أقام مدى الكرمل المركز العربي للأبحاث الاجتماعية التطبيقية، ورشة بحثية في 19-20 كانون الأول 2014 بمدينة رام الله ، عنيت بتداخل الديني بالقومي في المشروع الوطني الفلسطيني، وكذلك تطرقت الى ذلك التداخل في السياق العربي العام. وقد شارك بها باحثون فلسطينيون من الداخل الفلسطيني، من المناطق التي احتلت عام 1967 كما وشارك باحثون فلسطينيون مقيمون في جامعات خارج الوطن.

وتعتبر هذه الورشة، والتي عنيت بالسياق الفلسطيني، الورشة السادسة في سلسلة الورشات التي نفِّذت ضمن مشروع  "تداخل الادعاءات الدينية بالادعاءات القومية" وهو مشروع بحثي مشترك  لمدى الكرمل المركز- العربي للأبحاث الاجتماعية التطبيقية، وكلية فلتشر في جامعة تافتس\بوسطن (Fletcher School of Law and Diplomacy). والذي يقوم بفحص تداخل الديني بالقومي من منظور مقارِن، وذلك من خلال أبحاث تركز على تداخل الادعاءات الدينية بالادعاءات القومية في الصهيونية، فكرا ونهجا. وكذلك من خلال دراسات مقارِنة لحالات أخرى يتداخل فيها الديني بالقومي

افتتح الورشة بروفسور نديم روحانا مدير عام مدى الكرمل  واستاذ الشؤون الدولية ودراسات الصراع في جامعة تافتس بوسطن، مرحبا بالحضور ومقدِّمًا للمشروع.   تلته بروفسور نادره شلهوب كيفوركيان مديرة برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل والمحاضرة في الجامعة العبرية،  والتي رحبّت أيضا بدورها بالحضور وأشارت الى ان المشروع هو محاولة لفتح منصّة حوارية اكاديمية وفكرية استمرارا لحوارات جرت في مناطق مختلفة، هدفت بحث العلاقة بين الدين والقومية. فقد ركزت ورشة بوسطن على المشروع الصهيوني حيث الانصهار بين الديني والقومي مقابل الهند وسيرلنكا وطرح أيضا السؤال في جنوب افريقيا وايرلندا حيث التداخل مختلف. وكانت التركيز في الورشة الثانية التي عقدت في مدينة الناصرة على الحالة الصهيونية،.  وفي ورشة الهند تم تناول السياق الكولونياليّ، الذي لعب دورا في الربط بين الدين والقومية. وأضافت ان اللقاء الرابع عقد في القدس وركز على مسالة المعاناة الإنسانية في السياق الكولونياليّ متناولاً تأثير الصهيونية على استمرار المعاناة الفلسطينية، أضافت شلهوب ان هذه الورشة  تختص بالسياق الفلسطيني لتسلط الضوء على السياسة والتاريخ وعلى وارتباط تفاعل الديني والقومي بمنظومات الحكم.

وفي نهاية حديثها أشارت الى ان المشروع سينتهي في مؤتمرين أحدهما سيعقد في الولايات المتحدة والثاني قد يعقد في فلسطين.  وستنشر بعض الأوراق الناتجة عن المشروع في عدد خاص بمجلة اكاديمية، وبعضها الاخر سوف ينشر في كتاب أكاديميّ.   

den1

المحاضرة الافتتاحية كانت للبروفسور نديم روحانا، والذي أشار ان دراسته التي ما زالت فرضية متعلقة بالانصهار بين الديني والقومي وبحاجة لتثبيت داعيا الى نقدها ومناقشتها.  والتي تسعى التكشف مدى تأثير انصهار الادعاءات الدينية بالقومية على الصراع وديناميكيته، كيف يتكون واي منحى يأخذ. مشيرا الى ان تركيزه هو على السؤال : كيف يعمل الانصهار بين المطالب السياسية والقومية على اعلاء طاقات العنف الكامنة في القومية والدين وكيف يبرر العنف  الذ يعبر عنه ماديا ورمزيا. هذا الانصهار يسهل احضار المقدس واستخدامه في شرعنة المطالب السياسية، وفي حالة تصاعد الصراع توضع هذه الأسس لتبرير العنف وصولا الى الجرائم ضد الإنسانية.  أضاف روحانا بان الدراسة ستنظر الى عدة ابعاد منها  انتاج الآخر كغازٍ، شرعنة الاغتيال السياسيّ، شرعنة الامتيازات والنقاوة داخل المجموعة، ادعاءات التحرير وجعلها ثابتة لمجموعة واحدة فقط، دخول الدين في الحكم  وغيرها من المواضيع..  وقد اعطى  مثالا مقارنا إياه في الحالات الأربعة وهو انتاج الغازي حيث في صربيا يتحول السلاف المسلمون الى خونة، وفي الهند يعتبر الهندي الحقيقي فقط الهندوس وفي سيرلنكا انتجت اسطورة سيرلنكا بلاد بوذية حيث استدعى السنهاليون ادعاءات دينية من اجل تثبيت حقهم.

