كلمة التحرير
المقال التحليلي
وجهات نظر
الأنشطة الجارية في مركز مدى
المحرر المسؤول
نديم روحانا
المحرر الضيف
نمر سلطاني
مساعدة تحرير
جنان عبده
ترجمة
غلوكل ترجمة وحلول لغوية
تدقيق لغوي
حنا نور الحاج

 

 

المواد المنشورة في ”جدل” تعبر عن آراء كتابها، ولا تعكس بالضرورة مواقف مدى الكرمل. © حقوق الطبع محفوظة.

 

 

"هل كانت هناك ثورة في مصر؟" هو عنوان المحاضرة التي قدمها أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا بروفيسور جويل بنين، في مركز مدى الكرمل. وكان بينين قد وصل إلى مدى الكرمل مباشرة من مصر، حيث كان يعيش سابقا ويعمل مديراً لمركز دراسات الشرق الأوسط وأستاذاً للتاريخ في الجامعة الأمريكية في القاهرة. لبنين العديد من الدراسات حول العمال، والفلاحين، والأقليات في الشرق الأوسط، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

 

افتتح الندوة وأدارها بروفيسور نديم روحانا، مدير مدى الكرمل، حيث قدم المحاضر واستعرض أهم مساهماته الفكرية ومؤلفاته. ثم استهل بينين مداخلته بالقول أن ما حدث في مصر يختلف عن الثورات التقليدية التي شهدها التاريخ، مثل الثورة الفرنسية عام 1789، أو الثورة في انكلترا عام 1688، أو الثورة الروسية عام 1917، وقال أيضاً أن ما حدث في مصر يختلف عن الثورات التي حدثت في أمريكا اللاتينية أو في أوروبا الشرقية.

برأي بينين فأن ما يميّز الحالة المصرية والحراك الشعبي هناك هو عدم وجود قيادة حزبية وغياب الخلفية الأيديولوجية الواضحة؛ إضافة إلى أن حجم الحراك لم يكن متوقعاً، حيث أن الاحتجاجات الشعبية السابقة منذ العام 2009 لم تحظ بنفس الزخم. "حتى أن المنظمين للحراك في 25 كانون الثاني لم يتوقعوا مشاركة أكثر من بضع مئات"، قال بينين.

 

وحول مسببات الحراك الشعبي في مصر، يقول بينين أن الأوضاع الاقتصادية والأمنية في مصر هي من أهم العوامل التي ساهمت في انطلاق "الثورة". حيث قال ان سياسة الانفتاح الاقتصادي التي بدأت منذ عهد أنور السادات في السبعينيات، قد أثرت بشكل كبير على تدني مستوى المعيشة وتراجع الحد الأدنى للأجور وازدياد الإجحاف في شروط العمل. وقال أن الخوف على المستقبل، خاصة في عهد حكومة أحمد نظيف، والدور الذي لعبه جمال مبارك، اضافة الى تسارع وتيرة خصخصة القطاع العام، كانت الدوافع الأقوى وراء خروج الشباب إلى ميدان التحرير.

أما بالنسبة للجانب الأمني، فقال بنين أن مؤسسة الجيش المصري قد تأثرت هي الأخرى من السياسة الاقتصادية الليبرالية، التي باتت تهدد قوتها الاقتصادية. مضيفاً بأن الامتيازات التي مُنحت لقوات الأمن الداخلي بقيادة حبيب العادلي، هددت هي الأخرى المكانة الاقتصادية للجيش، وهو ما يفسر وقوف هذه المؤسسة إلى جانب الشعب بسبب تقاطع المصالح. كما أشار بينين إلى الدور الذي لعبته حركة "كفاية" والحركة القضائية المستقلة، إضافة إلى دور وسائل الإعلام، وخاصة الجزيرة، ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة – وهي وسائل ساعدت في تنظيم "الثورة"، لكن ليس في اندلاعها.

 

"ثورة مصر هي نصف ثورة ونصف انقلاب عسكري بالتصوير البطيء، حيث تقاطعت مصالح الجيش مع مصالح الشعب الذي وثق بالجيش لأسباب تاريخية أيضاً"، قال بينين، ثم أضاف أنه فقط مؤخراً أدرك الشباب أن الجيش غير محايد تماماً، وأنه لا يؤيد إجراء تغيير جذري. فالجيش يؤيد إجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة، لكنه غير معني بتغييرات جذرية في مبنى النظام.

