– تجنيد الشريعة اليهودية لخدمة التمييز
– حرية التعبير في الأكاديمية
Mada al-Carmel hosted Lila Abu Lughod, Professor of Social Sciences at Columbia University, NYC.
"الليبرمانية هي سيرورة إسرائيلية تعبر عن المجتمع الإسرائيلي وليست موضة عابرة. وما نشهده اليوم في إسرائيل هو فاشية وعنصرية، وهي ظاهرة ترتبط بتعزيز يهودية الدولة كانت قد بدأت منذ قيام دولة إسرائيل، وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا. ربما كانت بعض هذه المظاهر في السابق مقنعة، لكنها اليوم سافرة وعلنية، ولا يجوز التقليل من خطورة الوضع، فهو قابل للانفجار في كل لحظة"، هذا بعض ما قاله البروفيسور محمد أمارة رئيس المجلس التربوي العربي، خلال الندوة التي عقدها مركز مدى الكرمل.
هذا وكان مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، قد عقد ندوة لمناقشة العلاقات الفلسطينية اليهودية في إسرائيل ومستقبلها، وذلك بالتزامن مع صدور العدد التاسع من مجلة "جدل" الالكترونية التي خصصت لمناقشة اللقاءات الفلسطينية اليهودية، سيروراتها وأهدافها.
أفتتح الندوة د. رباح حلبي، وهو المحرر الضيف لعدد "جدل" الأخير ومحاضر في قسم التربية في الجامعة العبرية وعقّب على المداخلات المختلفة. أول المتداخلين كان د. عادل مناع، وهو مؤرخ ورئيس المعهد العربي في كلية بيت بيرل وباحث في معهد فان لير، الذي تناول المسألة من بعدها التاريخي. وقال أن جذور بناء العلاقات بين الفلسطينيين وبين الدولة العبرية تعود إلى عام 1948 والنكبة، وأن ما تمت بلورته في حينه ما زال ينعكس على حياة الفلسطينيين وسلوكياتهم حتى اليوم. حيث أشار إلى أن ما حكم العلاقات في بداياتها اعتمد أساسا على ما أسماه "سياسة البقاء"، وذكر كيف أن أعضاء عصبة التحرر الوطني قرروا الانضمام إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي خلال الحرب كجزء من سياسة البقاء، كما ذكر مطالبة ممثلي الحزب الشيوعي في الكنيست الإسرائيلي بفرض الخدمة العسكرية على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل كجزء من تلك السياسة. "رواسب النكبة والحكم العسكري ما زالت تؤثر علينا حتى اليوم، وثمة خوف من العودة لتلك الفترة،" قال د. مناع. وقال أيضا أن الحركة الصهيونية ومنذ القرن التاسع عشر لم تول العلاقة مع الفلسطينيين داخل إسرائيل أية أهمية. خلال مداخلته عرض د. مناع ثلاثة خيارات مستقبلية: أولا، رفض العمل الفلسطيني اليهودي والاعتماد على الذات، والعمل على بناء مؤسساتنا القومية مع دعوة اليسار الإسرائيلي للتضامن معنا؛ ثانيا، مخاطبة المجتمع الإسرائيلي وعدم التخلي عن اليسار الإسرائيلي، وضرورة العمل المشترك؛ ثالثا، ضرورة الاعتماد على الذات والتوجه إلى المجتمع الدولي وليس المجتمع الإسرائيلي. وأضاف د. مناع بأن "أكبر مكسب حققه الفلسطينيون في إسرائيل هو المواطنة، وهو مكسب أساسي، يحافظ على بعض الحقوق التي تسمح لنا بإسماع صوتنا خارج إسرائيل". كما شدد على "ضرورة وجود قاسم مشترك بين المواطنين الفلسطينيين وتوحيد الجهود الموّحدة لمواجهة السياسات الإسرائيلية، التي تتخذ منحا فاشيا".
