ضمن البرنامج التربوي "لوثيقة حيفا" (وثيقة للتصور المستقبلي للفلسطينيين في البلاد)، استضاف مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، ورشة كتابة وجهة نظر، لتأتي اختتامًا لسلسلة الورشات الصفيّة التي شارك بها   أكثر من 550 طالبًا وطالبة من صفوف العواشر والحوادي عشر من عدد من المدارس العربية في  البلاد.
عقدت الورشة الأخيرة الشهر الماضي، في مركز مدى الكرمل، بحيفا. وشارك بها  عشرون طالبًا وطالبةً من ثلاث مدارس عربية: الاهلية ام الفحم، الكلية الأرثوذكسية حيفا وكلية مار الياس عبلين. تم اختيار الطلاب المشاركين بالورشة من مجموع الطلاب اللذين أنهوا الورشات الصفية ولديهم قدرات على التعبير الكتابي.
ركزّت الورشة على أساليب الكتابة الصحافية وتوظيف الأحداث الواقعيّة لنقلها اعلاميًا. وتناولت الورشة ثلاثة محاور مختلفة، ركز الأول على ضرورة الثقافة الإعلامية؛ وتضمن المحور الثاني أنواع الكتابة الصحافية والفرق بين كتابة الخبر والتقرير ووجهة النظر؛ فيما كان المحور الثالث عمليًا، حيث قام الطلاب بكتابة وجهات نظر تمّت مناقشتها داخل المجموعة.
افتتحت اللقاء السيّدة ايناس عودة-حاج، المديرة المشاركة  في مدى الكرمل فرحبت بالطلاب وحدثتهم عن مدى الكرمل كمركز أبحاث يُعنى بدراسة شؤون وأوضاع الفلسطينيين في اسرائيل، وعن أهميّة العلوم الاجتماعيّة بعكس ما تصوّره المدارس التي تشدّد أكثر على تخصصات العلوم الدقيقة.
من جهتها، أكدت السيّدة جنان عبده مركزة البرنامج على أهمية المشروع وعلى اهتمام مدى الكرمل بالطلاب كشريحة جيل الشباب وعلى ايمان المؤسسة بقدرات الطلاب على التعبير وابداء الرأي في وثائق التصور المستقبلي. كما شدّدت عبده على أن هذه الورشة تهدف الى تدريب الطلاب على الكتابة حول المواضيع التي تطرقت اليها وثيقة حيفا كالبعد التاريخي (فلسطين قبل 48،  النكبة والتهجير)، القضايا الاجتماعية الداخلية (كالعنف ،الطائفية ومكانة المرأة)، المواطنة والهّوية والعلاقة مع  الدولة والشعب الفلسطيني والأمة العربية، والتفكير بإمكانيات الحل المستقبلي للفلسطينيين في البلاد. وأشارت الى أنه مع إنهاء هذه الورشة سيقوم مدى الكرمل  بتحرير ونشر كتاباتهم من خلال كراس الكتروني ينشر على موقع مدى الكرمل.
وفي نهاية اللقاء شكر الطلاب المشاركون مدى الكرمل والقيّمين على المشروع على اتاحة المجال لهم للقاء من مناطق جغرافية مختلفة، والتعرف واكتشاف القواسم المشتركة بينهم كأبناء وبنات شعب واحد؛ وشددوا على أهمية هذا اللقاء معنويا بالنسبة لهم.  كما طالبوا أن يستمروا بالاتصال والتواصل كمجموعة شبابية. وأكد غالبيتهم على سرورهم من المضامين التي تركّزت فيها الورشة. كما شكروا مدى الكرمل على مساعدتهم على ترجمتها الى كتابات ورعايتها لغاية اصدارها.

يُذكر أن المشروع ممول من قبل مؤسسة التعاون.

 

 

بمناسبة يوم المرأة العالميّ، استضاف برنامج الدراسات النسويّة طاولة مستديرة حول "قانون "المواطنة": قراءة نسويّة". افتتحت الندوة البروفسورة نادرة شلهوب-كيفوركيان مديرة برنامج الدراسات النسويّة قائلة: "لمناسبة يوم المرأة العالميّ، يسعدنا في برنامج الدراسات النسويّة استضافة طاولة مستديرة لمناقشة موضوع "قانون المواطَنة" من عدّة زوايا، من ضمنها تجربة شخصيّة لإحدى المتضرّرات من القانون. فمن خلال التنظير من القاع -وهذا مِن أُسُس الفكر النسويّ الذي يحدّد سير ووجهة برنامج الدراسات النسويّة-، ومن خلال هذه الندوة، نحاول تسليط الضوء على تأثير السياسات الإسرائيليّة العنصريّة (المنعكسة -في هذه الحالة- بالقوانين) على تشتيت وضرب العائلة الفلسطينيّة. نحاول المناقشة والنظر إلى القانون وارتباطه في عدّة مواضيع مثل قتل المجتمع وتفتّت المجتمع وأَمْنَنَة الفلسطينيّ/ة وتحويله إلى تهديد أمنيّ. ونحاول من خلال هذه الندوة كذلك الكشف عن الكيفيّة التي بها يجري تسخير الجهاز القضائيّ والقانونيّ في إسرائيل لخدمة الإديولوجيا الصهيونيّة".

