عقد مركز مدى الكرمل، المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التّطبيقيّة، مؤتمره السّنويّ الخامس لطلّاب الدّكتوراه الفلسطينيّين، السّبت الماضي، في فندق رمادا أوليفييه في النّاصرة.

افتُتح المؤتمر بكلمات ترحيبيّة لعضوي اللجنة الأكاديميّة للمؤتمر، د. مهنّد مصطفى المدير العام لمركز مدى الكرمل، و د. أيمن اغبارية المحاضر في جامعة حيفا


وصل الى موقع كل العرب بيان صادر عن مركز مدى الكرمل، جاء فيه: “عقد مركز مدى الكرمل، المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التّطبيقيّة، مؤتمره السّنويّ الخامس لطلّاب الدّكتوراه الفلسطينيّين، السّبت الماضي، في فندق رمادا أوليفييه في النّاصرة، بحضور العشرات من الطلّاب والأكاديميّين والباحثين والنّاشطين، لمناقشة أبحاث الدّكتوراه لطلّاب وطالبات فلسطينيّات. وقد تميّز مؤتمر هذا العام، بمساهمته في دفع جيل جديد من الباحثات الفلسطينيّات، حيث شاركت فيه تسع باحثات وباحث واحد”.


خلال المؤتمر 

وأضاف البيان: “افتُتح المؤتمر بكلمات ترحيبيّة لعضوي اللجنة الأكاديميّة للمؤتمر، د. مهنّد مصطفى المدير العام لمركز مدى الكرمل، و د. أيمن اغبارية المحاضر في جامعة حيفا. شدّد مصطفى على أهمّيّة المؤتمر باعتباره “لقاءً معرفيّا يلتقي به الطّلّاب ويتبادلون المعرفة والخبرة ويلتقون مع باحثين من جامعات مختلفة، ومساحة لصقل فعل إنتاج المعرفة لدى جيل الباحثين الجدد، الذي هو فعل سياسيّ مقاوم، بكونه ينتج معرفة في ظلّ القوى الاستعماريّة متحدّيّا لها، وناقدا لها، ولذات المستعمر، وللواقع تحت الاستعمار، ولأدواته المعرفيّة ولمنهجيّته البحثيّة”. أمّا د. أيمن اغبارية فقد تطرّق إلى أهمّيّة أن يكون الباحثُ مثقّفًا شاهدًا يمارس فعل البحث، والتّأمّل والتّبيّن للحقيقة. مضيفا بأنّ: “ما نسعى إليه هو أن ننتقل بالأكاديميّ الفلسطينيّ من مقعد ال مشاهدة والفرجة إلى ميدان الشّهادة الفاعلة والنّشطة”. وأنهى بإشارته إلى شكل النّخبة الفلسطينيّة القادمة التي يسعى برنامج طلّاب الدكتوراه في مدى الكرمل إلى تشكيلها”.
وتابع البيان: “تخلّل المؤتمر ثلاث جلسات دراسيّة. تناولت الجلسة الأولى، التي أداراها د. أيمن اغباريّة والتي كان عنوانها الهويّة النّسائيّة: مسارات التّشكّل وصور التّمثّل، ثلاث مداخلات: الأولى بعنوان “التّكيّف في الشّبكات الاجتماعيّة خلال فترة التّغيّرات في الهويّة الدّينيّة لدى نساء فلسطينيّات في إسرائيل”، قدمتها الباحثة عائشة حجار اغبارية، طالبة دكتوراه في كلّيّة الاتّصال والصّحافة في الجامعة العبريّة. والتي تناولت الامكانيات التي تتيحها مواقع التّواصل الاجتماعيّ لنساء ذوات خلفيّة اجتماعية، تقليديّة، وذكوريّة، فيما يتعلق ببلورة وعرض هويّتهن الدّينيّة في ظل حكم دولة تتّسم بالعلمانيّة. أمّا البحث الثّاني، والذي جاء بعنوان “تحوّلات في الفكر الإسلاميّ المعاصر: مكانة المرأة في مجمّع الفقه الإسلاميّ” فقد كان للباحثة ناهد كنعان، طالبة دكتوراه في قسم الشّرق الأوسط في جامعة بن غوريون. والتي تناولت مكانة المرأة المسلمة في السّياق الثّقافي الاجتماعيّ والتّاريخيّ (1981-2018) داخل أسوار مجمّع الفقه، كمؤسّسة عليا، تُعتبر مظلّة للعالم الإسلاميّ، من خلال فحص كيفية تطوّر الفتاوى المتعلّقة بقضايا المرأة وحقوقها، ووصف الخطاب الفقهيّ النّسويّ داخل المجمّع. واما البحث الثّالث والأخير لهذه الجلسة، فقد كان بعنوان “الكتابة النّسويّة في أدب الكتّاب الرّجال: يوسف ادريس نموذجا” عرضته الباحثة أماني هواري، طالبة دكتوراه في قسم اللغة العربيّة وآدابها في جامعة حيفا. حاولت الباحثة هواري الوقوف على إجابة للسؤال: “هل يكون الكاتب الرجل نسويًّا في أدبه؟”، مثيرةً بذلك نقاشًا وجدلًا حول ما يجعلُ الكتابة نسويّةً من حيث المضامين والأفكار، الأساليب، وجنس الكاتب. وقد قدمت يوسف ادريس كمثال لكاتب نسويّ”.