البروفيسور محمد أمارة قال أن السيرورة الحالية تسير نحو تعزيز الهويات الإثنية، حيث تعمل إسرائيل على تعزيز يهودية الدولة وترسيخها، وفي المقابل يتم تعزيز الهوية الفلسطينية، مما يقلل من إمكانية الشراكة، باعتقاده. وبرأيه فأن ثمة "
شعور بالخوف الوجودي لدى المجتمع اليهودي في إسرائيل. صحيح أنه متخيل بغالبه، لكن الخوف قائم. إسرائيل تتجه نحو تعزيز اليهودية القومية والصهيونية على حساب التوجه الليبرالي. وإسرائيل تشعر أنها تفقد السيطرة لذلك فهي تسعى إلى استعادة هذه السيطرة على المنطقة. لا توجد في إسرائيل اليوم قيادة قادرة على التعامل مع هذا الوضع، والقيادة الإسرائيلية لا تملك مشروعا سياسيا واضحا"، قال البروفيسور أمارة. كما قال أنه لن يكون انفراج في العلاقات بين الطرفين في الفترة القريبة، وأنه لا توجد إمكانية للمصالحة طالما تعتبر إسرائيل نفسها جزءا من الفضاء الأوروبي والأمريكي وليس من الشرق الأوسط.
أما حول ما يمكن عمله فقال: "هل نتجه نحو الانهزامية أم نحاول إدارة الوضع؟ هل نكتفي بالخطاب الليبرالي بانتظار مرور العاصفة، أم نقول بأننا لن نستطيع التأثير لأن العوامل أقوى منا بكثير؟ فالشعور العام أننا نعمل ونجهد لكننا لا نؤثر".
في تعقيبه على المداخلتين قال د. رباح حلبي بأن كولونيالية إسرائيل هي العامل الأساسي المسيطر والمسيّر والمقرر، وخاصة أن اليسار اليهودي يحمل فكرا كولونياليا. "منذ البداية عملت الحركة الصهيونية وكأننا غير موجودين أصلا، وإسرائيل مستعدة لقبولنا طالما بقينا لا شيء. فالكولونيالي يقبلنا فقط إذا تصرفنا بناء على الصورة التي رسمها هو لنا. الهوية الكولونيالية لليهود قائمة على السيطرة على المنطقة كلها، وهم يشعرون بالخوف الوجودي فقط في حال عدم قدرتهم على السيطرة على الفلسطينيين والعرب والشرق كله. فالوعي الفلسطيني في تصاعد وهذا ما تعتبره إسرائيل خطرا وجوديا. الأمور غير متعلقة بنا، بل تتعلق بتغيير العقلية الكولونيالية الإسرائيلية". هذا وأشار د. حلبي إلى أن اليهود العرب (اليهود الشرقيين)، ورغم انتمائهم لليمين الإسرائيلي، لا يحملون عقلية كولونيالية، لذلك فهم الأمل الوحيد لنا في حالة تطور وعيهم في هذا الاتجاه.
كلمة التحرير |
المقال التحليلي |
وجهات نظر |
أوراق معلوماتية |
الأنشطة الجارية في مركز مدى |
المحرر المسؤول نديم روحانا |
المحرر الضيف رباح حلبي |
مساعدة تحرير جنان عبده |
ترجمة نواف عثامنة جلال حسن |
تدقيق لغوي حنا نور الحاج |
المواد المنشورة في ”جدل” تعبر عن آراء كتابها، ولا تعكس بالضرورة مواقف مدى الكرمل. © حقوق الطبع محفوظة.
يمكن إعتبار الاستقرار السياسي الذي تتمتع به حكومة نتنياهو، على أنه من الظواهر البارزة في المشهد الإسرائيلي الحالي. فعلى الرغم من التوقف التام والشامل في عملية التفاوض، وعلى الرغم من الضغوطات الأميركية الت مورست على تلك الحكومة.
تستعمل الدولة (إسرائيل) العديد من الأدوات "النظيفة" بهدف السيطرة على البيت الفلسطيني في يافا ولحرمان سكانه الأصلانيين منه، كما توّف الدولة أدوات الحداثة، مثل فرض تصاميم معينة على ترميم البيوت الفلسطينية تكون باهظة الثمن، بهدف التضييق على سكان يافا والاستيلاء على الحيز. وأنا أبحث هنا في هوية النساء الفلسطينيات في الحيز اليافاوي. وأدعي أنه لا يمكن فهم الجغرافية في "المدن المختلطة"خارج السياق السياسي وخارج سياسات العنف السياسي للدولة، هذا بعض ما جاء في محاضرة السيدة آمنه عثامنة، الباحثة النسوية في سياسات الحيّز، في الندوة التي عقدها برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل. وقد كانت هذه الندوة الأولى حول "النساء الفلسطينيات في يافا"، وسوف تعقد الندوة الثانية في مدينة يافا، في السادس عشر من الشهر الحالي، تحت عنوان "خلق حيزات بديلة" .
