عقد مركز مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية مؤتمره الأكاديمي السنوي في الناصرة بعنوان “تحولات المشاركة السياسية لدى المجتمع الفلسطيني في العقدين الأخيرين ورؤية نحو المستقبل”. وشارك في المؤتمر عشرات الأكاديميين والطلاب الجامعيين والسياسيين والناشطين، وتخلل المؤتمر مداخلات أكاديمية اعتمدت على أوراق بحثية قدمت للمؤتمر.
افتتح المؤتمر بجلسة افتتاحية ترحيبية ادارتها السيدة ايناس حاج-عودة المديرة المشاركة في مدى الكرمل، مؤكدة على أهمية المؤتمر وموضوعه في الوضع السياسي الراهن، مشيرة الى المرجعية التي تم بناء المؤتمر عليها وهي تحولات المشاركة السياسية في العقدين الأخيرين، سواء على مستوى السلوك السياسي او الفكر السياسي. ثم قدم السيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا، كلمة قصيرة أشار من خلالها الى أهمية اللقاء بين السياسي والأكاديمي في المؤتمرات العلمية، مشددا على دور لجنة المتابعة وخطوات التأسيس التي تقوم بها في السنوات الأخيرة. كما تحدث السيد مضر يونس، رئيس مجلس محلي عرعرة ورئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، مشيرا الى مميزات السياسة المحلية وتحولات القيادة المحلية في الحكم المحلي، مشيرا أنه رغم وجود تحولات إيجابية في صفات الرؤساء المحليين على المستوى الشخصي إلا انهم لا يزالون يعتمدون على الأسس التقليدية في الانتخابات المحلية. وكان المتحدث الاخير في الجلسة، الدكتور جوني منصور عضو الهيئة الإدارية لمدى الكرمل، الذي رحب بالحضور مؤكدا على أهمية الأوراق التي سوف تقدم في المؤتمر، واهمية الحوار الذي ينتج عن مثل هذه المؤتمرات ودور مدى في مقاربة الواقع السياسي الفلسطيني بأدوات أكاديمية تفيد المجتمع والقيادة السياسية، وأهمية المؤتمر كملتقى أكاديمي في المجتمع الفلسطيني للتداول في شؤونه.
بعد الافتتاح بدأت الجلسة الأولى من المؤتمر التي ادارتها السيدة عرين هواري، باحثة في مدى الكرمل. وقدم خلالها الدكتور عميد صعابنة، المحاضر في جامعة حيفا وعضو لجنة الأبحاث في مدى الكرمل، ورقته التحليلية لاستطلاع الرأي الذي قام به مدى الكرمل حول المشاركة السياسية. حيث قام صعابنه بتحليل مواقف الجمهور الفلسطيني من خلال المقاربة الاقتصادية الاجتماعية، مشيرا الى أن هنالك توجهين كبيرين في صفوف المجتمع الفلسطيني: التوجه الجمعاني الوطني الذي يرى في تنظيم المجتمع الفلسطيني الصيغة الأهم لتحسين مكانة الفلسطينيين، والتوجه الفردي الاندماجي في المجتمع الإسرائيلي. وأشار صعابنة انه كلما ارتفع المستوى التعليمي للفرد فإنه يميل للتوجه الجمعاني الوطني، وهذا على عكس الانطباع السائد ان الطبقة الوسطى الفلسطينية تميل للاندماج في المجتمع الإسرائيلي. وقد عقب على ورقة صعابنة البروفيسور محمد امارة، المحاضر في الكلية الاكاديمية بيت بيرل، منوها ان هنالك حاجة لأخذ السياق السياسي الإسرائيلي وتحولاته في العقد الأخير في تفسير نتائج الاستطلاع وعدم الاكتفاء بالمقاربة الطبقية او الاقتصادية التعليمية. أما الدكتور امطانس شحادة النائب عن تحالف الموحدة والتجمع فقد نوه ان الاستطلاع يفسر الكثير من السلوك السياسي للمجتمع الفلسطيني في الانتخابات الأخيرة، حيث أن الناس ترى في العمل البرلماني خيارا سياسيا مهما، ولكنها ترى في العمل الجماعي خيارا عليه ان يرافق الخيار البرلماني، ومنها تنظيم المجتمع خارج البرلمان.
وناقشت الجلسة الثانية التي ادارتها الدكتورة حنين مجادلة المحاضرة في كلية القاسمي، موضوع التنظيم السياسي. حيث قدم الدكتور مهند مصطفى، مدير عام مركز مدى الكرمل، مداخلة حول ورقته عن التنظيم السياسي في صفوف الفلسطينيين في إسرائيل بين سياسة الامل وسياسة الاستخفاف. واوضح ان سياسة الامل تتجلى في نقاط ثلاث، العمل السياسي الجماعي، التنظيم السياسي الجماعي وبلورة مشروع سياسي جماعي. وكلما تقدم المجتمع في تحقيق هذه المطالب الثلاثة، كلما زاد الامل عند الناس وزادت مشاركتهم في العمل السياسي وتداخلهم مع السياسة. وعقب على الورقة كل من السيد محمد خلايلة، طالب الدكتوراه في جامعة حيفا، مشيرا ان هنالك تراجعًا في ثقة الجمهور بالمؤسسات السياسية المختلفة في المجتمع الفلسطيني وهو ما يؤكد على سياسة الاستخفاف، مؤكدا أن التصورات المستقبلية لم يتم ترجمتها الى عمل سياسي جماعي بعد إصدارها، لأنها بقيت تصورات نخبوية لم تصل للجمهور الواسع، ؛ والسيدة عايدة توما-سليمان، النائبة عن تحالف الجبهة-العربية للتغيير، التي أشارت الى الحاجة لبث الامل عند الناس من خلال إعادة تشكيل القائمة المشتركة، والتي شكلت سياسة امل عند الناس عند اقامتها، والحاجة الى بلورة خطاب يتعاطى مع توقعات الناس من القائمة المشتركة.
اما الجلسة الأخيرة التي ادارها الأكاديمي والناشط المحامي علي حيدر فقد ناقشت ورقة الدكتورة هنيدة غانم، مديرة مركز مدار للدراسات الإسرائيلية والتي عالجت فيها الخطاب السياسي للفلسطينيين منذ نشر التصورات المستقبلية. وأشارت غانم الى جدلية المواطنة والوطن، والتحوّلات في المجتمع الإسرائيلي وتأثير ذلك على الفلسطينيين في إسرائيل وسلوكهم وفكرهم السياسيين، وعلى رأسها صعود الخطاب القومي الديني في السياسة الإسرائيلية. وعقب على الورقة السيد عوض عبد الفتاح من حملة الدولة الواحدة والأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي، مؤكدا على أهمية التفكير من جديد في مقاربة إسرائيل كدولة استعمارية استيطانية. اما الدكتور النائب منصور عباس، رئيس تحالف الموحدة والتجمع، فقد عقب على الورقة مشيرا الى ضرورة تبني خطاب سياسي وبرلماني يتعاطى مع الواقع السياسي الراهن، حتى لو تطلب الامر التواصل مع قطاعات في المجتمع الإسرائيلي وبناء شراكات معهم من اجل الدفع بمصالح تتعلق بالمجتمع الفلسطيني.
تجدر الإشارة الى انه تم توزيع كتاب المؤتمر على الحضور والذي شمل الأوراق المقدمة في المؤتمر. هذا وقد عمل على اعداد المؤتمر لجنة اكاديمية مكونة مند. مهند مصطفى، السيدة ايناس عودة- حاج، د. عميد صعابنة ود. راوية أبو ربيعة.