في مستهلّ حديث السيدة لانا خطيب، وهي أكاديميّة حاصلة على بكالوريوس في إدارة الأعمال وإحدى المتضرّرات من القانون، وجّهت الشكر لمدى الكرمل وبرنامج الدراسات النسويّة على استضافتها، وقالت: "أودّ من خلال هذه الندوة إسماع صوتي وإيصال ندائي للعالم لعلّ العالم يفهم بعض من معاناتي ومعاناة الكثير من العائلات المتضرّرة. وأضافت: "وُلدت وعشت في "جنين" تحت الاحتلال المباشر، فمنذ بداية حياتي لم أعش كأيّة طفلة في العالم. لقد حُرمت كسائر الاطفال الفلسطينيّين من أبسط حقوقنا، ومن ذلك الحقّ في التعلّم". وتابعت بقولها: "في أعقاب تخرّجي من الجامعة، وخلال عملي في صحّة "جنين"، تعرّفت على تيسير، وكان هناك "حبّ من أوّل نظرة". لم أتوقّع أن أتزوّج أحدًا من الداخل. وأذكر أنّ أمّي، عندما قرّرنا أنا وتيسير الزواج، قد عبّرت عن خوفها من أنّ بنتها الوحيدة ستواجه الصعوبات -ولا سيّما في موضوع الهُويّة". وفي ما يتعلّق بمعاناتها بسبب القانون، قالت خطيب: "بعد تعديل القانون الذي سمح للفتاة التي تتجاوز سنّها الخامسةَ والعشرين بتقديم معاملة لَمّ الشمل، حصلتُ على تصريح يسمح لي بأن أشرب وآكل وَ "أشمّ الهوا". لا أملك أيّ حقّ آخر. لا أملك تأمينًا صحّـيًّا ولا يحقّ لي العمل. أنا امرأة أكاديميّة؛ لا أستطيع أن أعمل وأن أحقّق ذاتي أو أبني شخصيّتي. لِمَ لا يحقّ لي أن أعيش مثل سائر النساء؟! لَمْ أدرس لأجلس في المنزل. أريد أن أمارس نصفي الآخر. أنا محرومة من السياقة، على الرغم من أنّه في حوزتي رخصة سياقة. واقع فظيع، ألمٌ فظيع وإحباط وظلم".

