نظّم مدى الكرمل – المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، بالتعاون مع المكتبة العامّة في أمّ الفحم، ندوة سياسيّة لمناقشة كتاب بنيامين نتنياهو “بيبي: سيرة حياتي” (2022). شارك في الندوة كلّ من الـﭘـروفيسور ﭼـادي إلـﭼـازي، المؤرّخ والناشط الاجتماعيّ؛ والدكتور مهنّد مصطفى، المدير العامّ لمركز مدى الكرمل، ورئيس قسم التاريخ في المعهد الأكاديميّ العربيّ في بيت بيرل. أدارت الندوةَ الدكتورة أريج صبّاغ – خوري، المحاضِرة في قسم علم الاجتماع وعلم الإنسان في الجامعة العبريّة، وعضوة لجنة الأبحاث في مدى الكرمل.
افتَتحت الندوةَ السيّدة سوسن محاميد، مديرة المكتبة العامّة في أمّ الفحم، التي رحّبت بالحضور مشيرةً إلى أهمّيّة الندوة الثقافيّة لتوعية طلبتنا بشأن المواضيع السياسيّة والثقافيّة، وكذلك إلى أهمّيّة القراءة في دَوْرها المتمثّل في أنّها تساعدنا في قراءة الواقع على نحوٍ أفضل وأكثر وعيًا.
كانت المداخلة الأولى للدكتور مهنّد مصطفى، المدير العامّ لمركز مدى الكرمل، فأشار إلى أهمّيّة مشروع مدى الكرمل في فهم المشروع الصهيونيّ، وإلى أنّ قراءة هذا الكتاب ليست منفصمة عن ذلك، بل هي سلسلة معرفيّة ومهمّة في مسيرة مدى الكرمل في محاولة لفهم الحركة الصهيونيّة، وذلك من خلال تنظيم ندوات وورشات بحثيّة وإصدار كتب لفهم أعمق للصهيونيّة بوصفها مشروعًا استعماريًّا استيطانيًّا، وتطرّق إلى أهمّيّة الأدوات المعرفيّة والفكريّة لدراسة الآخَر.
تحدّث مصطفى عن اختيار الكتاب “بيبي: سيرة حياتي” لأهمّيّة الاطّلاع على الشخصيّات في داخل إسرائيل، وعن أهمّيّة السيرة الذاتيّة الخاصّة بنتنياهو لكونه أثّر في تاريخ إسرائيل في العشرين سنة الماضية، وأشار أنّ السرديّة الخاصّة به مبنيّة في خطاباته على أنّه المنقذ المستقبليّ، فضلًا عن أنّه يُقحِم في خطابه النزعة التاريخيّة ونزعات دينيّة وشعبويّة.
تطرّق الدكتور مهنّد في مداخلته إلى فكر نتنياهو تجاه الفلسطينيّين، مشيرًا أنّ نتنياهو لديه منظومة أيديولوجيّة واضحة ضدّ حقوق الشعب الفلسطينيّ القوميّة، ويرمي إلى إخضاع الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة وإلحاق الهزيمة بها، لكنّه يتعامل كذلك بـﭘـرﭼـماتيّة حسب الظروف السياسيّة؛ فهو كان مستعدًّا أن تكون صفقة القرن واقعًا على الأرض لأنّها تتضمّن إخضاعًا للحركة الوطنيّة. وأشار الدكتور مهنّد أنّ لنتنياهو خطابًا تاريخيًّا استشراقيًّا لكنّه هشّ جدًّا.
وكانت المداخلة الثانية للمؤرّخ والناشط الاجتماعيّ الـﭘـروفيسور ﭼـادي إلـﭼـازي، الذي أشار في البداية إلى اختيار نتنياهو أن يؤلّف الكتاب باللغة الإنـﭼـليزيّة على وجه التحديد، لكونها اللغة التي من خلالها يمكنه الوصول إلى الساحة الدوليّة بعامّة، وإلى الساحة الأمريكيّة على وجه الخصوص. كذلك تطرّق الـﭘـروفيسور إلـﭼـازي في مداخلته إلى عائلة نتنياهو وتاريخها من جهة الأب والأمّ، وإلى كيفيّة تأثير هذا التاريخ على شخصيّة نتنياهو وأفكاره السياسيّة التي تأثّرت من اليمين الأمريكيّ العنصريّ.
أنهى الـﭘـروفيسور إلـﭼـازي مداخلته بأن أشار إلى أهمّيّة الاطّلاع على شخصيّة شارون وتأثيره على الواقع السياسيّ الحاليّ، وإلى أنّ شخصيّة نتنياهو شقّت دربها من خلال الطريق الذي رسمه شارون، مضيفًا إلى ذلك الخطرَ القائم والكامن في الواقع الحاليّ، مشيرًا إلى الأحزاب الاستيطانيّة وعملها الإستراتيجيّ الساعي إلى احتلال المجتمع اليهوديّ لا إلى استعمار المجتمع العربيّ الفلسطينيّ فحسْب.
أدارت الندوةَ الدكتورة أريج صبّاغ – خوري التي عقّبت على المداخلات التي قدّمها كلّ من الدكتور مهنّد والـﭘـروفيسور ﭼـادي، مشيرة إلى أهمّيّة دراسة الواقع والإنتاج المعرفيّ، وكذلك إلى أهمّيّة بحث وتفكيك المعرفة الصهيونيّة كباحثين فلسطينيّين لفهم الواقع، وبِذا أشارت إلى أهمّيّة قراءتنا لنتنياهو وأنّ هذه السيرورة المعرفيّة لم تنتهِ؛ إذ إنّها سيرورة لقراءة تاريخيّة في الصراع الإمبرياليّ واليمين الشعبويّ.
في نهاية الندوة، فُتِح المجال أمام الحضور للمناقَشة ولطرح الأسئلة على المتحدّثين.