وفي نهاية مداخلته قال بنين أن موازين القوى غير واضحة حتى الآن، ولا توجد ضمانات حول اتجاه "الثورة"، والسؤال هو ما الذي سيحدث أيام الجمعة وخلال شهر رمضان؛ فحتى الآن لا يمكن القول أنه كانت هناك ثورة في مصر، كما أنه لا يمكن القول أنه لم تكن ثورة.

أقام مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، بداية الأسبوع الحالي مؤتمره الأول لطلاب وطالبات الدكتوراه الفلسطينيين. حيث تميّز المؤتمر بنوعية المشاركين وبتنوع مواضيع البحث ونوعية المضامين. وقد برز خلال المؤتمر الحضور المميز لطالبات الدكتوراه. حيث شاركت عشر طالبات دكتوراه من بين أربعة عشر مشاركاً وعرضن أبحاثهن.

 

أفتتح المؤتمر كل من بروفسور نديم روحانا، مدير عام مدى الكرمل، ود. أمل جمال، رئيس اللجنة الأكاديمية للمؤتمر ومدير عام مركز إعلام. افتتح بروفسور روحانا كلمته بشكر الحضور وقال أن أهم ما يمثله هذا المؤتمر الذي يجمع طالبات وطلاب دكتوراه فلسطينيين من الوطن وخارجه، هو ما قد يجسده من جواب حول سؤال “ما معنى أن تكون فلسطينياً في هذا الأيام”. وقال: “ينقصنا نحن الفلسطينيين مشروع وطني شامل وموًحد، وهو من مسببات غياب مشروع بحثي مرتبط بالمشروع الوطني. المشروع الحالي هو مشروع تجزيئي للشعب وللهوية. من هنا فإن هذا المؤتمر يتحدى واقع التجزئة والشتات القسري. نحن نحاول هنا ومن منطلق المسؤولية إنتاج إطار لتسيير وتسهيل عملية التفكير، التواصل والتنسيق بين الجيل الجديد للباحثات والباحثين، ومحاولة لتحدي واقع التجزئة والتغلب عليه”. كما أشار روحانا إلى أن المؤتمر الثاني سوف يعقد في أحدى الدول الأوروبية لإتاحة الإمكانية أمام الطلاب الفلسطينيين من مختلف مناطق الشتات واللجوء المشاركة في المؤتمر.

أما رئيس اللجنة الأكاديمية للمؤتمر، د. أمل جمال، فقد اعتبر مجرد انعقاد المؤتمر نقلة نوعية وحدثاً تاريخياً. وقال أن المؤتمر هو مؤتمر معرفي إنساني يتيح المجال لطلاب وطالبات الدكتوراه التواصل مع الجانب المعرفي، ومحاولة الارتقاء بالمعرفة الإنسانية بشكل عام وأضاف “يقول فانون: أن تكون موضوعياً يعني أن تكون مع المهيمن. ونحن لا يمكننا أن نكون موضوعيين في هذا المعنى، فعلينا موضعة أفكارنا على الأجندة لتحدي الواقع الذي نعيشه كفلسطينيين. لقد كان مركز مدى الكرمل سباقاً في مجال إعادة بناء الصرح المعرفي والارتقاء بالمشروع المعرفي، متحدياً التجزئة، بهدف تطوير معرفة تتجاوز المكان وتتحدى محاولات المؤسسة”،.

 

