أصدر “برنامج دراسات إسرائيل” في مدى الكرمل-المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، في حيفا، ملفا جديدا، رقم (8)، من سلسلة “ملفات مدى الكرمل”. موضوع الملف ” قراءات في مسألة المهجّرين”. يشمل أربع أوراق بحثية.
الورقة الأولى بعنوان “هل نعرف كم عدد المهجّرين الفلسطينيّين؟ إشكاليّات في التّعريف والعدّ” من إعداد عميد صعابنه. يتناول السّؤال المركزيّ في هذه الدّراسة عدد مهجّري الدّاخل الفلسطينيّ في بداية القرن الحادي والعشرين؛ وتسأل الدّراسة، تحديدًا: هل نعرف ما هو عدد المهجّرين اليوم؟ في محاولتها للإجابة عن هذا السّؤال، تراجع الدّراسة، بداية، الأدبيّات القليلة الّتي نُشرت عن المهجّرين، علمًا أنّ تعدادًا رسميًّا للمهجّرين لم يجر حتّى الآن. ثمّ تراجع الدّراسة الاستطلاعات الحديثة، الّتي حاولت تقدير حجم مجموعة المهجّرين-خصوصًا المسح الاجتماعيّ-الاقتصاديّ، الّذي تقوم به جمعيّة الجليل. تناقش الورقة التّعريف الّذي تبنّاه هذا الاستطلاع، والّذي ينصّ على أنّ التّهجير يورّث من خلال ذرّية الذّكور وليس الإناث، وكيف يؤثّر هذا التّعريف على حجم مجموعة المهجّرين-الظّاهرة الّتي ينوي قياسها. وتتحدّد ملامح هذا التّأثير، بوضوح أكبر، عندما نستعرض، ونقارن هذا المسح الاجتماعيّ-الاقتصاديّ بنتائج استطلاع مدى الكرمل، الّذي استخدم تعريفًا آخرَ. تقارن الدّراسة بين التّعريفين والنّتائج المترتّبة على حجم مجموعة المهجّرين وحدودها جرّاء استخدام كلّ منهما. ويقترح كاتب الورقة أن تقوم الاستطلاعات بالسّؤال عن تاريخ الأسرة الكامل بما يخصّ التّهجير، أي أن تسأل عن حالة التّهجير للفرد، وعن حالة تهجير الأب، والأمّ، والأجداد من طرف الأب ومن طرف الأمّ، بالإضافة إلى الأسئلة الأخرى حول بلدة الأصل المهجّرة وسنة التّهجير. يوفّر تاريخ التّهجير الكامل للأسرة للباحثين والمهتمين مرونة كبيرة في تحديد حدود مجموعة المهجّرين؛ وتمكّن هذه المعلومات اتّباع تعريفات بديلة للتعريف الرسمي.
الورقة الثانية بعنوان “الفلسطينيّون المهجّرون داخليًّا: قراءة شاملة” من إعداد منار مخّول. قدّمت هذه الورقة قراءة للتّهجير الدّاخلي للفلسطينيّين في إسرائيل منذ النّكبة وفقًا لمعايير القانون الدّولي، وتحديدًا القواعد العرفيّة ذات الصّلة: القانون الدّوليّ لحقوق الإنسان، والقانون الدّوليّ الإنسانيّ، ووثيقة المبادئ التّوجيهيّة بشأن التّشريد الدّاخليّ، والتّوجّهات الرئيسيّة في العمل الحقوقيّ الإنسانيّ. تأتي هذه القراءة في محاولة لتأطير تحليليّ شامل لموضوع التّهجير القسريّ الدّاخليّ، وهي قراءة بديلة أوّليّة لبعض التّوجهات المحليّة للتّعامل مع هذه القضيّة. يمهّد الجزء الأوّل من الورقة، نظريًّا، لثلاثة مستويات، تبدأ بمعايير تحليليّة عامّة في القانون الدوليّ، تحديدًا التّوجّه المبنيّ على الحقوق، ثمّ إلى التّهجير القسريّ للفلسطينيّين بشكل عامّ، وإلى التّركيز على التّهجير القسريّ الدّاخليّ للفلسطينيّين في إسرائيل.
يستعرض الجزء الثّاني تهجير الفلسطينيّين داخليًّا في إسرائيل منذ النّكبة. يشمل هذا المهجّرين داخليًّا جرّاء الحرب عام 1948، وأيضًا التّهجير القسريّ للفلسطينيّين من خلال “مشاريع التّنمية” الإسرائيليّة، من خلال التّركيز على الفلسطينيّين البدو في النّقب. تجدر الإشارة، هنا، إلى أنّ التّركيز النّسبيّ على التّهجير القسريّ في النّقب لا يأتي من منطلق التّعامل معه كـ”حالة خاصّة”، إنّما لإظهار “التّنمية” كأداة إسرائيليّة لتهجير الفلسطينيّين، ووضع الفلسطينيّين البدو المهجّرين داخليًّا في نفس “الخانة” التّحليليّة، وعلى قدم المساواة من “مهجّري النّكبة”. يضع التّوجّه المبنيّ على الحقوق الأسباب البنيويّة في مركز التّحليل لمسألة تهجير الفلسطينيّين في إسرائيل في إطار شامل للسّياقات الأيديولوجيّة والسّياسيّة للقضيّة الفلسطينيّة. من هذا المنطلق، يجب التّعامل مع قضيّة تهجير الفلسطينيّين، على أشكالها، بشكل ممنهج، وليس من خلال تجزئتها إلى مشاكل “محليّة” خاصّة. من هنا، فإنّ أيّ حلول لقضايا محليّة لا تشمل تمكين المهجّرين داخليًّا، ولا تتعامل مع المسبّبات البنيويّة للتّهجير، ولا تعتمد الحماية على المدى البعيد، سيتحتّم/سيترتّب عليها عدم ضمان حقوق الفلسطينيّين.
