أقامَ برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل، بالتعاون مع المنتدى النسويّ، ندوة بعنوان “قراءات نسويّة نقديّة لنهج الانتخابات الأخيرة وخطابات الأحزاب”، وذلك في الثلاثين من نيسان. شاركت في الندوة د. سونيا بولس (المحاضِرة في قسم العلاقات الدوليّة في جامعة أنتونيو دي- نبريخا- مدريد، والعضوة في لجنة الأحوال الشخصيّة) بمداخلة حاولت فيها تقييم أداء وخطاب القائمة المشتركة في ما يتعلّق بحقوق النساء. أشارت بولس إلى أنّ تشكيل القائمة المشتركة نبع من الحاجة إلى اجتياز نسبة الحسم، ممّا دفع بحقوق الإنسان والنساء إلى الهامش، ولم تكن هذه الحقوق في سلّم أولويّاتها. وأضافت أنّ الفئات المستضعَفة في المجتمع -مثل النساء، ومجتمع الميم، والأطفال- تدفع ثمن غياب خطاب حقوق الإنسان، وامتناع القائمة المشتركة عن الخوض في المسائل الخلافيّة بمنظومة الأحوال الشخصيّة، وعن مناقشة الحقوق الجوهريّة والأساسيّة للنساء نحو: المساواة في الفرص، وفي التعليم، وفي العمل والحيّز الخاصّ مقابل العامّ، ودون الاعتراف بحقّ المرأة في تقرير مصيرها.

حصرت بولس ردود فعل أعضاء الكنيست والأحزاب العرب في تناول مثل هذه المسائل في ثلاث نقاط: الأولى الخجل من خطاب حقوق الإنسان، وتضليل الجمهور بعرض خاطئ للقوانين التي صوّتت لها الأحزاب. الثانية خلق خطاب أولويّات هرميّ، فيه يكون السياسيّ بمفهومه الضيّق أهمّ من النسويّ والجندريّ والحقوقيّ. الثالثة الصمت والهروب التامّ وتجنُّب الخوض في مناقشة الموضوعات الخلافيّة داخل المجتمع.

شاركت كذلك نسرين مزّاوي (الباحثة الاجتماعية، والمرشّحة لنيل شهادة الدكتوراة في علم الإنسان من جامعة حيفا) بمداخلة عرضت فيها قراءة للهوموفوبيا في الحملة الانتخابيّة الأخيرة (انتخابات الكنيست الـ 24). ادّعت مزّاوي أنّ الهوموفوبيا في الحملة الانتخابيّة -بخلاف الهوموفوبيا الدينيّة والاجتماعيّة المعروفة- هي هوموفوبيا سياسيّة، وتختلف بأنّها ترى بمؤسّسات الدولة وأدواتها وسيلة لملاحقة المثليّين وقمعهم. أشارت مزّاوي إلى أنّ صعود الهوموفوبيا السياسيّة يرتبط بعاملين أساسيّين: الأوّل اعتماد الشعبويّة كنهج سياسيّ على المستوى البرلمانيّ. والشعبويّة ترتبط بكُرْه الأقلّيّات، والحقد عليها، واستغلال الأزمات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، حيث تُستمال الجماهير بالخطاب العاطفيّ، وبالافتعال المتعمّد لمثل هذه الأزمات؛ فهي التي تضمن الوجود السياسيّ. الثاني صعود الهوموفوبيا بين أحزاب اليمين الصهيونيّ المتطرّف؛ وهو ما أدخلها إلى الحلبة السياسيّة. المعاداة السياسيّة للهوموفوبيا تأتي على مستويين: الأوّل ترويج للكراهية والبغض بين أفراد المجتمع الواحد. والثاني عجْز الهوموفوبيا أمام المثليّ الصهيونيّ؛ لكنّها تحرّض على المثليّ الفلسطينيّ، وهذا يصبّ في مصلحة الخطاب الصهيونيّ المستشرق.

