أصدر مركز مدى الكرمل- المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، مقالات هي باكورة أعمال مجموعة من طلبة سمينار الدراسات العليا في العدد السابع والثلاثين من مجلّة جدل بتحرير عرين هواري والدكتور مهنّد مصطفى. في مقدّمة العدد يتحدّث المحرّران عن أهمّيّة مشروع سمينار طلبة الدراسات العليا الذي يهدف إلى إنتاج معرفة منحازة وطنيًّا، لكنها علميّة وتعتمد المناهج البحثيّة الرصينة، وتُنتج باللغة العربيّة؛ فاللغة جزء من ماهية المعرفة. قدّم الطلبة في هذا العدد مقالات أوّليّة حول أبحاثهم، والتي عالجت ثلاثة محاور: الأوّل شمل مقاربات تاريخيّة وسياسيّة لفلسطين. والثاني تناول موضوع الهُويّة والدين فيما يتعلّق بالنساء المسلمات تحديدًا. أمّا المحور الثالث، فقد تناول موضوع الصحّة والتربية في السياق الإسرائيليّ من منظور فلسطينيّ. سعى مركز مدى الكرمل من خلال هذا العدد إلى عرض أبحاث الطلبة على المجتمع الفلسطينيّ، وإلى كشف التنوّع الموضوعيّ والمنهجيّ الذي يتّبعه الطلبة خلال دراستهم العليا، وتوفير منصّة لهم لنشر باكورة أعمالهم البحثيّة التي تطرح قضايا قلّما طُرِحت في السابق.

يحتوي العدد (37) من مجلّة جدل على تسع مقالات، جاء المقال الأوّل منها للدكتور مهند مصطفى، المدير العام لمدى الكرمل، حول فعل الكتابة البحثيّة وفعل الإنتاج المعرفيّ. يناقش مصطفى تبلور البحث العلميّ الفلسطينيّ داخل الجامعات الإسرائيليّة، وهيمنة المقاربات الإسرائيليّة النظريّة على هذه الجامعات التي يقوم الباحث الفلسطينيّ داخل الخط الأخضر بفعل الإنتاج المعرفيّ من خلالها. يضيف مصطفى أنّ الجامعة الإسرائيليّة تُعتبر، تاريخيًّا، “جزءًا من منظومة إنتاج المعرفة الاستعماريّة عن الفلسطينيّين. فالجامعة الإسرائيليّة كانت إحدى المؤسّسات التي أسهمت في تزويد المشروع الصهيونيّ عمومًا، والدول خصوصًا، بمعرفةٍ تَدْخل في إطار بناء الدولة والأمّة واليهوديّة”.

في مقاله، عالج أحمد محمود، طالب الدكتوراه في الجامعة العبرية، العلاقة ما بين الحكم المحلّيّ والحكم المركزيّ في حيفا الانتدابيّة: المفتّش الصحّيّ والصراعات مع بلدية حيفا نموذجًا. يدّعي محمود وجود ترابط بين السياسات الصحّيّة البريطانيّة في فلسطين الانتدابيّة التي كانت موجّهة الى الرعايا البريطانيّين في فلسطين، وبين ممارسات قسم الصحّة في بلدية حيفا التي عبّرت عن السياسات الحكوميّة البريطانيّة المتمثّلة في سيطرة الإدارة البريطانيّة على إدارة الصحّة العامّة بما يخدم رؤيتها الاستعماريّة حول وضع حيفا الصحّيّ.

وتناول د. خالد خليل أحمد الشيخ عبد الله، المحاضر في الكلّيّة العربيّة للعلوم التطبيقيّة- غزّة، مستوى تماسك حركة فتح الداخليّ، وأثره على مستقبل النظام السياسيّ الفلسطينيّ. وقد سلّط الضوء في مقاله على دور حركة فتح في النظام السياسيّ لكلٍّ من منظمة التحرير الفلسطينيّة والسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، وبيّن أثر الانقسام على النظام السياسيّ الفلسطينيّ. يرى عبد الله أن حركة فتح استطاعت -رغم ما تمرّ به قيادة السلطة الفلسطينيّة –  من مواجهة التحدّيات الداخليّة والخارجيّة لها، فهي ما تزال تسيطر على النظام السياسيّ والمشهد السياسيّ الفلسطينيّ.

في مقالها، تتناول غادة علي السمّان، المرشّحة للدكتوراه في جامعة بير زيت، اتّفاقية أوسلو والتأسيس لبيروقراطيّة استعماريّة. وقد هدفت السمّان من وراء مقالها إلى “التعمّق في الآليات التي تضمّنتها اتّفاقيّة أوسلو، وما أدّت إليه من إحداث تحوّلات في الصراع الاستعماريّ يتجسّد في مفاهيم بيروقراطيّة آلت إلى شكل استعماري أكثر هيمنةً وضبطًا وتنظيمًا”. وهي تدّعي أنّ هذه الآليات “أصبحت هدفًا في ذاتها، وأدّت إلى خسارة فلسطينيّة على مستوى الأرض والقوّة والكلّ الفلسطينيّ”، وأنّ “شبح البيروقراطيّة انعكس على الواقع محدثًا تحوّلات على جوهر الصراع من خلال هذه الآليات”.

