بأعقاب خلل تقني، اتضح ان بعض الاستمارات التي تم ملؤها لمشاركة في سمنار ومنحة مدى الكرمل لطلبة الدراسات العليا ، لم تصل لعنوان مدى. للتأكد من وصول طلبكم يرجى التواصل مع مدى الكرمل على أحد العنوانين
mada@mada-research.org
areenhawari@mada-research.org
مؤتمر مدى الكرمل السنويّ 2020
دعوة لتقديم ملخَّص مداخلة في المؤتمر
الحقل السياسيّ الفلسطينيّ: تحوُّلات في القيادة ودَور الأحزاب بين التمثيل والتنظيم
الناصرة
14/3/2020
ورقة مرجعيّة:
يمرّ المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل بتحوُّلات جوهريّة في السنوات الأخيرة، فضلًا عن تأثُّره من متغيّرات المشهد الفلسطينيّ العامّ. ساهمت هذه التحوّلات في إحداث تغيُّرات في الحقل السياسيّ الفلسطينيّ. ظهرت تمثُّلات هذه التحوُّلات /التغيُّرات في مَحاور عديدة، من بينها تحوُّلات في القيادة السياسيّة من حيث عملها وتوجُّهاتها السياسيّة، إذ ليس في الإمكان قراءة تحوُّلات القيادة بمعزل عن التحوُّلات الاجتماعيّة – الاقتصاديّة التي مرّ بها المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل وما يزال يمرّ. فالقيادة السياسيّة (سواء في ذلك القطْريّة والمحلّيّة)، في أغلبها، هي تَجَلٍّ لهذه التحوُّلات من جهة، وتقوم بدَوْر في بلورتها وتعظيمها من جهة أخرى.
قام مدى الكرمل في مؤتمره السنويّ في حزيران (2019) بدراسة بعض هذه التحوُّلات التي تتمثّل في صعود التوجُّهات الفردانيّة الاندماجيّة داخل المجتمع الفلسطينيّ الناتجة عن نشوء علاقات قوّة اجتماعيّة واقتصاديّة جديدة مع النظام الإسرائيليّ، مقابل التوجُّه الجمعانيّ. بَيْدَ أنّ المؤتمر السابق ركّز في مقارباته على التحوُّلات الاجتماعيّة – الاقتصاديّة وعلاقتها بالمشاركة السياسيّة، ولم يطرق الباب الذي يعالج تأثير ذلك على القيادة السياسيّة، من حيث تحوُّلاتها وتمثُّلات ذلك في عملها وتوجُّهاتها السياسيّة.
إلى جانب تحوُّلات القيادة السياسيّة، يشهد الحقل السياسيّ الفلسطينيّ انزياحًا نحو التقلّص إلى العمل البرلمانيّ عبر القائمة المشتركة. وينعكس ذلك بدوره على مكانة ودَور الأحزاب والحركات السياسيّة في الحقل السياسيّ، حيث تشهد الأحزاب حراكًا سياسيًّا داخليًّا، وكذلك تتحرّك خارجيًّا، وعلى نحوٍ أساسيّ من خلال ديناميكيّات العمل البرلمانيّ وما يحمل من فكرة التمثيل السياسيّ للجماهير الفلسطينيّة، لكن دون إيلاء اهتمام كافٍ لفكرة التنظيم والصوغ، أي تنظيم الجماهير الفلسطينيّة لتكون فاعلة في النضال السياسيّ من خلال أدوات احتجاجيّة أخرى، وصوغ مطلبيّاتها الجمعانيّة. تظهر جدليّة التمثيل والتنظيم في رؤية الأحزاب والحركات السياسيّة لدَوْرها السياسيّ؛ فمنطق التمثيل يفترض التنافس على تمثيل الفلسطينيّين في الكنيست والمحافل الحكوميّة وداخل النظام السياسيّ، بينما تنطلق فكرة التنظيم من العمل الجماعيّ الذي يرمي إلى تمكين المجتمع للنضال من أجل صوغ وتحصيل الحقوق الجماعيّة من جهة، وتوسيع الحقل السياسيّ وتفعيله من جهة أخرى، بما يتجاوز العمل البرلمانيّ ذا البُعد التمثيليّ.