الناشطة النسويّة وعضوة منتدى جسور – كيان، جهينة حسين، تناولت في مداخلتها تراجُع تمثيل النساء في الأحزاب العربيّة بعد أن طغت الشخصيّات والمنافسات الذكوريّة داخل القوائم العربيّة، وأثّرت على مواقع النساء في داخل الأحزاب. التشرذم الكبير الذي ولّدته إقامة المشتركة كوحدة هدف، دون وضع آليّات عمل واضحة للجميع، أو إدارة الخلافات السياسيّة داخل المشتركة، أضرّ -أكثرَ ما أضرّ- بالنساء، باعتبارهنّ الحلقة الضعيفة. وأدانت حسين تناقُضَ الأحزاب بين المطالَبة بالعدالة الاجتماعيّة والاعتراض على الحرّيّة الشخصيّة، في أعقاب رضوخ الأحزاب والجمعيّات الحقوقيّة تحت الضغط المجتمعيّ المحافظ، وتخبُّطها أمام القضايا الخلافيّة في المجتمع.

ترى حسين التمثيل النسائيّ في الأحزاب العربيّة تمثيلًا غير حقيقيّ هدفُهُ تزيين القوائم العربيّة فحسب، وشدّدت على ضرورة العمل على تسييس النساء، الأمر الذي قد يصبّ في مصلحتهنّ ومصلحة حقوقهنّ في المستقبل. كذلك طالبت بنقلهنّ إلى مواقع قياديّة ذات تأثير، تمكّنهنّ من اتّخاذ القرارات داخل الأحزاب العربيّة كي لا تغريهنّ الأحزاب الصهيونيّة التي تستغلّ تهميش النساء في الأحزاب العربيّة وتعمل على استيعابهنّ من خلال رفع سقف توقّعاتهنّ من الحزب. اختتمت حسين مداخَلتها بتأكيد ضرورة السعي للحصول على حقوق النساء الكاملة وعدم الاكتفاء بالفُتات، وبأن تكون نساؤنا مؤثّرات ومؤمنات بالنسويّة وحقوق المرأة، ووضع خطّة عمل ممنهجة بالتعاون مع الجمعيّات النسويّة، في سبيل تحقيق العدالة المجتمعيّة.

عقّبت على المداخَلات عضوة الكنيست عن الجبهة الديمقراطيّة للسلام والمساواة عايدة توما – سليمان. ادّعت توما أنّ الخلاف بين القائمة المشترَكة والموحَّدة صُوِّرَ على أنّه خلاف حول قضيّة المثليّين، لأنّه يخدم الخطاب الشعبويّ ويحيّد الخطاب السياسيّ، ولكنّ القائمة المشترَكة والمجتمع العربيّ فشِلا في تحدّي تحييد الخطاب من مواجهة الدولة إلى معركة داخليّة في المجتمع العربيّ. فضلًا عن ذلك، رَفَعَت الشعاراتُ الرنّانة من سقف توقّع الجمهور العربيّ على نحوٍ لا يلائم الواقعَ السياسيّ في ظلّ دولة تتّجه نحو الفاشية وتؤسّس لنظام أﭘـارتهايد.

انتقلت توما للحديث عن تحييد آخر في داخل القائمة المشتركة، هو تحييد الخلافات، ونشوء منافسة ذكوريّة لاكتساب القوّة والعمل على رفع المكانة الشخصيّة لكلّ شخص موجود داخل المعادلة. وَفق ما قالت، هذا هو الاختلاف الأساسيّ بين التوجُّه الذكوريّ والتوجُّه النسويّ في إدارة المعارك السياسيّة؛ إذ يعمل التوجُّه الذكوريّ بمنطق القوّة ومحاولات كسر الآخر.

ختمت توما محذِّرةً من المرحلة السياسيّة الخطرة التي نُقبِل عليها، مع صعود الخطاب الشعبويّ والانحراف عن المواقف الوطنيّة الواضحة. أشارت كذلك إلى أنّ دور النساء لا يجب أن يقتصر على الدفاع عن حقوقهنّ فقط، بل عليهنّ أن يكُنّ حاضنة نسويّة تقدّميّة، وجزءًا من المعركة العامّة، ومن تطوير الأَجِنْدات والخطابات السياسيّة.

تلت المداخلات فقرة نقاش وتعقيبات من المشارِكات في اللقاء.