تَلَتْ شهادةَ السيّدة لانا خطيب مداخلةٌ للمحامية بانة شغري بدارنة (وهي المستشارة القانونيّة ومديرة القسم القانونيّ في اللجنة العامّة لمناهضة التعذيب). تطرّقت المحامية شغري-بدارنة إلى تاريخ سياسات إسرائيل في قضيّة المواطَنة واكتساب الجنسيّة ونقلها، وتركّزت في قوانين وسياسات منح وسلب الجنسيّة الإسرائيليّة، إذ قالت: "إنّ قراءة في هذه القوانين، وفي التشريعات المختلفة في ما يتعلّق باكتساب الجنسيّة ونقْل الجنسيّة، تشير إلى أنّ الأمور اليوم لا تختلف عن السياسات التي اتّبعتها إسرائيل منذ قيامها، ومن ضمنها تهجير الفلسطينيّن ومنع اللاجئين من العودة إلى ديارهم؛ فمنذ ذلك الحين جرى تسخير الجهاز التشريعيّ والقضائيّ لتكريس الطابع اليهوديّ لدولة إسرائيل، سواء أكان ذلك من الناحية العدديّة أم من الناحية الإديولوجيّة". وأضافت قائلةً: "مرحلة التجنّس وخسارة الجنسيّة تفاقمت بعد احتلال 67؛ ففي السبعينيّات استفاق الغول الديموغرافيّ، وشَرَعَت العقليّة الصهيونية تخطّط لكيفيّة الحفاظ على وجهها الديموقراطيّ، وعلى يهوديّة الدولة في الوقت نفسه. وهنا عزّزت استعمالها للآليّات البيروقراطيّة واستعمال آليّات غير ظاهرة للعيان. وعندها كذلك شهدنا تحالفًا غير مرئيّ بين العادات الأبويّة والقانون الإسرائيليّ. فبحسب العادات العربيّة، تنتقل المرأة للعيش لدى عائلة الزوج، وهكذا افترضت العقليّة الإسرائيليّة أنّه بزواج امرأة من الداخل برجل من الضفّة ستقوم المرأة تلقائيًّا للعيش مع زوجها في الضفّة الغربيّة، وبالتالي لا تستطيع تقديم طلب التجنّس. وكانت المرأة تطالب بتسليم هُويّتها الزرقاء وتستبدل بالهُويّة البرتقاليّة بأمر من الحاكم العسكريّ؛ وبهذه الطريقة أُرغِمت آلاف النساء على التنازل عن جنسيّتهنّ الإسرائيليّة". وأضافت شغري بدارنة: "إنّ الانتفاضة الثانية اعتُمِدت حجّةً أخرى لوضع حدّ حتّى للإمكانيّة النظريّة لأن يختار المواطنُ الفلسطينيُّ شريكَ حياته ومكان سكناه، ولم يعد كافيًا اعتمادُ البيروقراطيّة، وبدأ مسار تشريعيّ طويل طفق يجمّد لَمَّ الشمل، وبدأت الحكومات الإسرائيليّة في تشريع قوانين متذرّعة بالأمن، ولاحقًا استُغنِيَ كذلك عن الذريعة الأمنيّة، وبات اعتماد الهدف الديموغرافيّ علنيًّا حتّى في المحاكم الإسرائيليّة".

في المداخلة الثانية، تطرّقت المحامية سوسن زهر (وهي مديرة وحدة الحقوق الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة في مركز "عدالة") إلى هدف "قانون المواطنة" وتداعياته بقولها: "بحسب نصّ القانون الذي شُرّع في بداية عام 2003، يُحظَر دخول أيّ فلسطينيّ/ة من الأراضي المحتلّة إلى إسرائيل بغية لَمّ الشمل، وتذرَّعَ واضعو القانون بالحجج الأَمنيّة وبحجج الحفاظ على الأمن والحقّ الدستوريّ في الحياة لكلّ مواطن في الخطّ الأخضر. وفي الحقيقة، هناك عدّة تداعيات للقانون على المكانة القانونيّة للفلسطينيّين؛ فعلى سبيل المثال، يضع القانون كلَّ الفلسطينيّين في إطار تهديد أمنيّ دون توفير إمكانيّة للفلسطينيّ بالدفاع عن حقّه أو إثبات عكس ذلك". وأضافت زهر: "من محاولات "عدالة" التعامل مع هذا الادّعاء، يتّضح أنّه من بين ما يربو على 130 ألف مقدِّم طلبٍ أشارت الدولة إلى أنّ 54 شخصًا وجدت الدولة لهم علاقة بعمليّات عسكريّة أو أمنيّة، لم تُقدَّم لوائح اتّهام إلاّ ضدّ 7 من بينهم فقط. وهذا يشير على عدم مصداقيّة الادّعاء الأمنيّ". أمّا بخصوص الفرْق بين رفضِ المحكمة التماس عدالة عام 2006 ورفضِها الالتماس عام 2011، فقالت زهر: "عام 2006 رَفض الالتماسَ 11 قاضيًا؛ بغالبيّة ستّة قضاة، مقابل خمسة. وقد برّر أحد القضاة رفضه للالتماس بقوله إنّ هذا القانون، بالرغم من أنّه غير دستوريّ، يمنح -لكونه مؤقّتًا- الدولةَ مهلة لتعديل القانون وتسهيل التقييدات. أمّا في قرار 2011، فإنّ أغلبيّة القضاة ادّعوا أنّ ثمّة حقًّا دستوريًّا للعائلة، ولكن ليس داخل إسرائيل. وبالتالي نحن إزاء تراجُع ينتج عنه أنّه في دولة إسرائيل اليوم ثلاثة مسارات من المواطَنة: مسار لليهود، ومسار لمهاجري العمل، وآخَر للفلسطينيَين". وفي ختام حديثها قالت زهر: "تَعامُلُ إسرائيل اليوم مع مواطَنة الفلسطينيّين يذكّر بتعامل بريطانيا مع المواطنين الألمان، وبتعامل أمريكا إبّان العرب العالميّة الثانية مع المواطنين الذين من أصول يابانيّة".

