Deprecated: Function create_function() is deprecated in /home/forge/mada.nprod.nadsoft.co/wp-content/plugins/tt-plugin/inc/post-likes/zilla-likes.php on line 20
Mada Admin - مدى الكرمل - Page 23

د. مهند مصطفى:

* إنهاء الانقسام وترسيخ الوحدة الوطنية وإعادة المركزية لمنظمة التحرير

* إعادة بناء مشروع وطني لعموم الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات

* ربط العداء للصهيونية باللاسامية هو انتزاع للقوة الأخلاقية من خطابنا


أعلنت السلطة الفلسطينية وقفها التعامل باتفاق أوسلو وما يترتب عليه من تنسيق أمني، وذلك بعد نحو 25 عامًا من رهانها على المفاوضات برعاية أميركية، لم تشفع للقائد الفلسطيني ياسر عرفات الذي انتهى به الحال محاصرًا عسكريًا وسياسيًا في المقاطعة خلال الانتفاضة الثانية، وصولا إلى استشهاده.

وعلى مدى عقدين من الزمن، تحمل محمود عباس غطرسة شارون وصلافة أولمرت وغرور نتنياهو، إلى جانب غدر كلينتون وعنجهية بوش وتردد أوباما، حتى صدمته “صفقة القرن” التي أطلقها ترامب، وشكلت صفعة مدوية أسقطت آخر أوهامه، بعد أن كشفت عن الوجه الحقيقي لأميركا ومشروعها في المنطقة.

بات واضحًا، أن ما راهن عليه الرئيس الفلسطيني، عباس، والعديد من أركان سلطته خلال السنوات الماضية، لم يكن سوى وهم وسراب، فلا دولة مستقلة قامت أو ستقوم، ولا حقوق اللاجئين عادت أو أنها ستعود، بل ترسيخ لواقع الكانتونات التي خلقها أوسلو في الضفة من دون القدس ومن دون الأغوار، و”دويلة” ناقصة تحدها إسرائيل من جميع الجهات وتسيطر على سمائها وبرها وبحرها.

بعد 20 سنة أخرى، وجد محمود عباس نفسه في ذات الوضع الذي وجد فيه عرفات عقب أوسلو بسنوات قليلة، رغم الثمن الذي دفعه وقاد الفلسطينيين إلى انقسام سياسي وجغرافي فلسطيني، وإلى تقويض أركان مشروع التحرر الوطني.

لإلقاء المزيد من الضوء على الوضع الفلسطيني والتحديات والخيارات الوطنية التي تفرضها صفقة القرن، كان هذا الحوار مع د. مهند مصطفى، الباحث في العلوم السياسية ومدير مركز “مدى الكرمل”:

عرب 48: يبدو أن صفقة القرن وضعت حدًا لمرحلة، هي مرحلة الرهان على التسوية السياسية برعاية أميركية، وبنيت على أساسها إستراتيجيات وأدوات تتناسب مع طبيعتها، بعد أن جرى التخلص من الإستراتيجيات والأدوات السابقة؟

مصطفى: صفقة القرن تضع القضية الفلسطينية على مفترق طرق ليس في علاقة الفلسطينيين مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة الأميركية ومع كل قضايا العالم الأخرى فحسب، وإنما تضع سؤالا مهما أمام طبيعة المشروع الوطني الفلسطيني. بمعنى أن صفقة القرن جاءت لتقول إن هناك حاجة لإعادة التفكير في السياسات الفلسطينية التي تم انتهاجها في السنوات الأخيرة، وجرى خلالها الرهان على السياسة الأميركية، وأدت في النهاية إلى إضعاف البيت الداخلي الفلسطيني وإضعاف الوحدة الوطنية الفلسطينية، ووضع المشروع الوطني الفلسطيني رهنًا لميزان القوى الإقليمي والدولي، ما يعني أن تلك السياسات خاطرت بالمشروع الوطني الفلسطيني وأخضعته لتقلبات ميزان القوى، والتحولات الداخلية والخارجية في الأنظمة وتحالفاتها الدولية.

وربما الشيء الملفت في التعامل مع صفقة القرن والمنظومة الدولية الراهنة عمومًا، هو حدوث ما يشبه الكسر في الدبلوماسية التقليدية السائدة، التي كانت عادةً تبقى على حالها بغض النظر عن تغير الأنظمة المرتبط بتداول السلطة، وحدوث تحول جوهري سريع يترافق مع هذا التغيير الروتيني.

أي أن الدول في أوروبا وأميركا الجنوبية وحتى في الولايات المتحدة الأميركية، حافظت على نوع من الثبات في رؤيتها ومنظومتها السياسية حتى مع تغير النظام السياسي والحزب الذي يحكم الدولة.

الآن يحصل تغير كبير على مستوى العلاقات الدولية، يتمثل في أن تغير النظام يؤدي إلى تغيير راديكالي في نظرة الدولة ذات العلاقة الى القضية الفلسطينية، وكيفية التعاطي معها ومع القرارات والمعاهدات الدولية المرتبطة بها.

هذا الشيء حدث في حالات أخرى وحدث في حالة ترامب في الولايات المتحدة، والفلسطينيون لم ينتبهوا إليه، وظلوا يراهنون بشكل أساسي على السياسة الدولية بالرغم من هذه التحولات.