تولّى عرافة الجلسة الأولى، والتي كانت بعنوان "الدين، الدولة والمجتمع في العالم العربي"، د.خالد الحروب الاستاذ في دراسات الشرق الأوسط في جامعة نورث ويسترن-قطر، وشارك بها د. عبد الكريم برغوتي مدير مؤسسة أبو لغد والمحاضر في جامعة بير زيت، ود. مهند مصطفى باحث في مدى الكرمل ومحاضر في جامعة حيفا وعّقب على المداخلات د.جورج جقمان المحاضر في جامعة بيز زيت ومدير عام مؤسسة مواطن.

وقد تحدث  د. مهند مصطفى بورقتة التي كان عنوانها " – "الدين والدولة والمجال العام: تأمّلات نظريّة وتطبيقيّة من التجربة التونسيّة،   مشيرا الى وجود موجة من الادبيات النظرية السياسية التي تحاول إعادة قراءة علاقة الدين بالدولة ،   مشيرا الى كتابات  عبد الوهاب المسيري الذي يميز بين علمانية شاملة وعلمانية جزئية، وراشد الغنوشي الذي يتحدث عن علمانية  متشددة مقابل علمانية معتدلة وعزمي بشارة الذي يميز بين علمانية رخوة وعلمانية صلبة. أضاف مصطفى ان هذه النقاشات ليست جديدة في السياق العربي الإسلامي، ولكنه ادعى ان ما يميز الحركات الإسلامية انها لم تتواصل مع النقاش الذي كان بل قطعت معه. أضاف أيضا ان تونس هي اول دولة وطنية كوحدة سياسية قائمة وأول دولة سنّت دستورا، وقد تبّنت  في دستورها بعد الاستقلال نموذجا علمانيًا مستوحىً من النموذج التركي، مع الاختلاف حيث في تركيا الدولة اقصت الدين تماما عن الحيز العام، بينما في تونس الدولة سيطرت عليه، ليس بهدف استعماله وانما بهدف تحديد دوره. وفي حالة تونس الحركة الإسلامية تحالفت مع اليسار ضد التغريب الممارس من الدولة. الغنّوشي لم ينادِ بدولة مدنية  منفصلة عن الشريعة وانما ادار بعد الثورة تسويات نابعة من تسوية فكرية بنيت على التفريق بين الدولة والدين والمجال العام، بحيث يفصل الدين عن الدولة ولكن ليس عن المجال العام،  وبرنامج النهضة لا يتحدث عن دولة شريعة.   

 تطرق د. عبد الكريم برغوتي بورقته التي كان عنوانها "العولمة، الهويّة العربية والإسلام" الى ان العلاقة بين الدين والقومية متصلة بمفهوم الدولة الأمة من جهة، ولكن أيضا بفواعل العولمة الراهنة على الهوية والدين والدولة من جهة أخرى. مضيفا ان العولمة الراهنة في  موجتها في مرحلة ما بعد الرأسمالية تكرِّس الوعي الزائف وتطغى بها القوة المعلوماتية. حيث تكرسّ أحادية كونية وموت الأيديولوجيا.  العولمة لم تعد بحاجة للدولة القومية حيث توحِّد هي  العالم مكرِّسَة تباعية مع تواصل مباشر لكيانات محلية دون سياق الدولة. حيث ….. الرقمي مع ثقافة الكتاب، ونجحت في استثارة النزعات الهوياتية .  الانقسام مقابل الاتحاد امر موغل في التاريخ بين شقي الهوية، أضاف أيضا ان المشروع العربي لم يحقق ذاته فقام باستحضار الفقه المحارب بلبوس عصرية. ولا يقتصر ذلك بطيعة الحال على الإسلام، بل يخترق عوالم وأديان متباينة.