وفي محور الهُوية والدين، عرضت عائشة اغباريّة، طالبة الدكتوراه في قسم الصحافة والاتّصال في الجامعة العبريّة في القدس، مقالًا حول إدارة العلاقات الاجتماعيّة الإنترنتيّة خلال فترات التديّن لدى النساء المسلمات في مناطق الـ 48. وقد رَمَت اغباريّة من خلال البحث إلى الكشف عن الإمكانيّات التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعيّ للنساء المسلمات، والدور الذي تلعبه في بلورة وعرض هُويّتهنّ الدينيّة، في سياق اجتماعيّ تقليديّ ذكوري، وفي ظلّ نظام سياسيّ يتّسم بالعلمانيّة. وتربط اغباريّة أهمّيّة البحث بواقع النساء المسلمات في إسرائيل كفئة مستضعفة في أكثر من جانب، فهنّ نساء، مسلمات وفلسطينيّات. 

وشاركت ناهد محمود كنعان، طالبة الدكتوراه في قسم الدراسات الشرق أوسطيّة في جامعة بن غوريون، بمقال حول التحوّلات في الفكر الإسلامي المعاصر من خلال “تقصّي التاريخ المؤسساتيّ لمجمع الفقه الإسلاميّ الدوليّ التابع لمنظّمة التعاون الإسلاميّ” بهدف الوقوف على مكانة المرأة المسلمة والقضايا المتعلّقة بها من نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحاليّ من خلال مناقشة قرارات المجمع الفقهيّة الصادرة تجاه إشكاليّة المفاهيم النسويّة وقضايا العدل من منظور النوع الاجتماعيّ. 

وفي المحور الثالث من العدد، عالجت نور عبد الهادي شحبري، طالبة الدكتوراه في موضوع صحّة الجمهور، موضوع الورم الحليميّ البشريّ  والحساسيّة الثقافيّة المتناقضة. تصف شحبري حالة من التحدّي التي نشأت بين مصمّمي المواد الإعلاميّة المنشورة في شبكة الانترنت، وصنّاع القرار في السلطات الصحّيّة في العالم فيما يتعلّق بلقاح فيروس الورم الحليميّ البشريّ (HPV)، بسبب الجدل العلميّ والعامّ بشأن سلامة اللقاح وفاعليته، بالإضافة إلى المخاوف الجنسيّة والأخلاقيّة المتعلّقة باستخدامه. وقد هدفت في دراستها إلى “استكشاف مدى مراعاة الحساسيّة الثقافيّة عند إعداد المواد الإعلاميّة التوضيحيّة بشأن لقاح فيروس الورم الحليميّ البشريّ، التي يجري نشرها على المواقع الالكترونيّة للسطات الصحّيّة الإسرائيليّة”. 

وتتناول هديل دياب، طالبة الدكتوراه في جامعة حيفا، في مقالها سلوك معلّمي المدنيات العرب في إسرائيل، خاصّة عندما تتناقض قيمهم الأخلاقيّة، القوميّة، الوطنيّة والشخصيّة مع السياسات الرسميّة العامّة الصادرة من وزارة التربيّة والتعليم الإسرائيليّة. تستحضر دياب أحد أهمّ الأمثلة التي تعكس المعضلة الأخلاقيّة لدى معلّمي المدنيّات العرب في إسرائيل، ألا وهي السرديّة الفلسطينيّة حول النكبة، والتي تنعكس في الإحياء السنويّ لذكرى النكبة الذي يقيمه الفلسطينيّون في إسرائيل في الخامس عشر من أيّار كلّ عام منذ أواخر سنوات التسعين.

وفي محور مراجعات الكتب، يضع عزّ الدين أسعد، الحاصل على درجة الماجستير في الدراسات الإسرائيليّة من جامعة بير زيت، بين أيدينا، قراءة في كتاب “قانون أساس إسرائيل الدولة القوميّة للشعب اليهوديّ: الوقائع والأبعاد” لهُنيدة غانم. يوضّح أسعد أهمّيّة الموضوع من خلال تصريحه بأنّ قانون القوميّة جزء أساسيّ من المركّب الصهيونيّ والعقليّة الاقصائيّة الإسرائيليّة، وما يحقّقه قانون القوميّة أخطر وأعمق من جريمة أبرتهايد أو تحوّل في مبنى الحكم الإسرائيليّ باتّجاه اليمين الصهيونيّ الشعبويّ، ويقول إنّ ما يحقّقه قانون القوميّة هو تطهير الفلسطنة. أمّا أهمّيّة الكتاب تنبع من تفكيكه لهذا الخطاب الاستعماريّ، وتبيين خطره على الشعب الفلسطينيّ من خلال نبش كلّ مواطن العنصريّة والاستشراق فيه بهدف الوقوف على الشرخ القانونيّ والأخلاقيّ والإنسانيّ في قانون القوميّة مقارنةً بالتشريعات الدوليّة الإنسانيّة. 

