رئيس المجموعة : د. يسري خيزران
نجحت إسرائيل خلال العقود الماضية في فصل الدروز عن محيطهم العربي والإسلامي من خلال سياسة منهجية اِمتدّت من فرض الخدمة العسكرية الإجبارية إلى التحالف مع القيادات التقليدية الفئوية وتطبيق برامج التدريس في المدارس الحكومية. لا يقلّ أهمية عن ذلك نجاح إسرائيل في خلق انطباعا عامًا بأن الدروز باتوا شركاء متساوين في المجتمع الإسرائيلي وأنهم دُمجوا في مؤسساته السياسية والأمنية. إلاّ أن واقع الأمور يُظهر صورة مغايرة تمامًا، ذلك أن التهميش والتميّز والاستغلال الذي تعرّض له الدروز منذ الخمسينيات لا يترك مجالاً للشك في أن تعامل الدولة مع حالة الدروز كان جزءًا لا يتجزأ من تعاملها مع الأقلية العربية-الفلسطينية، تعاملاً محكومًا منذ بدايته بالمنطق الأمني الصرف ومُجسّدًا لآليات فرِّق تسُد التي ميّزت الحقبة الاستعمارية وإن كان ذلك بقوالب جديدة وُظِّفت إلى أبعد الحدود لمَواطن الضعف والتناقض في المجتمع العربي.
بناءً على ما تقدّم، فإن مجموعة البحث هذه ستحاول إعادة اِستقراء واقع الدروز داخل إسرائيل من منظور جديد لا يقوم على اِعتماد الرؤية المؤسساتية، إنما على تحليل السياسة الرسمية للدولة تجاه الدروز في المجال السياسي، التجنيد للجيش، التعليم، مصادرة الأراضي، التمثيل في الجهاز الإداري للدولة والأهم من ذلك إعادة صياغة الذاكرة الجماعية للدروز من منطلقات الفكر الصهيوني.
بهذا المعنى فإن مجموعة البحث التي ستنطلق بإشراف مركز مدى ستعمل على تفكيك الكينونة السياسية والاِقتصادية والاِجتماعية والثقافية للمجتمع الدرزي، بعيدًا عن الأدلجة أو المؤسساتية، إنما اِعتمادًا على الحيادية والموضوعية وتصوير الواقع التاريخي والحالي في ظل رؤية جديدة ترفض القبول بمسلّمات عقلنة الأمر الواقع.