ترمي هذه الورقة إلى قراءة نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيليّ في المجتمع الفلسطينيّ قراءة أوّليّة تحليليّة. تؤكّد هذه القراءة ما جاء من توقّعات وتحليلات في تقدير الموقف الذي نشره مركز مدى الكرمل عشيّة الانتخابات. تعتمد قراءتنا ثلاثة محاور أساسيّة هي:

  • زيادة نسبة غير المشاركين في التصويت، ولا سيّما في صفوف المجموعة التي جاء امتناعها من باب الاحتجاج السياسيّ.
  • تراجُع التمثيل العربيّ في الكنيست إلى 10 مقاعد، مقارَنةً بـِ 13 مقعدًا حصلت عليها القائمة المشتركة (في الكنيست العشرين، 2015)، وَ 11 مقعدًا مثّلت الأحزاب العربيّة في الكنيست التاسع عشر (2013).
  • ازدياد نسبة وعدد المصوّتين للأحزاب الصهيونيّة في المجتمع الفلسطينيّ مقارَنةً بالانتخابات البرلمانيّة السابقة.

ننطلق في هذه الورقة من الادّعاء أنّ نتائج الانتخابات للكنيست الحادي والعشرين شكّلت مؤشّرًا مهمًّا، ولكنّه ليس الوحيد في تجربة الفلسطينيّين داخل إسرائيل في السنوات الأخيرة، إلى الحاجة الماسّة إلى بلورة مشروع سياسيّ جمعيّ تقوم عليه الهيئات السياسيّة والوطنيّة والشعبيّة، وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا. وتزداد هذه الحاجة في أعقاب التحوّلات التي تضرب بالمجتمع الفلسطينيّ في الداخل من جرّاء سياسات استعماريّة ذات طابع قوميّ – دينيّ يقودها اليمين المتطرّف في إسرائيل، وتمتزج مع سياسات نيو ليبراليّة اقتصاديّة تُعْلي من شأن فكرة الفردانيّة والحلول الفرديّة على حساب المشروع والحلول الجمعيّة؛ وكذلك من جرّاء الوضع الراهن للقضيّة الفلسطينيّة، والتحوّلات الإقليميّة المتسارعة.

نسبة التصويت:

تراجعت نسبة المصوّتين في الانتخابات للكنيست الحادي والعشرين، 2019، حيث لم تتعدَّ نسبتهم الـ 50% تقريبًا من أصحاب حقّ الاقتراع؛ وتلك هي أدنى نسبة مشاركة في الانتخابات البرلمانيّة للمجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل منذ بداية ممارسة حقّه في الاقتراع (انظروا الرسم البيانيّ 1).

وحسب المعطيات التي نشرتها لجنة الانتخابات للكنيست الحادي والعشرين، نجد نِسَب تصويت منخفضة على نحوٍ خاصّ في عدد من قرى النقب. فعلى سبيل المثال، في العطاونة بلغت نسبة التصويت 4.5%، تليها ترابين الصانع بنسبة 5.24%، وأبو عبدون بنسبة 8.7%. أمّا نِسَب التصويت الأعلى، فكانت في سخنين (81%)، تليها دير حنّا (74%).

أمّا البلدات العربيّة الدرزيّة (حيث نسبة الدروز في البلدة تتعدّى الـ50% من مجمل السكّان)، فقد بلغت نسبة التصويت فيها 56.5%. البلدة ذات نسبة المشاركة الأدنى في التصويت كانت ساجور (44%). أمّا البلدة ذات نسبة المشاركة الأعلى من بين القرى العربيّة الدرزية، فكانت كسرى-سميع (نحو 70%).

الرسم البيانيّ 1: نسبة التصويت القُطريّة، في صفوف الفلسطينيّين لانتخابات الكنيست الأوّل حتّى الثالث ومنذ

العام 1996[1]

أمّا غير المصوّتين الذين صنّفناهم في ثلاث مجموعات مختلفة (انظروا ورقة تقدير الموقف: انتخابات الكنيست الـ21، بين تفكيك المشترَكة والامتناع عن التصويت)، فقد ازدادت نسبتهم، ولا سيّما نسبة مجموعة الممتنعين عن التصويت من قَبيل الاحتجاج السياسيّ.[2] ويمكننا تحديد نقاط الاحتجاج التي أدّت إلى تراجع نسبة التصويت في التالي:

  • تفكيك القائمة المشتركة– كما سنبيّن لاحقًا، تراجع عدد الأصوات الممنوحة للأحزاب العربيّة التي شكّلت القائمة المشتركة بقرابة 100 ألف صوت. ويدلّ هذا على أنّ قيمة القائمة المشتركة هي أكبر من قيمة مجموع مركّباتها من قَبلها ومن بعدها. أسهَمَ تفكيك المشتركة، وما سبقه من مناورات وسجالات حول مسألة التناوب في العامين 2017 وَ 2018، في تراجع نسبة التصويت، ونرجّح أنّه كان احتجاجًا على تفكيكها، وكنوع من العقاب على ذلك.
  • شَخْصَنة وفَرْدَنة العمل البرلمانيّ، اللتان تشكّلان -حسب رأينا- خطرًا على العمل الحزبيّ الجماعيّ، ولّدتا صراعات شخصيّة على المنصب وعلى المكانة أدّت إلى زعزعة ثقة الجمهور بالنوّاب العرب. وقد ألقت الشَّخْصَنة والسعي إلى النجوميّة بظلالها على بعض النوّاب العرب وعملهم، وهو ما أضعفَ عملَ القائمة المشتركة الجماعيَّ.
  • جدوى العمل البرلمانيّ– حملت التشريعات والسياسات الصادرة عن الحكومة السابقة والكنيست العشرين خطابًا وصبغة عدائيَّيْن ضدّ الفلسطينيّين في إسرائيل. فقد أقرَّ الكنيست العشرون عشرات القوانين الإقصائيّة للفلسطينيّين، كان أخطرها قانون القوميّة. وعلى الرغم من أنّ عدد النوّاب العرب كان إذّاك هو الأكبر في تاريخ التمثيل العربيّ في الكنيست، لم يستطيعوا التصدّي لهذا التشريع. هذان العاملان (التشريعات الإقصائيّة، وعدم القدرة على التصدّي لها) شكّلا نواة إحباط في صفوف المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل من العمل البرلمانيّ وجدواه، تُرجِم (هذا الإحباط) في الامتناع عن التصويت كدلالة على انعدام ثقة في المؤسّسة البرلمانيّة الإسرائيليّة (الكنيست). وربّما يحتاج هذا إلى حِوار أوسع بشأن أهداف العمل البرلمانيّ، وبشأن توقّعات الجمهور العربيّ من العمل البرلمانيّ، ومدى ما تفي به الأدوات البرلمانيّة لتحقيق هذه التوقّعات، وماهيّة قيودها.
  • ضعف الأحزاب التنظيميّ– داهمت الانتخابات الأحزاب العربيّة وهي غير مستعدّة لها كما ينبغي. وفي ظلّ تراجع العمل الحزبيّ، فاجأت الانتخابات الأحزاب تنظيميًّا، ولا سيّما أنّ محاولات المحافظة على القائمة المشتركة حتّى اللحظات الأخيرة، والمناكفات من بعدها، قد استنزفت الأحزابَ وكوادرها. تُرجِم هذا الضعف خلال الانتخابات إلى غياب للأجواء الانتخابيّة والحراك المكثّف.
  • غياب الخطاب البرلمانيّ من أَجِنْدة الأحزاب ودعاياتها الانتخابيّة– فقد ركّزت القوائم على قضايا عامّة، وعلى إسقاط اليمين، ولم توصل أَجِنْداتها البرلمانيّة للسنوات القادمة إلى جمهور الناخبين، ولم تنجح في رأب الصدع بين الناخب والمنتخَب بعد الفشل في الحفاظ على القائمة المشتركة.
  • تعزيز خطاب المقاطَعة والامتناع عن التصويت– في ظلّ ما قيل أعلاه، أخذ التيّار الذي نادى بالمقاطعة أو الامتناع نَفَسًا لتعزيز مقولاته حول أهمّيّة الامتناع عن التصويت، وعدم جدوى العمل البرلمانيّ؛ فقد وجد خطابُه أرضيّةً شعبيّة تقتنع بها، وبخاصّة بعد تفكيك القائمة المشتركة وزعزعة ثقة الجمهور فيها، وعدم قدرتها على صدّ تصاعد التشريعات العدائيّة ضدّ الفلسطينيّين -وعلى رأسها قانون القوميّة.
  • غياب الأمل في التغيير، أو المَيْل إلى الاعتقاد أنّه في أحسن الظروف ما كان هو الذي سيكون، إذ لن تتغيّر الخارطة السياسيّة في إسرائيل، لأنّ اليمين سيبقى في الحكم ولن تؤثّر الأحزاب العربيّة ومندوبوها في سعي الكنيست والحكومة المنبثقة عنها لتشريع قوانين تمييزيّة ضدّ المواطنين الفلسطينيّين. وانعدام التأثير غيّب الأمل ووَأَدَ الدافعيّة للتصويت.