تخلل المؤتمر أربع جلسات وفقرة ختامية تلخيصية. خُصصت الجلسة الأولى لموضوع علوم الاجتماع والإنسان وشارك فيها كل من: لينا ميعاري حول “فلسفة المواجهة: المواجهة في التحقيق بين المناضلين الفلسطينيين وجهاز الشاباك”، سهاد ظاهر- ناشف حول “الإحياء الاجتماعي والسياسي لجسد الفلسطيني الميت: حالة مؤسسة الطب العدلي الفلسطيني”، رغدة النابلسي حول”العنف ضدّ النّساء العربيات من قبل أزواجهن: السّياق الثقافي والاجتماعي- السياسي لمفهوم المشكلة وتداعياتها وسبل مواجهتها”. ترأس الجلسة وعقّب على المداخلات د. بشير بشير؛ الجلسة الثانية حول موضوع تاريخ ودراسات شرق أوسطية بمشاركة: سامي أبو شحادة، حول “يافا كمركز ثقافي في فترة الانتداب البريطاني ما بين 1920 و 1948″، عروب العابد حول “اللاجئون الفلسطينيون – مواطنو الأردن: تفاوض حول الفرص الاقتصادية في مركز مدينة عمان”، رانيا جواد حول “أطر المسرح فلسطينياً”، أحمد أمارة، حول “أراضي النقب في ظل بقايا القانون الكولونيالي”. ترأست الجلسة وعقبت د. شيرين صيقلي؛ الجلسة الثالثة حول القانون بمشاركة: سماح الخطيب – أيوب، حول “إقامة جسم تمثيلي كآلية لتطبيق الحماية الدولية والمحلية من اجل الأقلية القومية الأصلانية للهوية في دولة قومية ديمقراطية”، نمر سلطاني حول “العدل، والشرعية، والشرعنة – بؤس النظرية الدستورية”، سونيا بولس حول “تعريف اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ، غير الإنسانية أو اﻟﻤﻬﻴﻨﺔ في القانون الدولي”. ترأس الجلسة وعقّب بروفسور ميخائيل كريني؛ الجلسة الرابعة للعلوم السياسية بمشاركة: منار محمود حول “عمليات بناء الدستور وعلاقتها بالمصالحة في المجتمعات المنقسمة”، امطانس شحادة، حول “تأثير العولمة الاقتصادية على الثقافة السياسيّة لدى المجتمع اليهودي في اسرائيل”، رلى هردل حول “النشاط النسائي بين النسوية، القومية والدولة: حالة النساء الفلسطينيات في اسرائيل”، هيلين قاسم حول “حق المقاومة والأمن الإنساني في القانون الدولي في ظل احتلال عسكري طويل الأمد في الأراضي الفلسطينية المحتلة”. ترأس الجلسة وعقّب د. سليم تماري.

شارك في هذه الجلسات عشر طالبات وأربعة طلاب، بينما منعت السلطات الإسرائيلية غيرهم من المشاركة لأسباب “أمنية”. وبعد كل جلسة استمع الطلاب والطالبات المشاركين إلى ملاحظات أكاديمية من رؤساء الجلسات ونقاش من قبل الحضور.

 

في النهاية قامت بروفسور نادرة شلهوب-كيفوركيان، مديرة وحدة الدراسات النسوية في مدى، بتلخيص المؤتمر، حيث قالت أن المؤتمر هو خطوة أولى لمحاولة لم شمل فكري رغم التقسيم والتجزئة. “يخلق هذا المؤتمر حيزا ومساحة أولى لانتماء فلسطيني لم تكن قائمة ، ومساحة لانتماء عاطفي، كما يخلق مساحة معرفية من التنظير ومن تحدى التنظير القائم، وكذلك مساحة تمنع التجزئة بأنواعها، بما فيها التجزئة العلمية”، قالت شلهوب.

استضاف برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل مجموعة من النسويات الأصلانيات من العالم الثالث في زيارة لهن لفلسطين. يذكر أن البعثة تزور فلسطين بهدف التضامن مع الشعب الفلسطيني، وستعمل على الالتقاء مع فلسطينيين وفلسطينيات للتعلم عن واقع الحياة، ولنقل رسالة إلى العالم حول ضرورة النضال من أجل عدالة غير مجزأة للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.

 

وقد شملت البعثة مجموعة من الباحثات النسويّات المهمات في الحقل الأكاديمي، مثل الباحثة الهندية شاندرا تالبيد موهانتي والباحثة والناشطة السياسية بربارا رانسبي، التي عاصرت وشاركت بشكل فعال نضال السود في الولايات المتحدة. كما شاركت في المجموعة المفكرة أنجيلا ديفس التي تعد أبرز ناشطة وأستاذة جامعية دافعت عن حقوق السود وعرفتها السجون الأمريكية بتهم ملفقة.

افتتحت اللقاء السيدة همّت زعبي، مركزة برنامج الدراسات النسوية وباحثة في مدى الكرمل، حيث رحبت بعضوات البعثة وشكرتهن على حضورهم إلى فلسطين، وشكرت بشكل خاص رباب عبد الهادي، البروفيسورة المشاركة في الدراسات العرقية ودراسات العرق والمقاومة والأستاذة المتخصصة في دراسات الجاليات العربية والمسلمة في جامعة سان فرانسيسكو على المبادرة والمجهود الذي وضعته في إحضار هذه البعثة الي فلسطين بشكل عام، وإلى برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل بشكل خاص.