أصدرَت وحدة السياسات في مركز مدى الكرمل- المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، ورقة تقدير موقف (نيسان 2021) بعنوان “قراءة في نتائج انتخابات الكنيست الـ 24 (آذار 2021) في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل”. في القسم الأوّل من الورقة عرضت وحدة السياسات لمُعطَيات تُبيّن من خلالها أنماط التصويت والامتناع عنه في المجتمع الفلسطينيّ. تشيرُ الورقة إلى أنّ العزوف عن التصويت يشكِّل المعطى الأهمّ في السلوك الانتخابيّ للفلسطينيّين، فبالمقارنة مع الانتخابات (23) السابقة (آذار 2020) التي وصلت نسبة التصويت فيها إلى 65% في المجتمع الفلسطينيّ، كان هناك ارتفاعًا في نسبة الممتنعين عن التصويت وتراجعًا جدّيًّا في نسبة التصويت إلى 45% فقط، وهي النسبة الأقل منذ بداية مشاركة الفلسطينيّين في إسرائيل في الانتخابات البرلمانية منذ العام 1948. هذه التغيّرات الحادّة في أنماط التصويت تحمل الكثير من الدلالات حول العلاقة بين الجمهور الفلسطينيّ والعمل البرلمانيّ عمومًا، وبينه وبين الأحزاب العربيّة خصوصًا.

تستعرض الورقة معدّلات المشاركة في انتخابات الكنيست منذ عام 1949 حتّى العام الحالي، ونسب التصويت في المجتمع العربيّ وعدد القوائم العربيّة المُشاركة في الانتخابات منذُ عام 2009، ولأنماط التصويت لدى المجتمع العربيّ منذُ تشكيل القائمة المشتركة في عام 2015. وتستعرض كذلك نسب التصويت للقائمتين العربيّتين مقارنةً بالأحزاب الصهيونيّة في هذه الانتخابات مقابل الانتخابات السابقة، ولتوزيع الأصوات العربيّة للأحزاب الصهيونيّة في المجتمع العربيّ حسب الحزب، ولنسب التصويت في التجمّعات الدرزيّة، ولتوزيع الأصوات العربيّة للأحزاب الصهيونيّة في التجمّعات الدرزيّة حسب الحزب.

تقدّم الورقة في قسمها الثاني قراءة تحليليّة في نتائج الانتخابات، وتقترح أوّلًا أنّ نسبة التصويت في المجتمع العربيّ للكنيست الرابع والعشرين هي مؤشّر على سلوك احتجاجيّ وعقابيّ في الدرجة الأولى للقائمة المشتركة، فيما لا تحملُ في المُجمل موقفًا سياسيًّا سلبيًّا أو نزع شرعيّة عن العمل البرلماني. ثانيًا، من بين باقي أنماط التصويت، يُعتبر الامتناع عن التصويت (السياسيّ-الاحتجاجيّ) هو النمط الأبرز والأهمّ في هذه الانتخابات. ثالثًا، أنّ الخيارين الأساسيّين للجمهور الفلسطينيّ كانا إمّا التصويت للقائمتين العربيّتين وإما الامتناع عن التصويت، إذ أنّ تراجع التصويت للقوائم العربيّة كان بسبب انشقاقهما وبسبب غياب برنامج سياسيّ واضح للقائمتين، لا سيّما القائمة المشتركة منهما. رابعًا، تعدد الورقة العوامل لغياب خطاب إسقاط نتنياهو الذي حملته القائمة المشتركة سابقًا واعتبرُ ذات مرّة حافزًا للتصويت في دورات انتخابيّة سابقة لدى المجتمع الفلسطينيّ.

تُلخّص الورقة أهمّ الدلالات التي حملتها هذه الانتخابات عن العمل السياسيّ الفلسطينيّ في إسرائيل. وتتناول مسألة اختزال العمل الوطنيّ والسياسيّ للعمل البرلمانيّ كرافعة سياسيّة مركزيّة في المجتمع الفلسطينيّ، أيّ تقلّص العمل الحزبيّ لعمل حزبيّ برلمانيّ، وترى أنّ العمل الحزبيّ للمجموعات القوميّة الأقليّة في وطنها يجب أن يتعدّى العمل البرلمانيّ وألّا يقتصر عليه، لا سيّما في برلمان تهيمن عليه قوى يمين صهيونيّ. تنصح الورقة بضرورة “بناء برنامج سياسيّ جماعيّ يؤكّد على أنّ مسألة الفلسطينيّين في إسرائيل هي جزء من القضيّة الفلسطينيّة، وأنّ خياراتها السياسيّة ليست بالتعاون مع اليسار الصهيونيّ ولا بالتعويل على اليمين الصهيونيّ، بل بإدراك بنية وجوهر الدولة المعادية للمشروع الفلسطينيّ في الداخل والخارج”. كذلك، تنقد الورقة الزعم الذي يرى بغياب الوعي الوطنيّ للناس كنتاج للواقع والظروف، وترى فيه نتاج قرار عقلانيّ بتغييب هذه المسائل. تختم الورقة بأنّ “بناء مشروع سياسيّ جماعيّ يجب أن يأخذ هذه المركّبات بحذافيرها وعدم التنازل عنها، لأنّ تغييبها بشكل عقلاني، يعقلن الواقع الرديء، ويرتدّ على أصحابه ولا ينقذهم”.

