اجرى مركز مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية استطلاع رأي عام لآراء العرب في اسرائيل حول اسباب وتأثيرات ونتائج الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان. أُجري الاستطلاع في الفترة الممتدة ما بين 20 الى 23 من شهر آب، اي بعد مضي اسبوع تقريبا على الاعلان عن وقف اطلاق النار. شارك في الاستطلاع 500 شخص يشكلون عينة تمثيلية من العرب في اسرائيل. وقد وصل هامش الخطأ الى 4.0% في كل اتجاه.

 

المسؤولية عن اندلاع الحرب ونتائج الحرب: 

تبرز نتائج الاستطلاع موقف الفلسطينيين من ممارسات الجيش الاسرائيلي في لبنان بشكل واضح حيث اعتبر 75% من المشاركين ان ممارسات الجيش الاسرائيلي في لبنان هي جرائم حرب تجب محاكمة المسؤولين عنها. وتشير النتائج الى ان 32% من المشاركين يحمِّلون اسرائيل مسؤولية اندلاع الحرب بينما 16% يعتقدون ان حزب الله هوالمسؤول عن اندلاع الحرب و32% يرون ان الطرفين يتحمّلان المسؤولية بنفس القدر. ويعتبر 43% ان عملية اسر الجنديين الاسرائيليين لم تكن المحفز لاندلاع الحرب لان الحرب الاسرائيلية على لبنان كانت ستحصل لا محالة.

اما بالنسبة لنتائج الحرب فتدل نتائج الاستطلاع على ان الآراء تميل الى اعتبار ان الحرب لم تُحسم بخاسر ومنتصر، حيث ان غالبية المشاركين (58%) ترى انه لا يوجد منتصر او خاسر، في حين يرى 34% من المشاركين ان حزب الله هو الذي خرج منتصرا. نسبة قليلة فقط، (3%)، يعتقدون ان النصر كان من نصيب اسرائيل.

ويتوافق ذلك مع اعتقاد 57% من المشاركين ان حزب الله لن يتردد في مواجهة اسرائيل عسكريا مرة اخرى بينما تعتقد نسبة اقل، (40%)، ان اسرائيل لن تتردد في مواجهة حزب الله عسكرياً مرة أخرى. ويعتقد 43% من المشاركين في الاستطلاع أن اسرائيل سوف تتردد في مواجهة حزب الله من جديد ، على ضوء نتائج الحرب.

ويظهر الاستطلاع ان 45% من المشاركين يعتقدون بان المعنويات لدى العرب في اسرائيل ارتفعت بسبب نتائج الحرب، مقابل 19% يعتقدون ان المعنويات انخفضت بسبب الحرب، في حين أجاب 28% بأن نتائج الحرب لم تغيِّر شيئاً فيما يتعلق بالمعنويات.

وحول اهداف الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان، يوافق 52% من المستطلعين ان اسرائيل كانت تحقق اهدافا امريكية بدرجة عالية.

العلاقات بين العرب واليهود:

وتشير النتائج الى ان الآراء حول تاثير الحرب على العلاقات بين العرب واليهود سكان اسرائيل تتوزع بالتساوي تقريبا بين من يعتقد ان الحرب أدّت الى تقارب بين السكان العرب واليهود، (31%)، وبين من يعتقد ان الحرب أدّت الى توتر في العلاقات، (32%)، وبين من يعتقد ان الحرب لم تغير شيئًا في نسيج العلاقات بين العرب واليهود (25%).

اما بالنسبة لموقف الدولة من العرب في اسرائيل فالصورة مماثلة، حيث يعتقد 23% من المشاركين في الاستطلاع ان معاملة الدولة للعرب في اسرائيل سوف تسوء بينما يرى 21% ان التعامل سوف يتحسن، و33% يعتقدون ان الحرب لن تغيّر تعامل الدولة تجاه المواطنين العرب. ويرى ما يقارب نصف المستطلعين، 52%، ان موقف العرب من اليهود لم يتغير جراء الحرب بينما يرى 30% ان الموقف تغير تجاه الاسوء. كذلك يرى 38% ان موقف اليهود تجاه العرب لم يتغير في حين يرى 35% من المشاركين ان الموقف تغير تجاه الاسوء.

67% من المشاركين أجابوا بأن دولة اسرائيل لم تعتن بالمواطنين العرب في الشمال خلال الحرب بنفس طريقة اعتنائها بالمواطنين اليهود. أما بالنسبة الى السؤال: الى أي درجة تشعر أن العرب في اسرائيل يستطيعون ان يعبروا عن رأيهم بصراحة أمام المجتمع اليهودي الاسرائيلي بخصوص موقفهم من الحرب على لبنان؟ فجاءت الاجابات على النحو التالي: 22% أجابوا بدرجة عالية، 33% بدرجة متوسطة، 28% بدرجة قليلة و 13% لا بالمرة.

 

وسائل الاعلام خلال الحرب:

بناءً على ما تشير اليه أبحاث اعلامية، واعتماداً على نتائج استطلاعات سابقة لوحدة استطلاع الرأي في مركز مدى الكرمل، فيما يتعلّق بالتغيير الذي يحصل على الاستهلاك الاعلامي خلال فترات الحرب، شمل هذا الاستطلاع عدداً من الاسئلة التي سعت الى فحص موقف المواطنين العرب من قنوات التلفزة الاسرائيلية والقنوات الفضائية العربية كمصادر معلومات وتحليلات حول مجريات الحرب.