أنماط التصويت في الانتخابات:

بلغ عدد أصحاب حقّ الاقتراع عشيّة انتخابات الكنيست الحادي والعشرين في صفوف المواطنين الفلسطينيّين (لا يشمل ذلك الفلسطينيّين في المدن المختلطة) نحو 843 ألف شخص، شكّلوا 13.4% من مجموع أصحاب حقّ الاقتراع. حصلت التحالفات العربيّة[3] معًا في البلدات العربيّة على 71% من مجموع الأصوات الصالحة. أما في البلدات الدرزيّة (البلدات التي فيها نسبة الدروز أكثر من 50%)، فقد بلغت نسبة المصوّتين للأحزاب العربيّة 9.9%، وما تبقّى من الأصوات الصحيحة كانت من نصيب الأحزاب الصهيونيّة (انظروا الرسم البيانيّ 2).[4]

الرسم البيانيّ 2: توزيعة التصويت لأحزاب عربيّة وأحزاب صهيونيّة في الانتخابات البرلمانيّة 2019[5]

شاركت في انتخابات الكنيست، 2019، ثلاث قوائم عربيّة، تجاوزت اثنتان منها نسبة الحسم. حصل تحالف الجبهة والعربيّة للتغيير على ستّة مقاعد، بينما حصل تحالف الموحّدة والتجمّع على أربعة مقاعد. بلغ عدد الأصوات التي حصل عليها تحالف الجبهة والعربيّة للتغيير 193,442 صوتًا، أي ما نسبته 4.49% من مُجْمَل الأصوات الصحيحة. أمّا تحالف الموحّدة والتجمّع، فقد حصل على 143,666 صوتًا، أي ما نسبته 3.33% من مُجْمَل الأصوات.[6] حافظت الجبهة على تمثيلها البرلمانيّ (أربعة مقاعد)، وأضافت الحركة العربيّة للتغيير لصالحها مقعدًا جديدًا؛ بينما تَراجَعَ تمثيل التجمّع بمقعدين، وتَراجَعَ تمثيل القائمة الموحّدة كذلك بمقعدين.

خسرت التحالفات العربيّة مجتمِعةً في انتخابات الكنيست الحادي والعشرين، عام 2019، نحوَ 100 ألف صوت، مقارنة بعدد الأصوات التي حصلت عليها القائمة المشتركة في انتخابات الكنيست العشرين عام 2015. فقد حصلت آنذاك القائمة المشتركة على 446,583 صوتًا، أي ما يعادل 83% من مُجْمَل الأصوات العربيّة الصحيحة. وإذا قارنّا هذه النتائج بنتائج انتخابات الكنيست التاسع عشر، عام 2013، نجد أنّ القوائم العربيّة الثلاث (الجبهة؛ التجّمع؛ القائمة العربيّة الموحّدة) حصلت على 348,919 صوتًا (انظروا الرسم البيانيّ 3).[7]

الرسم البيانيّ 3: مقارنة عدد المصوّتين في دورات الانتخابات البرلمانيّة الثلاث الأخيرة[8]

إلى جانب تراجع التصويت للقوائم العربيّة، ازداد التصويت للأحزاب الصهيونيّة، من 14% عام 2015 إلى 30% في الانتخابات الحاليّة، وهي بذلك تسجّل أعلى نسبة منذ أكثر من عشرين عامًا (انظروا الجدول 1). وإذا أَمْعَنّا النظر في هذه النسبة، نجد أنّ 9% منها كانت لصالح حزب “ميرتس”، وهي ما يعادل الـ40 ألف صوت (ويمكن القول إنّ هذه الأصوات أنقذت هذا الحزب من عدم اجتياز نسبة الحسم)، بينما حصل حزب “كاحول لَڤان” على ما يقارب 8% من الأصوات العربيّة. في المُجْمَل، حصلت الأحزاب الصهيونيّة على ما يتراوح بين 4 وَ 5 مقاعد من المجتمع العربيّ، وقد ظهر واضحًا تصويتُ التجمّعات الدرزيّة للأحزاب الصهيونية، وتراجُعُ التصويت للقوائم العربيّة، ولا سيّما بعد أن حقّقت القائمة المشتركة نجاحات مهمّة في بلدات درزيّة في الانتخابات السابقة.

الجدول 1: توزيعة التصويت بين الأحزاب العربيّة والأحزاب الصهيونيّة[9]

منذ انتخابات العام 1992

غير عربيّة (%) عربيّة (%)
1992 53.3 47.7
1996 33.6 67.3
1999 29.4 70.6
2003 29.4 70.6
2006 28.0 72.0
2009 17.9 82.1
2013 23 77
2015 17 83
2019 30 70

 

يمكن إيجاز الأسباب التي أدّت إلى ارتفاع التصويت للأحزاب الصهيونيّة على النحو التالي:

  • الوعود التي أطلقتها بعض الأحزاب الصهيونيّة التي توقّعت المشاركة في الحكومة عشيّة الانتخابات، مثل تخصيص ميزانيّات للبلدات العربيّة وإدخال تعديلات على قانون القوميّة.[10] وقد استقبلت بعض البلدات العربيّة مندوبي هذه الأحزاب وخصّصت لهم منصّات لنشر برامجهم الانتخابيّة وإطلاق وعودهم.
  • التصويت من أجل إسقاط اليمين وتغيير بنيامين نتنياهو؛ فقد أدلى قرابة خُمْس المصوّتين من المجتمع العربيّ بأصواتهم لصالح حزب “كاحول لَڤان” وَ “ميرتس”، وذلك بغية تغيير بنيامين نتنياهو وحكومته بحكومة يشكّلها الجنرال بيني چانتس وحزبه “كاحول لَڤان”. نعزو هذا النمط من التصويت إلى الرغبة في اختيار أحزاب لديها القدرة على التغيير، بعد أن ثبت أنّ الأحزاب العربيّة ليس لها القدرة على التغيير أو التأثير، ولا سيّما أنّه إذا كان الهدف هو إسقاط اليمين، فمن المُجْدي -حسب هذا التوجّه- التصويتُ لأحزاب لديها القدرة على إسقاطه. وقد أشرنا في ورقة تقدير الموقف (انتخابات الكنيست الـ 21، بين تفكيك المشتركة والامتناع عن التصويت) إلى أنّ خطاب إسقاط اليمين لدى بعض القوائم العربيّة قد يدفع الناخب العربيّ للتصويت لأحزاب صهيونيّة ابتغاءَ تحقيق هذا الهدف.
  • معاقَبة القوائم العربيّة، نعتقد أنّ بعضًا من التصويت للأحزاب الصهيونيّة كان احتجاجًا على القوائم العربيّة وأدائها، وعلى عدم خوضها الانتخابات في قائمة واحدة وصراعها على ترتيب المقاعد. وقد تجلّى هذا النمط من التصويت عبْر نسبة التصويت المرتفعة لِما يسمّى أحزاب اليسار الصهيونيّ، وعلى وجه الخصوص حزب “ميرتس”.
  • التوجُّهات الفردانيّة، إذ جاء التصويت كجزء من غياب مشروع سياسيّ جماعيّ للفلسطينيّين في إسرائيل، وصعود توجُّهات نيو ليبراليّة في صفوف الفلسطينيّين، وما تحمل من أفكار في اتّجاه حصر التصويت في المصلحة الخاصّة، وفي تحقيق قضايا عينيّة، وفي التخلّي عن المشروع السياسيّ الجماعيّ، فهي تُوْلي الفردَ أهمّيّةً كبرى على حساب الجماعة.