عرب 48: ربما أن التغيير هو أكثر من مجرد تغير حزب حاكم، بل يرتبط بصعود نهج أيديولوجي يتبنى سياسات مختلفة، كما هو صعود اليمين في أوروبا وأميركا؟

د. مهند مصطفى

مصطفى: نعم هذا ما أقصده، التغييرات التي تحدث في أوروبا وأميركا من صعود اليمين الشعبوي واليمين المتطرف، تغير نظرة هذه الدول وسياساتها تجاه القضية الفلسطينية، كما التضامن الكبير الذي تحظى به إسرائيل لدى هذه القوى، يؤكد أن عوامل أيديولوجية هي التي تقف في محور مواقفه تجاه الموضوع الفلسطيني، وليست عوامل ذات طابع مصلحي إستراتيجي. وأقصد عوامل أيديولوجية تنبع من كراهية هذا اليمين لكل ما هو عربي ومسلم من جهة، ومحاولة تطهير نفسه من فكرة العداء للسامية من جهة أخرى.

ومن الجدير أن نلاحظ أنه رغم مرور أيام على الإعلان عن صفقة القرن، لا نرى أو نسمع عن موقف دولي رافض لها على الأقل على المستوى التصريحي، وذلك رغم انتهاكها لحقوق الشعب الفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية، وأنا أقصد بالذات أوروبا وروسيا.

ويبدو وكأن العالم استسلم لفكرة أن هذا ما يجب أن يكون، وهذا ما يمكن إنجازه، وهذا يجب أن يضيء أكثر من ضوء أحمر لدى الفلسطينيين، والسؤال المهم هل سيواصلون الرهان على ضغط دولي على إسرائيل لكي تعترف بحقوقهم بعد ثبات فشل هذا الرهان.

عرب 48: صفقة القرن تعني سقوط الرهان على التسوية السياسية عمومًا، والتسوية برعاية أميركية بشكل خاص، فما هي الخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين اليوم؟

مصطفى: على الحركة الوطنية الفلسطينية أن تراهن على نفسها، وعندما نقول يجب إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية، فإن هذا الكلام لم يعد إنشائيا فقط، بل ضرورة قصوى حتى لا تصفي القضية الفلسطينية ذاتها بذاتها.

فإذا ما لم يتم إعادة وحدة الصف الفلسطيني وإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية، وبناء مشروع وطني فلسطيني واضح تتكاتف عليه كل التيارات السياسية الفلسطينية في الوطن والشتات، فهذا يعني أن الفلسطينيين يعلنون أنهم مع صفقة القرن التي تبتغي تصفية قضيتهم.

إذا ما أراد الفلسطينيون الحفاظ على وجودهم في المرحلة القادمة، لا بد من إعادة الصف الفلسطيني إلى وحدته المعهودة.

أما بالنسبة لترامب، فتجدر الملاحظة أنه فشل خلال فترة رئاسته في كل المشاريع التي طرحها إلا في الموضوع الفلسطيني. فقد فشل مع الصين ومع كوريا الشمالية وفي علاقته مع الاتحاد الأوروبي، وفي علاقته مع أميركا الجنوبية وحتى في الشرق الأوسط، عندما وعد بعدم التدخل وتدخل فقط في ما يصب لصالح إسرائيل، إلا في الموضوع الفلسطيني حيث كسر تدخله كل قواعد الدبلوماسية الأميركية المتعارف عليها، والتي كانت تراعي بشكل أو بآخر مرتكزات القانون الدولي، وكان تدخله مثابرا منذ توليه لمنصبه وحتى الآن على تصفية القضية الفلسطينية، وهذا يوضح أنه أو المحيطين به قادمون من إطار أيديولوجي ديني.

كذلك يبدو بوضوح أن الصفقة كتبت بأيد إسرائيلية، وهذا يبدو بوضوح من ذكر القرى العربية المرشحة للضم للسلطة الفلسطينية، الصغيرة منها والكبيرة بالاسم.

عرب 48: واضح أن الرؤوس التي صاغت الخطة هم أميركيون يهود متدينون، وأنهم استعانوا من دون شك بإسرائيليين؟

مصطفى: من دون شك، كذلك يمكن ملاحظة أن الخطة تدمج في طياتها مركبات من برامج مختلف الأحزاب الصهيونية، فقد أخذت التبادل السكاني من “يسرائيل بيتينو”، وفرض السيادة على جميع المستوطنات من “اليمين الاستيطاني”، وفرض السيادة على الأغوار وضم الكتل الاستيطانية من اليسار الصهيوني الذي تمثل بحزب العمل، إلى جانب موقف اليمين الإسرائيلي التقليدي المتمثل بالليكود والمتعلق بضم الكتل الاستيطانية وسحب السيادة على المستوطنات.

فهي جمعت كل تلك المركبات وراعت الإجماع الإسرائيلي، لتحظى على ما يبدو بتأييد كل تلك المركبات وبأوسع إجماع إسرائيلي، رغم بعض الخلافات التقنية المتعلقة بالتوقيت وكيفية التطبيق.

عرب 48: هناك ادعاء بأن الخطة جاءت لتخدم نتنياهو وليس إسرائيل؟

مصطفى: من الواضح أن من كتب الخطة وصاغها وأخرجها هم يهود صهاينة يضعون أولا مصلحة إسرائيل نصب أعينهم، ولكن توقيت الإعلان عن الخطة جاء ليخدم نتنياهو، مثلما جاء الإعلان الأميركي عن مباركة ضم الجولان ليخدمه في الانتخابات الأولى، وقبله نقل السفارة والإعلان عن القدس عاصمةً لإسرائيل.