 

لقراءة الورقة كاملة:  https://old.mada-research.org/wp-content/uploads/2021/04/PositionPaperMarch2021.pdf

ترمي هذه الورقة إلى تحليل نتائج انتخابات الكنيست الـ24 (آذار 2021) في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل. ستتطرّق الورقة في قسمها الأوّل إلى عرض نتائج الانتخابات من خلال المعطيات التي أعدّتها وحدة السياسات، والتي سنتبّين من خلالها أنماط التصويت والامتناع عنه في المجتمع الفلسطينيّ، فيما سيتطرّق القسم الثاني إلى عرض تحليليّ لهذه النتائج، وستعرض الخاتمة أهمّ الخلاصات بشأن هذه الانتخابات.

 

اللقاء الأوّل:

عُقِدَ اللقاء الأوّل من سمينار طلبة الدراسات العليا لعام 2020-2021 يوم السبت 5 كانون الأوّل (ديسمبر) 2020. في الجزء الأوّل من اللقاء قَدَّمَ كُلّ مُشارك ومُشاركة نفسه/ا ومشروعه/ا البحثيّ، وقام د. مهند مصطفى ود. عرين هوّاري بطرح الخطوط العريضة للبرنامج السنويّ. في الجزء الثاني من اللقاء دار الحوار مع المشاركين حول “النظريّة النقديّة في الفكر الغربيّ والعربيّ“؛ وذلك بعد قراءة نصّين: الأوّل لميشيل ثومبسون في تعريف النظريّة النقديّة، والثاني لمصطفى الرويجل يُعالج أعمال الجابريّ مفهوميّا.


اللقاء الثاني:

عُقِدَ اللقاء الثانيّ يوم السبت 2 كانون الثاني (يناير) 2021 بعنوان “الحقل الأكاديميّ ما بين المُحترميّة وإنتاج المعرفة النظريّة”. ناقش اللقاء في جزئه الأوّل فصل بعنوان “المحترميّة” من كتاب “المعرفة والسلطة في المجتمع العربيّ” لِـ محمّد صبّور.  بينما استضاف السمينار في الجزء الثاني من اللقاء المُحاضر الدكتور نمر سلطانيّ؛ وهو باحث فلسطينيّ ومحاضر في كلّيّة الدراسات الشرقيّة والأفريقيّة (سواس) في جامعة لندن.  قدّم سلطانيّ مُحاضرة حول “الإطار المعرفيّ والنظريّ: مقاربة نقديّة”؛ عالج فيها الموضوع من خلال الحديث عن كتابه حول القانون والثورة ما بعد الربيع العربيّ. تَلَى مُحاضرة سلطانيّ نقاش حول المُقاربة النقديّة للأدبيّات في الكتابة الأكاديميّة. 


اللقاء الثالث:

عُقِدَ اللقاء الثالث من سمينار طلبة الدراسات العليا في الخامس من شباط للعام 2021. في القسم الأوّل منه، عرضت طالبة الدكتوراه سكينة سواعد بحثها الذي يناقش التجربة التربويّة/ الاجتماعيّة/ العائليّة والوطنيّة للطالبات الفلسطينيّات اللواتي يدرسن للحصول على الدكتوراه في الأوساط الأكاديميّة الإسرائيليّة.  في القسم الثاني، استضاف السيمنار د. سامرة إسمير؛ وهي محاضرة في قسم البلاغة في جامعة بيركلي، في محاضرة ونقاش حول القراءات النقديّة في النظريّات الأكاديميّة.

