عَقَد مركز مدى الكرمل مؤتمره الثامن لطلبة الدكتوراة الفلسطينيّين يوم السبت الموافق 30.7.2022، في فندق “ﭼـولدن كراون” في الناصرة، بحضور واسع من جمهور أكاديميّ وطلبة جامعيّين.

افتَتحت المؤتمرَ، بكلمات ترحيبيّة، د. عرين هوّاري، مديرة برنامج الدراسات النسويّة في “مدى الكرمل”، إذ قدّمتْ نبذة عن برنامج دعم طلبة الدراسات العليا ومركّباته، الذي يهدف بدَوْره إلى دعم الإنتاج المعرفيّ والبحثيّ والنقديّ لدى طلبة وطالبات الدكتوراة الفلسطينيّين، وإلى توفير حيّز داعم ومساحات لمناقشة أبحاثهم وعرضها باللغة العربيّة.

تضمّن المؤتمر كلمة افتتاحيّة ألقتها د. سونيا بولس، المحاضِرة في قسم العلاقات الدوليّة والقانون في جامعة أنطونيو دي نبريخا – مدريد، وعضوة لجنة الأبحاث في مدى الكرمل، وكانت بعنوان “ما بين الشغف والالتزام والـﭘرﭼـماتيّة: عن تحدّيات الحياة الأكاديميّة”، وسلّطت خلالها الضوء على المعايير والتصنيفات الأكاديميّة التي جعلت مَهَمّة البحث والتدريس عبئًا على الأكاديميّ بدلًا من أن تَكون تعبيرًا عن الشغف والرغبة في الإنتاج المعرفيّ. اختتمت المحاضِرة مداخلتَها بمشاركة الجمهور في طرق لمقاومة الهيمنة الأكاديميّة السائدة، من بينها عدمُ التعامل مع الإنتاج المعرفيّ كموضة، وعدمُ الانصياع أمام محاولات الإقصاء.

وفي الجلسة الأولى، التي كان عنوانها “تشكُّل الهُويّات ودَوْر التاريخ والذاكرة”، والتي أدارتها د. أريج صبّاغ – خوري، المحاضِرة في قسم علم الاجتماع وعلم الإنسان في الجامعة العبريّة في القدس، وعضوة الهيئة الإداريّة في مدى الكرمل، عَرضت ثلاث طالبات أبحاثهنّ. قدّمت الطالبة عالية زعبي، المرشَّحة لنَيْل درجة الدكتوراة في القانون الدوليّ من جامعة إكستر – إنـﭼـلترا، مداخَلةً بعنوان: “فحص نموذج تمثيل قانونيّ نسويّ ومناهض للاستعمار بناءً على تجارب نساء فلسطينيّات”، سلّطت خلالها الضوء على التعقيدات التي تمّر فيها المرأة الفلسطينيّة بالحصول على العدل والتمثيل في محاكم الاحتلال في سياق الصدمة والاستعمار، مقدِّمةً في نهاية مداخلتها اقتراحًا لتطوير نموذج قضائيّ نسويّ ومُناهِض للاستعمار.

أمّا المداخَلة الثانية، التي كان عنوانها “خلق هُويّة كوزموﭘـوليتانيّة لدى الفلسطينييّن في إسرائيل في الميادين التربويّة”، فقد قدّمتها الطالبة هناء خليفة – يونس، المرشَّحة لنَيْل درجة الدكتوراة من قسم القيادة والسياسة التربويّة في جامعة حيفا، استهلّتها بمناقشة مصطلح “الكوزموﭘـوليتانيّة”، لتتطرّق بعد ذلك إلى الهُويّة القوميّة لدى الفلسطينيّين في كلّ من الميادين التربويّة الثلاثة: المدارس والحركات الشبابيّة والتعليم العالي، وإلى أهمّيّة الدراسة في ظلّ مواجهة العرب الفلسطينيّين في إسرائيل لمسألة الانتماء إلى دولة إسرائيل، ولهُويّتهم الوطنيّة والمدنيّة.

ثمّ تلتها المداخلة الثالثة التي عرضتها الطالبة رولا شهوان، المرشَّحة لنَيْل درجة دكتوراة في الدراسات السينمائيّة والأرشيف من جامعة ﭼـوته – فرانكفورت في ألمانيا، بعنوان “الإنتاج المعرفيّ الإسرائيليّ المبنيّ على الأرشيف: إنتاج الأفلام الوثائقيّة نموذجًا”. تطرّقت شهوان، من خلال مداخلتها، إلى أهمّيّة الأرشيف ودَوْره في سرد الحقيقة من خلال توثيق روايتنا الفلسطينيّة والحفاظ على الذاكرة، في ظلّ محاولات عديدة يقوم بها الاحتلال لتغييب صوت الضحيّة الفلسطينيّة ولتناول الرواية الفلسطينيّة من منظور استعماريّ.