إنّ مقاربة الحقل السياسيّ نظريًّا، من خلال مَفْهَمة التنظيم والتمثيل، تحتاج إلى مقاربته تاريخيًّا، من خلال تحليل سوسيولوجيّ وسياسيّ للحقل السياسيّ الفلسطينيّ في فترات سابقة تَمَيَّزَ فيها هذا الحقل بإمكانيّة التغيير ردًّا على مَوْجات الأسرلة في النصف الأوّل من عقد التسعينيّات من القرن الماضي، على سبيل المثال، وذلك بغية تحقيق فهم أعمق للحقل الراهن؛ فقد شهد الحقل السياسيّ آنذاك توسُّعًا من حيث التنوُّع الفكريّ والأيديولوجيّ، وأدوات الاحتجاج والنضال السياسيّ، وتشابكًا أكبر مع المشهد السياسيّ الفلسطينيّ العامّ في أعقاب اتّفاق أوسلو، وتحدّيًا لفكر أوسلو الذي حوّل الفلسطينيّين في الداخل إلى شأن إسرائيليّ بحت، وتداخلًا أوسع نسبيًّا للحكم المحلّيّ مع العمل السياسيّ الوطنيّ، وصعود رعيل جديد من القيادة الفلسطينيّة رأى في مشروع التنظيم الجماعيّ مشروعًا ملازمًا لفكرة التمثيل السياسيّ.
ينطلق المؤتمر الحاليّ من مقولة ملخَّصُها أنّ الحقل السياسيّ الحاليّ يتأثّر على نحو كبير من نشوء علاقات قوّة اقتصاديّة واجتماعيّة وسياسيّة جديدة مع النظام السياسيّ، وذلك في السياق النيوليبراليّ، عزّزت صيرورة تفكُّك هذا الحقل على مستوى التنظيم، وتصاعدت فكرة التمثيل السياسيّ والتأثير على النظام السياسيّ من داخله، منطلقةً من خطابٍ مُفادُهُ أنّ زيادة التمثيل تزيد من التأثير، متجاهلةً الجوهر الاستعماريّ الذي يتّسم به النظام السياسيّ، وصعود دَوْر مواقع التواصل الاجتماعيّ وتأثيرها على الحقل السياسيّ الفلسطينيّ. بناء على ذلك، يهدف المؤتمر السنويّ لمدى الكرمل عام 2020 إلى تحليل العوامل التي أوصلت الحقل السياسيّ إلى الوضع الراهن من خلال تَقاطُعه مع المشهد الفلسطينيّ العامّ، وتحوُّلات المشهد الإسرائيليّ في السنوات الأخيرة، والمشهد في السياسات العالميّة، وذلك من خلال مقاربات نظريّة سياسيّة وسوسيولوجيّة حول المَحاور التالية:
أوّلًا: طرْح مقاربات نظريّة سياسيّة وتاريخيّة للحقل السياسيّ الفلسطينيّ الراهن، حيث نرمي إلى فهم مميّزات هذا الحقل، والعوامل التي تؤثّر على بنْيته السياسيّة والاجتماعيّة ومستقبله على ضوء التحوُّلات الداخليّة في المجتمع الفلسطينيّ، وعلاقته بالمشهد الفلسطينيّ العامّ وتشابكه مع المتغيّرات في المشهد الإسرائيليّ.
ثانيًا: القيادة السياسيّة: محاولة فهم التغيُّرات التي طرأت على القيادة السياسيّة على المستوى القطْريّ والمحلّيّ، والعوامل التي تؤثّر على خطاب وعمل هذه القيادة.
