نزلت على الملّ تَ عَزّل حجاره.
مِشمار جفول طلَعني على السياره.
الساعه ستّه حطّوني بالنظّاره.
محامي الأرض يا حنا نقاره.
تَع إكفلني بكفّي عذابا.
هذا ما غنته المرحومة ندى نعامنة (ام مصطفى) احدى الشخصيات النسائية المركزية التي تصدت لمحاولات مصادرة ارضها في عرابة عند سرد شهادتها حول احداث يوم الارض.
عرضت هذه الشهادة ضمن ندوة نظمها برنامج الدراسات النسوية في مركز مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية – بعنوان "النساء الفلسطينيات في مقدمة التصدي للمخططات الاستعمارية". عقدت الندوة بتاريخ 13-3-2014 تزامنا مع يوم المرأة ويوم الأرض. افتتحت الندوة بروفيسور نادرة شلهوب-كفوركيان مديرة برنامج الدراسات النسوية، حيث قالت ان الهدف الأساسي الذي يقع على عاتقنا كمسئولات في مجتمعنا وكنسويات في الحراك الاجتماعي هو طرح اسئلة حول هوية النساء اللواتي تشاركن في هذا التصدي والثمن الذي تدفعه لمشاركتها، وماذا يمكن ان نتعلم من تجارب النساء في التصدي للمخططات الاستعمارية؟ وهل يمكن ان يكون الفكر النسوي أداة للمقاومة؟ أدارت الندوة وسيرتها منسقة برنامج الدراسات النسوية د. سهاد ظاهر-ناشف والتي عرضت الفكرة من وراء عقد الندوة ودمج مناسبتي يوم المرأة ويوم الأرض، منوهة بأنها محاولة لفهم أعمق لدور المرأة في التصدي للمخططات الاستعمارية على مر الأجيال سواء كانت داخل التنظيمات النسائية او من خلال التعرف على التجربة الفردية لنساء ساهمن وشاركن في ممارسات النضال والمقاومة المختلفة مثل يوم الأرض ومخطط برافر والتجنيد وغيرها.
كانت المداخلة الأولى وعنوانها "الجمعيات النسائية: بلورة الفكر القومي النسوي" والتي تحدثت فيها السيدة رهام أبو العسل عبارة عن عرض تاريخي لتطور التنظيمات النسائية الفلسطينية. استعرضت ابو العسل اربع مراحل في تطور التنظيمات النسائية ومميزاتها منذ بداية القرن العشرين وحتى بداية القرن الواحد والعشرين، وشددت على ان ما يميز هذه التنظيمات هو انخراطها في العمل السياسي، وان القسم الاكبر من هذه التنظيمات نشأ على إثر ممارسات استعمارية. كذلك قالت انه وعلى مر السنين برزت الهوية النسوية والقومية لهذه التنظيمات بحيث أدركت ان العمل النسوي يجب ان يكون بالتوازي مع العمل الوطني وليس بمعزل عنه، ولا يكون الواحد على حساب الآخر. اما سوار عاصلة، والتي تبحث في مجال علم النفس السياسي، فقد تحدثت عن نساء الأرض وقصص نضالهن في أحداث يوم الأرض. في معرض حديثها جاءت بشهادات حية لنساء شاركن في يوم الأرض وحاولت ان تسلط الضوء على الدور الفعال وعلى تواجد المرأة بالصفوف الأمامية بالتصدي للممارسات الاحتلالية في ذلك الوقت. كذلك شددت سوار على ان الابحاث التي تناولت أحداث يوم الأرض غيبت النساء ومشاركتهن الفعالة سواء كن المؤطرات بتنظيمات نسائية او النساء اللواتي ساهمن بشكل عفوي وبسيط وفردي، وان حضورهن في تلك الابحاث اقتصر على سرد شهادات، ولم يعطين حقهن في وصف مساهمتهن الفعالة وتواجدهن البارز. كما وقالت ان هذه الشهادات تدل على وعي المرأة لواقع الاحتلال وعلى مدى اهمية الرواية الشفوية النسائية التي تسلط الضوء على دور المرأة الذي غيبه التاريخ في التصدي لمخططات الاحتلال وممارساته بالإضافة لكونها تذوّب الصورة النمطية لدور المرأة في النضال. بعدها تناولت