 

وأضافت "يحمل هذا اللقاء الكثير من المعاني، وخاصة لتقاطعه مع أهداف برنامج الدراسات النسويّة الذي يعمل على دفع مكانة المرأة الفلسطينية من خلال إجراء أبحاث نقدية تقاوم التوجهات الإسرائيلية الاستشراقية والكولونيالية؛ أبحاث تعمل على الكشف عن آليات القمع والدور الذي تلعبه الدولة كدولة صهيونية استعمارية فيترسيخ واقع المرأه المتدنّي. ولأن اللقاء يتلاءم مع أهداف البرنامج الذي يسعى إلى تطوير وإقامة علاقات بين الباحثات الفلسطينيات في الداخل ومع باحثات وناشطات من دول الجنوب".

من جهتها عرفت بروفيسور عبد الهادي أهداف البعثة وقالت "جاءت هذه البعثة إلى فلسطين من "أميركا الأخرى"، غير تلك المهيمنة الرأسمالية والمسيطرة، وهي مجموعة من باحثات وناشطات مهمات كل في مجالها تنتمي إلى شعوب أصلانية ومجموعات مهمشة وإلى أقليات؛ مجموعة تبحث عن العدل غير المجزأ. حضرت إلى فلسطين تحمل رسالة تضامن وتحاول من خلال الزيارة أن تعيش وتفهم للعمق الواقع الفلسطيني، لتقوم في نهاية اللقاء بكتابة ورقة موقف حول العدالة في فلسطين، مشددة على العدالة لفلسطينيي الـ 48 وتدعو فيه العالم الانضمام إلى حملة المقاطعة".

 

حضر اللقاء العديد من الناشطات والأكاديميات الفلسطينيات من مناطق الـ 48 وتناولن العديد من القضايا، من أهمها واقع النساء الفلسطينيات، وتأثير السياسيات الكولونيالية الصهيونية على مجالات حياتهن المختلفة. وفي نهاية اللقاء أكدت الباحثة همّت زعبي على أهمية هذه اللقاءات وعلى ضرورة ايصال معاناة النساء الفلسطينيات للعالم وخاصة على ضوء تغييب هذا الجزء من الشعب الفلسطيني من الرأي العام.

"يجب أن نسأل عن هدف خطة تقسيم فلسطين منذ عام 1937. فلقد كان الهدف حل مشكلة للاستعمار البريطاني وليس البحث عن أي حل للمهاجرين اليهود أو للسكان الأصلانيين في فلسطين. لقد جاء التقسيم لخدمة المصالح البريطانية"، هكذا تحدث د. موسى البديري، أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة بير زيت، وذلك خلال لقاء الطاولة المستديرة الذي عقده مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، تحت عنوان "هل ينطبق مبدأ التقسيم على فلسطين – التاريخ والمستقبل؟".

 

يذكر أن هذا هو اللقاء الثالث في سلسلة ندوات الطاولة المستديرة لمدى الكرمل، والتي تهدف كما قال بروفيسور نديم روحانا، مدير عام مدى، الذي افتتح النقاش: "لمناقشة قضايا مركزية في الصراع بين الحركة الصهيونية وبين الشعب الفلسطيني، ومراجعة لأدوار الفلسطينيين في الداخل في تطورات الصراع والحلول". كما وأضاف انه ومن المهم أن تكون لدينا منصة للتفكير المشترك حول هذه القضايا فنحن نراجع التاريخ من أجل التعلم للمستقبل". وفي هذا السياق فإن التقسيم هو أحد أهم القضايا تاريخياً ومستقبلاً". ثم أشار بروفيسور روحانا إلى أنه ورغم التباين في الموقف الفلسطيني من مسألة التقسيم يبقى اجماع على المفهوم بأن الصراع هو بين حركة كولونيالية استيطانية وبين أهل البلاد الأصلانيين، "ما معنى هذا وماذا نتعلم منه. وما الذي يمكن أن نتعلمه من تجارب أخرى في العالم في هذا الخصوص؟ لم يشهد التاريخ حالة مشابهة لتقسيم البلاد بين حركة كولونيالية وبين السكان الأصلانيين، وعلينا أخذ هذه الحقيقة بالحسبان"، قال روحانا.

