الإفقار كسياسة: تقرير مقارنة
امطانس شحادة
(تموز 2004)

ملخص:

الفقر المفروض هاتان الكلمتان تصفان جيدا فحوى التقرير هذا، والذي يصور الحلقة المفرغة التي يعيش فيها الكثيرون من أبناء الأقلية العربية في إسرائيل. إذ تشير كافة المعطيات والنتائج، والواقع الحياتي اليومي، والدراسات إلى أن ثعبان الفقر والضائقة يلتف حول الأقلية العربية ويقوم بخنقها شيئا فشيئا. وتدل جميعها على أن غالبية العوامل المبلوِرة والمغذية لهذا الفقر بهدف ترسيخه تنبع من نفس المصدر، وهو ما يعرقل تطور وتقدم الأقلية العربية في غالبية مجالات الحياة وترسّخ مكانتها المتدنية.

لقد ازداد معدل حالات الفقر في أوساط العائلات العربية ثلاثة أضعاف ما لدى العائلات اليهودية. فضائقة الفقر لدى العائلات العربية قائمة في كافة أنماط العائلات، وهي ليست ناجمة عن كبر العائلة وعدد أفرادها فحسب. فالفقر في الوسط العربي متجذر أكثر منه في أي شريحة أو فئة أخرى من فئات الدولة. ولا تساعد المخصصات ومدفوعات الرفاه الاجتماعي الأخرى في تخليص غالبية العائلات الفقيرة من الضائقة التي تعيشها. ولم تتحوّل العائلات العربية إلى بؤر للفقر والبطالة والإحباط فحسب، وإنما إلى مجموعة أقلية مجرّدة من أيّ آليّة تمكين وتقوية. والأخطر من ذلك أنها طورت ارتباطا وتعلقا متزايدا وخطيرا بمِنَن الدولة وهباتها لإعالة نفسها، بواسطة مخصّصات التأمين والرفاه الاجتماعي.

سيحاول هذا التقرير المقتضب توفير صورة مقارنة ومحتلنة لنسبة الفقر في الوسط العربي، مقابل نسبته في أوساط مجموعات أخرى داخل دولة إسرائيل. لتحقيق هذه الغاية تم فحص ودراسة أوجه الشبه والإختلاف في مميزات العائلات الفقيرة في الدولة. تم فحص معدّلات الفقر قبل دفع مخصصات الرفاه والتأمين الاجتماعي والضرائب المباشرة، وفحص مدى مساهمة هذه المخصصات بصورة فعلية وحقيقية في إخراج هذه العائلات من دائرة الفقر في الوسط العربي: ما هي الشرائح التي تساعدها هذه المخصصات أكثر من غيرها، ولماذا؟ ما هي العلاقة بين مستوى النمو الاقتصاديّ وبين الفقر في أوساط الأقلية؟ كما تم فحص المدفوعات والمخصصات غير المباشرة التي تدفعها الدولة، والميزانيات والموارد غير المباشرة التي تدفع للفئات المختلفة عبر "القطاع الثالث" والمنظمات التطوعية: ما حجم هذه الميزانيات؟ من يتلقاها؟ ما حصة كل فئة وشريحة من هذه المدفوعات؟ وما مدى تأثير هذه المدفوعات في الخروج من دائرة الفقر؟