لقراءة العدد: shorturl.at/aqyLO

يطرح هذا العدد من مجلّة “جدل”باكورة أعمال مجموعة من طلبة سمينار الدراسات العليا في مدى الكرمل للعام 2019. رمى السمينار إلى أمرين نراهما في منتهى الأهمّيّة: إنتاج معرفة منحازة لكن علميّة وتعتمد المناهج البحثيّة الرصينة، وتُنتج باللغة العربيّة؛ فاللغة جزء من ماهية المعرفة. قدّم الطلبة في هذا العدد مقالات أوليّة حول أبحاثهم عالجت ثلاثة محاور: الأوّل شمل مقاربات تاريخيّة وسياسيّة لفلسطين. والثاني تناول موضوع الهُويّة والدين فيما يتعلّق بالنساء المسلمات تحديدًا. أمّا المحور الثالث، فقد تناول موضوع الصحّة والتربية في السياق الإسرائيليّ من منظور فلسطينيّ. نهدف من خلال هذا العدد إلى عرض أبحاث الطلبة على المجتمع الفلسطينيّ، وإلى كشف التنوّع الموضوعيّ والمنهجيّ الذي يتّبعه الطلبة خلال دراستهم العليا، وتوفير منصّة لهم لنشر باكورة أعمالهم البحثيّة التي تطرح قضايا قلّما طُرِحت في السابق.

لقراءة العدد: اضغط هنا

الآراء المطروحة في جدل تعبر عن كتّابها ولا تعكس بالضرورة توجهات مدى الكرمل

© 2020 كافة الحقوق محفوظة

محاضرة “الوباء والعنف البنيويّ في سياق استعمار استيطانيّ” للمحاضر أسامة طنوس، طبيب الأطفال، وطالب اللقب الثاني في مجال الصحة الجماهيريّة هي المحاضرة الثالثة من سلسلة محاضرات السياسة في زمن الكورونا التي أطلقها مركز مدى الكرمل. افتتح أسامة محاضرته بالحديث عن أهدافها في وضع قراءة مركبة للواقع الذي نعيشه وراء تقاطع العناصر الثلاث: وباء الكورونا، العنف البنيويّ والاستعمار الاستيطانيّ في فلسطين، ومحاولة تحديد هياكل القوى وأنظمة القمع التي كشفها الوباء. 

يقول طنوس أنّ ما يخلق المرض في الطبّ هو التقاطع بين ثلاثة مركّبات، هي: المُسبّب للمرض (الفيروس أو الجرثومة)، الجسم المستضيف، والبيئة التي يتمّ فيها التفاعل بين المركّبين الأولين. قد يبدو انتشار الأوبئة ظاهرة طبيعيّة في الحياة، إلّا أن دافيد هارفي يدفعنا لإعادة التفكير في ذلك بقوله أنّ الكوارث الطبيعية غير موجودة فعلًا. صحيح أن الفايروسات موجودة في الطبيعة عند البشر والحيوانات، لكنها دائمًا ما تمرّ بطفرات نتيجة لظروف من صنع البشر، والتي تحوّلها لطفرات مدمّرة ومميتة بهذا الشكل. ذكر طنوس أنّ الموجة الأخيرة من الأوبئة التي عانى منها البشر انتقلت كلّها من الحيوانات إلينا، وذلك نتيجة للتدخّلات البشريّة الرأسماليّة في الغالب، والتي دمّرت البيئة وحوّلتها لبيئة غير طبيعيّة لتنشأ بذلك أنواع أكثر عنفًا من الفيروسات بعد مرورها بطفرات بسبب التفاعل غير الطبيعيّ بين البشر والحيوانات، كما حدث في بالصين ووباء كوفيد-19 اليوم. 

ساعد فيروس كورونا في الكشف عن الفجوات الصحيّة بين الناس، فليس جميع المستضيفين والحاملين للمرض يتأثّرون من الفيروس بشكل متساوي كما أشار طنوس. بيّنت الإحصائيّات أنّ الأشخاص الحاملين لمرض معيّن، كالقلب والسرطان، والأشخاص الأكبر سنًّا هم من يقعون في دائرة الخطر أكثر من غيرهم. ومع ذلك فلا أحد يعرف كيف تتوزّع الفجوات الصحيّة عامّة، فالمجتمع العربيّ مريض أكثر من اليهوديّ. فمن ناحية، يعاني المجتمع العربيّ من نسب مرتفعة أكثر من أعداد المصابين بجميع الأمراض، ومن ناحية أخرى تسعة من أصل عشر بلدات مع نسب الوفيات الأعلى هي بلدات فلسطينيّة. 