  خاتمة:

انطوت نتائج الانتخابات في المجتمع الفلسطينيّ على مجموعة من المؤشّرات السياسيّة تتطلّب وقفة وتحليلًا، لا لذات الانتخابات ونتائجها، وإنّما لوُجهة المجتمع الفلسطينيّ، وعلى هذه الوقفة أن تكون بشأن النقاط التالية:

  • الحاجة إلى مشروع سياسيّ جماعيّ– فقد حاولت وثائق التصوّر المستقبليّ (ولا سيّما وثيقة حيفا الصادرة عن مدى الكرمل) وضْعَ تصوُّر رؤيويّ للفلسطينيّين في إسرائيل يشكّل بداية بناء مشروع سياسيّ يترجم التصوُّرات إلى عمل سياسيّ جماعيّ، إلّا أنّه منذ صدور هذه المحاولات الرؤيويّة، يبدو أنّ الخطاب السياسيّ الفلسطينيّ يمرّ في مأزق لا يقلّ في حدّته عن مأزق الخطاب السياسيّ الفلسطينيّ عمومًا. وهذا يستدعي من الهيئات التمثيليّة والأحزاب بلورةَ مشروع سياسيّ كان في إمكان القائمة المشتركة أن تَكون هي نواته، أو أن تسهم في بلورته، لو احترمت ثقة الناس وتعويلهم عليها.
  • إعادة دَوْر الأحزاب السياسيّة– كشفت نتائج الانتخابات عن الحاجة إلى إعادة بناء الأحزاب السياسيّة، البرلمانيّة وغير البرلمانيّة، لتأخذ دَوْرًا أكبر في إعادة الناس إلى المجال العامّ عمومًا، والمشاركة السياسيّة على وجه الخصوص، ولا نقصد المشاركة السياسيّة في بُعدها الضيّق المتمثّل في التصويت في انتخابات الكنيست، وإنّما نقصد مُجْمَل المشاركة السياسيّة بكلّ مركّباتها النضاليّة والثقافيّة. غابت الأحزاب عن الانتخابات المحلّيّة أيضًا، قبل بضعة شهور (تشرين الأوّل عام 2018)، تاركةً السياسة المحلّيّة لقوائم محلّيّة تعتمد على قواعد تقليديّة وجِهويّة، فضلًا عن غياب الأحزاب أو تقليص دَوْرها في المجال العامّ الفلسطينيّ.

الحاجة إلى إعادة بلورة معنى العمل البرلمانيّ وأهدافه وجَدْواه– وفي المقابل إعادة بلورة العمل السياسيّ المُوازي والمكمّل (وربّما البديل) للعمل البرلمانيّ، على أن تقع مسؤوليّة إعادة البلورة هذه على الأحزاب والتيّارات السياسيّة كافّة.

[1] المصدر: حتّى العام 2006 برنامج كونراد أدناور للتعاون اليهوديّ العربيّ؛ 2013-2019، لجنة الانتخابات المركزيّة. استقينا نسبة تصويت المواطنين الفلسطينيّين بين العامين 2009-2019 من نتائج الانتخابات بحسب البلدات، التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزيّة. نُفّذ الاحتساب على أنّه مجموع المقترعين الفعليّين من مجموع أصحاب حقّ الاقتراع. في هٰذا الاحتساب، لم نشمل تصويت الفلسطينيّين في المدن المختلطة.

[2] هذا الاستنتاج يحتاج إلى قراءة معمّقة في نتائج انتخابات الكنيست الحادي والعشرين، مقارنة بانتخابات الكنيست العشرين والكنيست التاسع عشر.

[3] لم تتعدَّ نسبة التصويت لقائمة الحزب القوميّ العربيّ (برئاسة محمّد كنعان) 0.8%.

[4] لجنة الانتخابات المركزيّة، ودائرة الإحصاء المركزيّة.

[5] المعطَيات مستقاة من موقع لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ21 (2019). (بالعبرية)

[6] المصدر السابق.

[7] المعطَيات مستقاة من موقع الكنيست. (بالعبرية)

[8] المعطَيات مستقاة من موقع لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ21 (2019)؛ وللكنيست الـ20 (2015)؛ وللكنيست الـ19 (2013).(بالعبرية)

[9] روحانا، نديم؛ وشحادة امطانس؛ و صباغ-خوري، أريج. (2010). الانتخابات الإسرائيلية 2009: تحولات في الاتجاهات السياسيّة للفلسطينيين في إسرائيل. مجلة الدراسات الفلسطينية، عدد 82؛ 2009-2019، استقينا النتائج من معطيات لجنة الانتخابات المركزيّة.

[10] جبور، أساف. (2019، 4 نيسان). ليست مشتركة بعد الآن: يتوجه العرب للأحزاب اليهوديّة. مكور ريشون. (بالعبرية)

أصدر مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، أمس الأحد، ورقة تحليلية تهدف إلى قراءة نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيلية في المجتمع الفلسطيني في الداخل.

تتمحور الورقة حول ثلاث نقاط أساسية؛ أولاً، زيادة نسبة المقاطعين الممتنعين عن التصويت، لا سيما في صفوف المجموعة التي تعاملت مع الامتناع كنوع من الاحتجاج السياسي، ثانياً، تراجع تمثيل القوائم العربية في الكنيست إلى 10 مقاعد وهو اقل ما كان عليه من خلال القائمة المشتركة (13 مقعدا)، وحتى أقل ما كان عليه قبل تشكيل القائمة المشتركة (11 مقعدا). وثالثاً، ازدياد نسبة وعدد المصوتين للأحزاب الصهيونية في المجتمع الفلسطيني.
تنطلق الورقة من مقولة ان نتائج الانتخابات شكلت مؤشرا هاما، لكنه ليس الوحيد، في تجربة الفلسطينيين في إسرائيل في السنوات الأخيرة، حول أهمية بلورة مشروع سياسي جماعي تقوم عليه الهيئات السياسية والوطنية وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا. وتزداد الحاجة الى بلورة مشروع سياسي جماعي، في اعقاب التحولات التي تضرب بالمجتمع الفلسطيني في الداخل جراء سياسات  استعمارية ذات طابع قومي-ديني يقودها اليمين المتطرف في إسرائيل والتي تمتزج مع سياسات نيوليبرالية اقتصادية.

” مؤشرات سياسية “
يشير مركز مدى الكرمل، إلى أن نتائج الانتخابات في المجتمع الفلسطيني حملت مجموعة من المؤشرات السياسية، والتي تتطلب وقفة ولحظات تأمل فيها، ليس لذات الانتخابات ونتائجها، وإنما لوُجهة المجتمع الفلسطيني ، وعلى الوقفة ان تكون على النقاط التالية:
أولا: الحاجة الى مشروع سياسي جماعي، فقد حاولت وثائق التصور المستقبلي (لا سيما وثيقة حيفا الصادرة عن مدى الكرمل) وضع تصور رؤيوي للفلسطينيين في إسرائيل، يشكل بداية بناء مشروع سياسي يترجم التصورات الى عمل سياسي جماعي، الا انه منذ هذه المحاولات الرؤيوية، يبدو ان الخطاب السياسي الفلسطيني يمر بمآزق، لا يقل في حدته عن مآزق الخطاب السياسي الفلسطيني عموما. وهذا يحتاج من الهيئات التمثيلية والأحزاب القيام بخطوة لبلورة مشروع سياسي، كان يمكن للقائمة المشتركة ان تكون نواته او ان تساهم في بلورته، لو انها احترمت ثقة الناس والتعويل عليها.
ثانيا: إعادة دور الأحزاب السياسية، كشفت نتائج الانتخابات عن الحاجة الى إعادة بناء الأحزاب السياسية سواء البرلمانية او غير البرلمانية لتأخذ دورا أكبر في إعادة الناس الى المجال العام عموما، والمشاركة السياسية خصوصا، ولا نقصد المشاركة السياسية في بعدها الضيق المتمثل في التصويت في انتخابات الكنيست، وإنما مجمل المشاركة السياسية بكل مركباتها النضالية والثقافية. غابت الاحزاب عن الانتخابات المحلية أيضا، قبل بضعة شهور، تاركة السياسة المحلية لقوائم محلية تعتمد على قواعد تقليدية وجهوية، فضلا عن غياب الأحزاب او تقليص دورها في المجال العام الفلسطيني.
ثالثا: الحاجة إلى إعادة بلورة معنى العمل البرلمانيّ وأهدافه وجَدْواه، وفي المقابل إعادة بلورة العمل السياسيّ المُوازي والمكمّل (وربّما البديل) للعمل البرلمانيّ، على أن تقع مسؤوليّة إعادة البلورة هذه على الأحزاب والتيّارات السياسيّة كافّة .

