استضافت قاعة مسرح “سينماتك” في مدينة أم الفحم، مساء اليوم الاثنين، حلقة دراسية ناقشت كتاب “مقاربات إسرائيلية لحظر الحركة الإسلامية” للباحث والإعلامي الزميل ساهر غزاوي من مدينة الناصرة.
بحضور العشرات وكان من بينهم الشيخ رائد صلاح المحرر من السجون الإسرائيلية قبل أسبوع، والشيخ كمال خطيب، افتتح د. مهند مصطفى المدير العام لمدى الكرمل، الجلسة، وقال إن من اهداف الندوة تكريم الباحث ساهر غزاوي تقديرا لجهده البحثي الهام في مجال العلوم السياسية ومحاولة لسبر أغوار قرار حظر الحركة الإسلامية عام 2015، وتداعيات وتأثيرات هذا القرار على المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل.
وأشار إلى أن الباحث جمع كافة المقاربات الإسرائيلية وتعاطيها مع الحظر، محاولا “الانتقال من تبعثر الخطاب” ليعطينا “صورة الصقر” الذي يساعدنا على فهم الخطاب الإسرائيلي، منوّها إلى أن جهد الباحث غزّاوي وبالرغم انه انتاجه الأول لكنه تعاطى مع المسألة بمنهجية أكاديمية كباحث مخضرم.
ويرى مهند مصطفى أن الخطاب الإسرائيلي شهد تحولات عميقة منذ عام 1996 فيما يخص النظرة إلى المسجد الأقصى المبارك خاصة عند جهات الصهيونية الدينية حيث صدرت فتوى دينية يهودية تبيح اقتحام الأقصى، وقدّر أن هذا التيار الديني النافذ في المجتمع الإسرائيلي اصطدم بتيار سياسي (الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا) وقف سدا منيعا أمام مفهوم الخلاص الديني الصهيوني.
كما يعتقد مهند مصطفى أن التحول الآخر في الخطاب الإسرائيلي جرى بعد انتفاضة القدس والأقصى عام 2000، وهذا جرت ترجمته من خلال سياسيات تفكيك المجتمع العربي وسياسة دمج الفلسطينيين في الداخل بالاقتصاد الإسرائيلي ضمن سياقات “نيوليبرالية”، مستدركا أن “سياسات دمج الفلسطينيين بالاقتصاد هدفت إلى دمجهم كأفراد بدون مشروع سياسي جماعي وطني” وتابع أن هذه السياسات أرادت الاستفراد بالحركة الإسلامية لتسهيل عملية ضربها باعتبارها ترفض عملية الاندماج أو الاحتواء.
النقطة الثالثة التي يرى مدير مدى الكرمل أنها كانت من تحولات الخطاب الإسرائيلي هو النزعة الأمنية في التعامل مع العمل السياسي للفلسطينيين في الداخل، مشيرا إلى أن “هذه الأمر لم يكن جديدا فقد جرى حظر حركة الأرض، ولكنه لم يكن بحجم قرار حظر الحركة الإسلامية نظرا لحجمها ومؤسساتها الفاعلة في الداخل”.
وخلص د. مهند مصطفى أنه من خلال مقاربته لكتاب الباحث ساهر غزاوي فضلا عن أدبيات أخرى تحدثت عن الحظر، وصل إلى تقدير أن الحركة الإسلامية حظرت بالأساس لسبب واحد لأنها “في حضورها القوي بالقدس والأقصى شطبت الخط الأخضر بين أبناء الداخل والقدس، بل بين الكل الفلسطيني والقدس ووحدّت الحركة بهذا المعنى أبناء الشعب الفلسطيني على قضية القدس والأقصى، مشروع الحركة بالقدس بالنسبة لإسرائيل كان سببا رئيسا للحظر كذلك فإن الحركة صادمت واصطدمت بمشروع الخلاص الصهيوني وهذا أدى في النهاية إلى إخراجها عن القانون”.