تناول طنوس النظريات التي حاولت تحليل الوضع الصحيّ السيء لجميع السكّان الأصلانيّين في مناطق مختلفة من العالم، حيث تراجعت النظرية التي نسبت ذلك لأسباب بيولوجيّة، أو لتصرّفات ومعتقدات الأصلانيّين مقابل النظرية البيئيّة الاجتماعيّة التي فسّرت نشوء هذه الفجوات نتيجة للعنصرية، والسياسات العرقيّة. ساهمت النظرية المذكورة في تحديد العوامل المؤثّرة على معطيات الصحّة، المرض والإعاقة الخاصّة بنا. بدايةً من الصدمة النفسيّة التاريخيّة، سياسات الإقصاء الاجتماعيّ والاقتصاديّ، العيش في بيئة أكثر خطرًا، تدمير البيئة والاغتراب عن الأرض وما يتبع ذلك من تغيير في التغذية، الحركة وعلاقتنا وسيادتنا بالأرض. أضف إلى ذلك، التعرّض اليوميّ للعنصرية والإقصاء والضغوط النفسيّة وتأثيرها على جسمنا. أيضًا، مناليّة الخدمات الصحيّة، نهايةً التسويق بشكل انتقائيّ.

حاول طنوس تطبيق هذه النظرية على تجربة الحياة الكاملة للفلسطينيّين من النكبة، إلى الحكم العسكريّ، إلى سياسات الإقصاء ومصادرة الأراضي، التهميش وفقدان السيادة على أرضنا، ميزانيّات المدارس والجامعات والمعاشات بشكل عام، حتى اغترابنا كلّيًّا عن الأرض، الماء، البيئة والزراعة التي كانت لدينا، للتعرض اليوميّ للعنصرية على مستوى الفرد الواحد، وعلى مستوى سياسات دولة، وسياسات توزيع الأراضي أو توزيع الثروات، والخدمات الصحّيّة، وكلّ ما يلعبه ذلك في تكويننا.

يكشف طنوس عن أبحاث أثبتت وجود علاقة بين تعرّض الإنسان للعنصرية، ومدى وعيه بهذه العنصرية وبين الأمراض التي يصاب بها على اختلافها. ليس ذلك وحسب، بل وأثبتت أبحاث أخرى أنّ العنصرية تستطيع اختراق أجسامنا والتأثير على الشيخوخة البيولوجيّة لها، هذا يجعل أجسامنا أكثر مرضًا بشكل واضح. من جهة أخرى يطرح طنوس تفسيرًا إضافيًّا للفجوات الصحيّة من خلال الطبقيّة الرفاهيّة والعرقيّة التي قامت قوى سياسيّة استعماريّة بهندستها، ممثّلًا بالبيض والسود في الولايات المتحدّة، وبالفقر العرقيّ الذي تعاني منه بلداتنا الفلسطينيّة في الداخل. ويلخّص أنه يمكن قراءة صحّة جميع المجتمعات المهمّشة والمقموعة كتجلّي لكلّ هذه الظروف غير الطبيعيّة على الإطلاق، مما يحوّل الفيروس لفيروس أكثر فتكًا وخطرًا في هذه المجتمعات، ويوضّح أنّ الأوبئة وضررها غير طبيعيّين بالضرورة. 

يستعرض طنّوس المركّب الثالث، وهو البيئة وتأثيراتها على انتشار المرض. كلّما كانت البيئة أكثر ازدحامًا: في البيوت، الحارات والبلدات، وكلّما توفرت خدمات صحّة ونظافة أقل، ماء أقل، كلّما تحوّل الفيروس لفيروس قاتل ومميت أكثر. موضّحًا أنّ كلّ بلدة فلسطينيّة هي عبارة عن كتل إسمنتيّة متراصّة لا تحتوي على مساحات واسعة أو خضراء، بالتالي لا يمكن اعتبارها بيئة سليمة للحياة، أو بيئة طبيعيّة، فهي نتيجة لسياسات إقصاء، وسياسات مصادرة أراضي، وتهميش. 

انتقل طنوس للحديث عن العنف البنيويّ، وعرّفه بأنّه وعلى  عكس العنف الجسديّ الذي هو عنف واضح وصارخ، العنف البنيويّ هو عنف صامت. العنف البنيويّ هو أن تقتل التراتبيات والهرميّات المجتمعيّة، الاقتصاديّة والسياسيّة الناس، وتتسبّب بضرر أكثر من العنف العادي، ولكن بطريقة صامتة للغاية إلى حدّ نعتاد عليه. استشهد طنوس بقول أنجلز، بأنّ الموت عن طريق العنف البنيويّ هو موت عن طريق الحرمان أكثر منه عن طريق الفعل، فلو كان هناك توزيع عادل للثروات، للخدمات الاجتماعيّة، ولفرص العمل، ولكلّ مسببات العنف البنيويّ لكان بالإمكان تفادي الموت. وقد عرض لرأي جوهان جالتون المنظّر والباحث النرويجيّ عندما قال بأنّ العنف البنيويّ يخلق فرقًا بين الواقع والواقع المُفترض بسبب الفروقات والفجوات الصحّيّة في المجتمعات، التي يخلقها النظام المجتمعيّ والمبنى الهرميّ التراتبيّ عن طريق المعاناة والمرض الغير ضروريّين. ليخلص في النهاية إلى أنّ هذه النظريات عليها أن تعيد ترتيب تساؤلاتنا عن أسباب موت الفلسطينيّ. 

