أصدرَت وحدة السياسات في مركز مدى الكرمل- المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، ورقة تقدير موقف (نيسان 2021) بعنوان “قراءة في نتائج انتخابات الكنيست الـ 24 (آذار 2021) في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل”. في القسم الأوّل من الورقة عرضت وحدة السياسات لمُعطَيات تُبيّن من خلالها أنماط التصويت والامتناع عنه في المجتمع الفلسطينيّ. تشيرُ الورقة إلى أنّ العزوف عن التصويت يشكِّل المعطى الأهمّ في السلوك الانتخابيّ للفلسطينيّين، فبالمقارنة مع الانتخابات (23) السابقة (آذار 2020) التي وصلت نسبة التصويت فيها إلى 65% في المجتمع الفلسطينيّ، كان هناك ارتفاعًا في نسبة الممتنعين عن التصويت وتراجعًا جدّيًّا في نسبة التصويت إلى 45% فقط، وهي النسبة الأقل منذ بداية مشاركة الفلسطينيّين في إسرائيل في الانتخابات البرلمانية منذ العام 1948. هذه التغيّرات الحادّة في أنماط التصويت تحمل الكثير من الدلالات حول العلاقة بين الجمهور الفلسطينيّ والعمل البرلمانيّ عمومًا، وبينه وبين الأحزاب العربيّة خصوصًا.
تستعرض الورقة معدّلات المشاركة في انتخابات الكنيست منذ عام 1949 حتّى العام الحالي، ونسب التصويت في المجتمع العربيّ وعدد القوائم العربيّة المُشاركة في الانتخابات منذُ عام 2009، ولأنماط التصويت لدى المجتمع العربيّ منذُ تشكيل القائمة المشتركة في عام 2015. وتستعرض كذلك نسب التصويت للقائمتين العربيّتين مقارنةً بالأحزاب الصهيونيّة في هذه الانتخابات مقابل الانتخابات السابقة، ولتوزيع الأصوات العربيّة للأحزاب الصهيونيّة في المجتمع العربيّ حسب الحزب، ولنسب التصويت في التجمّعات الدرزيّة، ولتوزيع الأصوات العربيّة للأحزاب الصهيونيّة في التجمّعات الدرزيّة حسب الحزب.
تقدّم الورقة في قسمها الثاني قراءة تحليليّة في نتائج الانتخابات، وتقترح أوّلًا أنّ نسبة التصويت في المجتمع العربيّ للكنيست الرابع والعشرين هي مؤشّر على سلوك احتجاجيّ وعقابيّ في الدرجة الأولى للقائمة المشتركة، فيما لا تحملُ في المُجمل موقفًا سياسيًّا سلبيًّا أو نزع شرعيّة عن العمل البرلماني. ثانيًا، من بين باقي أنماط التصويت، يُعتبر الامتناع عن التصويت (السياسيّ-الاحتجاجيّ) هو النمط الأبرز والأهمّ في هذه الانتخابات. ثالثًا، أنّ الخيارين الأساسيّين للجمهور الفلسطينيّ كانا إمّا التصويت للقائمتين العربيّتين وإما الامتناع عن التصويت، إذ أنّ تراجع التصويت للقوائم العربيّة كان بسبب انشقاقهما وبسبب غياب برنامج سياسيّ واضح للقائمتين، لا سيّما القائمة المشتركة منهما. رابعًا، تعدد الورقة العوامل لغياب خطاب إسقاط نتنياهو الذي حملته القائمة المشتركة سابقًا واعتبرُ ذات مرّة حافزًا للتصويت في دورات انتخابيّة سابقة لدى المجتمع الفلسطينيّ.
تُلخّص الورقة أهمّ الدلالات التي حملتها هذه الانتخابات عن العمل السياسيّ الفلسطينيّ في إسرائيل. وتتناول مسألة اختزال العمل الوطنيّ والسياسيّ للعمل البرلمانيّ كرافعة سياسيّة مركزيّة في المجتمع الفلسطينيّ، أيّ تقلّص العمل الحزبيّ لعمل حزبيّ برلمانيّ، وترى أنّ العمل الحزبيّ للمجموعات القوميّة الأقليّة في وطنها يجب أن يتعدّى العمل البرلمانيّ وألّا يقتصر عليه، لا سيّما في برلمان تهيمن عليه قوى يمين صهيونيّ. تنصح الورقة بضرورة “بناء برنامج سياسيّ جماعيّ يؤكّد على أنّ مسألة الفلسطينيّين في إسرائيل هي جزء من القضيّة الفلسطينيّة، وأنّ خياراتها السياسيّة ليست بالتعاون مع اليسار الصهيونيّ ولا بالتعويل على اليمين الصهيونيّ، بل بإدراك بنية وجوهر الدولة المعادية للمشروع الفلسطينيّ في الداخل والخارج”. كذلك، تنقد الورقة الزعم الذي يرى بغياب الوعي الوطنيّ للناس كنتاج للواقع والظروف، وترى فيه نتاج قرار عقلانيّ بتغييب هذه المسائل. تختم الورقة بأنّ “بناء مشروع سياسيّ جماعيّ يجب أن يأخذ هذه المركّبات بحذافيرها وعدم التنازل عنها، لأنّ تغييبها بشكل عقلاني، يعقلن الواقع الرديء، ويرتدّ على أصحابه ولا ينقذهم”.
لقراءة الورقة كاملة: https://old.mada-research.org/wp-content/uploads/2021/04/PositionPaperMarch2021.pdf