افتتحت الندوة السيدة همت زعبي، منسقة برنامج الدراسات النسوية في مدى، مشيرة إلى أن هذه الندوة تعقد بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد النساء، وأنها جزء من مساهمات برنامج الدراسات النسويّة في تسليط الضوء على مواضيع تتعلق بالعنف ضد النساء من مجالات لا يتم الحديث عنها كثيرا، مثل سياسات سلب الأرض؛ هدم البيوت والشتات، والتي تشكل أدوات للعنف السياسي والاجتماعي والاقتصادي ضد الفلسطينيات. وقالت أنه تم اختيار يافا لفحص وضعية النساء الفلسطينيات في "المدن المختلطة" من جوانبها المتعددة، وكونها تشكل احد مواقع دراسة يعمل عليها البرنامج تهدف لفهم معمّق للمكانة الاقتصادية للنساء الفلسطينيات في إسرائيل.
في البداية قدمت د. نادرة شلهوب-كيفوركيان، مديرة برنامج الدراسات النسوية في مدى، مداخلة عنوانها "الوطن كمنفى: سلب الأرض والشتات الفلسطيني كأداة عنف ضد النساء". وقالت: "تحاول هذه المداخلة فهم البنية التي أنتجت الوطن كمنفى والعناصر التي شكلتها، ومسارات تفاعلها وحراكها في الواقع الفلسطيني داخل أراضي 1948." كما أشارت إلى أن مداخلتها بنيت من خلال تجربة الفقدان، الصدمة، الشتات، الإلغاء والمؤقت. وقالت د. شلهوب أن استهداف الوطن الفلسطيني في محاولة تحويله إلى منفى أنتج سيكولوجية التحسب والترقب إزاء التهديد الدائم بفقدان المكان؛ ورغم استهداف الوطن، المكان والبيت، إلا أن المكان قد تحول إلى مصدر لمقاومة الإماتة ولمنع إلغاء الإنسان الفلسطيني بأدوات قانونية واقتصادية.
ثم تحدثت السيدة أمنة عثامنة واستعرضت أطروحتها حول هوية المرأة الفلسطينية في الحيز اليافاوي، مستخدمة الحدود كأداة تحليلية. وقالت أنها اختارت البيت الفلسطيني كنقطة أرخميدية في بحثها لعلاقته بالبيت الكبير – الوطن. ويعتمد بحث السيدة عثامنة على مقابلات مع نساء يافاويات، حيث كشف البحث عن هوية متعددة الأبعاد: العنصر العائلي والعنصر القومي. وقالت أن الدولة تستغل مسألة "الترميم" في محاولة لاخفاء سياستها الهادفة إلى تفريغ يافا من سكانها والاستيلاء على البيوت ومحو الحيز الفلسطيني.
ثم تناولت السيدة أمنة عثامنة مسألة المقاومة وقالت أن مقابل سياسة إسرائيل الهادفة إلى الاستيلاء على البيت الفلسطيني تقوم النساء على تطوير سبل مختلفة للمقاومة، مثل التمسك بإمكانية ترك البيت لأولادهن، الأمر الذي يضعهن في موقف الصمود الدائم. "تتمسك النساء بالأمل، فهن يمارسن أساليب مقاومة مختلفة لحماية البيت والحفاظ عليه، وذلك في محاولة للتحايل على السلطة. هذا نوع من أنواع المقاومة والصمود"، قالت عثامنة.
هذا وعقب على مداخلة السيدة أمنة عثامنة، طالب الدراسات العليا، السيد سامي أبو شحادة ابن مدينة يافا، الذي أشاد بالبحث مشيرا إلى الإلمام الواسع بالنظريات المختلفة والأدبيات، ووصف البحث على أنه "مبشر وواعد". وقال السيد شحادة أن علي الباحثين/ات الفلسطينيين التنبه إلى أننا لم نفكك بعد النكبة بشكل جدي ولم نستوعبها . "لا يوجد لدينا معلومات جدية تفصيلية حول ما حدث في النكبة، وحول ما حدث للإنسان الفلسطيني. ونحن ندرس النكبة واسقاطاتها في الجامعات الإسرائيلية وننتج داخل هذه الأكاديمية التي تنكر النكبة في غالبيتها"، قال شحادة.