بداية تحدث د. البديري مشيراً إلى أنه ورغم مرور أكثر من 60 عام على التقسيم، ما زال النقاش يدور حول نفس الموضوع وما زالت تطرح نفس الحلول. وقال أن ما طرحته بريطانيا عام 1937 لم يكن فقط تقسيم البلاد إلى جزئين، بل أيضا إلى جزء ثالث تحتفظ به بريطانيا لنفسها، هذا بالإضافة إلى التبادل السكاني. كما أن التقسيم كان مربوطاً أيضاً بضم الدولة العربية إلى شرقي الأردن. "كما علينا أن نسأل أي تقسيم مطروح اليوم وما هو هدفه. فمبدأ التقسيم يطرح اليوم من قبل الفلسطينيين وأيضاً من قبل إسرائيل والمؤسسة الصهيونية. إسرائيل تطرح التقسيم بهدف الحفاظ على دولة يهودية والتخلص من الفائض السكاني العربي. أما بالنسبة للفلسطينيين يجسد التقسيم مبدأ تقرير المصير لسكان الضفة وقطاع غزة فقط. الموقف العربي والفلسطيني كان وما زال المطالبة بالاستقلال، لكنه لم يتم حتى الآن طرح مضمون لهذا الاستقلال"، قال د. بديري.

 

المداخلة الثانية كانت لبروفيسور إيلان بابي، مدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية في جامعة إكستر في بريطانيا، والذي استهل مداخلته بسؤال: كيف كان من المفروض أن يتعامل الفلسطينيون مع قرار التقسيم؟ وقال أنه: "كان هناك فرق جوهري في تعامل الطرف الصهيوني والطرف الفلسطيني مع قرار التقسيم. ففي حين رفض الطرف الفلسطيني التقسيم من حيث المبدأ، وافق عليه الطرف الصهيوني وتعامل مع القرار بتفاصيله ورد عليه للجنة بيل. وهنا يكمن جوهر الاختلاف. في حينه لم يتعامل الجانب الفلسطيني مع الإقتراح، بل رفضه مبدئيا. بالمقابل قبل الطرف الصهيوني فكرة التقسيم آخذين بعين الاعتبار علاقات القوى المحلية والعالمية وقاموا بتقديم خارطة مفصلة لنظرتهم للحل المستقبلي للمنطقة – وبشكل مثير فإن شكل الخارطة في حينه يشبه خارطة دولة إسرائيل اليوم بدون الضفة الغربية"، قال بابي. واضاف أن الطرف اليهودي رأى نفسه جزءا من المشروع الغربي وإقتراحاته.

وحول سؤال هل كان من الحكمة رفض القرار في حينه، قال بابي أنه من الصعوبة بمكان الإجابة على ذلك اليوم. فهل نجيب بحسب ما نعرفه اليوم، أم بحسب ما كانوا على علم به في حينه؟ ولكن تجدر الإشارة بأن العرب لم يأخذوا مسألة المحرقة وتأثيرها على ذلك الاقتراح وعلى أن انشغال العالم في تلك الفكرة كان بالاساس لحل مشكلة اليهود في أوروبا". هذا وأشار بابي إلى أن الاستيطان في الضفة الغربية يهدف إلى السيطرة على أكبر جزء من الأرض، وأن المستوطنين هم الوسيلة للسيطرة على الأرض وليس الاستيطان هو الهدف. كما أكد بابي بأن فكرة التقسيم ترتبط تاريخيا بالكولونيالية، وأن فكرة التقسيم لم تشكل فرصة تاريخية محتملة حتى قبل بناء المستوطنات.
 