وقد اظهر الاستطلاع ان وسائل الاعلام العربية، وخصوصًا القنوات الفضائية، كانت المصدر الأهم لدى العرب في اسرائيل للتزوِّد بالمعلومات عن الحرب، كما انها حظيت لديهم بمصداقية عالية في نظرهم حسبما يُستدل من هذه النتائج، اذ نرى ان 69% من المشاركين اعتمدوا الفضائيات العربية كمصدر اول للمعلومات عن الحرب، بينما حظيت القنوات الاسرائيلية باهتمام 24% من المشاركين فقط كمصدر رئيسي للمعلومات.

وتشير مقارنة المصداقية التي حظيت بها القنوات الاسرائيلية مقارنةً بوسائل الاعلام العربية الرئيسية الى ان 5% فقط من المشاركين في الاستطلاع يدرِّجون القناة الرسمية في اسرائيل (القناة الاولى) كقناة ذات مصداقية عالية. وكذلك الامر بالنسبة للقناتين الاسرائيليتين التجاريتين (القناة العاشرة والقناة الثانية) اللتين تمتعتا بمصداقية عالية لدى 11% من المشاهدين العرب فقط. أما بالنسبة لقناة الجزيرة، والتي شكلت المصدر الرئيسي للاخبار حول مجريات الحرب، فيعتقد 64% من المشاركين بان لها مصداقية عالية. كذلك اعتبر 46% من العينة ان قناة المنار التابعة لحزب الله كانت وسيلة اعلام ذات مصداقية عالية.

ان مقارنة مدى مصداقية التصريحات الرسمية لكل من حزب الله واسرائيل في نظر الجمهور تدل على ان غالبية العينة المشاركة (55%) تعتقد بان حزب الله كان ذا مصداقية اعلى من اسرائيل في التبليغ عن مجريات الحرب بينما رأى 10% فقط ان اسرائيل كانت ذات مصداقية اعلى في التبليغ عن المجريات قياساً الى حزب الله.

التأثير على السكان العرب في الشمال:

قام الاستطلاع بفحص تأثير الحرب على حياة العرب في اسرائيل. ولكن نظراً الى ان العرب في شمالي البلاد، خلافاً لغيرهم، كانوا في منطقة جغرافية تعرضت لسقوط الصواريخ مما أثر بشكل واضح على مجرى الحياة اليومية، فقد رأينا من المفيد أن نتعامل احصائياً مع اجابات المشاركين في الاستطلاع من سكان الشمال بشكل منفرد لكي نقارن بين اجاباتهم وبين اجابات باقي المشاركين من المناطق الأخرى.

بالنسبة لتأثير الحرب على السكان العرب في الشمال تشير النتائج الى ان نسبة عالية من السكان (76%) شعروا بالتهديد على حياتهم او حياة اسرهم جراء الحرب. كما يتضح ان 80% من سكان الشمال يصرحون بأن الحرب اثرت عليهم بشكل مباشر في مجال او اكثر من مجالات حياتهم، فنرى مثلا ان 42% من المشاركين في الاستطلاع من أهل الشمال صرحوا بان الحرب اثرت على مجرى عملهم، و 7 % قالوا انها اثرت على مجرى دراستهم. ويظهر من النتائج ايضاً ان %2.3 من السكان العرب في الشمال اما تركوا بيوتهم طيلة فترة الحرب او خلال جزء من فترتها. كذلك اثرت الحرب على 18% في كل ما يتعلق بمشاركتهم في المناسبات العائلية مثل الاعراس، وتركت الحرب أثراً على مجرى الحياة اليومية لدى 45% فيما يتعلق بالتزام البيت طيلة الوقت او الخروج لحالات الضرورة فقط. كذلك اثرت الحرب على الحالة النفسية لـ 51% من السكان، حيث عانى هؤلاء من الخوف والتوتر والعصبية طيلة فترة الحرب.

اما بالنسبة للاسباب التي ادت الى وقوع عدد من الضحايا من السكان العرب فقد ذكر 69% من المشاركين عدم وجود ملاجىء كأحد هذه الاسباب، في حين ذكر 39% عدم وجود صفارات انذار كأحد الاسباب واعتبر 59% ان عدم التزام السكان بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية سبباً من اسباب وقوع اصابات بين العرب. 41% ذكروا وجود مواقع عسكرية بالقرب من القرى العربية كأحد أسباب وقوع اصابات، ورأى 44% انه لا يمكن تفادي خطر الصواريخ ولا بد من وقوع اصابات.

 

كذلك حمّل 68% من سكان الشمال الحكومة المسؤولية عن عدم بناء ملاجىء، وحمًل 55% السلطات المحلية المسؤولية ذاتها. 41% حمّلوا السكان انفسهم هذه المسؤولية، سواء بسبب تقصيرهم في المطالبة ببناء ملاجئ او من خلال عدم التزامهم قوانين البناء التي تلزم كل بيت جديد بان يحتوي على غرفة آمنه (ملجأ).

اما بالنسبة للتضامن بين السكان العرب فتشير النتائج الى ان نسبة 29% شعروا بوجود تضامن بدرجة عالية بين السكان العرب، و29% شعروا بوجود تضامن بدرجة متوسطة. الباقون (42%) شعروا بوجود تضامن بدرجة قليلة او بعدم وجود تضامن بالمرة. والمقصود بالتضامن حسب صيغة السؤال الذي عُرض على المشاركين هو تقديم المساعدات لسكان الشمال العرب مثل تبرعات، ودعم من قبل جمعيات ومؤسسات واستضافة اهالي الشمال العرب في مناطق عربية جنوبية وغيرها.

 

في هذا السياق اشارت النتائج الى ان نسبة عالية من السكان تظّن ان على السلطات المحلية والنواب العرب لعب دور فعال في تقديم مساعدات للعرب في ظروف مثل تلك التي سادت خلال الحرب، 88% في حالة السلطات المحلية و (87%) في حالة النواب العرب.