابيّ زيجموند باومان الخوف السائل والحبّ السائل من خلال عدسة الكورونا، بالإضافة إلى قراءة وتحليل ملامح ومشاهد من زمن الكورونا من خلال الأفكار التي طرحها باومان. يشير عنبتاوي أنّ هذين الكتابين هما جزء من سلسلة كتب سائلة لباومان انطلقت كلّها من فكرة نقد ما بعد حداثيّ (رغم أن باومان يفضّل تسميتها بالحداثة السائلة)، وهو نقد ينطلق من سياق الحداثة نفسها، مسائلًا إياها لا معاديًا لها. مبيّنًا أنّ الدّولة الحديثة، وضعت هدفًا بالسّيطرة على الطبيعة من خلال التكنولوجيا من أجل تحقيق السعادة والسّيطرة على الخوف الصّلب (أيّ الموت)، إلّا أنّ هذا الوعد لم يتحقّق. وهو يطرح العديد من الأسئلة، منها ما يجيب عنها في المحاضرة، ومنها ما يتركها معلّقة لنتفكّر بها، هي: ما الفرق بين الحداثة السائلة والصلبة؟ الخوف الصلب والخوف السائل؟ كيف سيكون نوع وشكل حياتنا بعد الكورونا؟ كيف تطرح الكورونا أسئلة حول خوفنا وحول علاقاتنا الإنسانيّة قبل وبعد الأزمة؟ هل يمكن أن نكون قد أذنبنا بمسألة الكارثة؟ أم هي قدر بشريّ بحت؟

يشرح عنبتاوي أنّ الخوف برؤية باومان في عصر الحداثة السائلة تحوّل، في مرحلة ما، إلى خوف مجزّأ في مشاهد الحياة المتعدّدة وتفاصيلها، خوف متكرّر في كثير من أجزاء حياتنا اليوميّة: اقتصاديًّا، عاطفيًّا، أمنيًّا، سياسيًّا، اجتماعيًّا وغيرها، وهو خوف سائل من الصعب معرفة كيفيّة إدارته أو ضبطه تمامًا. لكنّ باومان يرى أنّ هذا الخوف مرتبط بطريقة تعامل الدولة  الحديثة مع فكرة الخوف الصلب من الموت، حيث حوّلت فكرة الموت إلى فكرة مفككة ومجزّئة من أجل مواجهة أجزاءها. مع الوقت تغلغل هذا التفكيك إلى تفاصيل حياتنا، خاصّة مع انسحاب الدولة من أدوار عدّة في حياة الناس ودخول السوق مكانها. بالتالي، عزّز ذلك من  محاولات البحث السّريع والسّهل عن الحلول الآنية المؤقّتة غير المستدامة، نتيجة لانسحاب الدولة الحديثة من مهمّة حماية الناس، وامتناعها عن إعطاء ضمان اجتماعيّ أو اقتصاديّ، ممّا أدّى إلى أن يحلّ السوق، نظام السوق وقوانين السوق محلّ الدّولة، فنتج عن ذلك وسواس إقصاء، أو شبح إقصاء يهدّد وجودنا، ممّا شكّل حالة تسمّى برمال متحرّكة من اللا يقين.

ساهم النظام الاقتصاديّ الليبراليّ الجديد في تعزيز الهوس للحلول السريعة، كما وساهم الخوف السّائل في إضعاف تعاطفنا تجاه البشر الآخرين من أجل كسب شعور الأمان كما نرى اليوم في زمن الكورونا. أضاف عنبتاوي أنّ باومان ينبّهنا إلى إمكانية تحوّل سعي الإنسان للسيطرة على الطبيعة إلى سيطرة الإنسان على الإنسان كذلك، ففي مرحلة ما  تحوّلت الآلات والأدوات البيروقراطيّة والعقلانيّة إلى غايات بحدّ ذاتها. يستشهد عنبتاوي بظاهرة المحرقة لتبيين ذلك،  وكيفيّة التعامل مع ارتكاب الجرائم تحت شعار البيروقراطيّة كأمر طبيعيّ بالنسبة لمرتكبيه، حيث تمّ تحييد الجانب الأخلاقيّ الفرديّ في العمل البيروقراطيّ في سبيل ملء كلّ شخص لوظيفته وتنفيذها.