الناصرة – وكالة قدس نت للأنباء

أصدر مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، اليوم الأحد، ورقة  تحليلية تهدف إلى قراءة نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيلية في المجتمع الفلسطيني في الداخل.

تتمحور الورقة حول ثلاث نقاط أساسية؛ أولاً، زيادة نسبة المقاطعين الممتنعين عن التصويت، لا سيما في صفوف المجموعة التي تعاملت مع الامتناع كنوع من الاحتجاج السياسي، ثانياً، تراجع تمثيل القوائم العربية في الكنيست إلى 10 مقاعد وهو اقل ما كان عليه من خلال القائمة المشتركة (13 مقعدا)، وحتى أقل ما كان عليه قبل تشكيل القائمة المشتركة (11 مقعدا). وثالثاً، ازدياد نسبة وعدد المصوتين للأحزاب الصهيونية في المجتمع الفلسطيني.

تنطلق الورقة من مقولة ان نتائج الانتخابات شكلت مؤشرا هاما، ولكنه ليس الوحيد، في تجربة الفلسطينيين في إسرائيل في السنوات الأخيرة، حول أهمية بلورة مشروع سياسي جماعي تقوم عليه الهيئات السياسية والوطنية وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا. وتزداد الحاجة الى بلورة مشروع سياسي جماعي، في اعقاب التحولات التي تضرب بالمجتمع الفلسطيني في الداخل جراء سياسات  استعمارية ذات طابع قومي-ديني يقودها اليمين المتطرف في إسرائيل والتي تمتزج مع سياسات نيوليبرالية اقتصادية.

يشير مركز مدى الكرمل، إلى أن نتائج الانتخابات في المجتمع الفلسطيني حملت مجموعة من المؤشرات السياسية، والتي تتطلب وقفة ولحظات تأمل فيها، ليس لذات الانتخابات ونتائجها، وإنما لوُجهة المجتمع الفلسطيني، وعلى الوقفة ان تكون على النقاط التالية:

أولا: الحاجة الى مشروع سياسي جماعي، فقد حاولت وثائق التصور المستقبلي (لا سيما وثيقة حيفا الصادرة عن مدى الكرمل) وضع تصور رؤيوي للفلسطينيين في إسرائيل، يشكل بداية بناء مشروع سياسي يترجم التصورات الى عمل سياسي جماعي، الا انه منذ هذه المحاولات الرؤيوية، يبدو ان الخطاب السياسي الفلسطيني يمر بمآزق، لا يقل في حدته عن مآزق الخطاب السياسي الفلسطيني عموما. وهذا يحتاج من الهيئات التمثيلية والأحزاب القيام بخطوة لبلورة مشروع سياسي، كان يمكن للقائمة المشتركة ان تكون نواته او ان تساهم في بلورته، لو انها احترمت ثقة الناس والتعويل عليها.

ثانيا: إعادة دور الأحزاب السياسية، كشفت نتائج الانتخابات عن الحاجة الى إعادة بناء الأحزاب السياسية سواء البرلمانية او غير البرلمانية لتأخذ دورا أكبر في إعادة الناس الى المجال العام عموما، والمشاركة السياسية خصوصا، ولا نقصد المشاركة السياسية في بعدها الضيق المتمثل في التصويت في انتخابات الكنيست، وإنما مجمل المشاركة السياسية بكل مركباتها النضالية والثقافية. غابت الاحزاب عن الانتخابات المحلية أيضا، قبل بضعة شهور، تاركة السياسة المحلية لقوائم محلية تعتمد على قواعد تقليدية وجهوية، فضلا عن غياب الأحزاب او تقليص دورها في المجال العام الفلسطيني.
ثالثا: الحاجة إلى إعادة بلورة معنى العمل البرلمانيّ وأهدافه وجَدْواه، وفي المقابل إعادة بلورة العمل السياسيّ المُوازي والمكمّل (وربّما البديل) للعمل البرلمانيّ، على أن تقع مسؤوليّة إعادة البلورة هذه على الأحزاب والتيّارات السياسيّة كافّة.

رام الله – دنيا الوطن
أصدر مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، اليوم الأحد، ورقة  تحليلية تهدف إلى قراءة نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيلية في المجتمع الفلسطيني في الداخل.

تتمحور الورقة حول ثلاث نقاط أساسية؛ أولاً، زيادة نسبة المقاطعين الممتنعين عن التصويت، لا سيما في صفوف المجموعة التي تعاملت مع الامتناع كنوع من الاحتجاج السياسي، ثانياً، تراجع تمثيل القوائم العربية في الكنيست إلى 10 مقاعد وهو اقل ما كان عليه من خلال القائمة المشتركة (13 مقعدا)، وحتى أقل ما كان عليه قبل تشكيل القائمة المشتركة (11 مقعدا). وثالثاً، ازدياد نسبة وعدد المصوتين للأحزاب الصهيونية في المجتمع الفلسطيني.

تنطلق الورقة من مقولة ان نتائج الانتخابات شكلت مؤشرا هاما، ولكنه ليس الوحيد، في تجربة الفلسطينيين في إسرائيل في السنوات الأخيرة، حول أهمية بلورة مشروع سياسي جماعي تقوم عليه الهيئات السياسية والوطنية وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا. وتزداد الحاجة الى بلورة مشروع سياسي جماعي، في اعقاب التحولات التي تضرب بالمجتمع الفلسطيني في الداخل جراء سياسات  استعمارية ذات طابع قومي-ديني يقودها اليمين المتطرف في إسرائيل والتي تمتزج مع سياسات نيوليبرالية اقتصادية.

يشير مركز مدى الكرمل، إلى أن نتائج الانتخابات في المجتمع الفلسطيني حملت مجموعة من المؤشرات السياسية، والتي تتطلب وقفة ولحظات تأمل فيها، ليس لذات الانتخابات ونتائجها، وإنما لوُجهة المجتمع الفلسطيني، وعلى الوقفة ان تكون على النقاط التالية:

أولا: الحاجة الى مشروع سياسي جماعي، فقد حاولت وثائق التصور المستقبلي (لا سيما وثيقة حيفا الصادرة عن مدى الكرمل) وضع تصور رؤيوي للفلسطينيين في إسرائيل، يشكل بداية بناء مشروع سياسي يترجم التصورات الى عمل سياسي جماعي، الا انه منذ هذه المحاولات الرؤيوية، يبدو ان الخطاب السياسي الفلسطيني يمر بمآزق، لا يقل في حدته عن مآزق الخطاب السياسي الفلسطيني عموما. وهذا يحتاج من الهيئات التمثيلية والأحزاب القيام بخطوة لبلورة مشروع سياسي، كان يمكن للقائمة المشتركة ان تكون نواته او ان تساهم في بلورته، لو انها احترمت ثقة الناس والتعويل عليها.

ثانيا: إعادة دور الأحزاب السياسية، كشفت نتائج الانتخابات عن الحاجة الى إعادة بناء الأحزاب السياسية سواء البرلمانية او غير البرلمانية لتأخذ دورا أكبر في إعادة الناس الى المجال العام عموما، والمشاركة السياسية خصوصا، ولا نقصد المشاركة السياسية في بعدها الضيق المتمثل في التصويت في انتخابات الكنيست، وإنما مجمل المشاركة السياسية بكل مركباتها النضالية والثقافية. غابت الاحزاب عن الانتخابات المحلية أيضا، قبل بضعة شهور، تاركة السياسة المحلية لقوائم محلية تعتمد على قواعد تقليدية وجهوية، فضلا عن غياب الأحزاب او تقليص دورها في المجال العام الفلسطيني.

ثالثا: الحاجة إلى إعادة بلورة معنى العمل البرلمانيّ وأهدافه وجَدْواه، وفي المقابل إعادة بلورة العمل السياسيّ المُوازي والمكمّل (وربّما البديل) للعمل البرلمانيّ، على أن تقع مسؤوليّة إعادة البلورة هذه على الأحزاب والتيّارات السياسيّة كافّة.

