أصدر برنامج دراسات إسرائيل في مدى الكرمل ورقتين بحثيتين جديدتين ضمن ملفات مدى (رقم 5) والذي يتناول “تحولات في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي”، تحرير إمطانس شحادة ونديم روحانا.
الورقة الأولى بعنوان "أنماط التصويت في إسرائيل وتحولات في مواقف المجتمع الإسرائيلي: انتخابات العام 2013 نموذجًا"، إعداد د. امطانس شحادة.
يتناول البحث التحولات في مواقف المجتمع الإسرائيلي منذ العام 1992 حتّى العام 2013 في أربعة محاور أساسية تتعلق بمسألة هُويّة ووظيفة دولة إسرائيل، وبمسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية، وبالنظام الاقتصادي في إسرائيل. كذلك يحلل البحث بتعمق انتخابات العام 2013، إذ يتابع البرامج السياسية للأحزاب الإسرائيلية الرئيسية في هذه الانتخابات، والفروق في مواقف الناخب الإسرائيلي فيها وَفقًا لنوايا التصويت للأحزاب الرئيسية. ويبين البحث أن نتائج انتخابات العام 2013 عكست نمو توافق سياسي نيو-صهيوني بين مسألة هُويّة دولة إسرائيل، ومسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والنظام الاقتصادي في إسرائيل، من جهة، وبروز تصدعات تدور حول مكانة الأحزاب الدينية المتزمتة، وموضوع تقاسم العبء (أمنيًّا واقتصاديًّا)، من جهة أخرى.
يعكس التوافق السياسي الذي تجلى في انتخابات العام 2013 تغيرات في الهُويّة الإسرائيلية، وفي القناعات والمواقف السياسية في المجتمع الإسرائيلي، وفي برامج الأحزاب المركزية، ولا سيّما بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد في العام 2000 واندلاع انتفاضة الأقصى، ويضع عراقيل أمام حل القضية الفلسطينية، ويرسّخ خَيار تثبيت الوضع القائم إسرائيليًّا. أما التصدع الجديد، الذي برز في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد حركة الاحتجاج الاقتصادي الاجتماعي في صيف العام 2011، فيتمحور -في الأساس- حول رفض الطبقات الوسطى استمرار تحمل عبء الخدمة الأمنية والاقتصادية في المجتمع الإسرائيلي. ففي حين يفسر التوافق النيو-صهيوني الجديد استمرار انتصار واستقرار حكم معسكر اليمين ويمين الوسط في إسرائيل في العقد الأخير، يفسر التصدعُ الجديدُ التغيراتِ في قوة الأحزاب داخل معسكر اليمين ويمين الوسط، وانتقالَ الأصوات داخل هذا المعسكر.
ويَخْلص البحث إلى أن التحولات في مواقف المجتمع الإسرائيلي منذ العام 1992 حتّى العام 2013، التي يمكن تعريفها كانحراف نحو اليمين المتدين-الديني المتطرف وانتشار خطاب التيار النيو-صهيوني، شكلت البيئة والمناخ السياسي اللذين جرت فيهما الانتخابات الأخيرة (آذار 2015)، وحددت سقف المواقف السياسية والطروح الحزبية. في هذه الأجواء والتركيبة الحزبية، من الصعب تحقيق أي تغيير في موازين القوى الحزبية والسياسية، أو في سياسات الحكومة الإسرائيلية، وفي مواقفها تجاه الحلول المقترحة للقضية الفلسطينية والاحتلال وهُويّة وطبيعة دولة إسرائيل ومكانة السكان العرب فيها.
الورقة الثانية بعنوان "تأثير الأحزاب الدينية والحريدية على المشهد السياسي في إسرائيل"، إعداد إيناس خطيب.
تتناول الورقة تأثير الأحزاب الدينية والحريدية على المشهد السياسي الإسرائيلي، من خلال مراجعة استعمال الأحزاب الحريدية والمتدينة لوسائل جنْي المنافع (الابتزاز السياسيّ) منذ بدايات تأسيس دولة إسرائيل حتّى انتخابات العام 2013، وكذلك من خلال استعراض بعض المجالات التي نشطت فيها الأحزاب الحريدية، مثل مجال التعليم والأديان والخدمة العسكرية والتهويد. وتدعي الورقة أن تأثير الأحزاب الحريدية في بدايات إسرائيل كان ضئيلاً، مقارنة بتأثير الأحزاب الدينية الصهيونية، وازداد على مر السنوات، وبلغ ذروته في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرم، وذلك بسبب التحولات في المنظومة الحزبية والسياسية في إسرائيل وتوازن القوى بين المعسكرين السياسيّين المركزيّين: معسكر الليكود ومعسكر العمل. إلا أن هذا التأثير أخذ يتراجع منذ بداية الألفية الحالية، ولا سيما في دورة الكنيست التاسع عشر (2013)، حيث سُنّت عدة قوانين ونُفّذت سياسات أضرّت بمصالح الأحزاب الحريدية والمجتمع المتدين (من ذلك -على سبيل المثال- ما نجده في سياسة وزارة التعليم ووزارة الأديان ومشاريع فرض الخدمة العسكرية).
تستعرض الورقة، بداية، نشأة الأحزاب الحريدية والدينية قُبَيل تأسيس دولة إسرائيل وتطورها على مر السنوات. ومن ثَمّ تستعرض تأثير الأحزاب الحريدية والدينية على مر السنوات من خلال تقسيمها إلى ثلاث مراحل من التأثير؛ مرحلة تأثير الأحزاب الدينية اليمينية وانعدام تأثير الأحزاب الحريدية، ومرحلة تراجع تأثير الأحزاب الدينية اليمينية وتصاعد تأثير الأحزاب الحريدية، والمرحلة الأخيرة مرحلة تراجع تأثير الأحزاب الحريدية وتصاعد تأثير الأحزاب الدينية اليمينية. ومن الجدير ذكره أن الورقة تتناول دورات الكنيست منذ بدايته حتى الكنيست التاسع عشر.
للورقة الثانية – تأثير الأحزاب الدينية والحريدية على المشهد السياسي في إسرائيل