في نهاية الجلسة، عقّبت د. أريج صبّاغ – خوري على كلّ من المداخَلات، وقامت بطرح أسئلة وملاحظات لكلّ من الباحثات، ثمّ فتحت المجال للجمهور أن يطرح الأسئلة. كذلك أشارت إلى أهمّيّة المواضيع البحثيّة سياسيًّا واجتماعيًّا، وتطرّقت إلى أهمّيّة اختيار مدى الكرمل في هذا المؤتمر للمواضيع وللمراحل المختلفة التي بلَغَتْها الباحثات، وذلك في سبيل بناء ومساعدة الباحثات في طرح المواضيع وتطويرها.

جاءت الجلسة الثانية بعنوان” آليّات التواصل والتعاطف وإمكانيّات النموّ في سياقات مدرسيّة وعلاجيّة”، أدارتها وعقّبت عليها د. حنين قرواني -خوري، المحاضِرة والباحثة في قسم اضطرابات التواصل في كلّيّة علوم الرفاه والصحّة في جامعة حيفا.

خلال هذه الجلسة، قُدِّمت ثلاث مداخَلات، كانت الأولى من بينها للطالبة نغم برانسة، المرشَّحة لنَيْل درجة الدكتوراة من قسم الاستشارة وتطوُّر الإنسان في جامعة حيفا، بعنوان: “إسهام التدخُّل القصير المدى لدى أهالي أطفال مشخَّصين مع توحُّد لتطوير عقليّة النموّ، ولخفض الضغط الوالديّ، ولتعزيز النموّ بعد الأزمات”. وقد ناقشت خلالها عواملَ لتطوير عقليّة النموّ إزاء الضغط لدى أهالٍ لأطفال مشخَّصين مع اضطراب التوحُّد في المجتمع العربيّ. في نهاية المداخَلة، طَرحت برانسة ثلاثة نماذج وعوامل لخطّة علاجيّة قامت بتطويرها خلال البحث.

أمّا المداخَلة الثانية، التي جاءت تحت عنوان “التعاطف مع العضو الأقلّ امتيازًا في سياق مجموعة مهَيْمِنة”، فقد قدّمتها الطالبة نور قاسم، المرشَّحة لنَيْل درجة الدكتوراة من قسم علم النفس في الجامعة العبريّة في القدس، حيث سلّطت الضوء على التجربة العاطفيّة المشحونة التي يعيشها الطلبة الفلسطينيّون في الأكاديميّة الإسرائيليّة، بالإضافة إلى تجربة ثنائيّة اللغة، وعلى المشاعر السلبيّة الصادرة عن استعمال لغة المستعمِر (لغة المجموعة المهَيْمِنة) وهي اللغة الثانية لدى الفلسطينيّين في إسرائيل.

 

المداخلة الثالثة والأخيرة في الجلسة كانت للمرشَّحة لنَيْل درجة الدكتوراة في قسم القيادة والسياسة التربويّة في جامعة حيفا، مها خليل – يحيى، وحملت العنوان “التربية للخيال السياسيّ في المدارس العربيّة في إسرائيل: إمكانيّات؛ تحدّيات؛ معيقات”، وفيها استعرضت خليل – يحيى مصطلح “الخيال السياسيّ” وأهمّيّته لفهم الواقع السياسيّ الذي يعيش فيه الإنسان، حيث أشارت إلى أنّ القدرة على التخيُّل تمنح الإنسان القدرة على تغيير الواقع. وكذلك عَرَضت إستراتيجيّاتٍ عمليّةً لتطوير هذا المصطلح لدى الطلبة في المدارس العربيّة في الداخل الفلسطينيّ.

اختتم المؤتمرَ الـﭘـروفيسور أيمن إغباريّة، رئيس لجنة الأبحاث في مركز مدى الكرمل، وأحد مؤسِّسي “برنامج دعم طلبة الدراسات العليا”، بكلمات شكر وجّهها إلى طاقم المركز واللجنة الأكاديميّة للمؤتمر، مشيرًا إلى أهمّيّة الأبحاث والباحثين والباحثات الجدد من الجيل الصاعد، وأهمّيّة دعمهم في هذه الرحلة.