المداخلة التالية كانت لـ د. خالد أبو عصبة (محاضر في التربية الاجتماعية)، وبارك للزميل غزّواي على بحثه القيّم وقال إنه “يتمتع بأسلوب بحثي نوعي تضمن تحليلا للوثائق والبيانات الإسرائيلية التي صدرت في أعقاب الحظر وقبله”.
ولفت أبو عصبة إلى ضرورة أن يشير الباحث في أبحاث مستقبلية إلى تاريخ استرجاع واستدعاء التصريحات والاقتباسات من مصادرها الإعلامية.
طرح أبو عصبة مجموعة تساؤلات متعلقة بموضوع الحظر: ما هي الدوافع لإغلاق خيمة مناهضة الحظر لا سيّما انها كانت تشهد إقبالا واسعا، نقل الشيخ رائد في أحد كتبه لموقف السلطة الوطنية من الحظر كان يجدر أن يكون موثّقا بشكل موضوعي.
وزاد أن الكتاب وثيقة مهمة، ولكن هناك حاجة للمزيد من الدراسات الأكاديمية في الموضوع.
اتفق د. خالد أبو عصبة مع عدد من النقاط التي أثارها د. مهند مصطفى في مداخلته لا سيما في مسألة التوجهات الإسرائيلية لدمج الطبقة الوسطى الفلسطينية في الاقتصاد الفلسطيني على أساس الفردانية وقال “المؤسسة الإسرائيلية تسعى لتحويلنا إلى أفراد يلهثون من أجل الوظيفة”.
ودعا إلى مزيد من الاشتغال البحثي في مقاربة الشبه بين حظر الحركة الإسلامية وحركة الأرض أواخر الستينيات من القرن الماضي، كما دعا إلى معرفة وتفسير “السكون والسكوت على الحظر من جانب الأحزاب والجماهير في الداخل، ولفت إلى ضرورة قراءة أبعاد العمل السياسي للفلسطينيين في الداخل بعد حظر الحركة الإسلامية، علما أن هناك شريك في عملية الاندماج بالخطاب الإسرائيلي ويحسب على التيار الإسلامي (الحركة الجنوبية)، وأشار إلى الحاجة إلى دراسة تأثيرات الحظر على الأوضاع الحالية في الداخل ومنها تفاقم العنف والجريمة.
المداخلة الأخيرة في الحلقة الدراسية، كانت للدكتور مطانس شحادة، مدير وحدة السياسات في مركز مدى الكرمل، وقدر جهد الباحث ساهر غزاوي منوّها “مجهود علمي وذاتي مهم جدا لأن الحظر حدث مفصلي في العلاقة بين إسرائيل وأبناء شعبنا في الداخل”.
وتطرق شحادة إلى التعاطي الأمني غير المسبوق مع ملفات الأحزاب والداخل الفلسطيني بشكل عام وخاصة ملف الحركة الإسلامية التي حظرت وأن ملفها كان بإدارة جهاز الأمن العام.
وقال إن الحركة الإسلامية حُظرت لأنها عطّلت من وجهة نظر إسرائيلية انتصار المشروع الصهيوني الكامل.
وأشار إلى أن مقدمات الحظر كانت باستهداف مؤسسات الحركة الإسلامية التي عملت في القدس والمسجد الأقصى.
بدوره أكد مطانس شحادة على الحاجة للمزيد من الأبحاث والدراسات الفلسطينية التي تناقش حظر الحركة الإسلامية وتداعياته على مجمل العمل السياسي الفلسطيني في الداخل.
واعترف أن “الجميع قصروا في الرد على الحظر وهذا أيضا يوجه إلى قيادة الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا وهل كان بالإمكان القيام بالمزيد من أجل التعاطي مع الحظر؟!”.
في نهاية الحلقة الدراسية فتح المجال أمام الحضور للأسئلة للمحاضرين على المنصة وقد تمحورت المداخلات في كيفية التعاطي مع السياسات الإسرائيلية ضد المجتمع العربي والتي تفاقمت في أعقاب حظر الحركة الإسلامية.