استضاف برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل البروفيسور دوبرافكا زاركوف في ندوة حول العنف ضد الرجال في ظل الحروب، وكيفية تعامل الإعلام مع هذه المسألة. حيث تناولت المحاضرة الأشكال المختلفة للعنف ضد الرجال، وخاصة العنف الجنسي في يوغوسلافيا سابقا والعنف الجنسي ضد العراقيين في سجن أبو غريب. وأكدت زاركوف في بداية محاضرتها على أهمية فهم السياق الاجتماعي-السياسي بهدف قراءة صحيحة للواقع، وتحليل الأحداث ودلالاتها.
يذكر أن بروفيسور دوبرافكا زاركوف درست علم الاجتماع، الأنثروبولوجيا، التنمية، ودراسات المرأة في يوغوسلافيا السابقة وهولندا. وتتمحور اهتماماتها البحثية الرئيسية حول البحث في السياسات التمثيلية (في الإعلام) للنوع الجنسي، الجنس والعرق في سياق الحرب والعنف. وقد شاركت زاركوف في تحرير كتاب، "لحظة ما بعد الحرب. جيوش، الرجولة وحفظ السلام الدولية"، مع سينثيا كوكبرن (2002 )، ومن إصداراتها أيضا "هيئة الحرب. وسائل الإعلام، العرق والجنس في تفكك يوغوسلافيا" (2007)، و"النوع الجنسي والصراعات العنيفة والتنمية" (2008).
قامت زاركوف بمراجعة للصحافة الصربية والكرواتية في فترة الحرب (1991-1995)، حيث دلت النتائج على وجود اختلاف واضح في التغطية الإعلامية حول الاعتداءات الجنسية بين الرجال والنساء من حيث كمية وكثافة التغطية. وفي حين تبين أن الصحافة الصربية لم تغطي أي اعتداء جنسي على الرجال، فإن الصحافة الكرواتية تناولت المسألة باقتضاب شديد؛ ففي الأعوام 1992-1993 ومن بين 120 نصاً عن العنف خلال الحرب، فقط 30 منها تطرقت للاعتداءات الجنسية ضد النساء، وأربعة تطرقت باقتضاب للاعتداءات الجنسية ضد الرجال، ومعظمها مقتبسة من تقارير دولية أو من الصحافة الأجنبية. كما يذكر أن الاعتداءات الوحيدة التي حظيت بالتغطية الإعلامية هي حين كانت الضحية رجل مسلم والمعتدي من الصرب، مما يدل على تأثر الإعلام بالسياسة التمثيلية، ورغبة ومصالح القوى المهيمنة.
تقول بروفيسور زاركوف في تفسيرها لهذه المعطيات إن الحرب كانت حرب قومية أهلية، وكي لا تتضرر صورة الرجولة تم التغاضي عن هذه الاعتداءات الجنسية ضد الرجال. لقد تعاملت الصحافة مع الرجل الصربي على أنه سوي، بينما تعاملت من الرجل المسلم بكونه "الآخر، الضعيف والانثوي".
أما في حالة سجن أبو غريب، فقد درست زاكروف ما نشر في صحيفتي واشنطن بوست ونيويورك تايمز، وتبين أن الصحافة الأمريكية قامت بتغطية واسعة للاعتداءات كما أرفقت في العديد من الحالات صور المعتدين والمعتدى عليهم. تقول زاكروف أن الصحافة الأمريكية تعاملت مع المعتدين على أنهم من خارج الثقافة العسكرية الأمريكية، وعلى أنهم شواذ لا يمثلون المجتمع الأمريكي. ففي حالة المجندة ليندي انجلاند، قامت الصحافة في التركيز على خلفيتها الاجتماعية، وأنها تنتمي لفئة اجتماعية مهمشة وهامشية في المجتمع الأمريكي، وأبرزت علاقاتها مع صديقها السابق، كي تثبت أنها غريبة الأطوار وغبية لا تمثل المجتمع الأمريكي. وتقول زاركوف بأن اعتراف الصحافة الأمريكية بهذه الجرائم ووصف المعتدين على أنهم خارج الثقافة الأمريكية، قد جاء بهدف تمثيل المجتمع الأمريكي كمجتمع ديمقراطي وذي قيم عالية. أما تصوير المعتدى عليهم من العراقيين فهو يظهر هؤلاء كضعفاء لكنه لا يمس بالمجتمع الأمريكي.
وفي نهاية حديثها تطرقت بروفيسور زاكروف للتوجهات النسوية المختلفة التي تعاملت مع قضية أبو غريب، وقالت أنه في البداية برز التوجه الجوهراني الذي استغرب من إمكانية قيام نساء باعتداءات وحشية على سجناء أبو غريب؛ فيما بعد ظهر توجه أخر الذي حاول أن يفهم انعكاس تلك الممارسات على المجتمع الأمريكي، وما تمثله بالنسبة للمجتمع؛ وكان توجه ثالث الذي حاول الربط بين الرجل العرقي والرجل الأسود. تاقول زاركوف بأن هذا التوجه يتجاهل سياق الحرب على العراق ويتجاهل حالة الاسلاموفوبيا، كما يتغاضى عن تاريخ العنصرية في المجتمع الأمريكي.