أما الورقة الثالثة فكانت بعنوان “المهجّرون الفلسطينيّون في الدّاخل: الاقتلاع من المكان والبقاء في الوطن“، من إعداد هبه يزبك. تقول يزبك إنّ المشروع الصّهيونيّ لم يهدف إلى تشكيل مجموعة مهجّرين، بل عمل على تحويل الشّعب الفلسطينيّ، بالمجمل، إلى لاجئ خارج حدود وطنه، وأنّ المهجّرين هم مشروع لاجئين أيضًا، وببقائهم داخل وطنهم نجحوا، ولو جزئيًّا، في إفشال مشروع الطّرد عن الأرض ومن الوطن. بالإضافة تستعرض الورقة الآليّات والسّياسات المركزيّة الّتي عملت بموجبها القوّات العسكريّة الصّهيونيّة، ومن ثمّ المؤسّسات الإسرائيليّة بهدف التّهجير والطّرد، وذلك وفق الرّوايات الشّفويّة للمهجّرين أنفسهم، والتي، ومن خلالها، أيضًا، تُستشفّ رواية التّشبّث والبقاء، وليس فقط الاقتلاع. وبهذا، تُحيل الورقة الحاليّة، أيضًا، إلى أهميّة التّاريخ الشّفويّ ومركزيّته كمنهج علميّ ذي مصداقيّة، يتحوّل إلى مرجع في صياغة الرّواية التّاريخيّة والجمعيّة للفلسطينيّين.
من خلال روايات المهجّرين، الّتي تمّ استعراضها، ومن خلال استحضار أدوات التّهجير والسّياسات المتعاقبة، يمكن الاستدلال، جليًّا، على أنّ المشروع الصّهيونيّ طمح إلى نفي الفلسطينيّ خارج حدود الوطن، وليس داخله، ولاحق كلّ مهجّر بقي ليطرده.
الورقة الرابعة والتي تحمل العنوان “المكانة الاجتماعيّة-الاقتصاديّة للجيل الثّاني من المهجَّرين الفلسطينيّين في إسرائيل” من إعداد عميد صعابنه؛ تبحث المكانة الاجتماعيّة-الاقتصاديّة للجيل الثّاني من المهجَّرين، أو لاجئي الدّاخل؛ وهو موضوع لم تتناوله الدّراسات، القليلة نسبيًّا، حول المهجَّرين، والتي تطرّق غالبيّتها إلى تجربة الجيل الأول، والصّعوبات التي واجهها، خصوصًا في العقدين الأولين للنّكبة. وفي حين تشير بعض الدّراسات، حول تجربة أبناء الجيل الثّاني وبناته، إلى تقلّص الفروقات الاجتماعيّة-الاقتصاديّة بينهم وبين غير المهجّرين، وتمكّن أبناء المهجّرين وبناتهم من سدّ الفجوات التي ميزّت الجيل الأول للنّكبة، وتعزيز الشّعور لديهم بالانتماء إلى بلدات اللّجوء، البلدات التي ولدوا وترعرعوا فيها. تبقى هذه الاستنتاجات، في الغالب، انطباعيّة، ولا توضّح كيف استطاع المهجّرون جسر الفجوات بينهم وباقي السكان، وما هي الظّروف والعوامل، سواء الاجتماعيّة، أو السّياسيّة، أو الاقتصاديّة، التي مكّنت الجيل الثّاني من المهجّرين من تحقيق حراك اجتماعيّ مماثل لذلك الّذي حقّقه سكّان بلدات اللّجوء. تفتقر الدّراسات، التي تُعنى بالحراك الاجتماعيّ للأسر العربيّة في إسرائيل، إلى معالجة دور ملكيّة الأرض، خصوصا في العقود الأخيرة، وتحتاج الدّراسات المستقبليّة، في هذا المجال، إلى أخذه بالحسبان لفهم التّراتبيّة التي نشأت في المجتمع العربيّ.
لقراءة وتنزيل الملفات، الرجاء الضغط على الروابط التالية :
“هل نعرف كم عدد المهجّرين الفلسطينيّين؟ إشكاليّات في التّعريف والعدّ” – عميد صعابنه |
“الفلسطينيّون المهجّرون داخليًّا: قراءة شاملة” – منار مخّول |
“المهجّرون الفلسطينيّون في الدّاخل: الاقتلاع من المكان والبقاء في الوطن” – هبه يزبك |
“المكانة الاجتماعيّة-الاقتصاديّة للجيل الثّاني من المهجَّرين الفلسطينيّين في إسرائيل” – عميد صعابنه |