أمّا المداخَلة الثالثة، فكانت للمحامية منال حزّان (وهي مديرة الوحدة القانونيّة في مؤسّسة سانت أيف- المركز الكاثوليكيّ لحقوق الإنسان)، وفيها تناولت الجوانب الإنسانيّة والعمليّة للقانون في سياق القدس، إذ قالت: "في البداية، أودّ التأكيد أنّ القضيّة هي قضيّة ديموغرافيّة وبدأت مع قيام دولة إسرائيل. فمنذ قيام الدولة، حاولت هذه (الدولة) استيعاب أكبر عدد من اليهود، وعند انتهاء هذا المسار نحن اليوم بصدد سياسات تهجير، وهذا قانون تهجير". وأضافت قولها: "القدس بلد محتلّ، وخصوصيّة أهل القدس ومشكلاتهم بدأت مع تعريف مكانتهم السياسيّة منذ احتلال 1967، حيث قامت دولة إسرائيل بضمّ الأرض ولم تقم بضمّ الناس، ولم يُمنح المقدسيّون/ات الجنسيّة التامّة بل مُنحوا إقامة؛ وهي إقامة منقوصة من حيث الحقوق والمكانة. للقدس ارتباط وثيق بمدن الضفّة في جميع مجالات الحياة. لا يمكن فصلها عن الضفّة، ولذا يمسّ هذا القانون مسًّا فعليًّا بمعظم العائلات المقدسيّة. وبسبب هذه الوضعيّة، وفي حال اختيار الاقتران بأحد من الضفّة، تجد المقدسيّات والمقدسيّون أنفسهم إزاء خيارين كلاهما مُرّ: خسارة الهُويّة أو خسارة ممارسة الحياة الزوجيّة". وفي ما يتعلّق بخصوصيّة المتضرّرات من القانون -ومن ضمنهنّ المقدسيّات-، قالت حزّان: "تساهم هذه السياسات والقوانين في تخلّف المجتمع، ونجد أنّ المرأة العربيّة المتعلّمة التي نالت شهادتها الجامعيّة لا مجال متاح لها لممارسة حقّها في العمل واكتساب الرزق، أو تحقيق الذات، أو أن تكون على قدم المساواة مع زوجها. كذلك يختلف تأثير الحقّ في التأمين الصحّيّ بين الرجال والنساء. على سبيل المثال، المرأة الحامل، لأنّها لا تحصل على تأمين صحّيّ، تلجأ لزيارات الطبيب في مناطق الضفّة، وقد تلد في الضفّة. هذا يعني أنّ حقّ ابنها في الحصول على الجنسيّة والحصول على مكانة قانونيّة معرَّض للخطر، وثمّة أخريات يلجأن للولادة المنزليّة، وفي هذه الحالة هي والقانون الإسرائيليّ وأنظمة الداخليّة بحاجة إلى إثبات أبويّة الزوجين على المولود، وهنا ندخل في دوّامة أخرى لإثبات أبويّة الزوجين، ولهذا تداعيات اجتماعيّة أخرى". وفي ختام حديثها، تطرّقت حزّان إلى تداعيات القانون على النساء المستضعَفات من الأرامل والمطلّقات والمعنَّفات فقالت: "لقد قامت السلطات بابتداع أجسام شبه قضائيّة للتعامل مع هذه الحالات، وهو ما يشير إلى موضوع انتقاص صلاحيّات المحاكم للنظر في هذه القضايا؛ فمثلاً هناك لجان الشؤون الإنسانيّة واللجنة البين وزاريّة غير التابعة لنظام المحاكم، بل هي تابعة للداخليّة، وهذه الأخيرة هي جسم سياسيّ. وعلاوة على كونها جسمًا سياسيًّا في حالة القدس، هي كذلك جهاز مرتشٍ. وفي مثل هذه الحالات، يجري إيقاف تصريح الإقامة ويكون التهديد بالطرد. وإذا أثبتت المرأة حاجة الأولاد إليها، تحصل على هُويّة مؤقّتة لمدّة أقصاها ثلاث سنوات، وتعيش حالة مستمرّة من الكيان المؤقّت لا يمكن خلالها تخطيط الحياة -ففي كلّ سنة أنتِ معرَّضة لفحص مكانتك القانونيّة".

وفي نهاية الندوة، دار نقاش بين الحضور والمحاضِرات حول جدوى اللجوء إلى الآليّة القانونيّة التي أثبتت فشلها حيال عنصريّة الدولة وتصميمها على أن تسحب مواطَنة الفلسطينيّ في أسرع وقت ممكن، وأن يحصل عليها في أبطأ وقت ممكن. تجدر الإشارة إلى أنّ برنامج الدراسات النسويّة يعمل على إصدار كتاب إلكترونيّ يحتوي على مضامين الورشة وغيرها من الأوراق النسويّة التحليليّة لِما يسمَّى "قانون المواطَنة".