وقد عقّب د. جورج جقمان مبتدئا مداخلته بالإشارة إلى لمرحلة الثانية والنهائية من الانتخابات الرئاسية في تونس. والتي  تكون بهذا قد قطعت مرحلة هامة في مسارها بعد الثورة، قائلا انه حتى لو أن الثورة لم تكتمل بعد، فقد أحدثت تغييرًا على المستوى السياسي كالتوافق على الدستور  وانتخاب برلمان ورئيس أمر لا يجب الإستهانة بأهميته، الأمر الذي لم يتم في مصر ولكن مطالب الثورة تتعدى هذه الإنجازات خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية. حيث الطريق ما زالت طويلة. وأشار الى عدة أسباب لنجاح الثورة في تونس مقارنة بمصر رغم عودة جزء من النظام القديم.

den2

استضافت المجموعة في نهاية اليوم الأول د. محمد اشتيه، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار، الذي تناول تداخل البعد الديني في القومي في حركة التحرر الفلسطينية تاريخيا والى اليوم، وتطرق لاحقا لبعص القضايا الراهنة ومنها التوجه لمجلس الامن لتحديد تاريخ لإقامة الدولة الفلسطينية.  وخيار العمل القانوني في حال لم ينجح المسار السياسي.  

تناولت الجلسة الثانية والتي عقدت صباح اليوم الثاني للورشة  موضوع  "الدين، القوميّة والخطاب الوطني في فلسطين"

 تولى إدارة الجلسة د. امطانس شحادة منسِّق مشروع دراسات إسرائيل في مركز مدى الكرمل، وتحدث كل من د. اباهر السقا المحاضر في جامعة بير زيت، ود. خالد الحروب الاستاذ في دراسات الشرق الأوسط في جامعة نورث ويسترن-قطر ود. سهاد ظاهر ناشف المحاضرة في كلية القاسمي ومنسقة برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل

أشار د. اباهر السقا في مداخلته.

وقد قدّم د. خالد الحروب مداخلة بعنوان مركزيّة "المقاومة" في تشكيل الهُويّات القوميّة والدينيّة في فلسطين، مبتدئا  ببعض الملاحظات المفاهيمية من ضمنها كون  الهوّية الوطنية مفهومًا جديدًا في التاريخ السياسي للجماعات البشرية ومرتبطا عضويا بمفهوم "الدولة الامة"، أضاف ايضا ان الهويات الوطنية في التاريخ الحديث هي نتاج سيرورات مركبة وظروف مختلفة اهمها العوامل المشتركة التاريخية والثقافية والاجتماعية، ومن ضمن ذلك طبيعة العلاقة مع "الآخر" والرغبة في التمايز عنه. أشار أيضا الى اثر الكولونيالية الغربية في بروز واستقواء هويات وطنية في البلدان المُستعمرة. وحول المقاومة أشار انها لا تعني الكفاح المسلح وحسب. هذه المقاومة تعمل على عدة مستويات منها: منح وحجب الشرعية عن الافكار والممارسات التي تنشأ تحت الحكم الكولونيالي وهي تتحول لأحدى اهم معايير التأثير الفردي والجماعي بدءاً من الحد الادنى وهو الشعور بالتقصير لعدم الانخراط فيها وممارستها, ووصولا الى الحد الاعلى وهو الطرد من الهوية الوطنية في الحالات القصوى كالخيانة والتخابر مع العدو. وهي تعمل على شرعنة الفعل النظري والعملي: السياسي, والديني, والاقتصادي, والفني, والثقافي, وتعطيه رخصة مزاولة الحياة الاجتماعية.  تطرق د. الحروب لتطور مركزية المقاومة في سيرورة تشكل الهوية الفلسطينية الى خمس حقب حقب:بدءا بنهايات حقبة الحكم العثماني مرورا بالنكبة والنكسة  وتشكل منظمة التحرير والمقاومة الفلسطينية لتصل المرحلة الخامسة  اوسلو: حيث تشكل وتمركز الهوية حول المقاومة، فقد امتازت ببروز فتح وتبلور المقاومة ، انتزاع الهوية الفلسطينية وتم ترسيخها وتثبيتها واما الحقبة الخامسة، ما بعد اوسلو: الانتقال من المقاومة إلى الغموض الخطر: توقف المقاومة والتي هي الجامعة والحاضنة الأهم للهوية، عدم الانتقال الى الدولة، والتي هي الحاضنة الطبيعية في العالم الحديث للهوية الوطنية. تصدع المقاومة: بروز مشروعين متناقضين "المقاومة عند حماس" و"الحل السلمي" عند الفصائل الوطنية، لم يتم أي انجاز  وامتدت الفترة الانتقالية التي تمثلت في غياب المقاومة كحاضنة للهوية، الامر الذ خلق مساحات غامضة لتولد هويات جزئية (مناطقية، دينية، بيروقراطية، اشباه دولتيه، …).  وقد تطرق أيضا  الى مخاطر غياب المقاومة الجامعة والتي منها: فوض الأفكار بشان الهوية التي ترافقت مع بروز حماس وتصاعد قوتها،  استنزاف ارصدة المقاومة في مشروعات غير الاستقلال والتحرر. شتات وضياع البوصلة وفي السياق الفلسطيني انتقل الوضع مباشرة الى نضال وجدل حول تحقق وانتزاع المواطنة من النظام القائم. ويؤدي هذا الى استنزاف الرصيد المقاومي بأكمله وانكشاف المشروعات واصطدامها ببعضها البعض وتحركها من دون غطاء المقاومة. مخاطر انحلال الحدود السياسية في الاقليم وتداخل الهويات الجزئيّة وامتداداتها عبر الحدود وخاصة الهوية الدينية.