كلمة التحرير
المقال التحليلي
وجهات نظر
الأنشطة الجارية في مركز مدى
المحرر المسؤول
نديم روحانا
المحرر الضيف
نديم روحانا
مساعدة تحرير
جنان عبده
ترجمة
نواف عثامنة
غلوكل- ترجمة وحلول لغوية
تدقيق لغوي
حنا نور الحاج

المواد المنشورة في ”جدل” تعبر عن آراء كتابها، ولا تعكس بالضرورة مواقف مدى الكرمل. © حقوق الطبع محفوظة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

"الثورات العربية هي نتاج تناقضات بنيوية داخل النظام. والانفتاح السياسي في العالم العربي كان قد بدأ أوائل سبعينيات القرن الماضي بسبب تلك التناقضات، وليس كاستجابة لمطالب شعبية. كما أن صعود التيار الإسلامي كان قد دفع النظام للانفتاح السياسي لمواجهة هذا التيار. لكن النظام حاول دائما التحكم والسيطرة على التحولات الديمقراطية بهدف تكريس ذاته وتعميق سيطرته، وليس من أجل تفكيك نفسه. وكانت النتيجة دول هجينة تتناقض مع مفهوم الدولة المدنية"، هكذا تحدث الباحث مهند مصطفى خلال الندوة التي عقدها مركز مدى الكرمل حول "الثورات والتحولات في العالم العربي".

بداية تحدث بروفيسور قيس فرو، حيث استعرض عدة نظريات حول الثورات ونشوبها. وقال أن كل مؤرخ سوف يتوقف عند سنة 2011 كسنة مفصلية في تاريخ الشرق الأوسط، وكبداية لمرحلة جديدة لا تشبه الفترات السابقة. وقال أن المؤرخ يحاول تأويل التاريخ وأنه يتعامل مع وصف الأحداث، وليس مع الحدث نفسه. كما رفض فكرة قدرة المؤرخ على التنبؤ بمسار التاريخ وتغيراته. و أكد البروفيسور فرو على استحالة فهم وتفسير ما حدث في العالم العربي خارج السياق العام وبمعزل عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. "خلال العقود الأخيرة حدثت عدة تغيّرات على النخب المسيطرة في العالم العربي، وأهم ما يميّز هذه التغيّرات هو أن النخب استعملت السلطة من أجل الثروة واعتماد النظام على الخطاب الديني القومي"، قال بروفيسور فرو.

أما الباحث مهند مصطفى فقد ركز في حديثه عن الحالة التونسية وجدلية التحديث والدمقرطة، وقال أنه تم استعمال الحداثة في تونس بهدف ضرب المشروع الديمقراطي والمشروع الإسلامي الإصلاحي. وقال أن ما يميّز النخب السياسية التونسية بعد الاستقلال أنها درست في الغرب، تحديدا في فرنسا ، ثم عادت إلى تونس لتستلم الحكم حاملة مشروع حداثوي متطور جداً، لكن هذا المشروع الذي أخذ عن الغرب الحداثة الاجتماعية والثقافية قد أغفل المشروع الحداثوي السياسي. "المشروع الحداثوي في تونس لم ينتج دمقرطة، بل عمل على ضرب جميع القوى الديمقراطية داخل تونس. هذا المشروع الحداثوي العلماني الغربي لم يضمن الديمقراطية. وما أدى إلى التحول الديمقراطي في تونس، ومصر أيضاً، هو التناقضات داخل النظام نفسه"، قال مصطفى.

حول ردود الفعل الإسرائيلي والموقف الإسرائيلي الرسمي من الثورات العربية تحدث د. محمود محارب، الذي قال بأن الفكر الإسرائيلي، الرسمي والأكاديمي، ينفي أمكانية حدوث تحول ثوري وديمقراطي في العالم العربي، وهو الفكر الذي يستند إلى النظريات الاستشراقية والثقافوية التي تخدم أجندة سياسية. وأكد بأن التوجهات الإسرائيلية السلطوية، كما مراكز الاستخبارات العسكرية ومراكز الأبحاث، كلها كانت معادية للثورات العربية وقلقة من نتائجها. وقال بأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي بقيت متمسكة بنظام حسني مبارك، وحاولت الضغط على الولايات وأوروبا لدعم نظام مبارك.

"تاريخيا فضلت إسرائيل التعامل مع أنظمة الاستبداد والفساد وتحالفت معها. مع حدوث الثورة المصرية خسرت إسرائيل أهم حليف لها في الشرق الأوسط. فخلال العقود الثلاثة الأخيرة اعتبرت إسرائيل النظام المصري كمقاول للسياسة الإسرائيلية. وأكثر ما أزعج إسرائيل هو أن الثورات العربية لم تنتج عن انقلاب عسكري، بل نتاج حراك سياسي شعبي وسلمي. فقد خشيت إسرائيل من انتقال ذلك إلى الشعب الفلسطيني"، قال د. محارب.