عقد مركز مدى الكرمل في حيفا، يوم الجمعة 17/10/2014 يوما دراسيا حول البحث الأكاديمي للنساء الفلسطينيات، تضمن اليوم جلستين، تمحورت الأولى حول القضايا السياسية القومية وترأستها ميسان حمدان، وشاركت فيها منار محمود بورقة حول سياسة بناء الدستور وسياسات المصالحة في المجتمعات المتنازعة، كما شاركت عبير مصلح بورقة حول التغيير في العمل المؤسساتي ، وإيمان أبو حنا –نحاس عن انتقال الذاكرة الجماعية للنكبة عبر أجيال المهجرين وغير المهجرين، فيما تحدثت رانية جواد عن السباق إلى التمثيل في الواقع والأداء.
أدارت منال شلبي الجلسة الثانية وتحدثت فيها كل من أفنان مصاروة حول الطريق إلى الحيز التنويري، ولميس عودة حول التطور الشخصي للأمهات العربيات في تربية الأبناء المعاقين وغير المعاقين، كما تحدثت رغدة النابلسي عن السياق الثقافي والإجتماعي السياسي للعنف ضد النساء العربيات، وعنان أبو صالح عن ظاهرة العنف الجنسي الواقع على الفتيات الفلسطينيات في إسرائيل. وانتهى اليوم الدراسي بخلاصة تلخيصية.
وبعد أن رحبت منسقة برنامج الدراسات النسوية د.سهاد ظاهر- ناشف بالحضور، أعلنت عن تثبيت برنامج اليوم الدراسي لكل صيف، تعرض فيه دراسات وأبحاث أنجزتها نساء فلسطينيات لنيل شهادة الدكتوراه بغض النظر عن مكان التواجد أو الجامعة، فيما ختمت حديثها بتحديد محاور اليوم.
كيفوركيان: مركز مدى بيت لتوطين المعرفة
نوهت بروفيسور نادرة شلهوب-كيفوركيان، مديرة برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل إلى قلة عدد الفلسطينيات اللواتي أنهين الدكتوراة، في ظل أهمية العمل الاكاديمي لشعب يعيش واقعا إستيطانيا استعماريا حيث يسود التلاعب في الخطاب والإنتاج الفكري والأكاديمي، وخاصة حينما يتعلق الأمر بإنتاج فكري من نساء في ظل النظرة الثقافوية الإسرائيلية التي لا ترى في النساء الفلسطينيات سوى معنفات أو مقتولات. وقدمت كيفوركيان نقدها للأكاديميا الإسرائيلية باعتبارها أكاديميا مرتبطة بالمشروع الإستعماري الإستيطاني وغير نقية.
وركزت على أهمية إنتاج المعرفة البديلة والتي يبادر إليها مدى الكرمل كبيت فكري يحاول توطين المعرفة في ظل غياب جامعة فلسطينية في الداخل، ووجود إرث من الاستلاب الناتج عن نظام التعليم الإسرائيلي، مشددة على جوهرية دور الفلسطينيات في التعليم العالي في محاربة المشروع الإستعماري والمشروع الأبوي الساعيان لتشييء المرأة ، داعية النساء الى مزيد من الإنتاج الفكري والتأثير في المجتمع.
وختمت كيفوركيان مداخلتها بالتعبير عن أملها أن يكون هذا اليوم دوريا معتذرة لمن لم يتم دعوتهن هذا العام، وأن مدى سيبقى مفتوح الباب في وجه الأكاديميات الفلسطينيات داعية إلى مشاركة مدى الكرمل في نقاش كل اقتراح لطرح قضايا نسوية مرتبطة بالواقع الفلسطيني
منار محمود: بناء الدستور طريق للمصالحة
ضمن الجلسة الأولى والتي كان محورها مجموعة من الأبحاث السياسية، عرضت منار محمود دراستها حول الربط بين عملية بناء الدستور والمصالحة في مجتمعات تعيش نزاعات داخلية، مبينة كيف ومتى يساعد بناء الدستور في عملية المصالحة الإجتماعية والسياسية وما هي شروط بناء هذا الدستور، وقد استندت محمود إلى تجارب كل من جنوب أفريقيا وكندا وبلجيكا كتجارب مصالحة ناجحة وناتجة عن بناء دستور راعى الاختلافات الثقافية لمكونات المجتمع، إضافة إلى الاعتراف بأخطاء الماضي وتجاوزها عبر بناء الدستور.
عبير مصلح: التغير في الفرص السياسية للشباب تحدّ لهم
في مقارنتها بين واقع الشباب الفلسطيني في ثلاثة عهود قدمت عبير مصلح دراستها حول التغيرات في مشاركة الشباب والتنمية في الواقع الفلسطيني من خلال المقارنة بين دور المنظمات الشبابية في الإنتفاضة الأولى ودورهم في حقبة ما بعد أوسلو حتى الإنتفاضة الثانية، وما آل اليه دورهم في الحقبة التي تلت الإنتفاضة الثانية. وقد اختارت ثلاثة أنماط من البنى الشبابية تمثل كل واحدة حقبة زمنية من الحقب الثلاث وقارنت بين هذه البنى خالصة إلى نتائج تعبر عن الحال الذي وصل إليه الشباب اليوم وضرورة الإرتقاء به.
