افتتحت اللقاء د. إصلاح جاد في مداخلة قدمت خلالها مراجعة للعمل النسوي في المناطق المحتلة منذ عام 1967، حيث تتبعت نشأة العمل النسوي الفلسطيني وتأثره بالتطورات السياسية التي مرت على الفلسطينيين. وقالت أن صعود منظمة التحرير الفلسطينية في ستينيات القرن الماضي، جدّد النقاش حول دور المرأة الفلسطينية ومكانتها وحقوقها. كما قالت بأن حركة فتح على سبيل المثال أقرت بـ "دور النساء الضروري والحيوي في الثورة"، لكنها عارضت منح الأولوية لأي مطالبة حقوقية خارج إطار التحرير الوطني. أمّا المنظمات اليسارية فقد بدت أكثر التصاقًا بالقضايا النسوية، لكنَّها لم تتمكن من تجاوز التيار السائد في حينه، حيث نادت بإعطاء قضايا التحرر الوطني والطبقي الأولوية.
وأشارت د. جاد إلى تراجع النسوية الفلسطينية العلمانية بعد أوسلو، حيث وضعت التحولات التي طرأت على نضال المرأة الفلسطينية بعد أوسلو في معضلة حقيقة، إذ كان المطلوب منها التخلي عن الشق الوطني من نضالها، المتمثل في مقاومة المحتل، والتحرك ضمن مفاهيم دولة فلسطينية ذات سيادة لنيل حقوقها في ظل المواطنة. لكن الواقع غير ذلك، فالدولة الفلسطينية لم تقم في الضفة الغربية وقطاع غزة بالمفهومين القانوني والسياسي، مما أدى إلى حصر النضال النسوي ضمن مفهوم ضيق للحقوق. كما انتقدت تحول المنظمات غير الحكومية الى ناشطات يعملن من أجل مشاريع وليس قضايا.
المتداخلة الثانية، بروفيسور نادرة شلهوب كيفوركيان تساءلت هل يمكن استمرار اخراس المرأة وابقاء الصمت النسوي لدى التحدث عن حق العودة، وقضية المهجرين واللاجئين؟ وهل ستكون النساء حاميات للوطن، وللذاكرة، والحواجز، وجدار الفصل العنصري كما بنته وخططته الدولة اليهودية؟ ثم قدمت مراجعة للأدبيات الكلاسيكية حول مفهوم النسوية والقومية لدى نساء العالم الثالث، وأشارت إلى أن طروحات الحركات النسوية في تلك المجتمعات كانت جزءا عضويا من عملية التحرر الوطني.
هذا وتطرقت شلهوب إلى النسوية في مناطق الـ 48، مشيرة على أن القراءة النسوية تتميز بانها تعي وتأخذ بعين الاعتبار قمع الدولة المدعوم بالفكر والاديولوجيا الصهيونية بالاضافة الى القمع الأبوي للمجتمع الذكوري الذي يحظى بدعم وتعزيز من مؤسسات دولة اسرائيل. وقالت ان النساء في مناطق الـ 48 يواجهن معضلات مختلفة ومنها على سبيل المثال قضية التوجه الى القضاء الاسرائيلي في حالات مثل العنف ضد النساء وغيره من القضايا الاجتماعية.
أما د. زينب الغنيمي من غزة فقد تطرقت إلى أهمية التعامل مع العلاقة بين الأطر النسوية والأحزاب، والى ضرورة اعادة التنظيم الى العمل النسوي من أجل تحديد القوائم التي ستترشح في الانتخابات القادمة، ودفع المرأة الى مواقع اتخاذ القرار. وأشارت إلى ضرورة النظر إلى العوامل الاقتصادية ودمج التحليل الاقتصادي في التحليل النسوي.
كما أكدت في مداخلتها أن العمل النسوي ينهض بنهوض الوطني والقومي، وعلى ضرورة اعادة الاعتبار الى العمل النسوي المنظم والقاعدي. وأضافت أنه من أجل النهوض من حالة الركود الحالية علينا الرجوع الى القواعد الأولى، وبما أن القضايا المطلبية والوطنية هي التي تحشد الجماهير حولها فعلى الحركة النسويّة ان تربط اجنداتها مع الأجندة الوطنية وان تقوم بصياغتها على شكل مطالب.
هذا وقد أجمعت النساء خلال النقاش انه لا يمكن فصل النسوي عن الوطني والقومي، وعلى ضرورة وضع قضايا الفلسطينيين في مناطق الـ 48 على اجندة البرامج الوطنية والسياسية والنسوية، وان يتعدى التعامل معها بمستوى الشعارات. كما أجمع الحضور على ضرورة تطوير قراءة نسوية للقضايا الوطنية وقراءة وطنية للقضايا النسوية والاجتماعية. وعلى أهميّة العمل على تنفيذ البرامج والفعاليات المختلفة من خلال هذا المفهوم.