عرب 48: الخطة تمس من دون شك بكل الشعب الفلسطيني ولكنها تشكل صفعة لما يسمى بنهج أوسلو الذي راهن على المفاوضات برعاية أميركية؟

مصطفى: المشكلة أن هذا النهج الذي راهن على السياسة الدولية من أجل فرض حل على إسرائيل يلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية، تكاسل على المستوى الدولي وترك الساحة لإسرائيل، وهي مفارقة، بأنك تضع كل رهانك على الساحة الدولية وتغيب في الوقت ذاته عن تلك الساحة وتتركها لإسرائيل.

فقد كانت السلطة غائبة في كل الساحات الدولية الممتدة من الهند الصينية إلى أوروبا مرورًا بأميركا الجنوبية وآسيا، ولا تمتلك أي إستراتيجية أو موقف واضح من كل الحراك الدولي ضد إسرائيل، ومن حراك المقاطعة والحرب المضادة التي شنتها إسرائيل ضدها، بمعنى أن من راهن على السياسة الدولية لم يطور أدوات صراع في هذا المجال.

عرب 48: أنت تقول أن السلطة التي حلت محل المنظمة كسرت أدوات العمل والنضال القديمة، التي تمثلت بالمقاومة والوحدة الوطنية الفلسطينية، ولم تطور أدوات جديدة تتناسب مع إستراتيجيتها أو إستراتيجية تتناسب مع موقفها؟

مصطفى: نعم، الفلسطينيون كسروا أدوات حركة التحرر الوطني ولكنهم لم يتقنوا تطوير وممارسة أدوات الدولة، وهكذا خسروا العالمين.

فعندما كانوا يتصرفون كحركة تحرر وطني كان تأثيرهم ونفوذهم الدولي أوسع بكثير، إضافة إلى أن إسرائيل كانت تدفع ثمن احتلالها أكثر بكثير مما هو عليه الحال اليوم.

لقد كانت إسرائيل تدفع ثمنًا سياسيًا واقتصاديًا ودوليًا، ولكن الفلسطينيين تركوا مواقع حركة التحرر الوطني دون أن يمارسوا بكفاءة الأدوات السياسية والدبلوماسية الجديدة.

هذا إضافة إلى أن الفلسطينيين لم يرصدوا التحولات الدولية التي حدثت في السنوات الأخيرة، وتركوا الساحة لإسرائيل لكي تحتل تلك المواقع، ورأينا كيف أن الكثير من الدول التي كانت تساند الحقوق الفلسطينية تراجعت أو صمتت ووقفت على الحياد.

عرب 48: اليوم تقول السلطة الفلسطينية إنها ستفك ارتباطها باتفاق أوسلو، فما هي الخيارات الفلسطينية الواردة؟

عرب 48: لقد بات هذا التهديد ممجوجًا، فكم من مرة هددت السلطة بفك الارتباط مع أوسلو ووقف التنسيق الأمني ولم تنفذ تهديدها، وكم من اجتماع اتفاق عقد واتفاق أبرم لإعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وبقي حبرًا على ورق.

ولذلك على السلطة الآن اتخاذ موقفا جديا وصادقا وحقيقيا، وليس مجرد كلام، ويجب أن تقرر بين أن تكون بلدية كبيرة أو أنها تريد اتخاذ خطوات عملية نحو معاقبة إسرائيل على المستوى الدولي وتحدي أميركا، وإعادة الالتفاف الدولي حولها وهذه مهمة صعبة جدًا ولكنها ممكنة.

وإذا أرادت ذلك، فعليها أن تدرك أن ما يمكن أن يقف أمام هذه الصفقة التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، هو إعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام بشكل حقيقي، وإعادة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفك الارتباط عن أوسلو بما في ذلك وقف النسيق الأمني بشكل حقيقي، وتكريس الجهود من أجل إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني.

عرب 48: هل يعني ذلك حل السلطة؟

مصطفى: برأيي أن ما تم تحقيقه من أوسلو لصالح الشعب الفلسطيني يجب أن يبقى، ويتم البناء عليه لمواصلة المشوار الكفاحي، بما في ذلك السلطة التي يجب تغيير وظائفها وفك الارتباط عن أوسلو.

وإضافة إلى تداعيات صفقة القرن، وما يجري على الأرض في الضفة الغربية وقطاع غزة من قضم الأرض وتغول الاستيطان، فإن ما يجري على الساحة الدولية ويترجم بتشريعات في ألمانيا وفرنسا وغيرهما، من محاولات لربط مقاومة الصهيونية ومقاطعة إسرائيل بالعداء للسامية وبالتالي تجريم النضال الفلسطيني، هو أمر خطير يستهدف انتزاع ما تبقى لنا، وهي القوة الأخلاقية المتمثلة بعدالة قضيتنا والنابعة من كون إسرائيل قوة استعمارية كولونيالية.


د. مهند مصطفى، مدير عام مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، محاضر مشارك في الكلية الأكاديمية بيت بيرل، ورئيس قسم التاريخ في المعهد الأكاديمي العربي في الكلية.

حيفا ــ ناهد درباس

25 يناير 2020

عقد “مدى الكرمل”، المركز العربي للدراسات الاجتماعية والتطبيقية، تدوة في جمعيّة الثقافة العربيّة  لمناقشة كتاب “الطفولة المحتجزة وسياسة نزع الطفولة” للبروفيسورة نادرة شلهوب كيفوكيان في مقر جمعية الثقافة بشارع المخلص في مدينة حيفا.