حالاللقاء الرابع:

عُقِدَ اللقاء الرابع لسمنار طلبة الدراسات العليا عبر الزووم في الثالث عشر من آذار للعام 2021. في الجزء الأوّل من اللقاء تحدّث الدكتور مهنّد مصطفى مدير عام مدى الكرمل عن ظاهرة الجريمة المتفشّية داخل مجتمعنا، وثمّ تحدّث عن الحراكات الناشطة في مكافحة هذه الظاهرة، وبشكل خاصّ تحدّث عن الحراك الفحماويّ. واستضاف السمنار في الجزء الثاني البروفيسور امل جمّال؛ المحاضر في قسم العلوم السياسيّة في جامعة تل أبيب. تناول جمّال أهمّيّة النشر في مجلّات أكاديميّة من أجل التقدّم الأكاديميّ؛ مُشيرًا إلى أهمّ الأمور التي على الباحث أن يتناولها في أبحاثه، وفي كتاباته البحثيّة، ومنها موقعة نفسه داخل حقل معين، والمُساهمة داخل الحقل بحيث يغطّي فجوة بحثيّة في الحقل الذي يعمل به، سواء كانت نظريّة أم تطبيقيّة؛ وبحيث يكون لعمله العينيّ، وإن أُجريَ داخل سياق مُحدّد، مُساهمة نظريّة عامّة.

تستعرض هذه الورقة الفرص والتحدّيات على طريق إجراء الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة الفلسطينيّة وانتخابات المجلس الوطنيّ المُزمَع عقدهما على مراحل بدايةً من الانتخابات التشريعيّة في الـ 22 من أيّار، والرئاسيّة في الـ 31 من تمّوز، والمجلس الوطنيّ (برلمان منظّمة التحرير) في الـ 31 من آب هذا العام (2021). وبحسب تقديرنا، ثمّة عقبات وتحدّيات ذات أهمّيّة تجعل من الانتخابات الفلسطينيّة خطوة إلى الخلف لا خطوة إلى الأمام، مع التأكيد أنّ قرار إجراء الانتخابات في حدّ ذاته له أهمّيّة كبيرة في ظلّ انسداد أفق المصالحة ووصول كلّ حِوارات المصالحة إلى طريق مسدود.

عَقدَ برنامج الدراسات النسويّة في مركز مدى الكرمل محاضَرة بعنوان “النساء والثورات العربيّة: بين الحركات الإسلاميّة وتسييس الأمومة”، للدكتورة أنوار محاجنة، المحاضِرة في مجال العلوم السياسيّة في جامعة ستونهيل، والمتخصّصة في العلاقات الدوليّة والسياسيّة. جاءت هذه المحاضَرة ضمن سلسلة “ثورات الأمل الذي لن يندثر” التي أطلقها مدى الكرمل بمناسبة مرور عَقد على ثورات الربيع العربيّ واندلاع الثورات العربيّة من أجل الحرّيّة والديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة، وبالتزامن مع يوم المرأة العالميّ الذي يصادف الثامن من آذار؛ وذلك بغية تسليط الضوء على الدَّوْر الذي قامت به النساء في الثورات العربيّة، وعلى مكانتهنّ بعد مرور عشر سنوات على اندلاع هذه الثورات.

تتمحوَر أبحاث د. محاجنة في الجندر والجنسانيّة، والدين، وسياسة الشرق الأوسط. نُشرت أعمالها في عدّة مجلّات أكاديميّة وصحف، منها: المجلّة النسويّة الدوليّة للسياسة؛ مجلّة البحوث السياسيّة الربعيّة؛ الدين والسياسة؛ السياسة الخارجيّة؛ صحيفة ذا كونڤيرزيشِن؛ تايمز أُف إِزْرَئِل؛ هآرتس؛ ميدل إيست آي؛ مجلّة +972؛ كوارتز؛ ديفينس ﭘـوست؛ جيروزاليم ﭘـوست؛ مؤسّسة كارنيـﭼـي للسلام الدوليّ.

أشارت د. محاجنة في محاضرتها إلى أنّ المساواة الجندريّة لم تكن عاملًا مركزيًّا في انفجار ثورات الربيع العربيّ، ومع ذلك احتلّت النساء أدوارًا قياديّة في الثورات العربيّة، على الرغم من التهديدات والعنف الجندريّ الذي رافق مشاركتهنّ فيها. وقد شهدت بعض الدول خلال العَقد الماضي ارتفاعًا ضئيلًا في التمثيل النسائيّ في بعض الحكومات. مع ذلك، لم تقم المنطقة بتحسين أوضاع النساء كثيرًا بصورة عامّة. على الرغم من هذا، ما زالت النساء في بعض الدول (كتونس ومصر -على سبيل المثال) تعبّر أكثر عن الاضطهاد الذي يعانين منه بصورة ملحوظة.

