افتتح برنامج الدراسات النسويّة سميناره السنويّ للعام 2011-2012 بسمينار قراءة في كتاب "النساء الفلسطينيّات: سرديّات تاريخيّة وذاكرة مجندرة" (وهو للدكتورة فاطمة قاسم؛ وقد صدر عن دار "زيد بوكس" البريطانية عام 2011).
افتتحت اللقاء همّت زعبي، مركّزة وباحثة في برنامج الدراسات النسويّة، مرحّبةً بالحضور وقائلة: "يسرّنا في برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل افتتاح برنامجنا السنويّ بلقاء احتفاليّ نقوم من خلاله بالاحتفال بكتاب جديد حول النساء الفلسطينيّات لد. فاطمة قاسم التي إلى جانب كونها أكاديميّة فلسطينيّة باحثة مستقلّة ومحاضرة تعمل في عدّة كلّـيّات هي كذلك عضو في اللجنة الأكاديميّة للبرنامج. ومَرَدُّ أهمّـيّة هذا اللقاء –على وجه الخصوص- إلى أهمّـيّة الكتاب، الذي يعتمد –في أساس ما يَعتمد- على أطروحة دكتوراه، والذي يوثّق ذاكرة النساء من مدينتَي اللدّ والرملة، ويبيّن وجهة نظر النساء الفلسطينيّات المهمَّشات في المجتمع الإسرائيليّ تجاه أحداث 1948".
وأضافت زعبي أنّ السنوات العشر الأخيرة تشهد تزايدًا في الدراسات التي تتناول المرأة الفلسطينيّة في المجتمع الفلسطينيّ من وجهة نظر فلسطينيّة نسويّة نقديّة. ويندرج هذا الكتاب ضمن مجهود العديد من الباحثات الفلسطينيّات اللواتي يحاولن من خلال دراسات نسويّة نقديّة تحدِّيَ الأدبيّات الاستشراقيّة النمطيّة التي تميّز الأكاديميا الإسرائيليّة. كذلك أشارت زعبي إلى أنّ هذا اللقاء هو جزء من سلسلة لقاءات ينوي برنامج الدراسات النسويّة عقدها هذه العام، تتمحور وتستعرض دراسات وكتبًا جديدة صدرت عن النساء الفلسطينيّات.
تؤكّد د. منار حسن، محاضِرة في جامعة بار إيلان وفي كلّـيّة صفد؛ وهي كذلك عضو في اللجنة الأكاديميّة لبرنامج الدراسات النسويّة، على أهمّـيّة السمينار، وعلى أهمّـيّة الكتاب، فتقول في مداخلتها: "يشكّل هذا الكتاب مساهمة مهمّة وضروريّة في تأريخ الرواية الفلسطينيّة؛ إذ يقوم الكتاب –على نحو ما كتب الروائيّ عبد الرحمن منيف- بكتابة تاريخ مَن لا تاريخ لهنّ". وتضيف قائلةً: "إنّ الكتاب نجح في ألاّ يروي تاريخ المهزومين، كما جاء في مقدّمته، كما أنّه لا ينتمي إلى كتب التاريخ حبيسة المعايير الأكاديميّة التي لا يهمّها إنتاج معرفة جديدة، بل جاء ليساهم في إنتاج معرفة جديدة من خلالها يقوم بإسماع أصوات النساء التي أُخرِست طويلاً، ويعيد لهنّ اعتبارهنّ كذوات تاريخيّة فاعلة مشاركات في فعل التاريخ وفي حفظه ونقله للأجيال القادمة".
كما تطرّقت حسن في مراجعتها للكتاب إلى فصولة المتعدّدة متوقّفةً عند ثلاثة محاور مركزيّة ترى فيها أهمّـيّة خاصّة: اللغة؛ الجسد؛ البيت. وقالت حسن حول موضوع اللغة: "تكشف الباحثة خلال تحليل الشيفرات اللغويّة في سرد النساء أنّ دلالات اللغة تشير إلى أنّ النساء حافظن على علاقات القوى التراتبيّة داخل العائلة، ولكن في ذات الوقت تعكس محاولات لخلخلة هذه العلاقات، وكذلك تحمل اللغة التي استعملتها النساءُ في طيّاتها ضمنًا وعلنًا مواقع مقاومة عديدة".
استهلّت د. فاطمة قاسم مداخلتها بالتشديد على أهمّـيّة اللغة وتحليل دلالاتها وتقول "لم يكن اختيار العنوان "نساء فلسطينيّات" من قبيل المصادفة، وإنّما على العكس، كما لم يكن من قبيل المصادفة اختياري للتعبير "صَهْيَنَة المدن الفلسطينيّة" لا "تهويد المدن الفلسطينيّة". اللغة تعبّر عن واقع معيّن، لكنّها -في ذات الوقت- تخلق واقعًا آخر وتشكّل نوعًا من أنواع المقاومة". وأضافت قائلة: "للمقاومة أشكال مختلفة ومتعدّدة، من أهمّها مقاومة على وعينا لمفهوم قضايانا ومفهوم القضية الفلسطينيّة وصراعها مع الحركة الصهيونيّة".
يحمل الكتاب، وَفق ما تقول قاسم، توجُّهًا نسويًّا بمفهومه الواسع، لا لمجرّد كونه يتحدث عن النساء، بل لكونه يُسْمِع صوت المهمَّشين والمهمَّشات. وحول أهمّـيّة الكتابة من خلال سرديّات النساء وتحليل سِيَرهنّ الذاتيّة، أضافت قاسم تقول: "القضيّة هي قضيّة سياسيّة وحقّ وجود، وأنّ على المرأة الفلسطينيّة أن تنتزع حقّها المسلوب. حقّها في أن تسرد تاريخها وأن يكون لهذا التاريخ مكانة داخل مجتمعها". كذلك تطرّقت د. قاسم في مداخلتها إلى بعض الصعوبات التي واجهتها في كتابة الأطروحة، ولا سيّما الصعوبات التي واجهتها في الجامعة الإسرائيليّة، إذ قالت: "لقد كان صمود النساء ومقاومتهنّ مصدر قوّة لي كباحثة".