ويتناول الكتاب دراسة قامت بها شلهوب كيفوركيان من خلال مقابلات أجرتها مع أطفال فلسطينيين من القدس وغزة والنقب، وأيضا يشمل الكتاب فصلا عن مذبحة دهمش في مدينة اللد، والتي حدثت في عام النكبة، ومقابلات مع من كانوا أطفالا في ذلك الوقت.

يتناول الكتاب، المكون من 164 صفحة والمطبوع بجامعة كامبريدج في بريطانيا، المكاسب السياسية الإسرائيلية في اختراق ونزع الطفولة الفلسطينية، والتي تتطلب قراءة مغايرة.

وافتتح الندوة الدكتور مهند مصطفى، مدير عام مركز مدى الكرمل، وقال: “عنوان الكتاب ليس مفهوما ضمنا لا نظريا ولا معرفيا ولا حتى سياسيا. غير أن الكتاب هو محاولة لإعطاء مقاربة لقضية مهمة يعاني منها الإنسان الفلسطيني والطفل الفلسطيني، وتفتح المجال أمام حقل تجربة جديد للباحثين الفلسطينيين والغربيين للتعاطي مع القضية الفلسطينية في الجوانب التي لم يتم بحثها سابقا”.

ولدت الباحثة ناردة شلهوب كيفوركيان في حيفا، وتحدثت في مداخلتها عن طفولتها في شارع المخلص في حيفا، عندما كان اليهود يرمون الحجارة عليها وعلى العرب عامة، ويشتمونهم بالقول “عرب قذرون”.

وتناولت مداخلة مؤلفة الكتاب سياسات نزع الطفولة في السياق الاستعماري والمنظومة السياسية الصهيونية الممنهجة وأدائها اتجاه أطفال فلسطين منذ النكبة إلى اليوم، وقالت: “المنظومة تغير مناهجها، ولكن الهدف الأساسي استهداف المجتمع واستهداف حميميته واستهداف أرضه والاستيلاء عليها”. وتابعت “في عام 1948 حصل التهجير، وبعدها تم وضع الفلسطينيين في مناطق معزولة تحت حكم عسكري حتى عام 1967، أما اليوم نجد في غزة السيطرة على المأكل والسيطرة على المواد الطبية، وتحويل غزة إلى معمل لإنتاج ولتجربة أسلحتهم”.

وفي تعقيبها على طفولة أطفال فلسطين المسروقة قالت الباحثة: “هذا المقصد الأساسي من كتابي، لا أحد يستطيع أن يسرق الطفل من طفولته، ولكن هناك محاولات دائمة لاقتلاع الطفولة والحميمية، هذه هي وظيفة المنظومة الإسرائيلية حتى تنتج اليهودي المتخيل على أرضنا وإخراج الفلسطيني، والطفل يقاوم هذا الاستئصال الدائم من الأرض ومن البيت من الحياة والجسد”.

تقطن الكاتبة في القدس في البلدة القديمة، وتوضح أنه لا يمكن لأحد سرقة الطفولة من الأطفال وفق ما بحثته وما تشاهده كل صباح عندما تشاهد الأطفال الفلسطينيين، وهم يمشون في البلدة القديمة بالقدس إلى المدرسة كل صباح بالرغم من كل ظروف الاحتلال.

وشملت المداخلة قراءات لمقابلات أجرتها مع أطفال فلسطينيين من غزة والقدس والنقب والخليل.

وقدم قراءة الكتاب الدكتور خالد فوراني، وهو مُحاضر في جامعةِ تل أبيب وقال: “هذه أفظع الجرائم، فماذا يبقى للمرء أن يقوله حين تطاول الجريمة في الماضي والمستقبل وما بينهما في آن واحد؟ وهذا هو حال الجريمة التي تبحثها نادرة النادرة، في دراستها عن نوع الطفولة في فلسطين”.

يتضمّن العدد الحاليّ مقالات متنوّعة تحاول سَبْرَ غَوْر حقل التعليم العالي العربيّ. أوّلها محاولة تحليليّة لأهمّ التحوّلات التي مرّ بها هذا الحقل في العقود الأخيرة، كارتفاع عدد الطلبة والطالبات الذين يدرسون في مؤسّسات غير إسرائيليّة، ولا سيّما في مناطق السلطة الفلسطينيّة والأردن. الثانية محاولة لقراءة جوانب قلّما جرى التعاطي معها بحثيًّا كالإنتاج المعرفيّ والحركة الطلّابيّة وعلاقة الطالب بالمؤسّسة التعليميّة في جوانبها المعرفيّة والثقافيّة.  ونطمح أن يفتح هذا العدد المجال لدراسات مستقبليّة حول هذه المواضيع بغية التعمّق فيها والاستزادة منها، وطرحها كمواضيع تُناقَش على المستوى العامّ، في ما يتجاوز التعاطي التقليديّ مع مسألة التعليم العالي.

لقراءة العدد: اضغط هنا

الآراء المطروحة في جدل تعبر عن كتّابها ولا تعكس بالضرورة توجهات مدى الكرمل

© 2020 كافة الحقوق محفوظة

نظّم المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة – مدى الكرمل، بالتعاون مع جمعيّة الثقافة العربيّة، ندوةً لمناقشة كتاب الپروفيسورة نادرة شلهوب – كيفوركيان “الطفولة المحتجَزة وسياسة نزع الطفولة”، شاركت فيها مؤلّفة الكتاب، وعقّب عليه د. خالد فوراني المحاضر في جامعة تل أبيب، وأدار الندوةَ أمير مرشي.  