تطرّق عنبتاوي أيضًا إلى رؤية باومان لانتقائيّة نظام العولمة الجديد، واختياره لمن عليه أن يُسعد من خلال منطق الاحتكار وتوسيع الفجوات بين الطبقات والبشر. الكورونا على سبيل المثال، ككارثة طبيعيّة لا يد لنا بظهورها كما يبدو، سَاوَت بين الجميع من حيث احتمال الإصابة بها، لكنّها لم تساوي بينهم تمامًا في تبعات حلولها ككارثة على المجتمع، حيث تكون كارثيّتها على جماعة ما أكبر من غيرها. كما وربط شعور الثّقة لدى الناس بالسلطة، منظمة الصحة العالميّة وشركات رؤوس الأموال بهوسهم بإيجاد الأمان، وتجمّع الخوف السائل للحياة اليوميّة مع الخوف الصلب من الكورونا، فأخذ الناس يبحثون عن الخلاص الفرديّ بأيّ طريقة ممكنة. كما أشار الى وقوف باومان عند العلاقة بين العولمة وإنتاج الخوف بعد الحادي عشر من سبتمبر، فقد استمرّت السلطات في إنتاج دائرة الخوف لأنّها تزيد من تمسّك الشعوب بها وتساعدها في تحقيق أهدافها، حيث يسهل إطاعة القائد الذي يعدنا بالأمان. وقد ساعدت التكنولوجيا والعولمة في تعميم الخوف على كلّ العالم.

ينهي خالد عنبتاوي محاضرته بتحليل الدور الذي يلعبه الخوف السائل والعلاقات الاقتصاديّة الليبراليّة الجديدة في الانتقال من مرحلة الحبّ الصلب إلى مرحلة الحبّ السائل والعلاقات الحميمة السائلة السريعة غير الآمنة والمتغيّرة. ويشير إلى ربط باومان بين الخوف من الموت وبين الحب، دافعًا إيّانا إلى التفكير بأنماط علاقاتنا الإنسانيّة في هذا الزمن السائل، طارحًا أسئلة أخرى في نهاية محاضرته، منها: هل سنحافظ على نفس نظام العلاقات الإنسانيّة والاجتماعيّة الموجودة بعد عودتنا للزمن السائل عند انتهاء الكورونا التي هي الزمن الصلب؟ أم ستكون هذه فرصة للتفكير بإيجاد بديل معًا بحيث نقف أمام قرارات السلطة القمعيّة؟ حيث يسهل في حالات الوباء أن نكون طيّعين للسلطة وعدم مسائلتها. وهل سنعمل على تكثيف التضامن والتكافل المجتمعيّ لننهي الوضع الرّاهن الذي لسنا فيه سوى عبارة عن تجمّع بشري يعيش فيه أفراد؟ علينا أن نتساءل عن كيفية إعادة أفراد المجتمع لفطرتهم الإنسانيّة.

أكدّ خالد في نهاية محاضرته على ضرورة فهم نقد باومان للحداثة ضمن سياق الأمور الصحيح، أيّ الحداثة نفسها، فنقده لها ليس عدائيًّا تجاهها أو تجاه علومها بل تفكيًرا نقديًّا من داخلها، وأيّ سحب لهذا النقد يجب أن يراعي السياقات المختلفة. كما أكّد على ضرورة استغلال الكورونا من أجل تعزيز التفكير لدينا كمجتمع متكافل، لا أفراد تسعى لأمان فرديّ بحت. وختم عنبتاوي على نسق درويش بقوله “وأنت تفكّر في الحبّ والخوف السائل فكّر بغيرك بمن لم يجد ولم تجد قوت الحمام”.