ترمي هذه الورقة إلى قراءة نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيليّ في المجتمع الفلسطينيّ قراءة أوّليّة تحليليّة. تؤكّد هذه القراءة ما جاء من توقّعات وتحليلات في تقدير الموقف الذي نشره مركز مدى الكرمل عشيّة الانتخابات. تعتمد قراءتنا ثلاثة محاور أساسيّة هي:

v             زيادة نسبة غير المشاركين في التصويت، ولا سيّما في صفوف المجموعة التي جاء امتناعها من باب الاحتجاج السياسيّ.

v             تراجُع التمثيل العربيّ في الكنيست إلى 10 مقاعد، مقارَنةً بـِ 13 مقعدًا حصلت عليها القائمة المشتركة (في الكنيست العشرين، 2015)، وَ 11 مقعدًا مثّلت الأحزاب العربيّة في الكنيست التاسع عشر (2013).

v             ازدياد نسبة وعدد المصوّتين للأحزاب الصهيونيّة في المجتمع الفلسطينيّ مقارَنةً بالانتخابات البرلمانيّة السابقة.

ننطلق في هذه الورقة من الادّعاء أنّ نتائج الانتخابات للكنيست الحادي والعشرين شكّلت مؤشّرًا مهمًّا، ولكنّه ليس الوحيد في تجربة الفلسطينيّين داخل إسرائيل في السنوات الأخيرة، إلى الحاجة الماسّة إلى بلورة مشروع سياسيّ جمعيّ تقوم عليه الهيئات السياسيّة والوطنيّة والشعبيّة، وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا. وتزداد هذه الحاجة في أعقاب التحوّلات التي تضرب بالمجتمع الفلسطينيّ في الداخل من جرّاء سياسات استعماريّة ذات طابع قوميّ – دينيّ يقودها اليمين المتطرّف في إسرائيل، وتمتزج مع سياسات نيو ليبراليّة اقتصاديّة تُعْلي من شأن فكرة الفردانيّة والحلول الفرديّة على حساب المشروع والحلول الجمعيّة؛ وكذلك من جرّاء الوضع الراهن للقضيّة الفلسطينيّة، والتحوّلات الإقليميّة المتسارعة.

نسبة التصويت:

تراجعت نسبة المصوّتين في الانتخابات للكنيست الحادي والعشرين، 2019، حيث لم تتعدَّ نسبتهم الـ 50% تقريبًا من أصحاب حقّ الاقتراع؛ وتلك هي أدنى نسبة مشاركة في الانتخابات البرلمانيّة للمجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل منذ بداية ممارسة حقّه في الاقتراع (انظروا الرسم البيانيّ 1).

وحسب المعطيات التي نشرتها لجنة الانتخابات للكنيست الحادي والعشرين، نجد نِسَب تصويت منخفضة على نحوٍ خاصّ في عدد من قرى النقب. فعلى سبيل المثال، في العطاونة بلغت نسبة التصويت 4.5%، تليها ترابين الصانع بنسبة 5.24%، وأبو عبدون بنسبة 8.7%. أمّا نِسَب التصويت الأعلى، فكانت في سخنين (81%)، تليها دير حنّا (74%).

أمّا البلدات العربيّة الدرزيّة (حيث نسبة الدروز في البلدة تتعدّى الـ50% من مجمل السكّان)، فقد بلغت نسبة التصويت فيها 56.5%. البلدة ذات نسبة المشاركة الأدنى في التصويت كانت ساجور (44%). أمّا البلدة ذات نسبة المشاركة الأعلى من بين القرى العربيّة الدرزية، فكانت كسرى-سميع (نحو 70%).

الرسم البيانيّ 1: نسبة التصويت القُطريّة، في صفوف الفلسطينيّين لانتخابات الكنيست الأوّل حتّى الثالث ومنذ

العام 1996[1]

أمّا غير المصوّتين الذين صنّفناهم في ثلاث مجموعات مختلفة (انظروا ورقة تقدير الموقف: انتخابات الكنيست الـ21، بين تفكيك المشترَكة والامتناع عن التصويت)، فقد ازدادت نسبتهم، ولا سيّما نسبة مجموعة الممتنعين عن التصويت من قَبيل الاحتجاج السياسيّ.[2] ويمكننا تحديد نقاط الاحتجاج التي أدّت إلى تراجع نسبة التصويت في التالي:

v             تفكيك القائمة المشتركة- كما سنبيّن لاحقًا، تراجع عدد الأصوات الممنوحة للأحزاب العربيّة التي شكّلت القائمة المشتركة بقرابة 100 ألف صوت. ويدلّ هذا على أنّ قيمة القائمة المشتركة هي أكبر من قيمة مجموع مركّباتها من قَبلها ومن بعدها. أسهَمَ تفكيك المشتركة، وما سبقه من مناورات وسجالات حول مسألة التناوب في العامين 2017 وَ 2018، في تراجع نسبة التصويت، ونرجّح أنّه كان احتجاجًا على تفكيكها، وكنوع من العقاب على ذلك.

v         شَخْصَنة وفَرْدَنة العمل البرلمانيّ، اللتان تشكّلان -حسب رأينا- خطرًا على العمل الحزبيّ الجماعيّ، ولّدتا صراعات شخصيّة على المنصب وعلى المكانة أدّت إلى زعزعة ثقة الجمهور بالنوّاب العرب. وقد ألقت الشَّخْصَنة والسعي إلى النجوميّة بظلالها على بعض النوّاب العرب وعملهم، وهو ما أضعفَ عملَ القائمة المشتركة الجماعيَّ.

v         جدوى العمل البرلمانيّ- حملت التشريعات والسياسات الصادرة عن الحكومة السابقة والكنيست العشرين خطابًا وصبغة عدائيَّيْن ضدّ الفلسطينيّين في إسرائيل. فقد أقرَّ الكنيست العشرون عشرات القوانين الإقصائيّة للفلسطينيّين، كان أخطرها قانون القوميّة. وعلى الرغم من أنّ عدد النوّاب العرب كان إذّاك هو الأكبر في تاريخ التمثيل العربيّ في الكنيست، لم يستطيعوا التصدّي لهذا التشريع. هذان العاملان (التشريعات الإقصائيّة، وعدم القدرة على التصدّي لها) شكّلا نواة إحباط في صفوف المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل من العمل البرلمانيّ وجدواه، تُرجِم (هذا الإحباط) في الامتناع عن التصويت كدلالة على انعدام ثقة في المؤسّسة البرلمانيّة الإسرائيليّة (الكنيست). وربّما يحتاج هذا إلى حِوار أوسع بشأن أهداف العمل البرلمانيّ، وبشأن توقّعات الجمهور العربيّ من العمل البرلمانيّ، ومدى ما تفي به الأدوات البرلمانيّة لتحقيق هذه التوقّعات، وماهيّة قيودها.

v         ضعف الأحزاب التنظيميّ- داهمت الانتخابات الأحزاب العربيّة وهي غير مستعدّة لها كما ينبغي. وفي ظلّ تراجع العمل الحزبيّ، فاجأت الانتخابات الأحزاب تنظيميًّا، ولا سيّما أنّ محاولات المحافظة على القائمة المشتركة حتّى اللحظات الأخيرة، والمناكفات من بعدها، قد استنزفت الأحزابَ وكوادرها. تُرجِم هذا الضعف خلال الانتخابات إلى غياب للأجواء الانتخابيّة والحراك المكثّف.

v             غياب الخطاب البرلمانيّ من أَجِنْدة الأحزاب ودعاياتها الانتخابيّة- فقد ركّزت القوائم على قضايا عامّة، وعلى إسقاط اليمين، ولم توصل أَجِنْداتها البرلمانيّة للسنوات القادمة إلى جمهور الناخبين، ولم تنجح في رأب الصدع بين الناخب والمنتخَب بعد الفشل في الحفاظ على القائمة المشتركة.

v             تعزيز خطاب المقاطَعة والامتناع عن التصويت- في ظلّ ما قيل أعلاه، أخذ التيّار الذي نادى بالمقاطعة أو الامتناع نَفَسًا لتعزيز مقولاته حول أهمّيّة الامتناع عن التصويت، وعدم جدوى العمل البرلمانيّ؛ فقد وجد خطابُه أرضيّةً شعبيّة تقتنع بها، وبخاصّة بعد تفكيك القائمة المشتركة وزعزعة ثقة الجمهور فيها، وعدم قدرتها على صدّ تصاعد التشريعات العدائيّة ضدّ الفلسطينيّين -وعلى رأسها قانون القوميّة.

v             غياب الأمل في التغيير، أو المَيْل إلى الاعتقاد أنّه في أحسن الظروف ما كان هو الذي سيكون، إذ لن تتغيّر الخارطة السياسيّة في إسرائيل، لأنّ اليمين سيبقى في الحكم ولن تؤثّر الأحزاب العربيّة ومندوبوها في سعي الكنيست والحكومة المنبثقة عنها لتشريع قوانين تمييزيّة ضدّ المواطنين الفلسطينيّين. وانعدام التأثير غيّب الأمل ووَأَدَ الدافعيّة للتصويت.