افتتح الندوةَ الدكتور مهنّد مصطفى، المدير العامّ لمركز مدى الكرمل، بالترحيب وتقديم الشكر للحضور الـمَهيب، وأشاد بمساهمات الپروفيسورة نادرة، ووضّح أنّها تتميّز بين الأكاديميّين والأكاديميّات بجُهدها لفتح حقول معرفيّة جديدة، وأضاف أنّها تصوغ دائمًا في مؤلّفاتها ومقالاتها مقاربات نظريّة أصيلة لفهم واقعنا الفلسطينيّ.

ثمّ عرضت مؤلّفة الكتاب، الپروفيسورة نادرة، مضامين الكتاب، وذلك عبْرَ ثلاث ملاحظات تمهيديّة إزاء كتابها. بدايةً وضّحت الپروفيسورة منهجها البحثيّ، من خلال النظر إلى الهيكليّة الاستعماريّة، في جميع مجالات البحث والإنتاج المعرفيّ في فلسطين؛ ففي موقعها ومجالها الأكاديميّ في الجامعات (علم الأجرام) لن تستطيع فهم الطفل الفلسطينيّ حين يحمل حجرًا ويرميه على العسكريّ المستعمِر، دون فهم الهيكليّة الاجتماعيّة التي شكّلتها المنظومة الاستعماريّة. بالتالي توضّح لنا المنهج الأساسيّ في أبحاثها عمومًا وبحثها حول الطفولة الفلسطينيّة خاصّة، بأن ننظر إلى “الإجرام” من خلال تشكُّلات بُنى قوّة وهيمنة في المجتمع والسياسة والاقتصاد والتعليم. 

ملاحظتها الثانية ترتكز على تحليل المنظومة الأَمنيّة الصهيونيّة وموقع الطفل الفلسطينيّ فيها، حيث أشارت الكاتبة  أنّ المنظومة الأمنيّة الصهيونيّة ترتكز على مفاهيم سياسيّة ديمـﭼرافيّة لضمان الشروط المادّيّة لوجود الدولة الاستعماريّة واستدامتها، وبالتالي تستنتج أنّ الطفل الفلسطينيّ مستهدَف على نحوٍ بنيويّ ومستمرّ، وبأشكال متعدّدة في النقب، وفي عكّا وفي نابلس وكذلك في غزّة، وطبعًا في القدس.

وفي النهاية، اعتبرت الپروفيسورة نادرة أنّ بحثها المتداخل مع تجارب الأطفال في القدس يوضّح لنا إمكانيّات المقاومة لدى الطفل الفلسطينيّ، ومدى أثره الوجوديّ الفيزيائيّ في الحيّز العامّ. فهي توضّح أنّ وجود الطفل الفلسطينيّ في القدس، وحياته، ومرحه، وتعليمه، وكلّ فعل يقوم به، كلّ ذلك يشكّل تهديدًا أمنيًّا للمنظومة الاستعماريّة وعقيدتها الأمنيّة.

وتلا ذلك تعقيبُ الدكتور خالد فوراني، فقال إنّه يرى من واجبه أن يذكر مَواطن القوّة في الكتاب من حيث عمق المساهمة النظريّة، وكذلك مَواطن الضعف التي حاول من خلالها مناقشة تعريفاتٍ وقصورِ المجال المكانيّ الذي يرتكز عليه الكتاب. 

بالتالي يرى الدكتور خالد فوراني أنّ الكتاب “الطفولة المحتجزة وسياسة نزع الطفولة” جسّد الإمكانيّات المعرفيّة لدى المستعمَر والمضطهد، وقد لاحظ أنّ الديالكتيك والتناقض في مقولة الكتاب هو ما جعله كتابًا متميّزًا؛ فسياسة نزع الطفولة هي ذاتها ما يثبت الطفولة الفلسطينيّة من خلال إرادة الطفل ووجوده.  