لمشاهدة المحاضرة كاملة اضغط/ي هنا

 إعداد: خالد عنبتاوي
 7/2018

 يواصل تقرير الرصد السياسيّ، في حلّته وصيغته الجديدة بصورة فصليّة – دوريّة، عرض تجلّيات العنصريّة والكولونياليّة تجاه الفلسطينيّين في إسرائيل، كما انعكست في محاور ضبط الحيّز المكانيّ، وضبط الحيّز السياسيّ والعنف، وذلك في مستويات السياسة والممارسات والتشريع والخطاب. ويرصد التقرير الفصليّ الحاليّ تجلّيات العنصريّة في ثلاثة أشهر من العام 2018: نيسان؛ أيّار؛ حزيران -وذلك في ثلاثة أبواب رئيسيّة. نحاول في هذا التقرير أن نقدّم تجلّيًا لِما ندّعيه من محاولة صهيونيّة لإغلاق ملفّ الفلسطينيّين في الداخل، خلال العَقد الأخير، من خلال الحسم في مسألتين هما جوهر الصراع في الداخل: ضبط الحيّز السياسيّ – الثقافيّ بما يتماشى مع حسم يهوديّة وصهيونيّة الدولة وما ينجم عنه من ملاحقة لكلّ ما لا يتماشى مع هذا الضبط، وفي المستوى الثاني ضبط الحيّز المكانيّ وحسم مسألة الأرض والتخطيط لدى الفلسطينيّين في الداخل، ممّا يسهم في فرض صهيونيّة الدولة: جوهرًا سياسيًّا ووجودًا عمليًّا.

 لتحميل ملف التقرير بصيغة PDF

Untitled-1 إعداد: خالد عنبتاوي
 1/2018

 يواصل تقرير الرصد السياسي لشهر كانون الثاني/ يناير 2018، عرض تجليات التمييز العنصري تجاه الفلسطينيين في إسرائيل، كما انعكست في الممارسات السياسية والقانونية وفي الخطاب الإعلامي والجماهيري. ويرصد التقرير الحالي التمييز العنصري، في ثلاثة أبواب رئيسية: الأول سياسات التمييز العنصري، ويندرج ضمنه مستويان: مستوى سياسات تضييق الحيز المكاني والتخطيط، وبرز فيه إقرار مخطط جديد يهدد مئات الدونمات من أراضي “الروحة” في منطقة المثلث بالمصادرة، فضلاً عن استمرار سياسات الهدم، إذ تم توثيق 6 حالات هدم في النقب والمثلث؛ ومستوى التضييق على الحق في العمل السياسي وحرية التعبير، وبرز ضمنه استمرار ملاحقة ناشطي الحركة الإسلامية المحظورة و”التجمّع” وقياداتهما السياسيّة، فضلاً عن إدانة وحبس ناشطين آخرين.

 لتحميل ملف التقرير بصيغة PDF

[zoom]

Untitled-1 إعداد: خالد عنبتاوي
 12/2017

 يتابع تقرير الرصد السياسي لشهر كانون الأول/ ديسمبر 2017، عرض تجليات التمييز العنصري تجاه الفلسطينيين في إسرائيل، كما انعكست في الممارسات السياسية والقانونية وفي الخطاب الإعلامي والجماهيري. ويرصد التقرير الحالي التمييز العنصري، في ثلاثة أبواب رئيسية: الأول سياسات التمييز العنصري، ويندرج ضمنه مستويان: مستوى سياسات تضييق الحيز المكاني، وبرز فيه توثيق 9 حالات هدم في النقب والمثلث، ومستوى التضييق على الحق في العمل السياسي وحرية التعبير، وبرز ضمنه استمرار ملاحقة الناشطين والقيادات السياسيّة والحبس الفعلي لبعضهم.

 لتحميل ملف التقرير بصيغة PDF

Untitled-1 إعداد: خالد عنبتاوي
 11/2017

يواصل تقرير الرصد السياسى لشهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017 ، عرض تجليات التمييز العنصري تجاه الفلسطينيين في إسرائيل، كما انعكست في الممارسات السياسية والقانونية وفي الخطاب الإعلامي والجماهيري. ويرصد التقرير الحالي التمييز العنصري، في ثلاثة أبواب رئيسية: الأول سياسات التمييز العنصري، ويندرج ضمنه مستويان: مستوى سياسات تضييق الحيز المكاني، مثل المخطط لمصادرة آلاف الدونمات من أراضي طنطور، وأربع حالات هدم في النقب وفي مناطق أخرى، ومستوى التضييق عل الحق في العمل السياسي وحرية التعبير، وبرز ضمنه استمرار ملاحقة الناشطين والقيادات السياسيَة.

