خالد الحروب
تقدم المقالة محاولة لقراءة موقع الحداثة السياسيّة والدين في المشروعَيْن الصهيونيّ والفلسطينيّ، وتتوقّف عند أهمّ المحطّات أو الأفكار أو التحوّلات ذات العلاقة. ينطلق الكاتب من فكرة انه ثمّة تبايُن كبير في موقع الدين والحداثة السياسيّة في سيرورة وتكوين وتحفيز الصهيونيّة والحركة الوطنيّة الفلسطينيّة، على الرغم ممّا قد يتبدّى من تشابه ظاهريّ بين الحالتين، وهو تبايُن ظلّ قائمًا على الرغم من أنّه شهد تحوُّلات مختلفة. وأساس هذا التباين كما تقدّمه هذه المقارَبة هو التالي: ادّعت الحركة الصهيونيّة الانتساب إلى الحداثة السياسيّة والأفكار القوميّة الحديثة والعلمانيّة، بما فيها الليبراليّة والديمقراطيّة، لكنّها في الجوهر اعتمدت الدين والأساطير الدينيّة كمحرّك أساسيّ لها، واستندت إليه كمسوِّغ مركزيّ في ادّعاء حقّ إقامة دولة على أرض فلسطين، وكأداة تعبئة لإقناع يهود العالم بالهجرة إليها. أمّا الوطنيّة الفلسطينيّة، فقد اعتمدت -على الرغم من نشوئها في سياق تقليديّ محافظ وأمْيَل إلى التديّن الاجتماعيّ- على الحداثة السياسيّة في تشكُّلها ومَأْسستها ونزوعها نحو تأكيد هُويّة قائمة على الرابطة الوطنيّة، هدفها بناء كيانيّة فلسطينيّة، وفي خضمّ هذا الجهد اختلف استخدامها للدين عن استخدام الصهيونيّة له.