أنهى طنوس محاضرته بالحديث عن مصطلح الأوبئة المصطنعة التي تحدّث عنها فيركو، أحد الآباء المؤسسين للصحّة العامّة، ونوّه إلى أنّ المصطلح لا يعني أنّ الدولة قامت بصنع الأوبئة، بل أنّ الظروف التي أدّت إلى انتشار الأوبئة بهذه الطريقة هي من صنع الدولة. كانت نظريات فيركو الطبّيّة تسعى للعدالة الاجتماعيّة من خلال الإصلاحات السياسيّة، الاجتماعيّة والاقتصاديّة. ووجب الذكر أنّ  المبنى الهرميّ والقمعيّ يتعرّى أمام الأوبئة والكوارث الطبيعيّة ويصبح أكثر عنفًا، وتتجلّى الحقيقة عندما تكون أعداد الموتى من السكان المهمّشين والفقراء أكبر من الفئات الأخرى. وقد تطرّق طنوس للعديد من الأمثلة على المستوى العالميّ التي تثبت ذلك، منها: موجة الحرّ الشديد في شيكاغو عام 1995، وإعصار كاترينا، والتيفوس الوبائي في سيليزيا العليا، وغيرها من الأوبئة، والهزّات الأرضيّة، وطبعا كورونا. وقد ختم طنوس محاضرته بالحديث عن مجتمعات الفائض التي تصنّفها الرؤية الرأسماليّة كفئات لا تحتاجها الدولة ويمكن الاستغناء عنها، وهو منطق نيوليبراليّ استعماريّ مشوّه وقبيح.

نظّم مركز مدى الكرمل خلال شهر نيسان لقاءين ضمن سيمنار طلبة الدراسات العليا، عبر تطبيق زووم. وذلك بهدف الاستمرار في التدريب الأكاديميّ والفكريّ الذي يقوم به المركز واستمرار التواصل مع الطلّاب الفلسطينيين ومقاومة أيّة بوادر إحباط أو تراجع أكاديميّ لدى الطلّاب والباحثين في ظلّ أزمة كورونا وعدم اليقين الذي يرافقها.

عُقد اللقاء الأول في الرابع من نيسان واستضاف البروفيسورة خوله أبو بكر، التي تناولت في اللقاء موضوع البحث النوعيّ وميّزاته، وموقع الباحث والباحثة في مسيرة البحث، والأدوات البحثيّة في إطار هذه المنهجيّة البحثيّة. علاوةً على ذلك تطرّقت البروفيسورة  لمسؤولية الباحثين نحو المجموعة التي يبحثونها. وخلال اللقاء، عرض عماد جرايسي طالب الدكتوراه في موضوع التربيّة في جامعة حيفا دراسته التي يقوم بها والتي تحمل عنوان “القيم والسياسة في العمل التربويّ لحركة الشبيبة الشيوعيّة الإسرائيليّة في صفوف الشباب العرب في إسرائيل”. حيث أفرد مكانًا في عرضه لمنهجيّته البحثيّة والتي تعتمد على منهجيّة البحث النوعيّ من خلال تحليل مقابلات مُعمّقة مع قيادات في الحركة. وقد ناقشت كلٍّ من المحاضرة الضيفة وأعضاء الورشة بحثه معه.

أمّا اللقاء الثاني فقد عُقد يوم السبت 18 نيسان مستضيفًا بروفيسور أمل جمّال، أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة تل أبيب، والذي عالج محور عمليّة كتابة رسالة الدكتوراة بشكل شموليّ، بدءً بتناول سؤال البحث وأهميّة اختياره بما يتلاءم واهتمام الباحث وأجنداته البحثيّة، كما تطرّق إلى وعيّ الباحث لموقعة نفسه داخل الحقل المعرفي وعلى تعزيز الوعيّ النقديّ لدى الباحثين في تعاملهم مع الأدبيّات الأكاديميّة ذات الصلة، لا سيّما تلك التي تعنى بالمجتمع الفلسطيني. هذا وتمّ خلال اللقاء عرض بحثين لنقاشهما، الأول كان عرض طالبة الدكتوراه روزان سلامة لموضوع بحثها. تدرس روزان علم النفس والعلوم التربويّة في جامعة لوفين في بلجيكا، ويعالج بحثها “وظيفة الأوزان الصرفيّة في تنظيم القاموس اللغويّ الذهنيّ لدى متحدّثي اللغة العربيّة”.  والثاني كان للطالبة جهاد حرب منصور طالبة اللقب الثاني في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة حيفا والتي تدرس الحركة السلفيّة في الكويت.

