نظم مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، بالتعاون مع مقهى ليوان في الناصرة، ندوة لمناقشة وتقديم كتاب “مكان نقطن به واسم له: قراءة ادبية وثقافية في اسماء الأماكن العربية في البلاد” الذي ألفه د. عامر دهامشة.
يبحث الكتاب في أسماء البلدات والقرى العربية في البلاد، وأسماء المعالم الطبيعية كالجبال، التلال، الوديان والطرقات من خلال الخوض في المعنى الثّقافيّ، التّربويّ والأيديولوجيّ الذي يقف وراء هذه التسميات. ويكشف الكاتب عن أعراف التسميات العربية والأساليب اللغوية الّتي تميّزها، وتطوي في ثناياها محطّات من تاريخ الشّعوب التي عبرت هذه البلاد. يشير الكتاب الى ان التّسميات العربيّة للأماكن الجغرافيّة هي جزء من ثقافة شعبيّة شفويّة تراكمت على مدى مئات السنين وتناقلت على الألسن وأن العلاقة الحميمة والمباشرة والمستديمة التي ربطت العرب الفلسطينيّين مع الأرض، أثمرت مخزونًا ثقافيا وأدبيا يحوي عشرات الآلاف من الأسماء التي نُسجت حولها روايات وتفسيرات تحكي قصّة تكوينها ومعانيها.
تحدث في الندوة مؤلف الكتاب د. عامر دهامشة، محاضر في الكلية العربية الأكاديمية، حيفا، وباحث في معهد ترومان، الجامعة العبرية؛ ود. رائف زريق، محاضر في فلسفة الحقوق ومدير مشارك في مركز “منيرفا”؛ وأدارت الندوة د. أريج صباغ-خوري، محاضرة في قسم العلوم الاجتماعية وعلم الانسان في الجامعة العبرية في القدس وزميلة بحث في مدى الكرمل.
افتتحت الندوة بكلمات ترحيبيّة من قبل سالي عزام-كوك، إحدى القائمين على مقهى ليوان الثقافي، ومن قبل د. مهند مصطفى، مدير عام مدى الكرمل، الذي تحدّث عن أهميّة مشروع قراءات في كتب الذي أطلقه مدى الكرمل منذ عدّة أشهر. المداخلة الأولى كانت لرائف زريق افتتحها بالإشادة في ارتفاع عدد الإصدارات المحليّة وأثرها على المجتمع الفلسطيني في الداخل، قائلاً: “هنالك ازدياد في عدد الكتب التي تصدر هنا وهذا أمر هام، لأنه يساعدنا على التغلّب على قضية القداسة التي تحوم حول الكتاب. عندما نبدأ بالتعامل مع الكتب على انها مساحات اجتهاد، نبدأ بالكتابة أكثر وبالقراءة أكثر. من المهم جداً الالتفات الى ما يكتب محلياً؛ بصفتنا عالم ثالث، حتى فترة قريبة، كنا دائماً ننتظر ان تأتي المعرفة والتنوير من مناطق أخرى، الآن هناك تطوير لمعرفة محليّة، وهذا يحتاج أن نأخذ أنفسنا بجديّة”.
وحيا زريق المؤلف عامر دهامشة على فكرة الكتاب وعلى الجهد البحثي فيه، مشيراً إلى ان: “الاشياء لا تحضر في العالم ومن ثمّ نسمّيها وكأن التسمية هي عالم خارجي يُسقَط على الاشياء، وكأنها عامل يضاف إلى الشيء. فقط تخيّلوا انفسكم بدون اسمائكم. التسمية موجودة في كل شيء.” وأضاف زريق “هناك أمور لم نكن لنعرف حدودها بدون تسميتها.. التسمية بهذا المعنى هي شرط الرؤية.. نحن لا نرى الأمور ومن ثم نسمّيها. التسمية تعطي الشخصية شخصيتها. لا يمكننا تخيل الشخصية بدون التسمية.. من يملك قوّة التسمية يملك الشيء الذي يسميه.”
المداخلة الثانية كانت لد. عامر دهامشة، جاء فيها: “الكتاب هو رد على الرواية الصهيونية من الباب الخلفي، باعتباره اول كتاب يصدر باللغة العبرية ويتناول العلاقة بين الهوية والمكان من وجهة نظر فلسطينية. الكاتب الاسرائيلي الذي يبحث في الاسماء الفلسطينية لا يمكنه انتاج بحث من هذا النوع، لأن الارتكاز في حالته هو على المصادر العبرية، التي تكتب عن اسماء معيّنة مثل “طريق اريئيل شارون” في نتسيريت عيليت دون ذكر تاريخ التسميات العربية للشارع. بالتالي، في حين يقوم الكاتب الاسرائيلي برواية نصف قصّة فأنا اقوم بإحضار نصفي القصة لإتمامها”.
واشار دهامشة إلى الفارق الكبير بين الروايتين الصهيونية والفلسطينية، قائلا “ان الرواية الفلسطينية محفورة في المكان بحُكم الواقع، وليست كالرواية الصهيونية التي استحضرت أسماء توراتية وفرضتها على المكان” معطيًا مثالاً على ذلك: “في جبل طرعان كان هناك معصرة البير، واسمها معصرة حنا ومحفور عليها “انا حنا ابن منا لا تقولوا الصخر طاعننا”، الحديث هنا عن اناس تركت بصماتها، وأتت أسماءها من داخلها” وأضاف دهامشة “نحن لم نتربّى على نفي الآخر من خلال التسميات. عندما أتى ظاهر العمر إلى دير حنا، قام احد مستشاريه باقتراح تغيير اسم القرية الى “دار سعود”، فرفض ظاهر العمر ذلك”. كذلك لفت دهامشة إلى ان اسرائيل لم تقم بمحو اسماء منسوبة لحضارات غير عربية مثل قيساريا بل ركّزت على محو الأسماء العربية.
يذكر ان الكتاب صادر باللغة العبرية عن دار “كنيرت”.