 لتحميل ملف التقرير بصيغة PDF

Untitled-1 إعداد: خالد عنبتاوي
 10/2017

 يتابع تقرير الرصد السياسي لشهر تشرين الأول/أكتوبر   2017، عرض تجليات التمييز العنصري تجاه  الفلسطينيين في إسرائيل، كما انعكست في الممارسات  السياسية والقانونية وفي الخطاب الإعلامي  والجماهيري. ويرصد التقرير الحالي التمييز العنصري، في ثلاثة أبواب رئيسية: الأول السياسات العنصرية، ويندرج ضمنه مستويان: مستوى سياسات تضييق الحيز المكاني، وبرزت ضمنه سبع حالات هدم في النقب وفي مناطق أخرى، ومستوى التضييق على الحق في العمل السياسي وحرية التعبير، وبرزت ضمنه خمس حالات اعتقال سياسي.

 لتحميل ملف التقرير بصيغة PDF

Untitled-1 إعداد: خالد عنبتاوي
 9/2017

يواصل تقرير الرصد السياسي لشهر أيلول/سبتمبر 2017 ، عرض وقراءة تجليات العنصريّة الاسرائيليّة تجاه الفلسطينيين في إسرائيل، كما انعكست في الممارسات السياسية والقانونية وفي الخطاب الإعلامي والجماهيري. ويرصد التقرير الحالي العنصرية، في ثلاثة أبواب رئيسية: الأول السياسات العنصرية، ويندرج ضمنه مستويان: مستوى سياسات التضييق في الحيز المكاني وعمليات التخطيط العنصري، الهدم والمصادرة، حيث برز ضمنها استمرار سياسات الهدم في النقب، ومخطط جديد لوزيرة القضاء آيليت شاكيد “لمكافحة البناء العربي”، إضافة لمستوى ضبط الحيّز السياسي العام واستمرار مسلسل الملاحقة للقيادات والنشطاء السياسييّن. ويتوقف الباب الثاني عند العنصرية التي تتجلّى في التحريض الرسمي والشعبي، التي برز من خلالها تبنّي حزب “الاتحاد القومي” بالإجماع خطة “الحسم” لعضو الكنيست من حزب “البيت اليهودي” بتسلئيل سموترش التي تطرح “التهجير الاختياري”. في حين يعرض الباب الثالث التشريعات العنصرية وتوسيع تطبيقها. يظهر هذا التقرير، إلى جانب تقاريرنا السابقة، أن العنصريّة هي نتاج بنيوي لمجمل الاستراتيجيات السياسية الإسرائيليّة.

 لتحميل ملف التقرير بصيغة PDF

Untitled-1 إعداد: خالد عنبتاوي
 8/2017

يتناول تقرير الرصد السياسي لشهر آب/أغسطس 2017 تجليات العنصريّة الاسرائيليّة تجاه الفلسطينيين في إسرائيل، كما انعكست في الممارسات السياسية والقانونية وفي الخطاب الإعلامي والجماهيري. ويرصد التقرير الحاليالعنصرية، في ثلاثة أبواب رئيسية: الأول السياسات العنصرية، ويندرج ضمنه مستويان: مستوى سياسات التضييق في الحيز المكاني وعمليات التخطيط العنصري، الهدم والمصادرة، ومستوى سياسات التحكم بالحيز الثقافي والخطاب السياسي، وبرز ضمنه حملة الملاحقة السياسيّة للحركة الاسلاميّة وقيادتها وللناشطين. ويتوقف الباب الثاني عند العنصرية التي تتجلّى في التحريض الرسمي والشعبي، بينما يعرض الباب الثالث التشريعات العنصرية وتوسيع تطبيقها.

 لتحميل ملف التقرير بصيغة PDF