أنماط التصويت في الانتخابات:

بلغ عدد أصحاب حقّ الاقتراع عشيّة انتخابات الكنيست الحادي والعشرين في صفوف المواطنين الفلسطينيّين (لا يشمل ذلك الفلسطينيّين في المدن المختلطة) نحو 843 ألف شخص، شكّلوا 13.4% من مجموع أصحاب حقّ الاقتراع. حصلت التحالفات العربيّة[3] معًا في البلدات العربيّة على 71% من مجموع الأصوات الصالحة. أما في البلدات الدرزيّة (البلدات التي فيها نسبة الدروز أكثر من 50%)، فقد بلغت نسبة المصوّتين للأحزاب العربيّة 9.9%، وما تبقّى من الأصوات الصحيحة كانت من نصيب الأحزاب الصهيونيّة (انظروا الرسم البيانيّ 2).[4]

الرسم البيانيّ 2: توزيعة التصويت لأحزاب عربيّة وأحزاب صهيونيّة في الانتخابات البرلمانيّة 2019[5]

شاركت في انتخابات الكنيست، 2019، ثلاث قوائم عربيّة، تجاوزت اثنتان منها نسبة الحسم. حصل تحالف الجبهة والعربيّة للتغيير على ستّة مقاعد، بينما حصل تحالف الموحّدة والتجمّع على أربعة مقاعد. بلغ عدد الأصوات التي حصل عليها تحالف الجبهة والعربيّة للتغيير 193,442 صوتًا، أي ما نسبته 4.49% من مُجْمَل الأصوات الصحيحة. أمّا تحالف الموحّدة والتجمّع، فقد حصل على 143,666 صوتًا، أي ما نسبته 3.33% من مُجْمَل الأصوات.[6] حافظت الجبهة على تمثيلها البرلمانيّ (أربعة مقاعد)، وأضافت الحركة العربيّة للتغيير لصالحها مقعدًا جديدًا؛ بينما تَراجَعَ تمثيل التجمّع بمقعدين، وتَراجَعَ تمثيل القائمة الموحّدة كذلك بمقعدين.

خسرت التحالفات العربيّة مجتمِعةً في انتخابات الكنيست الحادي والعشرين، عام 2019، نحوَ 100 ألف صوت، مقارنة بعدد الأصوات التي حصلت عليها القائمة المشتركة في انتخابات الكنيست العشرين عام 2015. فقد حصلت آنذاك القائمة المشتركة على 446,583 صوتًا، أي ما يعادل 83% من مُجْمَل الأصوات العربيّة الصحيحة. وإذا قارنّا هذه النتائج بنتائج انتخابات الكنيست التاسع عشر، عام 2013، نجد أنّ القوائم العربيّة الثلاث (الجبهة؛ التجّمع؛ القائمة العربيّة الموحّدة) حصلت على 348,919 صوتًا (انظروا الرسم البيانيّ 3).[7]

الرسم البيانيّ 3: مقارنة عدد المصوّتين في دورات الانتخابات البرلمانيّة الثلاث الأخيرة[8]

إلى جانب تراجع التصويت للقوائم العربيّة، ازداد التصويت للأحزاب الصهيونيّة، من 14% عام 2015 إلى 30% في الانتخابات الحاليّة، وهي بذلك تسجّل أعلى نسبة منذ أكثر من عشرين عامًا (انظروا الجدول 1). وإذا أَمْعَنّا النظر في هذه النسبة، نجد أنّ 9% منها كانت لصالح حزب “ميرتس”، وهي ما يعادل الـ40 ألف صوت (ويمكن القول إنّ هذه الأصوات أنقذت هذا الحزب من عدم اجتياز نسبة الحسم)، بينما حصل حزب “كاحول لَڤان” على ما يقارب 8% من الأصوات العربيّة. في المُجْمَل، حصلت الأحزاب الصهيونيّة على ما يتراوح بين 4 وَ 5 مقاعد من المجتمع العربيّ، وقد ظهر واضحًا تصويتُ التجمّعات الدرزيّة للأحزاب الصهيونية، وتراجُعُ التصويت للقوائم العربيّة، ولا سيّما بعد أن حقّقت القائمة المشتركة نجاحات مهمّة في بلدات درزيّة في الانتخابات السابقة.

الجدول 1: توزيعة التصويت بين الأحزاب العربيّة والأحزاب الصهيونيّة[9]

منذ انتخابات العام 1992

غير عربيّة (%) عربيّة (%)
1992 53.3 47.7
1996 33.6 67.3
1999 29.4 70.6
2003 29.4 70.6
2006 28.0 72.0
2009 17.9 82.1
2013 23 77
2015 17 83
2019 30 70

يمكن إيجاز الأسباب التي أدّت إلى ارتفاع التصويت للأحزاب الصهيونيّة على النحو التالي:

v الوعود التي أطلقتها بعض الأحزاب الصهيونيّة التي توقّعت المشاركة في الحكومة عشيّة الانتخابات، مثل تخصيص ميزانيّات للبلدات العربيّة وإدخال تعديلات على قانون القوميّة.[10] وقد استقبلت بعض البلدات العربيّة مندوبي هذه الأحزاب وخصّصت لهم منصّات لنشر برامجهم الانتخابيّة وإطلاق وعودهم.

v التصويت من أجل إسقاط اليمين وتغيير بنيامين نتنياهو؛ فقد أدلى قرابة خُمْس المصوّتين من المجتمع العربيّ بأصواتهم لصالح حزب “كاحول لَڤان” وَ “ميرتس”، وذلك بغية تغيير بنيامين نتنياهو وحكومته بحكومة يشكّلها الجنرال بيني چانتس وحزبه “كاحول لَڤان”. نعزو هذا النمط من التصويت إلى الرغبة في اختيار أحزاب لديها القدرة على التغيير، بعد أن ثبت أنّ الأحزاب العربيّة ليس لها القدرة على التغيير أو التأثير، ولا سيّما أنّه إذا كان الهدف هو إسقاط اليمين، فمن المُجْدي -حسب هذا التوجّه- التصويتُ لأحزاب لديها القدرة على إسقاطه. وقد أشرنا في ورقة تقدير الموقف (انتخابات الكنيست الـ 21، بين تفكيك المشتركة والامتناع عن التصويت) إلى أنّ خطاب إسقاط اليمين لدى بعض القوائم العربيّة قد يدفع الناخب العربيّ للتصويت لأحزاب صهيونيّة ابتغاءَ تحقيق هذا الهدف.

v معاقَبة القوائم العربيّة، نعتقد أنّ بعضًا من التصويت للأحزاب الصهيونيّة كان احتجاجًا على القوائم العربيّة وأدائها، وعلى عدم خوضها الانتخابات في قائمة واحدة وصراعها على ترتيب المقاعد. وقد تجلّى هذا النمط من التصويت عبْر نسبة التصويت المرتفعة لِما يسمّى أحزاب اليسار الصهيونيّ، وعلى وجه الخصوص حزب “ميرتس”.

v التوجُّهات الفردانيّة، إذ جاء التصويت كجزء من غياب مشروع سياسيّ جماعيّ للفلسطينيّين في إسرائيل، وصعود توجُّهات نيو ليبراليّة في صفوف الفلسطينيّين، وما تحمل من أفكار في اتّجاه حصر التصويت في المصلحة الخاصّة، وفي تحقيق قضايا عينيّة، وفي التخلّي عن المشروع السياسيّ الجماعيّ، فهي تُوْلي الفردَ أهمّيّةً كبرى على حساب الجماعة.