ثالثًا: الأحزاب السياسيّة: محاولة فهم دَوْر الأحزاب السياسيّة، ومَصادر ضعفها وتراجُعها، وعلاقة ذلك بمُجْمَل التغيُّرات التي طرأت على الحقل السياسيّ.
بناء على ذلك، يتوجّه مركز مدى الكرمل إلى جمهور الباحثين والباحثات وطلّاب الدراسات العليا كي يقدّموا ملخّصات للمشاركة في المؤتمر حتّى موعد أقصاه 15/12/2019، وذلك على العنوان التالي:
بإحترام:
اللجنة الأكاديميّة للمؤتمر
لقراءة الورقة بصيغة PDF أضغط هنا
للإستزادة أصغط هنا
يُدار السيمنار باللغة العربيّة، ابتغاءَ التمرّس على العَرض بلغة الأمّ، ويتضمّن محاضرات ولقاءات مع باحثات وباحثين فلسطينيّين من ذوي التجربة والمكانة.
يُعْقَد السيمنار على مدار ثمانية لقاءات، مرّة واحدة كلّ شهر، في “مدى الكرمل” في حيفا أيّام السبت، ابتداءً من 21 كانون الأوّل (ديسمبر) 2019. من بين مُخْرَجات الورشة سيكون ثمّة نشر ملف خاصّ يتضمّن مقالات حول المشاريع البحثيّة للطلبة يوضّحون بها الأطر النظريّة لأبحاثهم وأهمّيّتها المجتمعيّة.
يمنح المرْكز كلَّ مشترِك/ة في السيمنار منحةً ماليّة بقيمة ألف وخمسمئة دولار تُقدَّم له/ا على ثلاث مراحل: في اللقاء الخامس، وفي اللقاء الأخير، وبعد إصدار الملف.
على المعنيّين والمعنيّات بالالتحاق بالسيمنار أن يكونوا طلبة دكتوراه في العلوم الاجتماعيّة، أو التاريخ أو الحقوق، أو طلبة ماجستير-مسار بحثيّ في أحد هذه المواضيع (على أن يكونوا في المرحلة الثانية من دراستهم، أي ما بعد التصديق على اقتراح البحث).
على كلّ راغب وراغبة في التسجيل تحضير ما يلي باللغة العربيّة أو الإنجليزية فقط، ثمّ تعبئة النموذج الإلكترونيّ عبْر الرابط أدناه وإرفاق المطلوب داخله حتّى 7 كانون الأول 2019 حدًّا أقصى:
- رسالة باللغة العربيّة فيها طلب انضمام للورشة (لا تتعدّى 300 كلمة)، تشرح فيها اهتمامك وتوقُّعاتك للاستفادة من هذه الورشة.
- موجز البحث (لا يتعدّى 400 كلمة).
- سيرة ذاتيّة (لا تتعدّى صفحتين).
- رسالة توصية أكاديميّة (يفضَّل أن تكون من المشْرف أو المشْرفة على البحث).
- وثيقة رسميّة تؤكّد أنّ الطالب يدرس لنيل الدكتوراه، أو أنّه طالب ماجستير حاصل على تصديق على اقتراح البحث.
الرابط: https://bit.ly/2rHQLMz
* لا يُنظَر إلّا في الطلبات المكتملة والتي تستوفي الشروط.
** لمزيد من التفاصيل يمكن التواصل عبر البريد الالكتروني التالي: mada@mada-research.org
*** يمكن للمشرف/ة أن يرسل/ترسل التوصية مباشرة على عنوان مدى الكرمل، بدلا من إرفاقها داخل النموذج.
يوم الجمعة الموافق للحادي عشر من تشرين الأوّل، انطلقت ورشة الاستعمار الاستيطانيّ والصهيونيّة في لقائها الثالث. وهي ورشة دراسيّة وبحثيّة يُشارك فيها باحثون وطلبة الدراسات العليا من فلسطين. تتكوّن الورشة من سلسلة لقاءات لمدّة سنة ونصف السنة ابتغاءَ تدريب رعيل جديد من الباحثين والباحثات في دراسة إسرائيل والصهيونيّة كمشروع استعمار استيطانيّ، ويُديرها الأستاذ الدكتور نديم روحانا، وتنسّق أعمالَـها الباحثة عرين هوّاري.
