أصدر مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، اليوم الأحد، ورقة تحليلية تهدف إلى قراءة نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيلية في المجتمع الفلسطيني في الداخل.
تتمحور الورقة حول ثلاث نقاط أساسية؛ أولاً، زيادة نسبة المقاطعين الممتنعين عن التصويت، لا سيما في صفوف المجموعة التي تعاملت مع الامتناع كنوع من الاحتجاج السياسي، ثانياً، تراجع تمثيل القوائم العربية في الكنيست إلى 10 مقاعد وهو أقل ما كان عليه من خلال القائمة المشتركة (13 مقعدا)، وحتى أقل ما كان عليه قبل تشكيل القائمة المشتركة (11 مقعدا). وثالثاً، ازدياد نسبة وعدد المصوتين للأحزاب الصهيونية في المجتمع الفلسطيني.
تنطلق الورقة من مقولة إن نتائج الانتخابات شكلت مؤشرا هاما، ولكنه ليس الوحيد، في تجربة الفلسطينيين في إسرائيل في السنوات الأخيرة، حول أهمية بلورة مشروع سياسي جماعي تقوم عليه الهيئات السياسية والوطنية وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا. وتزداد الحاجة إلى بلورة مشروع سياسي جماعي، في أعقاب التحولات التي تضرب بالمجتمع الفلسطيني في الداخل جراء سياسات استعمارية ذات طابع قومي- ديني يقودها اليمين المتطرف في إسرائيل والتي تمتزج مع سياسات نيوليبرالية اقتصادية.
ويشير مركز مدى الكرمل إلى أن نتائج الانتخابات في المجتمع الفلسطيني حملت مجموعة من المؤشرات السياسية، والتي تتطلب وقفة ولحظات تأمل فيها، ليس لذات الانتخابات ونتائجها، وإنما لوُجهة المجتمع الفلسطيني، وعلى الوقفة أن تكون على النقاط التالية:
أولا: الحاجة إلى مشروع سياسي جماعي، فقد حاولت وثائق التصور المستقبلي (لا سيما وثيقة حيفا الصادرة عن مدى الكرمل) وضع تصور رؤيوي للفلسطينيين في إسرائيل، يشكل بداية بناء مشروع سياسي يترجم التصورات
إلى عمل سياسي جماعي، إلا أنه منذ هذه المحاولات الرؤيوية، يبدو أن الخطاب السياسي الفلسطيني يمر بمأزق، لا يقل في حدته عن مأزق الخطاب السياسي الفلسطيني عموما. وهذا يحتاج من الهيئات التمثيلية والأحزاب القيام بخطوة لبلورة مشروع سياسي، كان يمكن للقائمة المشتركة أن تكون نواته أو أن تساهم في بلورته، لو أنها احترمت ثقة الناس والتعويل عليها.
ثانيا: إعادة دور الأحزاب السياسية، فقد كشفت نتائج الانتخابات عن الحاجة إلى إعادة بناء الأحزاب السياسية سواء البرلمانية أو غير البرلمانية لتأخذ دورا أكبر في إعادة الناس إلى المجال العام عموما، والمشاركة السياسية خصوصا، ولا نقصد المشاركة السياسية في بعدها الضيق المتمثل في التصويت في انتخابات الكنيست، وإنما مجمل المشاركة السياسية بكل مركباتها النضالية والثقافية. غابت الأحزاب عن الانتخابات المحلية أيضا، قبل بضعة شهور، تاركة السياسة المحلية لقوائم محلية تعتمد على قواعد تقليدية وجهوية، فضلا عن غياب الأحزاب أو تقليص دورها في المجال العام الفلسطيني.
ثالثا: الحاجة إلى إعادة بلورة معنى العمل البرلمانيّ وأهدافه وجَدْواه، وفي المقابل إعادة بلورة العمل السياسيّ المُوازي والمكمّل (وربّما البديل) للعمل البرلمانيّ، على أن تقع مسؤوليّة إعادة البلورة هذه على كافّة الأحزاب والتيّارات السياسيّة.