الندوة دور المرأة الفلسطينية الدرزية في التصدي للمخططات الاستعمارية حيث تحدثت كل من جوليا عماشة، ناشطة نسوية ووطنية، وهدية كيوف، ناشطة نسوية وسياسية، عن دور المرأة الفلسطينية الدرزية في جيلين متتاليين. وقد اشارت جوليا عماشة الى القيود التي تحد من تطور دور المرأة الدرزية النسوي والوطني، الذي بدأ بالتنامي في الاعوام الاخيرة خاصة الدور النسوي. كذلك شددت على دور المرأة الدرزية الوطني الذي لا يكاد يكون ملحوظا وانها ما زالت في بداية طريقها لبلورة الهوية الوطنية في وعي المرأة الدرزية، فعلى سبيل المثال دخولها لعضوية جمعية المبادرة الدرزية لم يكن إلا بالسنوات الاخيرة، وإدخال الكتابات النسائية والفكر السنوي لم يظهر إلا في السنوات العشر الاخيرة. اما هدية كيوف فقد تحدثت عن تجربتها الشخصية في بلورة هويتها الوطنية والتي تعكس صعوبة الطريق التي تسلكها المرأة الدرزية ونضالها داخل المجتمع للحفاظ على الهوية النسوية والوطنية. كما اشارت المتحدثتان الى الحراك الشبابي الدرزي الرافض للخدمة العسكرية "أرفض شعبك بيحميك" وعن طبيعة عمله واهدافه. أما الحلقة الاخيرة من هذه الندوة فتحدثت بها هدى ابو عبيد من جمعية سدرة (النقب) والمحامية الناشطة ميساء ارشيد، وقد تناولتا "التجربة النضالية للنساء الفلسطينيات في النقب بين
الواقع والتحليل". استعرضت هدى في حديثها ما تعيشه المرأة البدوية التي تتصدى لمخطط برافر الاقتلاعي، فمن جهة هناك تشجيع ودعم للنساء بالخروج والمشاركة في التصدي لهذا المخطط ومن جهة اخرى هناك تهديدات المؤسسة الموجهة لها كناشطة وكامرأة فعلى عكس الرجال هناك تهديدات بالمس "بسمعة" النساء البدويات اللواتي يخرجن الى الميدان لمواجهة هذا المخطط. وأيضا أشارت الى ازدواجية خطاب المؤسسة والسلطات الحكومية القائمة على تطوير البدو في النقب فهي تعلن من جهة عن نيتها في تطوير ودعم المرأة البدوية ولكن من جهة ثانية تقدّم وتحفز الرجال المتزوجين من أكثر من امرأة مع العلم ان تعداد الزوجات مخالف للقانون الاسرائيلي.
عزت هدى ابو عبيد ازدياد عدد النساء المشاركات في النضال ضد مخطط برافر لزيادة الوعي لدى النساء في النقب والذي عملت على تطويره الجمعيات النسوية في النقب في السنوات الاخيرة. اما المحامية والناشطة ميساء ارشيد فقد تناولت الموضوع من منظار نقدي تحليلي لما يدور داخل الحراكات الشبابية ليس في النقب فقط. فحسب رأيها ان هذه الحراكات تعكس داخلها ما يدور في المجتمع وانه على الاغلب تحافظ علاقات القوة على نفسها داخل هذه الحراكات، على الرغم من دورها المهم في نقل دور المرأة من الحيز الخاص الى الحيز العام، وهو انتقال من مفهوم صوت المرأة عورة لصوت المرأة ثورة، إلا انه اذا ما نظرنا وحللنا هذه الحراكات تتسابق الى أذهاننا تساؤلات فيما اذا كان هناك استعمال للمرأة وللنساء في هذه الحراكات، وهل النساء بالفعل موجودات في المقدمة ام انهن وضعن في المقدمة لأهداف غير معلنة؟ هل المرأة في المقدمة فقط من أجل الصورة؟ هل هي في مقدمة اتخاذ القرارات ايضا داخل الاجتماعات ام انه يتم اسكاتها؟ هل هناك مجموعات نسائية داخل الحراكات تعنى بِ وتعالج الجوانب النسوية او مسائل تخص النساء؟ بهذه التساؤلات والتي اثارت جدلا انتهت الندوة على أمل ان نتطرق لها بشكل مفصل في ندوات أخرى.