استطاعت الحكومات، بتبنّيها سياسات السوق الحرّ والسياسات النيوليبراليّة في معظم دول العالم، أن تعزل العمل السياسيّ عن الاقتصاديّ، واستطاعت أن تتنصّل من مسؤوليّاتها تجاه مواطنيها، ولا سيّما الأقلّيّات الضعيفة. ولعلّ أخطر تأثيرات السياسات النيوليبراليّة ليست الأزمة الاقتصاديّة التي تسبّبت فيها، وإنّما الأزمة السياسيّة. تبنّى اليمين في إسرائيل سياسات نيوليبراليّة اقتصاديّة أسهمت في تحسين مكانة الدولة اقتصاديًّا في العقود الأخيرة، وساعده في ذلك تخلّي اليسار الإسرائيليّ عن مفاهيم اليسار من الناحية الاقتصاديّة منذ منتصف الثمانينيّات. ولتحسين مكانة دولة إسرائيل اقتصاديًّا، أقرّت حكومات اليمين النيوليبراليّة سياسات لدمج الفلسطينيّ في السوق النيوليبراليّ كفرد، ممّا عظّم فكرة الإنجاز والتميُّز الشخصيّ، في مقابل تعزيز الطابع الجماعيّ الإثنيّ – الدينيّ للمجموعة اليهوديّة، والذي جرى التعبير عنه مؤخّرًا بقانون القوميّة. من هذا المنطلق، يرغب مدى الكرمل في الوصول إلى فهم أعمق لانعكاسات السياسات النيوليبراليّة، ولا سيّما الاقتصاديّة منها، على حياة الفلسطينيّين من خلال طرق محاور مختلفة.
استطاعت الحكومات، بتبنّيها سياسات السوق الحرّ والسياسات النيوليبراليّة في معظم دول العالم، أن تعزل العمل السياسيّ عن الاقتصاديّ، واستطاعت أن تتنصّل من مسؤوليّاتها تجاه مواطنيها، ولا سيّما الأقلّيّات الضعيفة. ولعلّ أخطر تأثيرات السياسات النيوليبراليّة ليست الأزمة الاقتصاديّة التي تسبّبت فيها، وإنّما الأزمة السياسيّة. تبنّى اليمين في إسرائيل سياسات نيوليبراليّة اقتصاديّة أسهمت في تحسين مكانة الدولة اقتصاديًّا في العقود الأخيرة، وساعده في ذلك تخلّي اليسار الإسرائيليّ عن مفاهيم اليسار من الناحية الاقتصاديّة منذ منتصف الثمانينيّات. ولتحسين مكانة دولة إسرائيل اقتصاديًّا، أقرّت حكومات اليمين النيوليبراليّة سياسات لدمج الفلسطينيّ في السوق النيوليبراليّ كفرد، ممّا عظّم فكرة الإنجاز والتميُّز الشخصيّ، في مقابل تعزيز الطابع الجماعيّ الإثنيّ – الدينيّ للمجموعة اليهوديّة، والذي جرى التعبير عنه مؤخّرًا بقانون القوميّة. من هذا المنطلق، يرغب مدى الكرمل في الوصول إلى فهم أعمق لانعكاسات السياسات النيوليبراليّة، ولا سيّما الاقتصاديّة منها، على حياة الفلسطينيّين من خلال طرق محاور مختلفة.

نظّم برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل -المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة، بالتعاون مع جمعيّة الثقافة العربيّة، الأسبوع الماضي، ندوة فكرية بعنوان “الثورات العربيّة-أسئلة في الأخلاق والسياسة”، وذلك على شرف نيل رسالة الدكتوراه للباحثة ياسمين ضاهر التي تناولت في رسالتها هذا الموضوع.

أدارت الندوة عضوة الهيئة الإدارية في جمعية الثقافة العربية، المحامية حنين إغباريّة، والتي أكدت على أهميّة الموضوع المطروح، واستطاعت الباحثة النظر فلسفيّا إلى الثورات العربيّة وإعادة الروحِ البحثيّة لها.

وافتتح مُدير عام مدى الكرمل، د. مُهند مصطفى، بكلمةٍ تُشيد بموضوع الندوة “الثورات العربيّة” وأهميّة دراسةِ الثورات العربيّة من موقعِنا الفلسطينيّ، مؤكدا على أهمية المساهمات المعرفيّة العربيّة لنقدِ الاستبداد في المنطقةِ العربيّة وطرحِ أسئلةٍ تُحاكي المعاناة العربيّة، على عكسِ الأسئلة الاستشراقيّة والعُنصريّة التي تنحو لتجريمِ الشعوب.

وكانت كلمته، مُقدمة لحديث د. ياسمين ضاهر؛ التي أطلقت مُحاضرتها بسؤال “لماذا لا يوجد تحوّل ديمقراطي، في المنطقةِ العربيّة؟” وبدأت في تفكيك المقولة الدارجة في دراسات “التحوّل الديمقراطي” في العقود الخمسة الأخيرة، بأن المنطقةِ العربيّة هي في مسارٍ خطيّ نحو الديمقراطيّة، وبأن الديمقراطية هي الخير للشعوبِ جميعا، وطرحت أن هذهِ المقولة تُغيّب “الشعب” و”الناس” عن هذا المسار.

وطرحت ضاهر إشكاليّة فلسفيّة وأخلاقيّة لفهمِ جذور المشكلة في تحليل الثورات عمومًا والثورات العربية خصوصًا. تتعلق الإشكاليّة بالنظرة إلى الأحداث والفعل الثوري، إذ طرحت مستلهمة من الفيلسوفة حنة أرندت، بأن الفلسفة الغربيّة منذُ هيغل تنظرُ إلى الفعل الثوري، على أنها تقف على مسافةٍ من الحدث والفعل والتاريخ، وتُراقبها، وتُحلل مُجرياتِها، دون أن ترى ذاتها جُزءًا من هذا الحدث والفعل والتاريخ، وهُنا يغيبُ عنها العديد من الإمكانيّات في هذا الفعل الثوري. وبالتالي، تُقصي العديد من مُركباته، وأهمها الشعب والناس في الميادين، وتراها بأنها هامشيّة، وينتجُ عن ذلك دراساتٍ لا تجدُ في الفعل الثوري الجماهيري ذاتهِ بديلا عن الاستبداد.

وعلى إثر ذلك، انتقدت ضاهر المدارس الثلاث في “دراسات التحوّل الديمقراطي” التي تدرس الفعل الثوري في المنطقةِ العربيّة على أنهُ موضوع منفصل عن الذات المشاركة في الثورات العربيّة. لذلك رأت المدارس جميعا بأن التحول الديمقراطي يأتي فقط عبر النخبِ والمؤسسات، دونَ فهمِ الدور الأساسي للفعل الثوري الجماهيري ذاتهِ.