عالجت الورشة خلال اليومين موضوع “الشعوب الأصلانيّة ومقاومة الاستعمار الاستيطانيّ: فلسطين وحالات أخرى”. وقد افتتحها البروفيسور نديم روحانا في مُداخلة لتأطير الورشة نظريًّا، من خلال فتح «الأصلانيّة» كمجال معرفيّ -أكاديميّ لدراسة الحالة الفلسطينيّة. قام روحانا في مداخلته بتحليل أسس الإهانات التي يتعرّض لها السكّان الأصليّون في حالة استعمار استيطانيّ وكيفيّة مواجهتها، سواء أكان ذلك في الخطاب الشعبيّ أم في العمل السياسيّ. وتناول روحانا تعبيرات الفلسطينيّين في إسرائيل عن كرامتهم الوطنيّة ودَور هذه التعبيرات في مواجهة المنظور والممارسة الصهيونيَّيْن اللذَيْن ينكران علاقة الفلسطينيّين بوطنهم. وقدّم أمير مرشي، طالبُ الماجستير وعضو الورشة، مداخلةً راجَعَ من خلالها التشكُّلاتِ المتعدّدةَ (القانونيّة؛ السوسيولوجيّة؛ الأنثروپولوجيّة) لمفهوم «الأصلانيّة»، محاولًا بذلك تحديد أثر تلك التشكُّلات السياسيّ والأيديولوجيّ على النضال والتحرّر في السياق الفلسطينيّ.
أمّا في الجلسة الثانية، فقد تحدّثت المحامية سهاد بشارة -مديرة قسم الأرض والتخطيط في مركز عدالة القانونيّ-عن العلاقة الشائكة بين السياسيّ والقانونيّ في السياقات الاستعماريّة، وخصّت بذلك فلسطين. في محاضراتها قامت بإعادة النظر في «الأصلانيّة» كأداة قانونيّة في تحليل السياق الفلسطينيّ، والأثر السياسيّ المترتّب على تشكيل المشروع والنضال الفلسطينيّ. كذلك تناولت الاستحقاقاتَ القانونيّة؛ للتعامل مع البدو في النقب وفي الضفّة الغربيّة كمجموعة أصلانيّة، وبالتالي منحهم بشكل خاصّ رزمة من الحقوق وَفق قرارات الأمم المتّحدة. ترى سهاد بشارة أنّ الأثر السياسيّ لهذه التعريفات القانونيّة يخلق أنماطًا تعيق النضال الفلسطينيّ، في سعيه لصياغة هدف سياسيّ واحد، وهو تفكيك هذه المنظومة الاستعماريّة. وعلى أثر مداخلتها، قدّم أحمد عزّ مُقاربة تدّعي أنّ هذه التعريفات القانونيّة تخفي أيديولوجيّات كاملة عنصريّة تجاهنا تعمل على تفكيك شعبٍ مُستعمَر.
في الجلسة الثالثة، قدّم الدكتور أحمد أمارة الباحث القانونيّ مداخلة، بدأت من حيث ما انتهت إليه الجلسة السابقة، متناولًا أسئلةً جديدة متعلّقة بتشابُكِ شقَّيِ النضال الوطنيّ القانونيّ والسياسيّ، في سياق أراضي البدو الفلسطينيّين في منطقة السبع، ومُحاولات المرافَعة القانونيّة لإنجاز استحقاقات قانونيّة لصالح البدو الفلسطينيّين في قضايا الأراضي. في مداخلته طرح كذلك المجريات التي واكبت اتّخاذ القرار بتبنّي الحجّة القانونيّة التي ترى أنّ البدو الفلسطينيّين هم أصلانيّون بالاعتماد على الإعلان الدوليّ لحقوق الشعوب الأصلانيّة (2007). أسهمت هذه النقاط الشائكة في تحفيز نقاشات بشأن أنماط النضال الفلسطينيّ التي تُنتَج من خلال مُحدّدات سوسيو-سياسيّة لِما هو «أصلانيّ». في تعقيب على المحاضرة، ناقش الدكتور عوض منصور (المحاضر في العلوم السياسيّة في جامعة القدس) مفاهيميًّا «الاستعمارَ الاستيطانيَّ»، مدّعيًا أنّ ما يجري في فلسطين هو «استيطان استعماريّ» وليس “استعمارًا استيطانيًّا”، ويُحدّد بذلك نمطًا واحدًا للنضال وهو مقاومة قانونيّة، سياسيّة وعسكريّة، تعملُ فقط على تقويض هذه المنظومة.