المداخلة الأخيرة في الجلسة كانت لد. سهاد ناشف ظاهر بعنوان ""الدين والجسد ومؤسسات دولة القوميّة: حالة     مؤسسة الطب الجنائي الفلسطيني".  أشارت بمداخلتها ان بالحالة الفلسطينية هنالك رموز لدولة القومية الحديثة مع غياب دولة قوميّة بمفهومها الشائع، لذلك فإن التحالف بين مؤسسة الدين ومؤسسة السلطة كان لا بد منه لمواجهة رفض المجتمع المدني لبعض من المؤسسات المُنبثقة عن اتفاقيات أوسلو خاصة تلك التي ممارساتها مرفوضة عقائديا، مثل التشريح ونقل الأعضاء.

 وقالت ان مؤسسات السلطة تفاعلت مع دار الإفتاء حيث الجسد،  ميتّا كان ام حيّا هو موضوع ذو أهمية دينية.  وينظر له كحقل خاص يجب تكريسه لمصلحة العامة.  فالنظام حول  الجسد يؤدّي الى النظام في المجتمع، الجسد الفردي، الجمعي، السياسي. يشكل الجسد الميّت علاقة التماهي بين المؤسسة الدينية ومدلولاته. الإسلام يرى الجسد الميت مقدسا. الدين كمنظومة له ثلاث مستويات: مؤسسة الطب العدلي وهي جزء من منظومة القضاء الفلسطيني، رفض الناس له وللمؤسسة نابع من رفض  اتفاقات أوسلو، ورفض ناتج عن اعتبارات دينية ورفض لكونه ب "أبو ديس" التي تذكر ب"أبو كبير". الفتاوى التي أعطيت تشير الى انه مسموح الكشف عن الجسد ذكرا ام انثى من اجل التشريح، زراعة اعضاء، وكذلك لأجل العلم وتدريب طلاب الطب والحقوق ومعرفة أسباب الوفاة.  تدعي ان جسد الميت/ة  يشكّل عاملا ووسيطا لاستدامة علاقات التحالف بين المؤسسة الدينية ومؤسسات دولة القومية.

den3

تناولت  الجلسة الثالثة موضوع "الدين والقوميّة: الحركات الإسلاميّة الفلسطينيّة في المناطق المحتلة عام 1967"

وادارتها عرين هواري منسقة مشروع القومية والدين في مدى الكرمل ، تحدث بها كل من د. باسم الزبيدي، المحاضر

 جامعة بير زيت والسيد منذر مشّاقي وهو باحث مستقل    والسيدة دلال باجس طالبة دكتوراة في جامعة كولون في المانيا. وتحدث د. امطانس الباحث في مدى الكرمل نيابة عن السيد حسام الاغا، والمحاضر بكلية مجتمع الأقصى بخان يونس، والذي   الذي تعذرت مشاركته الفعلية لوجوده في قطاع غزة المحاصر.

