نظّم المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة – مدى الكرمل، بالتعاون مع جمعيّة الثقافة العربيّة، ندوةً لمناقشة كتاب الپروفيسورة نادرة شلهوب – كيفوركيان “الطفولة المحتجَزة وسياسة نزع الطفولة”، شاركت فيها مؤلّفة الكتاب، وعقّب عليه د. خالد فوراني المحاضر في جامعة تل أبيب، وأدار الندوةَ أمير مرشي.
افتتح الندوةَ الدكتور مهنّد مصطفى، المدير العامّ لمركز مدى الكرمل، بالترحيب وتقديم الشكر للحضور الـمَهيب، وأشاد بمساهمات الپروفيسورة نادرة، ووضّح أنّها تتميّز بين الأكاديميّين والأكاديميّات بجُهدها لفتح حقول معرفيّة جديدة، وأضاف أنّها تصوغ دائمًا في مؤلّفاتها ومقالاتها مقاربات نظريّة أصيلة لفهم واقعنا الفلسطينيّ.
ثمّ عرضت مؤلّفة الكتاب، الپروفيسورة نادرة، مضامين الكتاب، وذلك عبْرَ ثلاث ملاحظات تمهيديّة إزاء كتابها. بدايةً وضّحت الپروفيسورة منهجها البحثيّ، من خلال النظر إلى الهيكليّة الاستعماريّة، في جميع مجالات البحث والإنتاج المعرفيّ في فلسطين؛ ففي موقعها ومجالها الأكاديميّ في الجامعات (علم الأجرام) لن تستطيع فهم الطفل الفلسطينيّ حين يحمل حجرًا ويرميه على العسكريّ المستعمِر، دون فهم الهيكليّة الاجتماعيّة التي شكّلتها المنظومة الاستعماريّة. بالتالي توضّح لنا المنهج الأساسيّ في أبحاثها عمومًا وبحثها حول الطفولة الفلسطينيّة خاصّة، بأن ننظر إلى “الإجرام” من خلال تشكُّلات بُنى قوّة وهيمنة في المجتمع والسياسة والاقتصاد والتعليم.
ملاحظتها الثانية ترتكز على تحليل المنظومة الأَمنيّة الصهيونيّة وموقع الطفل الفلسطينيّ فيها، حيث أشارت الكاتبة أنّ المنظومة الأمنيّة الصهيونيّة ترتكز على مفاهيم سياسيّة ديمـﭼرافيّة لضمان الشروط المادّيّة لوجود الدولة الاستعماريّة واستدامتها، وبالتالي تستنتج أنّ الطفل الفلسطينيّ مستهدَف على نحوٍ بنيويّ ومستمرّ، وبأشكال متعدّدة في النقب، وفي عكّا وفي نابلس وكذلك في غزّة، وطبعًا في القدس.
وفي النهاية، اعتبرت الپروفيسورة نادرة أنّ بحثها المتداخل مع تجارب الأطفال في القدس يوضّح لنا إمكانيّات المقاومة لدى الطفل الفلسطينيّ، ومدى أثره الوجوديّ الفيزيائيّ في الحيّز العامّ. فهي توضّح أنّ وجود الطفل الفلسطينيّ في القدس، وحياته، ومرحه، وتعليمه، وكلّ فعل يقوم به، كلّ ذلك يشكّل تهديدًا أمنيًّا للمنظومة الاستعماريّة وعقيدتها الأمنيّة.
وتلا ذلك تعقيبُ الدكتور خالد فوراني، فقال إنّه يرى من واجبه أن يذكر مَواطن القوّة في الكتاب من حيث عمق المساهمة النظريّة، وكذلك مَواطن الضعف التي حاول من خلالها مناقشة تعريفاتٍ وقصورِ المجال المكانيّ الذي يرتكز عليه الكتاب.
بالتالي يرى الدكتور خالد فوراني أنّ الكتاب “الطفولة المحتجزة وسياسة نزع الطفولة” جسّد الإمكانيّات المعرفيّة لدى المستعمَر والمضطهد، وقد لاحظ أنّ الديالكتيك والتناقض في مقولة الكتاب هو ما جعله كتابًا متميّزًا؛ فسياسة نزع الطفولة هي ذاتها ما يثبت الطفولة الفلسطينيّة من خلال إرادة الطفل ووجوده.