استضاف مركز مدى الدكتور جويل بينين (أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ستانفورد) في محاضرة بعنوان: الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ والخطاب السياسيّ الأمريكيّ.

 

طرح د. بينين في مداخلته وجهة نظره حول القضايا المركزيّة الثلاث التي تحدّد سياسات الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط: المصالح المرتبطة بالنفط والشؤون العسكريّة؛ الإيديولوجيا الدينية؛ إسرائيل. استهلّ د. بينين حديثه بتقصّي العلاقة المركّبة بين التيّار الدينيّ البروتستنتيّ الإنجيليّ والفكر الصهيونيّ، اللذين يبدوان ظاهريًّا كفلسفتين متناقضتين، لكنّهما تَقاطـَعَا في القرن الماضي في سياق الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين التاريخيّة. هذه الهجرة تُشير -بالنسبة للإنجيليّين- إلى مرحلة ضروريّة في مسار الظهور الثاني للمسيح. أثار هذا المعتقَد الدينيّ مشاعر دعمٍ لإسرائيل في صفوف المسيحيّين الأمريكان، والذين يشكّلون المجموعة الأكبر والأهمّ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. مع تواصل وتقدّم الحرب الباردة، اكتشفت الولايات المتّحدة الأمريكيّة أنّ إسرائيل هي حليف إستراتيجيّ نموذجيّ كمتعهِّد ثانويّ، وكمزوّد للأسلحة، وكذلك بسبب موقعها المركزيّ مقابل الدول المنتجة للنفط في المنطقة.على هذا النحو، يوضّح د. بينين كيف خلقت العقيدة الدينيّة والسياسة الخارجيّة الأمريكيّة علاقة منسجمة ومتوافقة مع المشروع الصهيونيّ، علاقة خدمت مصالح الولايات المتّحدة أسوة بخدمتها هي لمصالح إسرائيل. استعرض د. بينين مزيدًا من مشاعر التعاطف الحضاريّة في الغرب (والتي طوّرت هذه العلاقة وحافظت عليها) نحو الشعور بالذنب إزاء المحرقة، والحرب، والإرهاب. مع انتهاء الحرب الباردة، تراجعت قيمة إسرائيل الإستراتيجيّة على نحو ملحوظ؛ لكن على الرغم من ذلك، في تلك المرحلة أصبحت العلاقة بين البلدين جِدَّ وطيدة، ولم تعد تحتاج إلى مزيد من المبرّرات والمسوّغات. يشير د. بينين كذلك إلى حقيقة أنّ الدول العربيّة المنتجة للنفط لم تفرض قَطّ عقوباتٍ على الولايات المتّحدة وإسرائيل بسبب سياساتهما الخارجيّة الهدّامة، لذا لم يكن للدولتين في مُناخ كهذا أيُّ حافز لتغيير هذه السياسات.

وخَلصَ د. بينين إلى أنّ فهم العلاقات الأمريكيّة الإسرائيليّة، والطريقة التي حدّدت فيها هذه العلاقة مفردات الصراع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، والصراع العربيّ – الإسرائيليّ، يحتّم علينا أن نأخذ في الحسبان هذه السيرورات التاريخيّة التي خلقت الظروف المعاصرة التي تضعنا أمام الكثير من التحدّيات. وكلّما تفاقم الصراع، يشجّع د. بينين على الإصغاء إلى أفكار وإستراتيجيّات الفلسطينيّين الذين يأخذون قسطًا في النضال من أجل العدالة، وينبغي عدم التقليل من شأن وأهمّـيّة المجهود الذي يبذلونه.