 

بروفيسور محمد حاج يحيى: هذه الجائزة تأتي تقديراً لإنجازاتكم العلميّة، ولكننا وضعنا نصب أعيننا أيضاً مدى انخراطكم في هموم مجتمعكم.
السيدة إيناس عودة-حاج : دعم الباحثين والباحثات الشباب هو جزء من الرؤية والسياسة العامة لمدى الكرمل الذي يرى دوره دعم واحتضان الباحثين الفلسطينيين.

عقد مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة- لقاءً أكاديمياً تم فيه توزيع "جائزة مدى للامتياز الأكاديمي" على الباحثين الثلاثة الذين فازوا بها وهم: حنين قرواني – طالبة في المسار المباشر للقب الثالث في علم الدماغ واضطرابات التواصل في جامعة حيفا؛ علي مواسي – طالب لقب ثانٍ يكتب رسالة الماجستير في الدراسات العربية والإسلامية في جامعة تل أبيب؛ نسرين مزاوي – طالبة لقب ثانٍ في علم الإنسان في جامعة حيفا.

وكان مدى الكرمل قد أعلن منذ بضعة شهور عن إطلاقه للجائزة كتشجيع للإنجاز الأكاديمي الفلسطيني. وتأتي الجائزة من صندوق خاص أنشأه المركز لدعم الإنجاز الأكاديمي، كان حجر الأساس فيه التبرع السخيّ الذي قدمته بروفيسور نادرة شلهوب-كيفوركيان إثر فوزها بجائزة صندوق بيتر وباتريسا غروبر تقديراً لإنجازاتها في مجال حقوق المرأة في العام 2008. ويهدف الصندوق الى دعم التفوق الأكاديمي للطالبات والطلاب الفلسطينيين في مراحل التعليم للدرجات العليا ويشمل الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم. وقد قام المركز بتشكيل لجنة أكاديميّة لدراسة الطلبات الكثيرة التي تقدمت، واختيار الفائزين بحسب معايير أكاديمية. وتكوّنت اللجنة الأكاديميّة من: بروفيسور محمد حاج يحيى، بروفيسور نادرة شلهوب-كيفوركيان وبروفيسور ميخائيل كرينّي.

بدأ اللقاء بمحاضرة للمحاضر في كليّة الحقوق في الجامعة العبرية، بروفيسور ميخائيل كرينّي، بعنوان: "تشابك الدين مع الدولة من منظور الأقلية الفلسطينية في الداخل". تساءل كرينّي خلال مداخلته عن سبب حصر الأبحاث في موضوع الدين والدولة فقط في أمور تتعلق في التنافر ما بين الطابع اليهودي للدولة وما بين القيم الديمقراطية والليبرالية؛ في حين أن هنالك انعداماً تاماً للنقاش في نصوص أساسيّة تتعلق بالدين والدولة حول التنافر ما بين اختصاصات المحاكم الدينية الفلسطينية (الشرعيّة منها والكنسيّة) والقيم الليبراليّة والديمقراطيّة. فمثلاً، قضية تعدّد الزوجات كتشريع ديني يسمح بذلك من ناحية، ولكنه من ناحية أخرى يتنافر مع قيمة ديمقراطية ليبرالية تسمح بحريّة الفرد. أو مثلاً عدم إمكانيّة الطلاق لدى بعض الطوائف المسيحيّة هي أيضاً تتناقض مع قيمة حريّة الفرد. وقال كرينّي أنه من الممكن تدخّل الأحزاب العربية لملء الفراغ الذي تتركه الدولة في هذا المجال لاقتراح قوانين تتعلق مثلاً بقضايا الأحوال الشخصيّة.

في الجزء الثاني من اللقاء، تحدّث بروفيسور محمد حاج يحيى باسم اللجنة الأكاديميّة للجائزة، فهنّأ الفائزين/ات بالجائزة وقدّمهم/ن تقديماً مقتضباً، وقال:" لقد تقدّم للجائزة 19 طالباً وطالبة، ولم يكن الاختيار بينهم سهلاً لأن جميعهم كانوا على مستوى عالٍ جداً من الإنجاز الأكاديمي والثقافي والعطاء المجتمعي. لقد وضعنا نصب أعيننا إنجازاتهم الأكاديمية طبعاً، ولكننا نظرنا أيضاً الى مدى انخراطهم المجتمعيّ وكانت تلك المقاييس لاختيار الفائزين بالجائزة".