وفي الجلسة الأخيرة من اليوم الأوّل، تحدّث طالب الدكتوراه وعضو الورشة علي موسى عن أطروحته حول الذاكرة الجماعيّة والذاكرة الفرديّة بشكل متوازٍ لتبنّي ذاكرة جماعيّة غير نخبويّة، بمعنى أنّها تُعنى بنصوص ذاتيّة اجتماعيّة؛ تجري صياغتها من خلال علاقتها بالمكان الفلسطينيّ، في زمن الصراعات والحروب منذ بداية الاستعمار. كما عرضَ الباحث سامر جابر، عضو الورشة، مداخلته حول تطبيع العلاقة مع مؤسّسات المستعمِر. تناولت مداخلة جابر إعادة تعريف التطبيع من خلال ربط فعل التواصل مع المستعمِر بتشريعٍ تاريخيّ للمشروع الصهيونيّ، وبالتالي وضع أسس في فهم العلاقات المختلفة مع المستعمِر، عند كلّ تقسيمةٍ استعمارية جغرافيّة في فلسطين: الداخل الفلسطينيّ؛ قِطاع غزّة؛ الضفّة الغربيّة؛ القُدس؛ الشتات. أدار الجلسةَ وعقّب على المداخلات الدكتور صالح عبد الجواد المحاضر في جامعة بير زيت.
بدأ اليوم التالي، السبت، بجلسة مراجَعات لمقالات نظريّة في مجال الاستعمار الاستيطانيّ من منظور مُقارن. وقد تحدّث خلالها عضوا الورشة مَي همّاش طالبة الماجستير في الدراسات الإسرائيليّة، ووليد حبّاس طالب الدكتوراة في علم الاجتماع، حول فاعليّة الشعوب الأصلانيّة في التاريخ، وتكوُّنها كشعوب واعية لذاتها. تناوَلا كذلك العلاقات الأصلانيّة -الاستعماريّة، ومحددِّات تلك العلاقات لدى مُنظِّرين آباء في هذا المجال. خلال ذلك ناقشوا السؤالين: هل منطقُ الإبادة وحده يحكم علاقات الأصلانيّ -المستعمِر؟ وهل لدى هذا المنطق أشكال أخرى غير الإبادة المادّيّة والفيزيائيّة؟ نوقش في الورشة منطق الإبادة الذي تحدّث عنه المنظّر باتريك وولف، في أشكال عديدة، اقتصاديّة وثقافيّة وسياسيّة، لكي تجري مُقاربته فلسطينيًّا.
