عَقدَ برنامج الدراسات النسويّة في مركز مدى الكرمل محاضَرة بعنوان “النساء والثورات العربيّة: بين الحركات الإسلاميّة وتسييس الأمومة”، للدكتورة أنوار محاجنة، المحاضِرة في مجال العلوم السياسيّة في جامعة ستونهيل، والمتخصّصة في العلاقات الدوليّة والسياسيّة. جاءت هذه المحاضَرة ضمن سلسلة “ثورات الأمل الذي لن يندثر” التي أطلقها مدى الكرمل بمناسبة مرور عَقد على ثورات الربيع العربيّ واندلاع الثورات العربيّة من أجل الحرّيّة والديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة، وبالتزامن مع يوم المرأة العالميّ الذي يصادف الثامن من آذار؛ وذلك بغية تسليط الضوء على الدَّوْر الذي قامت به النساء في الثورات العربيّة، وعلى مكانتهنّ بعد مرور عشر سنوات على اندلاع هذه الثورات.
تتمحوَر أبحاث د. محاجنة في الجندر والجنسانيّة، والدين، وسياسة الشرق الأوسط. نُشرت أعمالها في عدّة مجلّات أكاديميّة وصحف، منها: المجلّة النسويّة الدوليّة للسياسة؛ مجلّة البحوث السياسيّة الربعيّة؛ الدين والسياسة؛ السياسة الخارجيّة؛ صحيفة ذا كونڤيرزيشِن؛ تايمز أُف إِزْرَئِل؛ هآرتس؛ ميدل إيست آي؛ مجلّة +972؛ كوارتز؛ ديفينس ﭘـوست؛ جيروزاليم ﭘـوست؛ مؤسّسة كارنيـﭼـي للسلام الدوليّ.
أشارت د. محاجنة في محاضرتها إلى أنّ المساواة الجندريّة لم تكن عاملًا مركزيًّا في انفجار ثورات الربيع العربيّ، ومع ذلك احتلّت النساء أدوارًا قياديّة في الثورات العربيّة، على الرغم من التهديدات والعنف الجندريّ الذي رافق مشاركتهنّ فيها. وقد شهدت بعض الدول خلال العَقد الماضي ارتفاعًا ضئيلًا في التمثيل النسائيّ في بعض الحكومات. مع ذلك، لم تقم المنطقة بتحسين أوضاع النساء كثيرًا بصورة عامّة. على الرغم من هذا، ما زالت النساء في بعض الدول (كتونس ومصر -على سبيل المثال) تعبّر أكثر عن الاضطهاد الذي يعانين منه بصورة ملحوظة.
الثورات العربيّة والحركات الإسلاميّة
في الجزء الأوّل من المحاضرة، تناولت د. محاجنة موضوع الثورات العربيّة والحركات الإسلاميّة. وهي ترى أنّه كثيرًا ما يُدّعى أنّ وصول الأحزاب الإسلاميّة الى السلطة يُعرقل مسيرة التمثيل والمشاركة النسائيّة في الحيّز العامّ. لكن تجارب النساء الناشطات في حزب النهضة التونسيّ، وفي حركة الإخوان المسلمين في مصر، وفي حزب العدالة والتنمية المغربيّ، تُظهر مدى انخراط النساء في العمل الحزبيّ، ومدى قدرتهنّ على استغلال الفرص القائمة من أجل التأثير.
تناولت د. محاجنة في محاضرتها الأدوار والإستراتيجيّات المختلفة التي تبنّتها النساء الإسلاميّات في هذه الأحزاب، والتي من خلالها أَعَدْنَ صياغة الفُرَص في السياسة والتأثير. تدّعي محاجنة كذلك أنّ قلّة الاهتمام البحثيّ في العلوم السياسيّة والاجتماعيّة بنساء حركة الإخوان المسلمين في مصر أو حركة النهضة في تونس، وانعدام التحليل الجندريّ في الأبحاث، يغيّبان مسارات وديناميكيّات سياسيّة هامّة داخل الأحزاب وتأثيرها.
الثورات العربيّة وتسييس الأمومة:
ادّعت د. محاجنة أنّ “الأمومة السياسيّة” لم تحظَ بالاهتمام الكافي لدى علماء السياسة. الأمومة السياسيّة هي تلك الأمومة التي تقوم من خلالها النساء باستغلال أدوارهنّ التقليديّة كأمّهات، ابتغاءَ حفظ وتعزيز مشاركة النساء السياسيّة. وتضيف د. محاجنة في بحثها أنّ النساء في مصر نجحنَ في القيام بدور مهمّ في الثورة من خلال “التفاوض مع المنظومة الأبويّة” واستغلال أدوارهنّ التقليديّة للدخول والتأثير على المجال السياسيّ؛ ففي حين تعاملت الدولة مع النساء كمجموعات تحتاج للحماية، قامت النساء في مصر باستغلال هذا الموقع الذي يُظهِرُهُنّ ضعيفات، من أجل شَرْعَنة التظاهرات ضدّ مبارك وضدّ الإخوان المسلمين، حيث تَحَدَّيْنَ منظومة الدولة والحركات السياسيّة باسم مكانتهنّ كأمّهات.