ثم تحدثت السيدة إيناس عودة-حاج، المديرة المشاركة في مدى الكرمل، فشكرت الحضور وشكرت اللجنة الأكاديميّة على عملها الدؤوب وهنّأت الفائزين وقالت:" أنتم أمل المستقبل بالنسبة لنا ونحن فخورون بكم. إن دعم الباحثين والباحثات الشباب هو جزء أساسي من رؤية مدى الكرمل ودوره، ولمدى الكرمل رصيد من دعم الباحثين الفلسطينيّين بدءاً بمشروع نساء باحثات الذي أقامه مدى قبل عدة سنوات لتدريب ودعم جيل جديد من الباحثات الفلسطينيّات، مروراً بمؤتمر مدى لطلاب الدكتوراه الفلسطينيّين في العام الماضي وصولاً الى هذه الجائزة من أجل احتضان الباحثين الفلسطينيّين الشباب. وسنعمل على تجنيد المزيد من الأموال من أجل استمرار الدعم للباحثين الفلسطينيّين في كافة أماكن تواجدهم." كما تقدمت بالشكر لبروفيسور نادرة شلهوب-كيفوركيان على التبرع السخيّ من أجل إقامة صندوق للجائزة، ثم دعت اللجنة لتسليم الجوائز للفائزين.

هذا وقد أثنى الفائزون الثلاثة على مبادرة مدى الكرمل لإنشاء صندوق الامتياز الأكاديمي، وشكروا المركز على احتضانه للأجيال الشابة من الباحثين الفلسطينييّن. وقالت حنين قرواني: "رغم أني قد حصلت على جوائز أخرى إلا ان التقدير من مركز أبحاث فلسطيني له طعم خاص ويترك في نفسي أثراً كبيراً وشعوراً لا يوصف". أما علي مواسي فقال: "يقدّم مدى الكرمل نموذجاً خاصًا في النشاط الأكاديمي والثقافي من خلال ندواته ومؤتمراته، والجائزة منه تعطيني دفعة الى الأمام نحو خدمة شعبي وقضيتي ومجتمعي". بدورها شكرت نسرين مزاوي مدى الكرمل وقالت: "وجود مدى الكرمل كمركز أبحاث فلسطيني في الداخل هو مهم لأنه يعطي إمكانية أخرى للعمل والإنجاز الأكاديمي خارج إطار الأكاديميا الإسرائيلية".

"في الأيّام الثمانية عشر التي تلت خلع مبارك، عاش الكثير من المصريّين واقعًا على مدى بضعة أيّام لم يعد التحرّش الجنسيّ فيه سلوكًا دارجًا. لقد تحوّل التحرّش الجنسيّ إلى أمر محظور، وأصبح الجسد موقعًا للأخلاق الثوريّة حتّى بات لمسه أو التعليق عليه أو المساس به عملاً منافيًا للمعايير الثوريّة" -هذا بعض ما جاء في محاضَرة د. شيرين صيقلي (وهي محاضِرة في قسم التاريخ في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة)، في سمينار برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل الذي عُقد بمناسبة مرور عام على انطلاق الثورات العربيّة.

 

افتتحت السمينار البروفيسورة نادرة شلهوب كيفوركيان (مديرة برنامج الدراسات النسويّة)، مرحِّبةً بالحضور، ثمّ قالت: "التطرّق إلى النساء والثورات العربيّة يثير العديد من التساؤلات حول أدوار النساء، وبخاصّة حين الاستماع إلى أصوات النساء المصريّات المشارِكات في الثورة المصريّة، حيث تثير التمعّن في هذه الأصوات على تنوّع القراءات حول دور المرأة. وأضافت: "إنّ تعدُّد الأصوات يشير إلى تعدُّد القراءات والتحليلات لدور المرأة في الثورة. وتتعدّد القراءات لا في الداخل المصريّ وَ/أو العربيّ فحسب، بل كذلك تتعدّد القراءات العالميّة لدور المرأة العربيّة، وقد نجد منها القراءات الثقافويّة والقراءات المتأثّرة بالإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام)، وثمّة قراءات أخرى تنظر إلى الإنسان العربيّ بالدونيّة لكونه "غير غربيّ". فكيف لنا نحن أن نقرأ أنفسنا بتحليلنا للثورات، وكيف نقرأ الجسد العربيّ في الحيّز الجديد السياسيّ؟ وكيف نقرأ النضال النسويّ في الثورات العربيّة؟ وأيّ قراءة نسويّة نستخدم؟ تلك بعض الأسئلة التي تحاول هذه الندوة فتحها وتحاول الإجابة عن بعض منها".