تطرقت مداخلة د. باسم زبيدي والتي كان عنوانها  "الحركات الإسلاميّة الفلسطينيّة: بين أسلمة الوطني وإقصاء لقوميّ".

لكون الدين ليس سوى ما يريد  له الشخص او الجماعة ان يكون طارحا السؤال هو من هذا الشخص ؟

ومن هي الجماعة وماذا يراد بتوظيف الدين توظيفا ادائيا، جوهريا، اجتماعيا سياسيا ، او تحالف حكم،  مضيفا سؤالا

حول المرجعية في الحكم فهل هناك مرجعية واحدة لمنح الديني معناه.

 إضاف ان الدين لدى الحركات الإسلامية هو تمازج مع الوطني وتخارج مع القومي الاعم. الفعل المعرفي والسياسي للحركات الإسلامية  لا يخفف من حقيقة انه مضاد للمكون القومي. وقد ادعى د. زبيدي في ورقته انه لا اكتفاء في بينة وتراكيب خطاب الحركة الإسلامية –حماس0 بمعزل عن الممارسة السياسية والبرامج والعلاقات على الأرض، وقال أيضا ان التباين بين لحركات الإسلامية تضعف من قدرة الديني في تحديد ما هو الوطني. مشيرا الى ان البعد الوطني لدى الجهاد اكثر منه لدى حماس. مسميا إياها بالوطنية الرخوة مقابل الوطنية الصلبة، أضاف د.زبيدي الى ان التنوع في التصورات الوطنية لدى الحركات الاسلامية هو في نطاق التباين سياسيا شديد الشبه بالتنوع لدى الحركات الوطنية في م.ت.ف أي حماس مقابل الجهاد مثل فتح مقابل الجبهة الشعبية. متناولا موقف الأطراف الأربعة من أوسلو.  وانهى كلامه بان الخطابين الوطني العلماني والوطني الديني يقومان بالمحصلة على  اقصاء الخطاب القومي من ساحة الصراع.  

تناولت ورقة السيد حسام الاغا التي كان عنوانها  "تداخل الديني والقومي ما بين المستعمِر والمستعمَر "  و التي ألقاها نيابة عنه  د. امطانس شحاده فحص المفاهيم والابعاد المختلفة وكذلك الجوانب الفاعلة،  لتداخل الديني في القومي، وعلاقتهما بالهوية بين المستعمِر والمستَعمَر، في كلا المجتمعين الاسرائيلي والفلسطيني مشيرا الى ان تلك العلاقة مركبة وشائكة بسبب تأثرها بعوامل عديدة منها السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، والتي تتفاعل في كل منها وبينها.  وقد ركزت الورقة على ثلاثة محاور: الأول شمل الاطار النظري المتعلق بالتكوين الاثني وأنماط الهوية والتوجهات الاجتماعية، والثاني تطرق للتداخل الديني والقومي في المجتمع الإسرائيلي "لانقسامات" حيث صراع الهويات في المجتمع الاسرائيلي" والانقسام الإثني ، و الديني والقومي  في المجتمع الإسرائيلي" وصعود القوى الدينية بشقيها الأرثوذكسي والديني القومي، وتناول المحور الثالث تداخل القومي والديني في المجتمع الفلسطيني  والمتعلق باالانقسامات وصراع الهويات في المجتمع الفلسطيني "الاسلاميون والقوميون".  تناولت الورقة أيضا تداخل بين الديني والسياسي وتشكيل صورة العدو في داخل المجتمع الفلسطيني الذي تجسد في الصراع التناحري الذي وقعت أحداثه عام 2007م في قطاع غزة ومن بين النتائج التي اشارت لها الدارسة  ان لحركات الدينية السياسية في كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي شكلت عاملاً مؤثراً في تأجيج الصراع بما تحمله من رؤية وتصورات خاصة؛ لم تنحصر عند المرجعيات واستدعاء النصوص الدينية فحسب، وإنما محاولة تحويلها وقوداً يغذي آلياته في السياسة والتفاوض والسلم والحرب.  وكذلك إن طبيعة الكيان الصهيوني نفسه، منحت ذلك التكيف الديني  للمسالة القومية شرعيته وقيمته، ذلك أن إسرائيل ورغم ادعاءاتها العلمانية، لم تتوقف عن تقديم نفسها كدولة يهودية، بل ونسجت منطلقاتها ومفاهيم نظرتها نحو الذات الصهيونية، واتجاه الآخر الفلسطيني، من جملة مقولات، صيغت عبر التوليف بين الأفكار والنظريات العنصرية التي كانت سائدة في القرن19م. وبين توظيف الدين واستخدامه لتسويغ مزاعم الأحقية التاريخية لليهود في فلسطين، ولتبرير التوسع الدائم في الأرض والاستيطان، وتسويغ منهج العنف والتطرف.