في الجلسة التالية، طرح الدكتور عوض منصور إطاره النظريّ (البنْية المفاهيميّة) لتحليل النظم الاستيطانيّة الاستعماريّة في مسارها نحو التشكُّل كدول، من خلال توظيف ما كتبه تشارلز تيلي عن تطوُّر الدولة الحديثة في أوروبا، وعلى وجه التحديد تداخل عمليّة صنع الحرب مع عمليّة صنع الدولة. هذا المدخل يوضّح منهجيّة تحليليّة لفهم النظم الاستيطانيّة من حيث مراحلها، ومن حيث العوامل التي قد تسهم في بقائها أو انهيارها. ففي بعض الحالات، بقيت إلى اليوم مثل حالة الولايات المتّحدة الأمريكيّة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، بينما فشلت في روديسيا (زمبابوي اليوم)، وإلى حدّ ما في حالة نظام الأﭘـارتهايد في جنوب أفريقيا. وهناك حالتان ما زالتا غير محسومتين، هما إيرلندا الشماليّة والحالة الصهيونيّة. جرى التركيز على بعض هذه الحالات الاستيطانيّة الاستعماريّة من خلال عرض بعض العوامل التي أثّرت على مسارها، والتي ما زالت في بعض الحالات تؤثّر على تحديد مسارها كنُظُم وكدول. من بين هذه العوامل: العامل الجغرافيّ (الجيو-سياسيّ والجيو-إستراتيجيّ)، ومدى تداخل عمليّتَيْ صنع الحرب وصنع الدولة الاستيطانيّة الاستعماريّة، وكذلك عدد المستوطنين مقابل عدد أفراد الشعب-الشعوب /الأمّة-الأمم، حيثُ يساهم تشخيص مسار وبنْية هذه الحالات في توضيح كيفيّة التعامل معها، وإمكانيّة التغيير.
اختتمت الورشةَ الأستاذة الدكتورة نادرة شلهوب -كيفوركيان رئيسة الهيئة الإداريّة في إدارة مدى الكرمل في محاضرتها حول أطروحتها النظريّة الجديدة، عن الميكانيكيّات الاستعماريّة الاستيطانيّة وممارستها للعنف والسيطرة على الطفل الفلسطينيّ، وبالتالي خلقِها لحيّز إبادة فعليّ للطفل في فلسطين. وقد طوّرت آليّات لفهم هذا العُنف من خلال تتبُّع كلام وممارسات الأطفال إزاء هذا الميكانيكيّات، حيثُ أشارت إلى عدّة تجارب مرّ فيها الطفل الفلسطينيّ من تحرير جُثمان الشهيد نسيم في القدس، أو تجربةٍ مرّت فيها طفلة أثناء هدم بيت عائلتِها. من خلال التحامها المباشر -كباحثة-في الفضاءات الشخصيّة للعائلة وللطفل، تتمكّن شلهوب -كيفوركيان من مقاربة العنف بشكله الحقيقيّ. وما أضافته الأستاذة الدكتورة نادرة هو فهم آليّات المقاومة لدى الطفل، في تحليل الفعل الاجتماعيّ للأطفال في سياقات حضور المستعمر فيزيائيًّا عند باب العمود في القدس على وجه التحديد.
تستعرض الورقة مستقبل المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ في ظلّ التحدّيات الكبيرة والعقبات المستعصية التي تواجه هذا المشروع، ولا سيّما تلك المتعلّقة بفشل مسار التسوية، وفشل مسار المصالحة.
ويواجه المشروع السياسيّ الفلسطينيّ تحدّياتٍ وعقباتٍ كثيرةً، منها ما يتعلّق بفشل أو تعثُّر التسوية السياسيّة وَ “عمليّة السلام” عقب انسداد الأفق السياسيّ بعد صعود اليمين المتطرّف لسدّة الحكم في إسرائيل، وهيمنة كتلة اليمين المتطرّف على النظام السياسيّ في إسرائيل، وتوقّف المفاوضات على نحوٍ كامل منذ سنوات؛ ومنها ما يتعلّق بالوضع الداخليّ الفلسطينيّ في ظلّ الفشل المتكرّر لاتّفاقيّات المصالحة الفلسطينيّة مع إصرار كلّ طرف على مواقفه؛ ومنها ما يتعلّق بالتحوّل في الموقف الأمريكيّ من قضايا الوضع النهائيّ ومحاولة إدارة ترامـﭖ شطب قضيّة القدس واللاجئين والمستوطنات من على طاولة المفاوضات في إطار ما بات يُعْرَف بِـ “صفقة القرن”.