وقد اختُتِم المؤتمر بفِقْرة خُصّصت لتوزيع المنح السنويّة التي يقدّمها مدى الكرمل للمشاركين في سمينار دعم مهارات البحث لطلبة الدراسات العليا.

لمشاهدة برنامج المؤتمر بصيغة PDF

لمشاهدة الجلسة الاولى

لمشاهدة الجلسة الثانية

عقد مركز مدى الكرمل السبت الماضي، ندوة فكريّة بعنوان “مساعي الفلسطينيّين لدولة: بعد سنواتٍ ثمان” لمناقشة –مساعي السلطة الفلسطينيّة للحصول على اعتراف دوليّ بالدولة الفلسطينيّة وتداعيات ذلك سياسيًّا وقانونيًّا. افتتح الندوة وأدارها بروفيسور إيلان بابه، وهو رئيس المركز الأوروبيّ للدراسات الفلسطينيّة في جامعة إكستر في المملكة المتّحدة.

ألقى د. إساياس بارنيادا، أستاذ العلاقات الدوليّة، قسم العلاقات العامّة في جامعة كومبلوتنس – مدريد، المُحاضرة الأولى، والتي جاءت تحت عنوان “الاتّحاد الأوروبيّ ومَسعى الفلسطينيّين لدولة”. أشار بارنيادا إلى الموقف الغامض الذي يتّخذه الاتّحاد الأوروبيّ من الدولة الفلسطينيّة، بعد أن دَعَمَ الاتّحاد الأوروبيّ الدولة الفلسطينيّة للمرّة الأولى بعد اتّفاق أوسلو، ولكن منذ ذلك الوقت كان موقفه غيرَ مباشر ومتذبذبًا وفقًا للظروف. غالبًا ما تَحْكُمُ المصالحُ المُختلفة موقفَ الاتّحاد الأوروبيّ، التي قد تدفعها أو تمنعها من اتّخاذ موقف ما، ولكنّ هذا الأمر مرهون كذلك بعدم وجود إجماع بين أعضاء الاتّحاد الأوروبيّ حول الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة، بل تنقسم الآراء بين مؤيّد ومُعارض، الأمر الذي لم يُمكّن الاتّحاد الأوروبيّ من تبنّي الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة.

ألقَتْ د. سونيا بولس المحاضرة الثانية المُعنونة “إسقاطات الاعتراف في فلسطين كدولة”. تناولت د. بولس، أستاذة القانون الدوليّ لحقوق الإنسان، قسم العلاقات الدوليّة والقانون، جامعة انتونيو دي نبريخا – مدريد؛ التَبعات السياسيّة والقانونيّة للاعتراف بدولة فلسطين. الاعتراف في دولة فلسطين يعني على المستوى السياسيّ تغليب حقّ تقرير المصير على أيّ اعتبار آخر، واعتباره المعيار الجوهريّ والأساسيّ للاعتراف بكيان إقليميّ كدولة. ولكن، في ذات الوقت هذا يعني سدّ الفجوة الموجودة بين الأطراف، بين شعب مُحتل وشعب يقبع تحتَ الاحتلال، وتعزيز موقف فلسطين في المفاوضات مع إسرائيل، وبالتالي تحويل الصراع من صراع على حقّ تقرير المصير للشعب الفلسطينيّ وصراع مع مُحتلّ إلى صراع على الحدود.  في المقابل، على المستوى القانونيّ، سيتمكّن الفلسطينيّون من اللجوء إلى سبل قانونيّة وقضائيّة لم تكن مُتاحة لهم مسبقًا. كذلك، من الانضمام إلى معاهدات دوليّة، بما في ذلك معاهدات حقوق إنسان والأنظمة الأساسيّة لمحاكم دوليّة، منها محكمة العدل الدوليّة، والقدرة على ممارسة حقّ الدفاع عن النفس تحت بند 51 لميثاق الأمم المتّحدة. غير أن الدكتورة سونيا أشارت أنّ الفلسطينيّين لم يستغلّوا ذلك بسبب اعتبار أنّ الاعتراف جاء فقط للضغط على إسرائيل.

في المحاضرة الثالثة والأخيرة في الندوة بعنوان “من تدويل الصراع لتدويل الاعتراف”، ادّعى المدير العامّ لمدى الكرمل، د. مهنّد مصطفى، أنّ الحالة الفلسطينية ذهبت إلى تدويل الاعتراف بدولة غير قائمة دون أن يتمّ حلّ الصراع أو تدويل الصراع. تكمن الإشكاليّة في محاولات التدويل هذه أنّ السلطة الفلسطينيّة لم تنتهجها كاستراتيجيّة بديلة عن المُفاوضات بل سياسة فلسطينيّة للعودة إلى المفاوضات، ودعمها.