الثورات العربيّة والحركات الإسلاميّة

في الجزء الأوّل من المحاضرة، تناولت د. محاجنة موضوع الثورات العربيّة والحركات الإسلاميّة. وهي ترى أنّه كثيرًا ما يُدّعى أنّ وصول الأحزاب الإسلاميّة الى السلطة يُعرقل مسيرة التمثيل والمشاركة النسائيّة في الحيّز العامّ. لكن تجارب النساء الناشطات في حزب النهضة التونسيّ، وفي حركة الإخوان المسلمين في مصر، وفي حزب العدالة والتنمية المغربيّ، تُظهر مدى انخراط النساء في العمل الحزبيّ، ومدى قدرتهنّ على استغلال الفرص القائمة من أجل التأثير.

تناولت د. محاجنة في محاضرتها الأدوار والإستراتيجيّات المختلفة التي تبنّتها النساء الإسلاميّات في هذه الأحزاب، والتي من خلالها أَعَدْنَ صياغة الفُرَص في السياسة والتأثير. تدّعي محاجنة كذلك أنّ قلّة الاهتمام البحثيّ في العلوم السياسيّة والاجتماعيّة بنساء حركة الإخوان المسلمين في مصر أو حركة النهضة في تونس، وانعدام التحليل الجندريّ في الأبحاث، يغيّبان مسارات وديناميكيّات سياسيّة هامّة داخل الأحزاب وتأثيرها.

الثورات العربيّة وتسييس الأمومة:

ادّعت د. محاجنة أنّ “الأمومة السياسيّة” لم تحظَ بالاهتمام الكافي لدى علماء السياسة. الأمومة السياسيّة هي تلك الأمومة التي تقوم من خلالها النساء باستغلال أدوارهنّ التقليديّة كأمّهات، ابتغاءَ حفظ وتعزيز مشاركة النساء السياسيّة. وتضيف د. محاجنة في بحثها أنّ النساء في مصر نجحنَ في القيام بدور مهمّ في الثورة من خلال “التفاوض مع المنظومة الأبويّة” واستغلال أدوارهنّ التقليديّة للدخول والتأثير على المجال السياسيّ؛ ففي حين تعاملت الدولة مع النساء كمجموعات تحتاج للحماية، قامت النساء في مصر باستغلال هذا الموقع الذي يُظهِرُهُنّ ضعيفات، من أجل شَرْعَنة التظاهرات ضدّ مبارك وضدّ الإخوان المسلمين، حيث تَحَدَّيْنَ منظومة الدولة والحركات السياسيّة باسم مكانتهنّ كأمّهات.

لمشاهدة المحاضرة اضغط هنا

ترمي هذه الورقة إلى تحليل المشهد الانتخابيّ في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل عشيّة انتخابات الكنيست الرابعة والعشرين في آذار القادم (2021). ستعالج الورقة احتمالات مشاركة الناخب العربيّ في الانتخابات القريبة، وامتناعه عنها، وأنماط تصويت لدى المشاركين، وذلك من خلال تحليل التجارب الانتخابيّة السابقة، ومن خلال تحليل الواقع السياسيّ والانتخابيّ للقوائم العربيّة المشاركة في الانتخابات، وتحليل اهتمام الأحزاب الصهيونيّة بالصوت العربيّ من خلال إدراج مرشّحين عرب في قوائمها، ومدى تأثيرها على أنماط تصويت الناخب العربيّ.

عقدَ مركز مدى الكرمل– المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، ندوة فكريّة لمناقشة كتابين للد. عزمي بشارة: “في الإجابة عن سؤال ما هي الشعبويّة” وَ “الانتقال الديمقراطيّ وإشكاليّاته”، هذه هي الندوة الأولى من سلسلة محاضرات “ثورات الأمل الذي لن يندثر” التي أطلقها مدى الكرمل بمناسبة مرور عقد على اندلاع الثورات العربيّة من أجل الحرّيّة والديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة، والتي سيستضيف من خلالها المركز باحثين فلسطينيّين كتبوا عن الثورات العربيّة. ناقشت الندوة فشل وتعثّر معظم دول الربيع العربيّ في التحوّل من أنظمة عسكريّة أو تسلّطيّة إلى أنظمة ديمقراطيّة. وقد افتتحت الندوة د. عرين هوّاري، باحثة ومنسّقة برنامج دعم طلبة الدراسات العليا في مدى الكرمل؛ بكلمة ترحيبيّة هدفت الى تأطير سلسلة المحاضرات والندوة وتبيين أهمّيّة طرح هذا الموضوع.   