وفي معرض تعليقه على بحث السيدة عثامنة قال أن جميع المقابلات أجريت مع فقراء وأنه لا يعتقد أنهم يمثلون حقا المجتمع اليافاوي بكليته. "هذا الخيار أنتج مفهوما معينا غير دقيق. كما أن اعتماد الزمن 1948 كنقطة انطلاق للبحث يساهم في خلق جماعة جديدة هي عرب إسرائيل"، مؤكدا على ضرورة العودة إلى ما قبل النكبة وقبل إسرائيل لدراسة الحالة الفلسطينية. كما أكد السيد شحادة على ضرورة إبراز مسألة الفصل العنصري التي تمارسها إسرائيل كجزء من سياسة تقسيم الحيّز.
Mada al-Carmel’s Gender Studies Program held a workshop dealing with Palestinian women in Jaffa and the creation of alternative spatial spheres.
استضاف مركز مدى الدكتور جويل بينين (أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ستانفورد) في محاضرة بعنوان: الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ والخطاب السياسيّ الأمريكيّ.
طرح د. بينين في مداخلته وجهة نظره حول القضايا المركزيّة الثلاث التي تحدّد سياسات الولايات المتّحدة في الشرق الأوسط: المصالح المرتبطة بالنفط والشؤون العسكريّة؛ الإيديولوجيا الدينية؛ إسرائيل. استهلّ د. بينين حديثه بتقصّي العلاقة المركّبة بين التيّار الدينيّ البروتستنتيّ الإنجيليّ والفكر الصهيونيّ، اللذين يبدوان ظاهريًّا كفلسفتين متناقضتين، لكنّهما تَقاطـَعَا في القرن الماضي في سياق الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين التاريخيّة. هذه الهجرة تُشير -بالنسبة للإنجيليّين- إلى مرحلة ضروريّة في مسار الظهور الثاني للمسيح. أثار هذا المعتقَد الدينيّ مشاعر دعمٍ لإسرائيل في صفوف المسيحيّين الأمريكان، والذين يشكّلون المجموعة الأكبر والأهمّ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. مع تواصل وتقدّم الحرب الباردة، اكتشفت الولايات المتّحدة الأمريكيّة أنّ إسرائيل هي حليف إستراتيجيّ نموذجيّ كمتعهِّد ثانويّ، وكمزوّد للأسلحة، وكذلك بسبب موقعها المركزيّ مقابل الدول المنتجة للنفط في المنطقة.على هذا النحو، يوضّح د. بينين كيف خلقت العقيدة الدينيّة والسياسة الخارجيّة الأمريكيّة علاقة منسجمة ومتوافقة مع المشروع الصهيونيّ، علاقة خدمت مصالح الولايات المتّحدة أسوة بخدمتها هي لمصالح إسرائيل. استعرض د. بينين مزيدًا من مشاعر التعاطف الحضاريّة في الغرب (والتي طوّرت هذه العلاقة وحافظت عليها) نحو الشعور بالذنب إزاء المحرقة، والحرب، والإرهاب. مع انتهاء الحرب الباردة، تراجعت قيمة إسرائيل الإستراتيجيّة على نحو ملحوظ؛ لكن على الرغم من ذلك، في تلك المرحلة أصبحت العلاقة بين البلدين جِدَّ وطيدة، ولم تعد تحتاج إلى مزيد من المبرّرات والمسوّغات. يشير د. بينين كذلك إلى حقيقة أنّ الدول العربيّة المنتجة للنفط لم تفرض قَطّ عقوباتٍ على الولايات المتّحدة وإسرائيل بسبب سياساتهما الخارجيّة الهدّامة، لذا لم يكن للدولتين في مُناخ كهذا أيُّ حافز لتغيير هذه السياسات.
وخَلصَ د. بينين إلى أنّ فهم العلاقات الأمريكيّة الإسرائيليّة، والطريقة التي حدّدت فيها هذه العلاقة مفردات الصراع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، والصراع العربيّ – الإسرائيليّ، يحتّم علينا أن نأخذ في الحسبان هذه السيرورات التاريخيّة التي خلقت الظروف المعاصرة التي تضعنا أمام الكثير من التحدّيات. وكلّما تفاقم الصراع، يشجّع د. بينين على الإصغاء إلى أفكار وإستراتيجيّات الفلسطينيّين الذين يأخذون قسطًا في النضال من أجل العدالة، وينبغي عدم التقليل من شأن وأهمّـيّة المجهود الذي يبذلونه.