وقد شارك العشرات من متابعي مدى الكرمل في الندوة التي عُقدت من خلال تطبيق الزووم وبُثَّت بثًّا مباشرًا على صفحة مدى الكرمل الفيسبوك، ووصل عدد المشاهدات إلى 2000 مشاهدة خلال يومين فقط من عقد الندوة.

لمشاهدة الندوة عبر قناة اليوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=2ufUABiLTO8

رام الله – دنيا الوطن
ينظّم مركز مدى الكرمل- المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التّطبيقيّة، غدًا السّبت، المؤتمر السّنويّ الخامس لطلّاب الدّكتوراه الفلسطينيّين، وذلك في فندق رمادا-أوليفييه في مدينة النّاصرة. وستعرض تسع طالبات وطالب دكتوراه أبحاثهم في هذا المؤتمر. تجدر الاشارة إلى أنّ بعضهم شارك في سيمنار طلّاب الدّكتوراه الذي ينظّمه مدى الكرمل كلّ عام.يشمل المؤتمر هذا العام ثلاث جلسات. تتناول الأولى محور الهويّة النّسائيّة: مسارات التّشكّل وصور التّمثّل، وسوف يديرها د. أيمن اغبارية، محاضر في جامعة حيفا وعضو اللجنة الأكاديميّة للمؤتمر. بينما تتناول الجلسة الثّانية محور فلسطين: مقاربات تاريخيّة، اجتماعيّة واقتصاديّة، ويديرها د. عميد صعابنه، محاضر في قسم علم الاجتماع وعضو لجنة الأبحاث في مدى الكرمل. أمّا الجلسة الثّالثة فتدور حول محور النّساء الفلسطينيّات: أدوار وتحديات مجتمعيّة، وتديرها د. سونيا بولس، محاضرة في قسم العلاقات الدّوليّة والقانون في جامعة أنطونيو دي نبريخا وباحثة زائرة في مدى الكرمل.

هذا وقد وقع الاختيار على الطّالبات المشاركات في المؤتمر بعد استلام ومراجعة ومناقشة طلبات مشاركة، وملخّصات بحثيّة من قبل لجنة أكاديميّة شُكّلت لهذه الغاية؛ وهي مكوّنة من د. سونيا بولس، د. أيمن إغبارية، د. منصور النّصاصرة ود. مهند مصطفى.

ويقول د. مهنّد مصطفى، مدير عام مركز مدى الكرمل وعضو اللجنة الأكاديميّة للمؤتمر: “نعتبر المؤتمر لهذا العام مميّزًا، لأنّه يقدم جيلًا جديدًا من الباحثات، وإن دلّ هذا على شيء فهو يدلّ على ازدياد عدد النّساء الفلسطينيّات في الدّراسات العليا اللواتي يدرّسن مواضيع اجتماعيّة وتاريخيّة وسياسيّة وثقافيّة من خلال مقاربات جندريّة ونظريّة متنوّعة”. وأضاف د. مصطفى أنّ “مؤتمر مدى الكرمل السّنوي لطلّاب الدّكتوراه تحوّل إلى ملتقى لطلبة الدكتوراه الفلسطينيين الذين يدرسون في جامعات مختلفة، محلّيّة وعالميّة، ويبحثون في حقول متنوّعة. ولا يقتصر اللقاء فيه على الطّلبة فقط، فهم يلتقون ويتباحثون مع محاضرين فلسطينيّين في شتى المواضيع والمناحي المتعلّقة في أبحاثهم. ولعلّ أكثر ما يميّز هذا المؤتمر اعتماده اللغة العربيّة في محاضراته وتعقيباته. حيث لا يقتصر هذا الملتقى على كونه لقاءً أكاديميًّا ولكنّه أيضًا لقاء ثقافيٌّ وتعارفيٌّ يخفّف من حالة الاغتراب التي يعيشها الطّالب الفلسطينيّ في المؤسّسات الأكاديميّة الأجنبيّة لا سيما الإسرائيليّة”. وختم الدكتور مهنّد حديثه بالقول إنّ المؤتمر هو جزء من برنامج طلاب الدّكتوراه الفلسطينيّين الذي يدأب عليه مدى الكرمل طوال العام، ويشمل سيمنار لطلّاب الدّراسات العليا، ورشةَ الاستعمار والصّهيونية، ومنحًا لطلّاب الدّكتوراه.