يستعرض الباحث في هذا المقال، من منظور طبيب فلسطينيّ، أشكال تمثيل الأطبّاء الفلسطينيّين في الجهاز الصحّيّ الإسرائيليّ خلال جائحة كوڤيد -19، إلى جانب الديناميّات التي ظهرت في هذا الجهاز إبّان حالة الطوارئ الصحّيّة العامّة. ويجادل المقال بأنّ جهاز الرعاية الصحّيّة، وهو ركيزة مهمّة من ركائز المشروع الاستعماريّ الاستيطانيّ، وبناه التحتيّة، يجري تخييله بسذاجة بوصفه مجالًا محايدًا وغير سياسيّ. وفي الوقت الذي احتُفيَ فيه بميدان محاربة كوڤيد – 19 بوصفه ميدان تآخي الفلسطينيّين من حمَلة الجنسيّة الإسرائيليّة مع أقرانهم من اليهود، وخُيِّل كبوّابة لتحقيق مكاسب سياسيّة أو مساواة للمواطنين الفلسطينيّين في إسرائيل، فقد ظلّ العمل جاريًا على تطبيع كلّ من العسكريتاريا الاستيطانيّة، ورموز الاستيطان، وسيطرة المستوطنين.
تُعتبر الولايات المتّحدة الأمريكيّة الراعي الرئيسيّ لعمليّة السلام التي وُقّعت في العام 1993 بين منظّمة التحرير الفلسطينيّة وإسرائيل، وقد دأبت الولايات المتّحدة الأمريكيّة منذ إبرام اتّفاقيّات أوسلو وواشنطن على تقديم مساعدات للشعب الفلسطينيّ كوسيلة لدفع واستمرار عمليّة السلام بين الطرفين، وتُعتبر الوكالة الأمريكيّة للتنمية الدوليّة (USAID)، ووزارة الخارجيّة الأمريكيّة (Department of State)، المصدر الرئيسيّ الذي تتدفّق من خلاله هذه المساعَدات. فقد شرعت الوكالة الأمريكيّة للتنمية الدوليّة ووزارة الخارجيّة الأمريكيّة بتنفيذ برامج في مختلف القِطاعات في الضفّة الغربيّة وقِطاع غزّة، وأضيف إليها منذ اندلاع الانتفاضة الثانية دعم ماليّ مباشر لموازنة السلطة الوطنيّة، ثمّ تطوّرت المساعدات الأمريكيّة في سنوات ما بعد الانقسام الفلسطينيّ لتشمل مجالات وقِطاعات أوسع وهي: التكاليف الإداريّة؛ البنْية التحتيّة؛ الأمن والحماية؛ سيادة القانون وحقوق الإنسان؛ المساعَدات الاجتماعيّة؛ المياه والصرف الصحّيّ؛ التعليم الأساسيّ.
تستعرض الورقة مستقبل المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ في ظلّ التحدّيات الكبيرة والعقبات المستعصية التي تواجه هذا المشروع، ولا سيّما تلك المتعلّقة بفشل مسار التسوية، وفشل مسار المصالحة.
ويواجه المشروع السياسيّ الفلسطينيّ تحدّياتٍ وعقباتٍ كثيرةً، منها ما يتعلّق بفشل أو تعثُّر التسوية السياسيّة وَ “عمليّة السلام” عقب انسداد الأفق السياسيّ بعد صعود اليمين المتطرّف لسدّة الحكم في إسرائيل، وهيمنة كتلة اليمين المتطرّف على النظام السياسيّ في إسرائيل، وتوقّف المفاوضات على نحوٍ كامل منذ سنوات؛ ومنها ما يتعلّق بالوضع الداخليّ الفلسطينيّ في ظلّ الفشل المتكرّر لاتّفاقيّات المصالحة الفلسطينيّة مع إصرار كلّ طرف على مواقفه؛ ومنها ما يتعلّق بالتحوّل في الموقف الأمريكيّ من قضايا الوضع النهائيّ ومحاولة إدارة ترامـﭖ شطب قضيّة القدس واللاجئين والمستوطنات من على طاولة المفاوضات في إطار ما بات يُعْرَف بِـ “صفقة القرن”.