تجدر الإشارة، أنّ مركز مدى الكرمل قام بتوزيع الجزء الأوّل من المنحة التي يقدّمها سنويًّا لطلبة الدراسات العليا خلال شهر نيسان.

ضمن سلسلة محاضرات “السياسة في زمن الكورونا” التي أطلقها مركز مدى الكرمل، ألقى الباحث خالد عنبتاوي، طالب الدكتوراه في معهد جنيف للدراسات العليا، محاضرته بإشارته إلى هدفه بإعادة تحليل كتابيّ زيجموند باومان الخوف السائل والحبّ السائل من خلال عدسة الكورونا، بالإضافة إلى قراءة وتحليل ملامح ومشاهد من زمن الكورونا من خلال الأفكار التي طرحها باومان. يشير عنبتاوي أنّ هذين الكتابين هما جزء من سلسلة كتب سائلة لباومان انطلقت كلّها من فكرة نقد ما بعد حداثيّ (رغم أن باومان يفضّل تسميتها بالحداثة السائلة)، وهو نقد ينطلق من سياق الحداثة نفسها، مسائلًا إياها لا معاديًا لها. مبيّنًا أنّ الدّولة الحديثة، وضعت هدفًا بالسّيطرة على الطبيعة من خلال التكنولوجيا من أجل تحقيق السعادة والسّيطرة على الخوف الصّلب (أيّ الموت)، إلّا أنّ هذا الوعد لم يتحقّق. وهو يطرح العديد من الأسئلة، منها ما يجيب عنها في المحاضرة، ومنها ما يتركها معلّقة لنتفكّر بها، هي: ما الفرق بين الحداثة السائلة والصلبة؟ الخوف الصلب والخوف السائل؟ كيف سيكون نوع وشكل حياتنا بعد الكورونا؟ كيف تطرح الكورونا أسئلة حول خوفنا وحول علاقاتنا الإنسانيّة قبل وبعد الأزمة؟ هل يمكن أن نكون قد أذنبنا بمسألة الكارثة؟ أم هي قدر بشريّ بحت؟

يشرح عنبتاوي أنّ الخوف برؤية باومان في عصر الحداثة السائلة تحوّل، في مرحلة ما، إلى خوف مجزّأ في مشاهد الحياة المتعدّدة وتفاصيلها، خوف متكرّر في كثير من أجزاء حياتنا اليوميّة: اقتصاديًّا، عاطفيًّا، أمنيًّا، سياسيًّا، اجتماعيًّا وغيرها، وهو خوف سائل من الصعب معرفة كيفيّة إدارته أو ضبطه تمامًا. لكنّ باومان يرى أنّ هذا الخوف مرتبط بطريقة تعامل الدولة  الحديثة مع فكرة الخوف الصلب من الموت، حيث حوّلت فكرة الموت إلى فكرة مفككة ومجزّئة من أجل مواجهة أجزاءها. مع الوقت تغلغل هذا التفكيك إلى تفاصيل حياتنا، خاصّة مع انسحاب الدولة من أدوار عدّة في حياة الناس ودخول السوق مكانها. بالتالي، عزّز ذلك من  محاولات البحث السّريع والسّهل عن الحلول الآنية المؤقّتة غير المستدامة، نتيجة لانسحاب الدولة الحديثة من مهمّة حماية الناس، وامتناعها عن إعطاء ضمان اجتماعيّ أو اقتصاديّ، ممّا أدّى إلى أن يحلّ السوق، نظام السوق وقوانين السوق محلّ الدّولة، فنتج عن ذلك وسواس إقصاء، أو شبح إقصاء يهدّد وجودنا، ممّا شكّل حالة تسمّى برمال متحرّكة من اللا يقين.

ساهم النظام الاقتصاديّ الليبراليّ الجديد في تعزيز الهوس للحلول السريعة، كما وساهم الخوف السّائل في إضعاف تعاطفنا تجاه البشر الآخرين من أجل كسب شعور الأمان كما نرى اليوم في زمن الكورونا. أضاف عنبتاوي أنّ باومان ينبّهنا إلى إمكانية تحوّل سعي الإنسان للسيطرة على الطبيعة إلى سيطرة الإنسان على الإنسان كذلك، ففي مرحلة ما  تحوّلت الآلات والأدوات البيروقراطيّة والعقلانيّة إلى غايات بحدّ ذاتها. يستشهد عنبتاوي بظاهرة المحرقة لتبيين ذلك،  وكيفيّة التعامل مع ارتكاب الجرائم تحت شعار البيروقراطيّة كأمر طبيعيّ بالنسبة لمرتكبيه، حيث تمّ تحييد الجانب الأخلاقيّ الفرديّ في العمل البيروقراطيّ في سبيل ملء كلّ شخص لوظيفته وتنفيذها.