دراسة الثورة كما تطرحُها ضاهر، عليها أن تعكس منظورًا أخلاقيّا، يرتكز على مُشاركة “الشعب” و”الناس” في السياسة وصنعها. واعتمدت الباحثة على الفيلسوف إيمانويل كانط في تحديد أهميّة تداول الفعل الثوري كمُمارسة أخلاقيّة، دونَ الاكتراث بالتبعاتِ السياسيّة، بل الأمل في التقدّم والحريّة، كما تطرحُها الثورة، هي الفعل الأخلاقي.

ووجدت ضاهر، بأن الممارسات والفعل الثوري بالميادين في الثورات العربيّة، التي جسّدت انخراط الشعب بالسياسة والسيطرة على الحيّز العامّ، قد خلقت بدائل نضالية في إدارةِ حياتِهم، بالتالي أصبحت الحشود تملكُ السياسة مادّيا، وهكذا نستطيع فهم الفعل الثوري من خلال مُركباتهِ الأخلاقيّة وإمكانيّاتهِ السياسيّة.

وأنهت الباحثة مُحاضرتها في الحديث عن إمكانيّات صقل الذوات الأخلاقيّة من خلال الفعل الثوريّ ذاتهِ.

ثم قدّم د. رائف زريق تعقيبًا على ما قدّمته ضاهر، من جانب “ما هي الثورة؟” فقد رأى زريق بأن الباحثة ارتكزت على مفهوم جماليّ للثورة، على أنها بذاتِها هي تعبّر عن مرحلة خلق وبدء من جديد، وفيها فروسيّة وتحدّ. وقال إنه هو أيضا يرى بأهميّة التركيز على الفعلِ الثوريّ ذاتهِ، ولكن مع الوعي لمحدوديّته.

وأضاف زريق، بأن الكلام عن الثورة عليهِ دائما أن يكونَ في السياق الاجتماعيّ السياسيّ، بالتالي كما تحدّثت أرندت عن أهميّة “احتلال” الحيّز العام للمقهورين والفُقراء والأقليّات، وعدم الاعتماد على قوانين حقوق الإنسان في عالمٍ فاشيّ ونازيّ. في المقابل وجّه زريق نقدا لفكرة امتلاك الحيز العام بالمطلق، معتبرا أن ذلك في بعض الأحيان يؤدي إلى نتائج عكسية، لا سيما إذا سيطرت عليه قوى غير ديمقراطية.

تُعتبر الولايات المتّحدة الأمريكيّة الراعي الرئيسيّ لعمليّة السلام التي وُقّعت في العام 1993 بين منظّمة التحرير الفلسطينيّة وإسرائيل، وقد دأبت الولايات المتّحدة الأمريكيّة منذ إبرام اتّفاقيّات أوسلو وواشنطن على تقديم مساعدات للشعب الفلسطينيّ كوسيلة لدفع واستمرار عمليّة السلام بين الطرفين، وتُعتبر الوكالة الأمريكيّة للتنمية الدوليّة (USAID)، ووزارة الخارجيّة الأمريكيّة (Department of State)، المصدر الرئيسيّ الذي تتدفّق من خلاله هذه المساعَدات. فقد شرعت الوكالة الأمريكيّة للتنمية الدوليّة ووزارة الخارجيّة الأمريكيّة بتنفيذ برامج في مختلف القِطاعات في الضفّة الغربيّة وقِطاع غزّة، وأضيف إليها منذ اندلاع الانتفاضة الثانية دعم ماليّ مباشر لموازنة السلطة الوطنيّة، ثمّ تطوّرت المساعدات الأمريكيّة في سنوات ما بعد الانقسام الفلسطينيّ لتشمل مجالات وقِطاعات أوسع وهي: التكاليف الإداريّة؛ البنْية التحتيّة؛ الأمن والحماية؛ سيادة القانون وحقوق الإنسان؛ المساعَدات الاجتماعيّة؛ المياه والصرف الصحّيّ؛ التعليم الأساسيّ.

لتحميل ملف الورقة بصيغة PDF

 

نظّم “مدى الكرمل -المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة” حلقة دراسيّة أكاديميّة لمناقشة كتاب الشيخ رائد صلاح “إضاءات على ميلاد الحركة الإسلاميّة المحظورة إسرائيليًّا”، مساء يومِ الجمعة الماضي في المركز الجماهيريّ في أمّ الفحم، وذلك ضمن برنامج سنويّ لقراءة كتب تتناول قضايا مختلفة في المجتمع الفلسطينيّ والعالم العربيّ.

 أدار الحلقةَ الدراسيّة المحامي والأكاديميُّ علي حيدر، وقدّم الكتاب على أنّه ينطوي على أهمّيّة كبرى، معرفيّة وسياسيّة، مشيرًا أنّ الكتاب مُهمّ لجميع المجالات البحثيّة في العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، مقدِّرًا مجهود مركز مدى الكرمل الذي بادر إلى تنظيم هذه الحلقة الدراسيّة. 