اما السيد منذر مشّاقي الذي قدم ورقة بعنوان الحركات الإسلامية الفلسطينية بين الديني والقومي، فقد أشار الى كون الدين مكونا أساسيا في الانتماء والثقافة ومن غير الممكن استبعاده من الممارسة السياسية، ولا يمكن اغفال السلوك  الصهيوني الذي اقحم الدين في الصراع حيث هناك إصرار صهيوني على اعلاء النزعة الدينية في الصراع،  المحتل يركز على المقدس: تدمير مساجد، القدس. الحرب على الدين، تؤدي لمعان دينية للمقاومة اذ غير المتدين قد يستحضر الدين. الحركات الإسلامية جاءت بالإسلام كدائرة من دوائر الصراع بمعنى انه راس الحرب  في مواجهة المشروع الصهيوني اممية إسلامية، وطنية فلسطينية وقومية عربية. كل انتماء يعزز الاخر ولكن هناك اختلاف في زاوية النظر هناك إزاحة في تعريف الوطنية فلا يرون الإسلام كما يرونه غير. برأيه الحركات الإسلامية لا تتساوى في كيفية نظرها الى الصراع ولكل طرف قراءة مختلفة مثلا حزب التحرير يرتبط بالاممية اكثر. حماس طورت علاقتها بالوطن عبر مراحل من دعوة اجتماعية اقرب الى الشعور الاممي الإسلامي وعندما انطلقت انغمست في المقاومة ومراجعة ميثاق حماس تظهر طغيان الديني على القومي. حماس قادرة على التفاعل مع التحديات. هنالك تغير في مفردات الخطاب الحماسي اقل دينييا واكثر وطنية استبدال الجهاد بالمقاومة والأمة بالشعب.  ربما تكون حماس صورة اقرب في تحقيق الهوية الوطنية، الاستمرار في الارتباط مع الاخوان\ الحصار. حركة الجهاد تتطابق في الكثير من الأمور مع حماس ولكن نزعتها الوطنية اكثر رسوخا. موقف حماس مختلف عن الجهاد في العالم العربي وقد استعجلت في إدارة الظهر لإيران.

وكانت المداخلة الأخيرة في الجلسة للسيّده دلال باجس التي قدّمت مداخلة عنوانها: دور الأغنية الوطنية في التنشئة السياسية عند حركة المقاومة الإسلاميّة حماس". مشيرة  الى ان الأغنية الوطنية أو السياسية تعتبر من المصادر والمكونات الرئيسة في أنظمة صناعة الثقافة المجتمعية، وقد لعبت الأغنية والموسيقى دورا هاما في تكوين الحركات الاجتماعية والحشد لها حول العالم.  وحول الحركات الإسلامية ادعت أن الأناشيد الإسلامية مرآة لعملية التنشئة السياسية للحركات الإسلامية لا سيما في الأوساط الشبابية، كما وافترضت بأن الأناشيد الإسلامية لحركة حماس ما هي إلا امتداد متماهٍ لأناشيد الحركة الإسلامية الأم (الإخوان المسلمين) ومكمّلة لها في آن فكرا وشكلا ومضمونا. أضافت باجس بانه  الرغم من كون الأناشيد واحدة من وسائل التنشئة السياسية العشرة عند الحركة، إلا أنها تدخل في 60% من الوسائل الأخرى.  تناولت كذلك في مداخلتها عدة أنواع من الأغاني محللة مضامينها مثل أغاني الأطفال والتنشئة السياسية، الأغاني المتعلقة بالهويّة المنشودة وبالمواطنة الغائبة وكذلك بالمشاركة السياسية وتداول السلطة. واغاني المراة التي ظهرت بكافة أدوارها وأبرزها المرأة الأم وربطها بالأرض الام، وثم  زوجة السير وابنته، وثم المرأة المقاومة.