قَدّمَ د. مهنّد مصطفى، المدير العام لمدى الكرمل؛ القراءة الأولى في كتاب “الانتقال الديمقراطيّ وإشكالاته”.  يقولُ مصطفى أنّ الكتاب يُعتبر جزءً من مشاريع معرفيّة للكاتب، تُحاول أن تؤسس معرفة عربيّة في العلوم الاجتماعيّة؛ وأنّ قراءة الكاتب للأدبيّات حول الانتقال الديمقراطيّ، التنظير ومقارباته لهذا الحقل نابعة من تجربة الثورات العربيّة بنجاحاتها وتعثّراتها، أو إخفاقاتها. 

عَرَضَ مصطفى للإضافة المعرفيّة والنظريّة للكاتب في الحقل المعرفيّ المسمّى الانتقال الديمقراطيّ؛ فالكتاب يرتّب الحقل المعرفيّ، يستعرض جُلّ الأدبيّات حول الانتقال الديمقراطيّ، يُناقشها ومن ثمّ يعرض مساهمته المعرفيَّة في هذا الحقل؛ بصورة تفتح باب البحث والدراسة من خلال الأفكار التي طرحها في كتابه. ويقولُ مصطفى أنّه يمكن استنباط عدّة مقولات هامّة من كتاب بشارة: المقولة الأولى، أنّ كلّ المحاولات لبناء نظريّات حول الانتقال الديمقراطيّ أخفقت لأنّها كانت صحيحة لحالات عينيّة فقط؛ المقولة الثانية، أنّ المشروع الديمقراطيّ هو هدف وليس حتميّة تاريخيّة (أيّ العالم لا يتطوّر نحو الديمقراطيّة)؛ المقولة الثالثة، أدبيّات الانتقال الديمقراطي ركّزت على شروط النظام الديمقراطيّ وأهملت طبيعة النظام السلطويّ وقدرته على صدّ عمليّة الانتقال نحو الديمقراطيّة. 

الإضافة المعرفيّة للد. عزمي بشارة في قراءته لكلّ أدبيّات الانتقال الديمقراطيّ هي الإشارة لثلاث شروط أساسيّة لعمليّة الانتقال الديمقراطيّ: أوّلًا، وجود نخبة سياسيّة ديمقراطيّة؛ ثانيًا، دور الجيش هامّ في إعاقة أو تشجيع التحوّل الديمقراطيّ؛ ثالثًا، الموقع الجيو استراتيجيّ وأهمّيّة الدولة. بالإضافة إلى أنّ الكتاب يمثّل موسوعة تحتوي على مقاربات تحليليّة تُغني كلّ باحث وكلّ مهتمّ بهذا الشأن؛ مثل نقده لنظريّة التحديث، فيه يوضّح أنّها لا تشكّل شرطًا لعمليّة الانتقال الديمقراطيّ ولكنّها شرط لاستدامة الديمقراطيّة؛ ومثل مناقشته للنظريّة الماركسيّة وفكرة الانتقال نحو الديمقراطيّة؛ وعرضه لمقاربة نقديّة مهمّة جدًّا للنظرية البنيويّة الوظيفيّة والنظريّة المؤسساتيّة. ويختم مصطفى بقوله أنّ “هذا الكتاب هو فارقة معرفيّة في دراسة الانتقال الديمقراطيّ عمومًا، وفي المنطقة العربيّة خصوصًا”.