افتتح الندوةَ الدكتور مهنّد مصطفى مدير عام مدى الكرمل بمداخلة ساقَ خلالها عدّة ادّعاءات بشأن الكتاب؛ الأوّل تناول الكتابة ذاتها ومفاهيمها، مناقشًا أشكال الكتابة؛ التاريخيّة والعلميّة والذاتيّة وغير ذلك… وأكّد أنّ التعامل مع شكل الكتابة لدى الشيخ رائد صلاح عليه ألّا ينحاز إلى المقولات الأورومركزيّة، التي لا تنظر إلى السيرة الذاتيّة على أنّه كتاب تاريخيّ أكاديميّ. وكذلك أكّد مصطفى على أهمّيّة الكتاب التاريخيّة وشهادته على الماضي.

 واما الأدِّعاء الثاني، فمفاده أن الكتاب بمثابة وثيقة تاريخيّة للحركة الإسلاميّة في الداخل (المحظورة إسرائيليًّا)، وذكر أنّ هذه من أولى الوثائق التي تتحدّث عن الحركة الإسلاميّة في الداخل، حيث تنبع أهميّة الكتاب من أهمّيّة الكاتب، الشيخ رائد صلاح، قائد الحركة الذي أنتج وثيقة تاريخيّة عن ذاته وعن تداخل حياته مع الحركة الإسلاميّة في إسرائيل.

أمّا الادّعاء الثالث، فقد تناول المعنى الاجتماعيّ للحظر، مشيرًا أنّ العلاقات والممارسة التي تُشكّلها الحركة الإسلاميّة في إسرائيل عبْر مشروعها في القُدس، هي التلاحم الاجتماعيّ، ومن ثَمّ السياسيّ، مع المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ. هذه العلاقات، التي تشكّلت منذ بداية الحركة الإسلاميّة في إسرائيل، قرنت بين الفلسطينيّ في “داخل الخطّ الأخضر” والفلسطينيّ “خارج الخطّ الأخضر”، وهُنا برزت الأزمة عند المؤسّسة الاستعماريّة تجاهنا، ورفضها لهُويّتنا ووجودنا الفلسطينيَّيْن. وعلى أثر ذلك، حُظرت الحركة الإسلاميّة تحت قيادة الشيخ رائد صلاح.

وتحدّثت الباحثة عرين هوّاري منسقة برنامج دعم طلاب الدكتوراة في مدى الكرمل عن أهمّيّة الكتاب في دراسة الحركة الإسلاميّة، إذ يقدّم مادّة هامّة للباحثين والباحثات في هذا المجال، واعتبرت أنّ الكتاب يحمل أبعادًا إنسانيّة وسياسيّة هامّة في حياة الشيخ رائد صلاح، مؤكّدة أنّها لامست احترام الشيخ رائد لدَوْر المرأة وتقديره لها في العمل الإسلاميّ، ولكنّها أشارت في الوقت نفسه أنّه يقدّمها كمسانِدة للمشروع الإسلاميّ ومضحّية من أجله، أي لم تقدَّم كصاحبة مشروع. وادّعت هوّاري أنّها رأت من خلال الكتاب أنّ الحركة الإسلاميّة، المحظورة إسرائيليًّا، لم تتقدّم في مضمار دمج المرأة في المجال السياسيّ التنظيميّ كما حدث لدى الحركات الإسلاميّة في العالم العربيّ. واستحضرت في هذا السياق أطروحتها للدكتوراة التي قابلت خلال إعدادها ناشطات وقياديّات من التيّار الإسلاميّ عبّرن عن مواقف متباينة في قضايا اجتماعيّة تشير إلى التعدّديّة في صفوفهنّ، وفي الوقت ذاته ذكرن أنّ الحركة الإسلاميّة فتحت لهنّ المجال للخروج إلى الحيّز العامّ، حتّى في إطار غياب تمثيلهنّ في الأطر القياديّة في الحركة الإسلاميّة.

تَخْلص الباحثة عرين هوّاري إلى أنّ الحيّز العامّ الذي حقّقته الحركة الإسلاميّة لم يكن أمرًا عابرًا أو مسألة محسومة، بل هو إنجاز حقيقيّ لفتح قنوات للنساء للمشارَكة الاجتماعيّة والسياسيّة في الحيّز العموميّ. من هنا، أثَرُ الحظر الإسرائيليّ كان على آلاف النساء في الداخل، بسبب حرمانهنّ من أن تتوافر لهنّ إمكانيات للعبور إلى الحيّز العموميّ.

وكان المتحدّث الأخير الكاتب والصحفيّ أنطوان شلحت، الذي أشار إلى أنّ الكتاب ينتمي إلى الأدبيّات التي تحاول أن تقدّم سرديّة جماعيّة لا تتضمّن تمجيدًا للكاتب نفسه -وهذا أمر مميِّز للكتاب-. وأضاف أنّ السياسات الإسرائيليّة منذ عام 2000 والهبّة الشعبيّة في الداخل الفلسطينيّ، في سياق الانتفاضة الوطنيّة الثانية، بدأت بتطبيق استنتاجات “لجنة أور” التي حدّدت أنّ الحركة الإسلاميّة والشيخ رائد صلاح من الأسباب المؤدّية إلى ما حدث (إضافة إلى التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ وقائده الدكتور عزمي بشارة)، لكونِها أسهمت في تطوير العلاقات بين الفلسطينيّين “داخل الخطّ الأخضر” مع القدس والمسجد الأقصى منذ بدايات الحركة الإسلاميّة، وهو ما أدّى إلى تكثيف المضايقات والملاحقة إلى أن جرى حظرها. وفي الختام، قام المشاركون بتقديم مداخلات وتساؤلات حول الكتاب والمداخلات.