مدى الكرمل يناقش تأثير السياسات الاقتصادية لحكومة إسرائيل على المواطنين العرب: بناء مشروع تنمية اقتصادية شامل للمواطنين العرب في اسرائيل هو حاجة ضرورية
ضمن برنامج دراسات اسرائيل، عُقدت في مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة في حيفا، الاسبوع الماضي ندوة بعنوان تأثير السياسات الاقتصادية لحكومة إسرائيل الجديدة على المواطنين العرب. شارك في الندوة كل من: د. رجا الخالدي (باحث اقتصادي رئيسي في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، جنيف- سويسرا)، والنائب د. حنا سويد (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة) والنائب د. باسل غطاس (التجمع الوطني الديموقراطي)، وقد أدار الندوة الباحث امطانس شحادة، منسّق برنامج دراسات إسرائيل في مدى الكرمل.
افتتح الندوة الباحث امطانس شحادة مستعرضًا التحولات الأساسية في السياسيات الاقتصادية الحكومية وانتهاج سياسية اقتصادية نيوليبرالية وإسقاطاتها على السكان العرب، خاصة الخطة الاقتصادية الاخيرة التي طرحها وزير المالية يائير لبيد، موضحا انها سوف تلحق ضررا كبيرا بالأسر العربية وزيادة في معدلات الفقر لدى العائلات العربية، كونها سوف تقلص، بالمعدل، قرابة 10% من الدخل الصافي للأسر العربية. وتساءل شحادة حول امكانيات المجتمع العربي للتعامل مع هذه السياسيات في الظروف الراهنة والتصدي لها.
قدّم د. رجا الخالدي مداخلة راجع فيها الإسقاطات السلبية لتبنّي غالبية الدول العربية، والدول النامية، سياسيات اقتصادية ليبرالية يفرضها البنك الدولي والمؤسسات المالية العالمية، وتراجع وظائف الدولة الاقتصادية. واضاف ان حراك الشعوب في بعض الدول العربية جاء ليرفض هذه السياسيات او محاولة لتصحيح المسار قبل فوات الاوان. بالمقابل عرض الخالدي نموذج التحول الناجح في دول امريكيا الجنوبية نحو سياسيات اقتصادية "متعددة العقائد" تدمج بين الاقتصاد الحر وتدخل الدولة، والتخلص من املاءات المؤسسات المالية العالمية وتوافق واشنطون، مثل البرازيل. وعن حالة الفلسطينيّين في إسرائيل تساءل الخالدي:"اذا كانت الليبرالية الجديدة شريكة في جريمة الأوضاع الاقتصادية للسكان العرب في إسرائيل، فهل يعقل ان تكون حلاً سحرياً للأزمة الاقتصادية المزمنة للمواطنين العرب في اسرائيل؟" وأضاف: "إنّ على الفلسطينيين في الداخل بناء مشروع اقتصادي تنموي على علاقة مع العمق الاقتصادي الفلسطيني في مناطق الضفة الغربية وغزة، بغية التحرّر من التبعيّة الاقتصادية وتحقيق نمو اقتصادي".
تناول د. حنا سويد محدودية تأثير الاحزاب العربية او العربية-اليهودية على صناعة القرار في الدولة، خاصة الاقتصادي. وقال أن العرب هم من ابرز ضحايا السياسيات الاقتصادية النيو-ليبرالية وضحايا التمييز العنصري. وأن الحالة الاقتصادية المتدنية تجعلنا أشد المتأثرين من التقليصات في الميزانية وفرض ضرائب جديدة. وتساءل سويد عن الوسائل المتاحة لتغيير الاوضاع الاقتصادية للسكان العرب، بالإضافة للعمل البرلماني بالرغم من محدوديتة، والمشاركة في الاحتجاجات والنضالات الاقتصادية والسياسية. وأجاب ان المطلوب هو طرح مشروع تنمية اقتصادية شامل للعرب في اسرائيل، يشمل كافة الجوانب الاقتصادية التنموية والتطويرية. يرتكز على "اقتصاد الافكار" و"القطاع المالي" كمحرك اساسي للتنمية، دون ان يلغي هذا الهدف المطالبة بالميزانيات وتغيير السياسيات الاقتصادية.
د. باسل غطاس قال في مداخلته ان الجانب الاقتصادي هو اكثر المحاور التي توضح التناقضات بين القومي والمدني-اليومي التي يعيشها المواطن العربي في اسرائيل، وأنه من الصعوبة بمكان في حالة المواطنين العرب الفصل بين الاقتصادي والقومي. من هنا يجب ان تتعامل الاحزاب العربية بشكل يومي ودائم مع التمييز القائم تجاه المواطنين العرب، الاقتصادي والقومي. وأضاف:"علينا كمجتمع وضع ركائز لطرح اقتصادي ومشروع تنموي جماعي، ولا نكتفي بنقاش او انتقاد ميزانية الدولة، فحاجتنا أوسع وأكبر. نحن بحاجة الى مناطق صناعية واستثمار في البنى التحتيّة، والاستثمار برأس المال البشري. باختصار، نحن بحاجة الى مشروع اقتصادي شامل لتطوير الاقتصاد العربي".