قدّم القراءة الثانية الباحث خالد عنتباوي، طالب دكتوراه في معهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا؛ لكتاب “في الإجابة عن سؤال ما هي الشعبويّة”. يقولُ عنبتاوي أنّ بشارة ينطلق من فكرة تبلور مفهوم الشعبويّة داخل الديمقراطيّات الليبراليّة، إلّا أنّه لا يعتقد بإمكانيّة التحدّث عن شعبويّة عالميّة واحدة؛ ويبيّن أنّ ما تتميّز الديمقراطيّات الليبراليّة به، هو تعاملها مع الشعب باعتباره كتلة واحدة متجانسة من النقاء والخير، مقابل النخبة التي تعتبر كتلة من الفساد. ويوضّح عنبتاوي أنّ هذا الفهم الجوهرانيّ للشعب يصطدم بالضرورة مع الديمقراطيّة الليبراليّة لاصطدامه مع فكرة التعدّديّة. من هذا المنظور، يُموضع بشارة نفسه في المدرسة الليبراليّة لنقد الشعبويّة، وهو ينحاز إلى الديمقراطيّة الليبراليّة بشكل واضح، وينفي عدم وجود ديمقراطيّة إلّا إذا كانت ديمقراطيّة ليبراليّة. يبيّن عنبتاوي أنّ هذا النوع من التعريفات للديمقراطيّة يخلق ثلاثة أنواع مركزيّة من التوتّرات الدائمة: الأوّل؛ بين البعد الديمقراطيّ والبعد الليبراليّ. الثاني؛ بين حكم الشعب وضرورة تمثيل حكم الشعب بمؤسسات وبرلمانات. والثالث؛ بين تمثيل إرادة الشعب ووجود مؤسسات بيروقراطيّة قد تقبض في يدها على السلطة والقرار.

ينتقل عنبتاوي للحديث عن إنتاج الشعبويّة في ظلّ هذه التوترات ويشير إلى أسباب ظهورها الاجتماعيّة، البنيويّة، الاقتصاديّة والسياسيّة. إلّا أنّه يركّز على سببين: الأوّل، صعود النيوليبراليّة وتوغّل الرأسماليّة وانكسار العقد التاريخيّ الذي يدمج بين العدالة الاجتماعيّة وبين الحرّيّة؛ وهو ما تسمّيه شانتال موف هيمنة النيوليبراليّة. ويطرح عنبتاوي لمقارنة بين فكر موف وفكر بشارة في هذا الصدد؛ من خلال مفهوم الما بعد سياسة. والثاني، دور الإعلام الاجتماعيّ المتحرّر من سلطة ورقابة المحرّر في الإعلام الممؤسس؛ في حشد الناس من خلال الأخبار الزائفة، وإلغاء وساطة الحزب بين السياسيّ والشعب.

وختمَ عنبتاوي من خلال تسليط الضوء على الشعبويّة في سياق العالم العربيّ والانتقال الديمقراطيّ، ويكشف أنّ هنالك إشكاليّتين في العالم العربيّ؛ واللتين تجعلان من الشعبويّة فيه خطيرة وهدّامة: أوّلًا، أنّ الانتقال الديمقراطيّ في العالم العربيّ لم يتمّ عبر مرحلة لبرلة المجتمع. ثانيًا؛ عدم قدرة الشعب على التمييز بين الموقف من الحكومة المنتخبة والموقف من النظام الديمقراطيّ أثناء الانتقال الديمقراطيّ.

يعتزم مركز مدى الكرمل على نشر المزيد من المحاضرات في سلسلة “ثورات الأمل الذي لن يندثر” على مدار الأشهر القريبة القادمة؛ خاصّة بعد النجاح الذي لاقته الندوة الحاليّة في حشد أكثر من ألفي مشاهدة في أقل من 24 ساعة، والمشاركة الفاعلة لجمهور مدى الكرمل على صفحات مواقع التواصل الاجتماعيّ.

لمشاهدة الندوة:
https://www.facebook.com/MadaalalCarmel/videos/822201381692594

تتناول هذه الدراسة التعليم العربيّ في إسرائيل في ظلّ السياسات النيوليبراليّة، ودَوْر هذه السياسات في تغيير آليّات بسط السيطرة والضبط والرقابة على الأقلّيّة العربيّة الفلسطينيّة في إسرائيل من خلال جهاز التعليم. على وجه التحديد، تدّعي هذه الدراسة أنّ السياسات النيوليبراليّة لم تكتفِ، منذ تغلغلها في الاقتصاد الإسرائيليّ مطلع سنوات الثمانينيّات، بخصخصة غالبيّة القِطاعات الحيويّة وتعميق الفوارق الاقتصاديّة بين المجموعات السكّانيّة المختلفة وإحداث تغييرات بنيويّة في قِطاعات الخدمات التي توفّرها الدولة، بل قامت كذلك بدَور مركزيّ في فرض أنماط جديدة من السيطرة والرقابة والتعقّب على المواطنين العرب بواسطة جهاز التعليم.

لقراءة الدراسة بصيغة PDF اضغط هنا