تطرّق عنبتاوي أيضًا إلى رؤية باومان لانتقائيّة نظام العولمة الجديد، واختياره لمن عليه أن يُسعد من خلال منطق الاحتكار وتوسيع الفجوات بين الطبقات والبشر. الكورونا على سبيل المثال، ككارثة طبيعيّة لا يد لنا بظهورها كما يبدو، سَاوَت بين الجميع من حيث احتمال الإصابة بها، لكنّها لم تساوي بينهم تمامًا في تبعات حلولها ككارثة على المجتمع، حيث تكون كارثيّتها على جماعة ما أكبر من غيرها. كما وربط شعور الثّقة لدى الناس بالسلطة، منظمة الصحة العالميّة وشركات رؤوس الأموال بهوسهم بإيجاد الأمان، وتجمّع الخوف السائل للحياة اليوميّة مع الخوف الصلب من الكورونا، فأخذ الناس يبحثون عن الخلاص الفرديّ بأيّ طريقة ممكنة. كما أشار الى وقوف باومان عند العلاقة بين العولمة وإنتاج الخوف بعد الحادي عشر من سبتمبر، فقد استمرّت السلطات في إنتاج دائرة الخوف لأنّها تزيد من تمسّك الشعوب بها وتساعدها في تحقيق أهدافها، حيث يسهل إطاعة القائد الذي يعدنا بالأمان. وقد ساعدت التكنولوجيا والعولمة في تعميم الخوف على كلّ العالم.

ينهي خالد عنبتاوي محاضرته بتحليل الدور الذي يلعبه الخوف السائل والعلاقات الاقتصاديّة الليبراليّة الجديدة في الانتقال من مرحلة الحبّ الصلب إلى مرحلة الحبّ السائل والعلاقات الحميمة السائلة السريعة غير الآمنة والمتغيّرة. ويشير إلى ربط باومان بين الخوف من الموت وبين الحب، دافعًا إيّانا إلى التفكير بأنماط علاقاتنا الإنسانيّة في هذا الزمن السائل، طارحًا أسئلة أخرى في نهاية محاضرته، منها: هل سنحافظ على نفس نظام العلاقات الإنسانيّة والاجتماعيّة الموجودة بعد عودتنا للزمن السائل عند انتهاء الكورونا التي هي الزمن الصلب؟ أم ستكون هذه فرصة للتفكير بإيجاد بديل معًا بحيث نقف أمام قرارات السلطة القمعيّة؟ حيث يسهل في حالات الوباء أن نكون طيّعين للسلطة وعدم مسائلتها. وهل سنعمل على تكثيف التضامن والتكافل المجتمعيّ لننهي الوضع الرّاهن الذي لسنا فيه سوى عبارة عن تجمّع بشري يعيش فيه أفراد؟ علينا أن نتساءل عن كيفية إعادة أفراد المجتمع لفطرتهم الإنسانيّة.

أكدّ خالد في نهاية محاضرته على ضرورة فهم نقد باومان للحداثة ضمن سياق الأمور الصحيح، أيّ الحداثة نفسها، فنقده لها ليس عدائيًّا تجاهها أو تجاه علومها بل تفكيًرا نقديًّا من داخلها، وأيّ سحب لهذا النقد يجب أن يراعي السياقات المختلفة. كما أكّد على ضرورة استغلال الكورونا من أجل تعزيز التفكير لدينا كمجتمع متكافل، لا أفراد تسعى لأمان فرديّ بحت. وختم عنبتاوي على نسق درويش بقوله “وأنت تفكّر في الحبّ والخوف السائل فكّر بغيرك بمن لم يجد ولم تجد قوت الحمام”.

لمشاهدة المحاضرة كاملة اضغط/ي هنا

هذه المحاضرة هي المحاضرة الأولى من سلسلة محاضرات السياسة في زمن الكورونا، وهي محاضرات متلفزة أطلقها مركز مدى الكرمل في أعقاب أزمة الكورونا. تنقسم محاضرة السياسة الدولية والمحلية في زمن الكورونا إلى قسمين: تناول الدكتور مهند مصطفى في القسم الأول منها تأثير الكورونا على السياسة الدوليّة، حيث طرحت الكورونا سؤالي الدولة والنظام الدولي. من ناحية أدّت الكورونا إلى التفكير من جديد بدور الدولة الحديثة، الاقتصاد النيو ليبرالي، والحدود، والمواطنة، والتوجهات الليبراليّة مقابل التوجهات القوميّة، والتفكير إلى أي مدى يستطيع المواطن أن يستقل تماما عن الدولة؟ ذلك أنّ ردّ فعل كلّ دولة -في أعقاب الكورونا- جاء كردّ فعل انعزالي على داخلها، مع التركيز على مصالحها، والعزوف والانكفاء على ذاتها، ممثلا لذلك بما حدث للاتحاد الأوروبي في أعقاب هذه الأزمة. أيّ أنّ الأزمة خلقت حالة من التحدّي للتوجه الليبرالي فيما يتعلق بفتح الحدود والتعاون بين الدول، مثيرة بذلك سؤال مركزية الدولة، وسؤال ديموقراطية الدولة، وسؤال ما مدى الحرية التي ستمنحها الدولة للفرد بعد أن أمسكت بزمام الأمور في صراعها مع هذا المرض كدولة قومية ودولة مغلقة؟ 