إيمان أبو حنا– نحاس: الأسرة وكيل للتنشئة ونقل الذاكرة
ما بين تعاقب الأجيال تجولت إيمان أبوحنا-نحاس، لتكشف عن تناقل الذاكرة الجمعية عن النكبة ومجريات حرب عام 1948 بينها، كاشفة عن دور الأسرة كوكيل لنقل الذاكر والتنشئة الإجتماعية، وقد ركزت أبو حنا على الإختلافات في الرواية بين الأجيال الثلاثة، حيث اختارت من كل عائلة رجل من جيل النكبة وأحد أبنائه الكبار والحفيد الأكبر، فيما قامت بوضع استمارات لكل جيل على حدة، كما بحثت ذلك بين فلسطينيين لم يتم تهجيرهم وآخرين تم تهجيرهم داخل وطنهم وعرضت الفرق بين رواية المهجرين وغير المهجرين.
رانية جواد: المسرح وحياة الفلسطينيين لا اختلاف كبير
قدمت رانية جواد دراستها عن التمثيل السياسي من خلال مقارنة المسرح بالواقع المعاش، وبينت من خلال تحليلها لعروض مسرحية وسجلات مرئية واقعية متعلقة بالخطاب العام في الشارع أوجه الشبه في الأداء والمضمون.
أفنان مصاروة: نساء تحدين ونجحن
في الجلسة الثانية قدمت أفنان مصاروة ملخصا عن دراستها حول قدرة النساء في الأراضي المحتلة على خلق حيزهن التنويري من خلال التعلم غير الرسمي وتحدي العادات والتقاليد القائمة، وأن النساء استطعن بذلك أن يحققن معرفة من خلال هذا التوجه ليس فقط عبر التعليم غير الرسمي ولكن عبر الخروج من اسار سلطة البطريركية العائلية أيضا.
لميس عودة: أمهات المعاقين أكثر تفاؤلا
في دراستها حول أثر تربية ابن معاق على أمه مقارنة بالأم التي تربي ابنا عاديا، قدمت لميس عودة مفارقة عملية حيث وجدت أن الأمهات اللواتي يتعبن ويحبطن وتتأثر صحتهن العقلية لدى تربية طفل معاق حسب النظريات المعروفة ظهرن في الدراسة بشخصية أقوى وأكثر تفاؤلا من أمهات يربين أبناء عاديين.
عنان أبو صالح: العوامل الاجتماعية-السياسية وأثرها على انتشار العنف ضد نساء الأقليات
تشير النتائج الى العلاقة القوية بين الواقع السياسي، والاجتماعي والثقافي وانتشار مشكلة العنف الجنسي ضد الفتيات الفلسطينيات في اسرائيل. هذه العلاقة أدّت الى مضاعفة معاناة الضحايا حيث اصبحن ضحايا للاعتداء الجنسي للمجتمع الفلسطيني وللدولة ومؤسساتها. ان السياق الاجتماعي-الثقافي والسياسي والذي يتمثل في فشل دعم وعلاج الضحايا يلعبان دورا في تولد مشاعر انعدام الجدوى والامن لدى الضحايا حيث يجدن الضحايا عدم جدوى من التوجه للشرطة لطلب الحماية والدعم. الدراسات والبحث الحالي أكدّوا ضعف مؤسسات الرفاه الاجتماعي، خاصة مكاتب الشؤون الاجتماعية، في علاج مشكلة العنف الجنسي ضد الفتيات الفلسطينيات، بالإضافة الى الشرطة التي أخفقت في حماية الضحايا الفلسطينيات ونتيجة لعدم الثقة المجتمع الفلسطيني بالشرطة.
رغدة النابلسي: تموت البيوت أن غابت نساؤها
أن حاجة المرأة الفلسطينية المعنفة لا تقتصر على الدعم الجسماني أو النفسي أو العلاجي، بل إنّ هناك حاجة لنظرة شمولية تكاملية، تشمل السياق الاجتماعي الذي تحياه النساء، إضافة إلى السياق السياسي الذي يعرض المرأة الفلسطينية لضغوطات نفسية وصعوبة في مواجهة الأزمات. البحث وقصص النساء تؤكد على أهمية "البيت" ليس بالمفهوم الملموس للمكان، وإنما بالمفهوم العاطفي والانتماء للمكان والأرض والهوية، بينما لا تتطرق الكتابات الغربية لمثل هذا الأمر، كون الأقلية الفلسطينية في الداخل، والنساء جزء مهم منها، يتطلعن إلى أهمية البيت، الذي يُشكّل حصنهن المنيع، وتحدثن عن البيت بمفهومه الجماعي والشامل.
النساء في البحث أكدن أنهن لا يردن تغييب هويتهن الفلسطينية عند اللجوء للمؤسسات الإسرائيلية المختلفة (الرفاه الاجتماعي ومؤسسات حكومية أخرى)، لا يردن تغييب قصتهن وتاريخهن وتأثير ذلك على خياراتهن الاستراتيجية داخل الأسرة والمجتمع وداخل الحيز الإسرائيلي.