استهلّت د. شيرين صيقلي محاضرتها التي كانت بعنوان "أجساد في الميدان" إذ قالت: "لقد استحوذت ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر على مخيّلة العالم أكثر من أيّ لحظة أخرى. وعلى نحوِ ما حاججت رباب المهدي، إنّ الانبهار الغربيّ بالثوّار المصريّين كان مرتبطًا بصورتها العصريّة، باعتبار أنّ شباب الثورة هم مثلنا، أي إنّهم سلميّون عصريّون وينادون بالإصلاح الليبراليّ، بعيدون عن الإستراتيجيا السياسيّة للجسد بوصفه عبوة ناسفة ولا يرتدون العباءة الإسلاميّة". وأضافت قولها: "كان الجسد المصريّ محوريًّا في سيرورات الثورة، وكان أحد الأسباب الرئيسيّة الذي جعل الثورة المصريّة تستحوذ على المخيّلتين العربيّة والعالميّة بهذا القدر من القوّة".

 

وفي ما يتعلّق بالأجساد في الميدان، قالت د. صيقلي: "لقد كُتب الكثير عن الطرق التي بها جرى توظيف أجساد النساء في الصراعات القوميّة والدينيّة وغيرها، ونواجه اليوم في موضوع الجندر والجسد حاجة ماسّة إلى طرح العديد من الأسئلة حول الجسد: طريقة عرضه وتمثيله وأدائه ومعناه. ووَفق منظور ميدان التحرير، يشكّل الإنتاج الغزير والحاضر على الدوام للجسد المصريّ الذي تمتّع بالانكشاف غير المسبوق بسبب الميديا الاجتماعيّة والفضائيات أحد العوامل التي تجعل هذا النداء ملحًّا".

من خلال عرض صور من أيّام الثورة، تطرّقت د. صيقلي إلى دور الجسد في الثورة المصرية، وتوقّفت صيقلي عند بداية الثورة المصريّة فقالت: "لقد أضحى وجهُ خالد سعيد الوجهَ الذي أشعل الثورة؛ فعلى الرغم من أنّ خالد سعيد لم يكن حالة استثنائيّة، شكّل نقطةَ تحوُّل؛ ومَرَدُّ هذا -في الغالب- إلى انتشار صورته انتشارًا واسعًا في شوارع مصر وعلى شبكة الإنترنت، وإلى أنّ صورته فضحت مدى همجيّة الشرطة والتواطؤ القضائيّ في سبيل صقل فنّ التعذيب في مصر.[….]. لم يكن جسد خالد سعيد الوحيد الذي أدّى دورًا في الثورة المصريّة، بل حملت أجساد أخرى معانيَ الثورة، كجسد مينا دانيال في أحداث ماسبيرو، وكذلك تحوَّلَ أحمد حرارة -الذي فقد البصر في عينيه الاثنتين في الثورة على يد الشنّاوي المعروف بلقب صائد العيون- إلى رمز آخر في الثورة".

 

أمّا عن جسد المرأة في الثورة المصرية، فقالت د. صيقلي: "في الأيّام الثمانية عشر التي تلت خلع مبارك، عاش الكثير من المصريّين مهرجان المضطهدين، وتحوّل الميدان إلى معسكر مقاومة عاش فيه النساء والرجال معًا من جميع الفئات. حينذاك، بدا أنّ أيّام خارطة التحرّش الجنسيّ قد مضت. وقد كانت خارطة التحرّش الجنسيّ مبادرة لمحاولة التحدّي والتصدّي والقضاء على حالة القبول الاجتماعيّ لظاهرة التحرّش الجنسيّ الذي تتعرّض له 80% من النساء المصريّات. لكن على مدى بضعة أيّام في بداية العام 2011، لم يعد التحرّش الجنسيّ سلوكًا دارجًا. لقد تحوّل إلى أمر محظور، وأصبح الجسد موقعًا للأخلاق الثوريّة حتّى بات لمسه أو التعليق عليه أو المساس به عملاً منافيًا للمعايير الثوريّة. مع ذلك، فور عودة الرؤى المتعدّدة بعد الأيّام الثمانية عشرة إلى حيّزها الإلزاميّ في إطار الإجماع الوطنيّ، تحوّل الجسد -وجسد المرأة على وجه الخصوص- من جديد إلى هدف لدى الأصوات اليمينيّة والمعارضة للثورة. ويشهد على هذا التشهير الذي تعرّضت له النساء المصريّات في 8 مارس والاعتداء الجنسيّ الذي مارسه المجلس الأعلى للقوّات المسلحة تجاه 17 امرأة في المتحف المصريّ". بالرغم من هذا، "لقد أَظهَرتْ شَجاعةُ سميرة إبراهيم ورفعها لدعوة (كسبتها لاحقًا) ضد المجلس العسكريّ، والمظاهرةُ النسائيّةُ في الـ 20 من ديسمبر، وصورُ علياء المهدي، بالإضافة الى الصور التي رُسمت على جدران المدينة ومن خلالها أعيد تشكيل صورة المرأة الشابّة بالصدريّة الزرقاء من امرأة مضروبة ومجرورة في ميدان التحرير لتصبح بذلك امرأة خارقة (super woman) تحارب الحكم العسكريّ، أَظهَرتْ أنّ النساء لن يتجاهلن أجسادهنّ بسهولة بوصفه موقعًا للإذلال. ومثلما كسر وجهُ خالد سعيد المعذَّبُ أيّةَ مصداقيّة قد تكون وزارة الداخليّة تمتّعت بها يومًا، كذلك الشأن في حالة المرأة الشابّة بالجينس الأزرق: لقد دَمّرت سمعةَ الجيش".