من ناحية أخرى، ووفقا للدكتور مهند مصطفى، طرح الوباء سؤال النظام الدولي، أي ماذا سيكون النظام الدولي بعد هذه الأزمة؟ وذلك أن الولايات المتحدة التي كانت قائدة للنظام الدولي لم تتدخل لحل هذه الأزمة، ليس ذلك فقط، بل لم يعوّل عليها أحد لحلها، حيث أن دونالد ترامب أضعف الولايات المتحدة في النظام الدولي. أضف إلى ذلك، أنّ نسب الإصابة بالمرض في الولايات المتحدة أعلى من الصين، ونسب الشفاء أقل أيضا. بالمقابل، الصين التي انتشر الوباء من داخلها موجودة في مرحلة احتواء المرض، والانتقال إلى مرحلة مساعدة الدول النامية وحتى الدول الأوروبية في مواجهة هذا المرض، بمعنى أن الصين تأخذ الآن دور القائد في النظام الدولي. هذا يعيدنا لسؤال الدولة المركزية، حيث أن الصين التي هي دولة مركزية سلطوية نجحت في السيطرة على المرض، أما الولايات المتحدة التي هي دولة نيو ليبرالية لم تنجح في ذلك بنفس المستوى والفترة الزمنية.

النصف الثاني من المحاضرة تناول التطورات التي طرأت على الواقع والمشهد السياسي في إسرائيل في أعقاب أزمة كورونا، خاصة بعد ثلاث جولات انتخابية غير محسومة. لم يتصرف بيني ﭼانتس، الشخص المكلف رسميًّا بتشكيل حكومة، كقائد يهدف إلى مواجهة الأزمتين الصحية والسياسية، بل جاءت تصرفاته وتصريحاته كرد فعل على نتنياهو، حيث تصرف هذا الأخير على أنه المكلف بتشكيل الحكومة. كان نتنياهو من يضع الاقتراحات، تارةً يقدم خططًا لتشكيل حكومة طوارئ، وتارة أخرى يقترح حكومة وحدة وطنية. أي أن أزمة كورونا عقّدت الواقع والمشهد السياسي في إسرائيل، ذلك أن استغلها نتنياهو كما يحسن استغلال كلّ الأزمات، فقام ببناء حالة من الخوف والهلع -وليس الحذر- من أجل تحقيق مكاسب سياسية، كإغلاق خيار انتخابات رابعة أو بناء حكومة أقلية تعتمد على القائمة المشتركة، ومن أجل أن يموضع نفسه على أنه مركز أي حل في أي أزمة على المستوى الوطني. بهذا تكون الكورونا قد أثرت على جميع الخيارات المتاحة في الساحة السياسية الإسرائيليّة.

لمشاهدة المحاضرة كاملة اضغط/ي هنا

ترمي هذه الورقة إلى تحليل إسقاطات انتشار وباء كورونا على المشهد السياسيّ الإسرائيليّ، وتدّعي أنّ أزمة “الكورونا” أسهمت في تصعيب الذهاب إلى خيار انتخابات رابعة، كخيار حاضر للخروج من التأزّم السياسيّ الداخليّ بعد الانتخابات الإسرائيليّة التي جرت في آذار المنصرم (2020)، ولكنّه يبقى خيارًا قائمًا إذا أُغلِقت كلّ الخيارات الأخرى، غير أنّه سيكون خيارًا صعبًا من الناحيتين السياسيّة والاقتصاديّة، وثقة الجمهور بالمشهد الحزبيّ الإسرائيليّ. وقد تكون هذه الأزمة خلقت خيارًا جديدًا لم يكن في الحسبان يتلخّص في حكومة يرأسها نتنياهو تشمل جزءًا من مركّبات “أزرق – أبيض” على رأسها بيني ﭼـانتس بعد تفكيكه لتحالف “أزرق – أبيض”. وهي بذلك قلّصت الخيارات المتاحة أمام اللاعبين السياسيّين من أفراد وأحزاب للخروج من هذا التأزّم. لن تناقش هذه الورقة التبعات الاقتصاديّة الكبيرة للسياسات التي أقرّتها الحكومة الإسرائيليّة الانتقاليّة، في ظلّ أزمة “الكورونا” على الاقتصاد الإسرائيليّ الذي يدخل هو كذلك مرحلة مصحوبة بالتحدّيات على مستوى النموّ الاقتصاديّ، والتضخّم الماليّ، والبطالة، وارتفاع في نسبة الفقر، وغيرها.

لقراءة الورقة كاملة اضغط هنا