خاتمة:

انطوت نتائج الانتخابات في المجتمع الفلسطينيّ على مجموعة من المؤشّرات السياسيّة تتطلّب وقفة وتحليلًا، لا لذات الانتخابات ونتائجها، وإنّما لوُجهة المجتمع الفلسطينيّ، وعلى هذه الوقفة أن تكون بشأن النقاط التالية:

v         الحاجة إلى مشروع سياسيّ جماعيّ- فقد حاولت وثائق التصوّر المستقبليّ (ولا سيّما وثيقة حيفا الصادرة عن مدى الكرمل) وضْعَ تصوُّر رؤيويّ للفلسطينيّين في إسرائيل يشكّل بداية بناء مشروع سياسيّ يترجم التصوُّرات إلى عمل سياسيّ جماعيّ، إلّا أنّه منذ صدور هذه المحاولات الرؤيويّة، يبدو أنّ الخطاب السياسيّ الفلسطينيّ يمرّ في مأزق لا يقلّ في حدّته عن مأزق الخطاب السياسيّ الفلسطينيّ عمومًا. وهذا يستدعي من الهيئات التمثيليّة والأحزاب بلورةَ مشروع سياسيّ كان في إمكان القائمة المشتركة أن تَكون هي نواته، أو أن تسهم في بلورته، لو احترمت ثقة الناس وتعويلهم عليها.

v         إعادة دَوْر الأحزاب السياسيّة- كشفت نتائج الانتخابات عن الحاجة إلى إعادة بناء الأحزاب السياسيّة، البرلمانيّة وغير البرلمانيّة، لتأخذ دَوْرًا أكبر في إعادة الناس إلى المجال العامّ عمومًا، والمشاركة السياسيّة على وجه الخصوص، ولا نقصد المشاركة السياسيّة في بُعدها الضيّق المتمثّل في التصويت في انتخابات الكنيست، وإنّما نقصد مُجْمَل المشاركة السياسيّة بكلّ مركّباتها النضاليّة والثقافيّة. غابت الأحزاب عن الانتخابات المحلّيّة أيضًا، قبل بضعة شهور (تشرين الأوّل عام 2018)، تاركةً السياسة المحلّيّة لقوائم محلّيّة تعتمد على قواعد تقليديّة وجِهويّة، فضلًا عن غياب الأحزاب أو تقليص دَوْرها في المجال العامّ الفلسطينيّ.

v الحاجة إلى إعادة بلورة معنى العمل البرلمانيّ وأهدافه وجَدْواه- وفي المقابل إعادة بلورة العمل السياسيّ المُوازي والمكمّل (وربّما البديل) للعمل البرلمانيّ، على أن تقع مسؤوليّة إعادة البلورة هذه على الأحزاب والتيّارات السياسيّة كافّة.

[1] المصدر: حتّى العام 2006 برنامج كونراد أدناور للتعاون اليهوديّ العربيّ؛ 2013-2019، لجنة الانتخابات المركزيّة. استقينا نسبة تصويت المواطنين الفلسطينيّين بين العامين 2009-2019 من نتائج الانتخابات بحسب البلدات، التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزيّة. نُفّذ الاحتساب على أنّه مجموع المقترعين الفعليّين من مجموع أصحاب حقّ الاقتراع. في هٰذا الاحتساب، لم نشمل تصويت الفلسطينيّين في المدن المختلطة.

[2] هذا الاستنتاج يحتاج إلى قراءة معمّقة في نتائج انتخابات الكنيست الحادي والعشرين، مقارنة بانتخابات الكنيست العشرين والكنيست التاسع عشر.

[3] لم تتعدَّ نسبة التصويت لقائمة الحزب القوميّ العربيّ (برئاسة محمّد كنعان) 0.8%.

[4] لجنة الانتخابات المركزيّة، ودائرة الإحصاء المركزيّة.

[5] المعطَيات مستقاة من موقع لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ21 (2019). (بالعبرية)

[6] المصدر السابق.

[7] المعطَيات مستقاة من موقع الكنيست. (بالعبرية)

[8] المعطَيات مستقاة من موقع لجنة الانتخابات المركزية للكنيست الـ21 (2019)؛ وللكنيست الـ20 (2015)؛ وللكنيست الـ19 (2013).(بالعبرية)

[9] روحانا، نديم؛ وشحادة امطانس؛ و صباغ-خوري، أريج. (2010). الانتخابات الإسرائيلية 2009: تحولات في الاتجاهات السياسيّة للفلسطينيين في إسرائيل. مجلة الدراسات الفلسطينية، عدد 82؛ 2009-2019، استقينا النتائج من معطيات لجنة الانتخابات المركزيّة.

[10] جبور، أساف. (2019، 4 نيسان). ليست مشتركة بعد الآن: يتوجه العرب للأحزاب اليهوديّة. مكور ريشون. (بالعبرية)

 

أصدر مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، اليوم الأحد، ورقة تحليلية تهدف إلى قراءة نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيلية في المجتمع الفلسطيني في الداخل.

تتمحور الورقة حول ثلاث نقاط أساسية؛ أولاً، زيادة نسبة المقاطعين الممتنعين عن التصويت، لا سيما في صفوف المجموعة التي تعاملت مع الامتناع كنوع من الاحتجاج السياسي، ثانياً، تراجع تمثيل القوائم العربية في الكنيست إلى 10 مقاعد وهو أقل ما كان عليه من خلال القائمة المشتركة (13 مقعدا)، وحتى أقل ما كان عليه قبل تشكيل القائمة المشتركة (11 مقعدا). وثالثاً، ازدياد نسبة وعدد المصوتين للأحزاب الصهيونية في المجتمع الفلسطيني.

تنطلق الورقة من مقولة إن نتائج الانتخابات شكلت مؤشرا هاما، ولكنه ليس الوحيد، في تجربة الفلسطينيين في إسرائيل في السنوات الأخيرة، حول أهمية بلورة مشروع سياسي جماعي تقوم عليه الهيئات السياسية والوطنية وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا. وتزداد الحاجة إلى بلورة مشروع سياسي جماعي، في أعقاب التحولات التي تضرب بالمجتمع الفلسطيني في الداخل جراء سياسات استعمارية ذات طابع قومي- ديني يقودها اليمين المتطرف في إسرائيل والتي تمتزج مع سياسات نيوليبرالية اقتصادية.

ويشير مركز مدى الكرمل إلى أن نتائج الانتخابات في المجتمع الفلسطيني حملت مجموعة من المؤشرات السياسية، والتي تتطلب وقفة ولحظات تأمل فيها، ليس لذات الانتخابات ونتائجها، وإنما لوُجهة المجتمع الفلسطيني، وعلى الوقفة أن تكون على النقاط التالية:

أولا: الحاجة إلى مشروع سياسي جماعي، فقد حاولت وثائق التصور المستقبلي (لا سيما وثيقة حيفا الصادرة عن مدى الكرمل) وضع تصور رؤيوي للفلسطينيين في إسرائيل، يشكل بداية بناء مشروع سياسي يترجم التصورات
إلى عمل سياسي جماعي، إلا أنه منذ هذه المحاولات الرؤيوية، يبدو أن الخطاب السياسي الفلسطيني يمر بمأزق، لا يقل في حدته عن مأزق الخطاب السياسي الفلسطيني عموما. وهذا يحتاج من الهيئات التمثيلية والأحزاب القيام بخطوة لبلورة مشروع سياسي، كان يمكن للقائمة المشتركة أن تكون نواته أو أن تساهم في بلورته، لو أنها احترمت ثقة الناس والتعويل عليها.

ثانيا: إعادة دور الأحزاب السياسية، فقد كشفت نتائج الانتخابات عن الحاجة إلى إعادة بناء الأحزاب السياسية سواء البرلمانية أو غير البرلمانية لتأخذ دورا أكبر في إعادة الناس إلى المجال العام عموما، والمشاركة السياسية خصوصا، ولا نقصد المشاركة السياسية في بعدها الضيق المتمثل في التصويت في انتخابات الكنيست، وإنما مجمل المشاركة السياسية بكل مركباتها النضالية والثقافية. غابت الأحزاب عن الانتخابات المحلية أيضا، قبل بضعة شهور، تاركة السياسة المحلية لقوائم محلية تعتمد على قواعد تقليدية وجهوية، فضلا عن غياب الأحزاب أو تقليص دورها في المجال العام الفلسطيني.