واختتمت د. صيقلي مداخلتها قائلة: "إنّ حادثةَ المرأة الخارقة (super women)، والمظاهراتِ النسائيّةَ الحاشدةَ التي أعقبت ذلك، وخطابَ المجلس العسكريّ للقوّات المسلّحة، أعادت إنتاج مجموعة من المفردات والادّعاءات القديمة والتي تجعل من طهارة وشرف جسد المرأة مؤشّرًا على صحّة الأمّة على المستوى الأخلاقيّ والاجتماعيّ والسياسيّ. وعليه، في الواقع المصريّ الذي يشهد -من ناحية- المؤتمرَ النسائيَّ الأوّلَ لحزب النور الذي اعتلى منصّتَه مجموعةٌ مؤلَّفة بكاملها من الرجال، ويشهد -من ناحية أخرى- ناشطاتٍ مثل سميرة إبراهيم وعلياء المهدي اللتين كسرتا محظورات عن كلّ ما يقال عن جسد المرأة أو يصنع به، سواء أكان ذلك بخيارها أم بدونه، تبقى الأسئلة حول دَور النساء وأجسادهنّ مفتوحة على جميع الجبهات وربّما بإلحاح أشدّ".

 

أحيا الفلسطينيون في إسرائيل في أواسط أيار/ مايو ذكرى النكبة، مرتين الأولى وفقاً للتقويم العبري في 10 أيار/ مايو، الذي صادف يوم احتفال إسرائيل باستقلالها، والثانية وفقاً للتقويم الفلسطيني الرسمي للنكبة في 15 أيار/ مايو. ويعكس التاريخ الأول تحدي الفلسطينيين لواقعهم وقوانين الدولة…

(PDF)

 

تبرز هذه المقالة المغايَرَة الحادة بين حالة التدني والانقسام التي وصلت إليها السياسة الفلسطينية، وبين الحالة المتعافية بشكل عام للهوية الفلسطينية في مواقع الشعب الفلسطيني كافة. وما بين السياسة الفلسطينية المأزومة والهوية الوطنية الفلسطينية المتمترسة. فإن القضية الفلسطينية- بمعنى الإمكانات السياسية المطروحة ……

 

(PDF)

 

حرارة صيف إسرائيل الأخير فترت بعض الشيء في الخريف بفضل أفول موجة الاحتجاج الاجتماعي- الاقتصادي من دون أن تتحول إلى مشروع سياسي حزبي، وذلك عبر احتوائها وتفكيكها بواسطة لجنة إمانويل طرختنبرغ. كما ساهم في ذلك الخوف من استحقاق أيلول الفلسطيني الذي تم إحباطه عبر نجاح ……

 

(PDF)

 

 امطانس شحادة 

 

تهدف هذه الورقة إلى دراسة الحالة الاقتصاديّة للنساء العربيّات في مدينة يافا (تل أبيب-يافا)، وإلى المساهمة في فهم الحالة الاقتصاديّة لدى النساء العربيّات في ما يسمَّى المدن المختلطة في إسرائيل خاصّة، ولدى النساء العربيّات في إسرائيل عامّة. وتتعامل هذه الورقة مع عدد من الجوانب البحثيّة التي لم تتطرّق إليها الأبحاث القائمة على نحوٍ معمَّق حتّى الآن.  

 

لقراءة المقال الرجاء الضغط هنا (PDF)