عَقَد مدى الكرمل، يوم السبت الموافق لـِ 27 من نوﭬـمبر، اللقاءَ الثاني من ورشة “الصهيونيّة والحركة الوطنيّة الفلسطينيّة: قراءات في مذكّرات المستعمِر والمستعمَر” – الدورة الرابعة. تَرَكَّزَ موضوع اللقاء في السيرة الذاتيّة وكتابة التاريخ الاجتماعيّ، وقدّم فيها الأستاذ سليم تماري مداخلته في موضوع السيرة الذاتيّة والإثنوﭼـرافيا والمحلّيّة الأدبيّة: محنة مفلح الغسّانيّ نموذجًا. وقد أدار اللقاءَ والنقاش الأستاذ الدكتور نديم روحانا.
قدّم تماري مقاربته حول الدَّوْر المهمّ الذي تقوم به السِّيَر الذاتيّة كمصدر من المصادر الأساسيّة في رواية التاريخ، لأنّها تروي حياة الناس أنفسهم، الاجتماعيّة والحميميّة، لحظةً بلحظة، ولذا فهي تُعَدّ مَصدرًا أساسيًّا لتتبُّع التغيُّرات الاجتماعيّة وأنماط الحياة من جيل إلى جيل. كذلك أشار تماري إلى أنّ مدرسة الحَوْليّات (Anal School) منذ خمسينيّات القرن الماضي قامت بتطوير المنهج العلميّ في استعمال المصادر الشفويّة للتاريخ الاجتماعيّ.
وقد تركّزت مداخلة تماري في دَوْر الصحافة، والأدب عمومًا، والأدب السِّيَريّ على وجه الخصوص، في القيام بالنهضة الأدبيّة في بلاد الشام والمرتبطة بالحداثة العثمانيّة. وذكر تماري بعض الأمثلة على روّاد هذه النهضة، وهم: إسعاف النشاشيبي؛ أديل عازر؛ عنبرة سلام الخالدي؛ خليل السكاكيني؛ أبو الإقبال سليم اليعقوبي؛ نجيب نصّار؛ ساذج بهائي. وقد عدّ تماري أنّ رواية نجيب نصّار “مفلح الغسّانيّ” تشكّل جذور الأعمال السِّيَريّة في فلسطين والتي تجمع بين السيرة الذاتيّة والرواية، إذ عمد فيها نصّار إلى إعادة صياغة بعض الأحداث الشخصيّة. وهي الرواية العربيّة الوحيدة التي وصلت إلينا وتتناول الحرب العظمى (1914-1918). وتبعًا لتماري، فهي أوّل نصّ روائيّ قَرَنَ بين مكافحةِ الصهيونيّة والدفاعِ عن حقوق الفلّاح الفلسطينيّ أمام جشع الملّاكين والإقطاعيّين في غور بيسان والسهول الساحليّة، وتُعَدّ عملًا استدعائيًّا وإثنوﭼـرافيًّا لعالَـمٍ اختفى، حيث يصف لنا وصفًا دقيقًا حياةَ البدو في غور بيسان غرب نهر الأردن، التي كانت على أبواب التحول الكبير إثر قيام الدولة العثمانية بالسماح بتسجيل أراضيهم فيما عرف لاحقًا باسم “الطابو”. وكذا الأمر وصفت رواية الغساني لهجاتَ البدو ل وعاداتهم وتمرّدهم ضدّ الدولة العثمانيّة.
عُقِد اللقاء الثاني عبْر تقنيّة الزوم، ومن المتوقّع أن يُعْقَد اللقاء الثالث في شهر كانون الثاني، واللقاء الرابع في آذار عبْر تقنيّة الزوم كذلك. ومن المتوقّع كذلك أن يُعْقَد اللقاء الخامس كورشة بحثيّة لمدّة يومين في شهر أيّار في مدينة أمستردام، بالتعاون مع جامعة أمستردام، إذا سمحت الظروف الصحّيّة العامّة بذلك.