ثالثا: الحاجة إلى إعادة بلورة معنى العمل البرلمانيّ وأهدافه وجَدْواه، وفي المقابل إعادة بلورة العمل السياسيّ المُوازي والمكمّل (وربّما البديل) للعمل البرلمانيّ، على أن تقع مسؤوليّة إعادة البلورة هذه على كافّة الأحزاب والتيّارات السياسيّة.

أصدر مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، اليوم الأحد، ورقة  تحليلية تهدف إلى قراءة نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيلية في المجتمع الفلسطيني في الداخل.

تتمحور الورقة حول ثلاث نقاط أساسية؛ أولاً، زيادة نسبة المقاطعين الممتنعين عن التصويت، لا سيما في صفوف المجموعة التي تعاملت مع الامتناع كنوع من الاحتجاج السياسي، ثانياً، تراجع تمثيل القوائم العربية في الكنيست إلى 10 مقاعد وهو اقل ما كان عليه من خلال القائمة المشتركة (13 مقعدا)، وحتى أقل ما كان عليه قبل تشكيل القائمة المشتركة (11 مقعدا). وثالثاً، ازدياد نسبة وعدد المصوتين للأحزاب الصهيونية في المجتمع الفلسطيني.
لقراءة الورقة كاملة اضغط هنا

اختتم مدى الكرمل برنامج سمينار طلاب الدكتوراه- المجموعة الرابعة ، وذلك بمشاركة 12 طالبة وطالب دكتوراه فلسطينيين من جميع أنحاء البلاد. كما حصل طلاب السيمنار على منحة مالية من مدى تصل الى 1500 دولار. أدار الورشة وأشرف عليها أكاديميًا الدكتور مهند مصطفى مدير عام مدى الكرمل، ونسّقتها السيدة عرين هواري. يهدف البرنامج إلى احتضان طلبة الدكتوراه الفلسطينيين في الجامعات الإسرائيليّة ومنحهم فرصة لمناقشة أطروحاتهم بلغتهم الأم، والى توفير إطار يستطيع الطلبة خلاله الحديث بحرّية وتلقي الملاحظات حول أبحاثهم من آخرين يشاركونهم الاهتمام في مجالاتهم. كما تهدف الورشة الى الإجابة على سؤال ما معنى ان تكون باحثًا فلسطينيًا. هذا واستضاف السيمنار محاضرين فلسطينيين أمثال: د. أيمن اغبارية، د. أمل جمّال، بروفيسور محمد حاج يحيى، د. خولة ابو يكر، د. أحمد أسعد، د. تغريد يحيى- يونس.

C:ICAHDMXD-Ed3_A4PDFMap14_Three_Jer.prnتهدف هذه الورقة إلى تقديم قراءة في المشهد الانتخابيّ في المجتمع الفلسطينيّ عشيّة الانتخابات المرتقبة في التاسع من نيسان (2019). وتنطلق الورقة من مقولة مُفادُها أنّ تفكيك مشروع القائمة المشتركة أضاع فرصة تعزيز مفهوم التعاون المشترك بين مركّباتها، الذي كان متوقّعًا أن تعقبه المبادرة إلى صياغة برنامج سياسيّ جماعيّ للفلسطينيّين، ولا سيّما بعد تشريع قانون القوميّة في تمّوز عام 2018. كذلك ترمي هذه الورقة إلى تقديم قراءة استشرافيّة لجدليّة الامتناع والمشاركة في التصويت في أعقاب تفكيك القائمة المشتركة.

لقراءة الورقة كاملة اضغط هنا

         

 

جدل 35مرّت الانتخابات المحلّيّة عامَ 2018 في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل دون أن تخضع لنقاش جماهيريّ معمّق كما تستحقّ، وذلك على الرغم من أنّ السياسة المحلّيّة العربيّة تحمل الكثير من المعاني حول وُجهة ووجه المجتمع الفلسطينيّ على المستوى الاجتماعيّ، والسياسيّ، والقِيَميّ. وبات الاهتمام البحثيّ بالسياسة المحلّيّة في السنوات الأخيرة هامشيًّا، مقارَنةً بالاهتمام البحثيّ والسياسيّ بانتخابات الكنيست، وقد يمكّن تزامن الانتخابات المحلّيّة وانتخابات الكنيست هذه المرّة من إجراء مقاربة مثيرة لإعادة فحص أنماط التصويت والسلوك السياسيّ للفلسطينيّين في إسرائيل بين الاستمراريّة والتغيير.

جاء هذا العدد الخاصّ من جدل حول الانتخابات المحلّيّة الأخيرة، ليقدّم إسهامًا في نقاش هذه الدورة الانتخابيّة والظواهر التي برزت خلالها، وذلك بمقاربتها من زوايا مختلفة -سياسيّة واجتماعيّة وجندريّة.

لقراءة العدد: اضغط هنا

الآراء المطروحة في جدل تعبر عن كتّابها ولا تعكس بالضرورة توجهات مدى الكرمل

© 2019 كافة الحقوق محفوظة

نظّم مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، وحركة الشبيبة اليافية، ومسرح السرايا، بمناسبة الذكرى الـ43 ليوم الأرض الخالد، ندوة لمناقشة وتقديم كتاب “يافا مدينة البرتقال – 1700-1840” لمؤلفه المؤرّخ وعضو إدارة مدى الكرمل الأستاذ محمود يزبك، في مسرح السرايا في يافا.

2

افتتحت الندوة بكلمات ترحيبية لكل من يارا غرابلي، التي أدارت الندوة، ورامي صايغ عن حركة الشبيبة اليافية، ود. مهند مصطفى مدير عام مدى الكرمل. ومن ثم ألقى الباحث سامي أبو شحادة مداخلة حول الكتاب جاء فيها ان الكتاب يقدم قراءة جديدة لتاريخ يافا، ويعطي الحق لمن ظلمتهم الرواية الصهيونية حول يافا، مثل محمد آغا أبو نبّوت الذي كان له دور هام في إعادة بناء يافا بعد تدميرها إثر غزوة نابليون.

4

اما المداخلة المركزية فكانت للبروفسور محمود يزبك الذي استعرض فصول الكتاب وظروف البحث، منطلقاً من بدايات النهضة في يافا، ومن ثم تدمير نابليون لها. وأشار يزبك لفترة حكم محمد باشا أبو المرق، وإحياء يافا والصراع مع والي دمشق ودلالاته السياسية والاقتصادية، كما توسّع يزبك في عهد أبو نبّوت وانجازاته على المستوى العمراني والاجتماعي والاقتصادي، واختتم في مراحل الحكم المصري ليافا في سنوات 1831-1840. وأكد يزبك في مداخلته على أن الكتاب ينفي الرواية الصهيونية التي تدعي ان للحركة الصهيونية الفضل في بناء البيارات والبساتين وفي النهضة المعرفية في يافا، حيث يظهِر الكتاب، على سبيل المثال، وجود تقنيات الزراعة في يافا قبل أكثر من قرن من تدشين أول مستوطنة يهودية في فلسطين عام 1882.

عن الكتاب: يروي الكتاب نهضة يافا في العصر الحديث حين أخذت الحياة بالعودة إليها بالتدريج مع القرار العثماني في أواخر القرن السابع عشر بإعادة إعمار مدن الموانئ وضمنها يافا. وبسبب موقع يافا الاستراتيجي وأهمية مينائها تعرضت المدينة لضربات قاسية، وعاث فيها الاحتلال الفرنسي بقيادة نابليون دماراً وخراباً وقتلاً. يتتبع الكتاب مراحل تطور يافا منذ العام 1700 وحتى العام 1840 وكيفية تشكّل أنماطها الاجتماعية ومقوماتها الاقتصادية. وإضافة إلى مينائها الذي شكّل مدخلاً لوسط فلسطين وجنوبها، فقد حبتها الطبيعة بأرض خصبة ووفرة بالمياه. وتوجهت الاستثمارات نحو زراعة البيارات التي غطت مساحات واسعة من محيط المدينة في الاتجاهات كافة، حتى أصبح برتقال يافا وبياراتها علامة فارقة للمدينة، وأهم مصادر ثروتها، وأكبر محرّكات لاقتصادها. يروي الكتاب هذه الأحداث معتمداً على سجلات محكمة يافا الشرعية، أكثر المصادر المحلية غنىً بالمواد الاجتماعية.

3 5 1