den4

وأمّا الجلسة الرابعة والأخيرة فقد تناولت الحركات الإسلامية في الداخل الفلسطيني، فتحدث خلالها كل من د. نهاد علي المحاضر في جامعة حيفا، ود. أيمن اغبارية المحاضر في جامعة حيفا ود. مسعود اغباريّة المحاضر في جامعة النجاح والسيدة رنا اسعيد طالبة دراسات عليا في الجامعة العبرية.

أشار د. نهاد على في مداخلته التي كان عنوانها "الحركة الإسلاميّة: جدلية الديني والقومي من منظور تاريخي وأكاديمي". الى ان الكثير من الادبيات تناولت موضوع العروبة والإسلام حيث أشار فريق الى تطابق بين الاثنين، وتعايش تاريخي بينهما معتبرين  الاختلاف موقفا استشراقيّا، ويشددون في ذلك ان القومية العربية تنبع من الإسلام وحضارته والإسلام يزود القومية بركيزة حضارية قوية، واما الطرح الاخر فيري ان العلاقة التي كانت حتميّة بين العروبة والإسلام لم تبق كما هي.  أضاف انه بالنسبة للأصوليات الإسلام في المركز ومسألة  الأوطان تعتبر دخيلة. وينادون بالكونيّة والخلافة والعروبة تقرب نحو الخلافة. غالبية الحركات السلامية لم تعطِ نفسها اسما وطنيا. الحركة الوحيدة التي أدخلت العنصر الفلسطيني هي الحركة الإسلامية في الداخل، وليس كعنصر رئيسي وانما كحلقة معبرة عن الهوية. أشار علي الى ثلاث مراحل تطور في علاقة العروبة والإسلام الفلسطينية: بداء بعام 1912 ولغاية النكبة وثم منذ النكسة للنكبة وثم ما بعد 1967  حيث الاتقاء بين طرفي الخط الأخضر، وانشاء أسرة الجهاد. لحقها مرحلة التأقلم مع الاستحقاقات الإسرائيلية، ولاحقا وفي عام 1989 تدخل الحركة الإسلامية للعمل المحلي اول مرة. وعام 1996 تنفصل لحركتين تسميّان الشمالية والجنوبية. الجنوبية عروبية أكثر والشمالية إسلامية أكثر.  

المداخلة الثانية كانت لد. أيمن اغبارية حول التربية الإسلامية في إسرائيل، مشيرا الى ان التربية هي حقل تظهر فيه العلاقة بين الديني والقومي مع الضبط والسيطرة  بحيث يخدم هذا الامر النظام الكولونيالي ويخلق اليات لتبرير الإحلالية التوطينية التوسعية. ادعى اغبارية ان هناك تجاهل لموضوع التربية الدينية الإسلامية من جانب السلطة وأيضا من جانب أعضاء الكنيست العرب، فبالتركيز على المنهاج نفسه لا نرى  وجودا لأثر سياسي او ما يتعلق بالأمة والهوية الجمعية. إسرائيل تتبنى التربية الإسلامية الجامدة، واما رد الحركات الإسلامية فهو لا شيء، هنالك تقاسم وظيفي بين الحركة الإسلامية والسلطة. واما الاحزاب العربية فتخاف طرح الموضوع لأنها تراه قد يساهم في التجزئة والحركة الإسلامية ولا تريد الدخول في منطقة شائكة متسائلا في نهاية المداخلة ما هو سبب الخوف من هذا الموضوع.

واما الدكتور مسعود اغبارية فقد ادعى في مداخلته أنه  بنظر الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني تداخل الدين الاسلامي مع الوطنية الفلسطينية يعود جذوره الى جوهر العقيدة الإسلامية حيث بها تداخل بين الدين والدولة، أي ان الاسلام دين ودولة، وإلى مكانة ارض فلسطين الخاصة في الدين الاسلامي حيث هي ارض مُقدسة ومُباركة، وان الهوية الجماعية هي كونية وقومية في آن واحد. ما يميز هذا التداخل هو انه احتواء وليس انصهار  لمجموعات قومية او اثنية او دينية توافق على قواعد اللعبة السياسية الانسانية التي ترسخ السلم والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات. ومن يعارض تحقيق هذه الاهداف او يعمل على افشال تحقيقها، في نظر الحركة الاسلامية، هو المشروع الصهيوني ، تتحداه الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني بطرق قانونية. استراتيجية الاحتواء مبنية على احتواء الاطراف القريبة تحت مظلة واحدة من اجل بناء مجتمع تعددي عصامي، وحسم تجاه من يعيق تحقيق اقامة الدولة المدنية ببناء قواعد ثابتة وراسخة.

وحول اسس ومنطلقات الحركة: اولا، لا تعترف بالحدود السياسية التي تم وضعها في القرون او العقود الاخيرة في المنطقة وفي العالم ثانيا، ان الدولة الإسلامية يجب ان تكون مدنية وفق قواعد الشريعة الاسلامية . ثالثا، يرون وجود مجموعات معادية ظالمة ابتلاء ربانيا يجب تحديه والتغلب عليه. رابعا، في هذا التحدي هناك شعور بالثقة  وحتمية الانتصار. واستنادا الى قراءة تاريخية لمواقف الحركة الاسلامية في الداخل، يدعي اغبارية  انه لا يوجد فرق كبير بين مواقف الحركة الاسلامية الجناح الشمالي وبين الحركة الاسلامية (الجناح الجنوبي).فكلاهما ينظر الى ارض فلسطين على انها ارض الشعب الفلسطيني وهي ارض مقدسة للمسلمين والمسيحيين على حد سواء. وجميعها يدفع للتعاون بين الطرفين مقابل الاعداء الاجانب الطامعين في احتلال فلسطين واستعباد شعبها الفلسطيني العربي سواء كان مسلما او كان مسيحيا.

قدمّت المداخلة الأخيرة بالورشة السيدة رنا اسعيد، التي تناولت الحركة الإسلامية في الداخل كمزوِّدة خدمات اجتماعية، مشيرة الى ان تقديم الخدمات الاجتماعية هي سمة عامة للحركات الإسلامية، كما وأشارت في مداخلتها أيضا للمشروع العصامي للحركة الإسلامية في الداخل. مقتبسة  مقولة للشيخ عبد الله نمر دوريش مؤسسة الحركة الذي قال "اذا لم تساعدنا الدولة فسنساعد أنفسنا". مضيفة ان الشيخ رائد صلاح استقال من منصبه من اجل التفرغ لهذه المشروع. وقد ظهر مشروع المجتمع العصامي بقيادة الشيخ رائد صلاح  بعد الانتفاضة الثانية بدءا بإنشاء رياض أطفال. ليشمل تطوير وتزويد خدمات صحّية وتربوية، متسائلة هل هذا تطور عشوائي ام ان هنالك حاجة لهذا الامر ؟ ومضيفة ان هدف المشروع هو بناء مؤسسات عمل أهلية في مجالات الصحة والتربية وغيرها، متسائلة هل وفرت هذه الحركة خدمات من منظور بديل ام انها وفرت خدمات أصلا غير موجودة،  وكمثال على قدرة الحركة على التحشيد للعمل الأهلي اشارت اسعيد ان الحركة الإسلامية استطاعت تجنيد 500 متطوع لإصلاح بيوت في عكا عقب انهيار احد المباني القديمة في المدينة.

في الجلسة الأخيرة أكد  المشاركون على أهمية الورشة شاكرين مدى على استضافتها وعلى الجهود التي قاموا بها للخروج بورشة مثيرة فكريا واكاديميا. وقد أشاروا أيضا الى أهمية استمرار الحوارات البحثية حول الديني والقومي في السياق الفلسطيني بمعزل عن المشروع  العيني،  لان الأبحاث حول السياق الفلسطيني قليلة جدا ولاسيّما في الداخل الفلسطيني. وكذلك فقد أكدوا على أهمية العمل البحثي الشامل لباحثين فلسطينيين من مناطق مختلفة.   وتمت الإشارة أيضا الى أهمية وجود بحث مقارن داخل مناطق مختلفة من فلسطين، يتناول تأثير العوامل المختلفة في على تداخل الادعاءات الدينية بالقومية في السياق الفلسطيني.