وأضاف البيان: “جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان “فلسطين: مقاربات تاريخيّة، اجتماعيّة واقتصاديّة” أدارها د. عميد صعابنه، المحاضر في قسم علم الاجتماع في جامعة حيفا، وعضو لجنة الأبحاث في مدى الكرمل. قدمت خلالها ثلاث مداخلات ، كانت الأولى لد. إلهام جبر شماليّ من غزّة عبر السّكايب، وهي حاصلة على إجازة الدّكتوراه في التّاريخ من جامعة عين شمس. عرضت شماليّ بحثًا بعنوان ” الصّندوق القوميّ اليهوديّ ودوره في خدمة المشروع الصّهيونيّ”. تناولت خلاله مؤسّسة “الكيرين كييمت” مشيرة الى أنها لعبت دورًا هامًّا في نهب أراضي فلسطين حتّى عام 1948م، حيث استطاعت توفير مبلغ 31 مليون جنيه فلسطينيّ من مصادر عدّة، للسيطرة على مساحة 936.000 دونم، كما وطبّقت الترانسفير لتهجير أهالي القرى وعشائر بيسان شرق نهر الأردن منذ العشرينات. وخلال حرب عام 1948 كان الصندوق عنصرًا أساسيًّا في عمليّات طرد الفلسطينيين من قراهم ومدنهم”.
قدم المداخلة الثّانية التي جاءت تحت عنوان “الاقتصاد الفلسطينيّ وعلاقته مع اسرائيل”، الباحث وليد حبّاس، طالب دكتوراه في قسم علم الاجتماع في الجامعة العبرية. تناول خلالها ظاهرة ازدياد العلاقات الاقتصاديّة بين سكّان الضّفّة واسرائيل، على الرغم من نظام الفصل العنصري وتكثيف البنية الاستعمارية وأدوات السيطرة التي فرضتها اسرائيل على سكان الضفة الغربية مع انتهاء الانتفاضة الثانية. ويفترض الباحث حبّاس أنّه “لا يمكن تفسير العلاقات الاقتصاديّة بين الضّفة الغربيّة واسرائيل فقط من خلال البنية الاستعماريّة التي تمارس السّيطرة والهيمنة على سكّان وأراضي الضّفة الغربيّة، ودون الالتفات لدور السّكان الفلسطينيّين، مشيرا الى انهم ليسوا بلاعبين سلبيين، كما ولا يندرج جميعهم ضمن فئة المستغَلّين المسيّرين، حيث يلعب بعضهم دورا لا يستهان به في صياغة شكل وكثافة ونوعيّة العلاقات الاقتصاديّة مع اسرائيل كذلك”. اما المتحدثة الثالثة، فكانت الباحثة سهاد واكد، وهي طالبة دكتوراه في مدرسة الدراسات الثّقافيّة في جامعة تل أبيب، فقد عرضت بحثًا بعنوان ” النّساء القرويّات الفلسطينيّات ومسار التّغيير: عرابة نموذجًا”. مشيرة خلاله الى التّغيّرات التي شهدها الواقع التّاريخيّ الجغرافيّ في عرابة، وتأثيرها على النّساء، حيث فحصت الباحثة الاستراتيجيات التي اتّبعتها النساء في تحديد هويّتهن الذّاتية في مجتمع انتقالي”.
وجاء ايضا في البيان: “أما الجلسة الثالثة والأخيرة فقد جاءت تحت عنوان النّساء الفلسطينيّات: أدوار وتحدّيات مجتمعيّة وأدارتها عضوة اللجنة الأكاديميّة للمؤتمر، د. سونيا بولس، الباحثة الزائرة في مدى الكرمل والمحاضرة في قسم العلاقات الدّوليّة والقانون في جامعة أنطونيو دي نبريخا في مدريد. كانت المتحدثة الأولى في الجلسة الباحثة ميسون أبو رية، طالبة دكتوراه في كليّة علم الاجتماع في جامعة بن غوريون، وقد تناولت مداخلتها بحثها حول زواج النّساء العربيّات المطلقات ثانية، والذي تحاولُ من خلاله فهم وتحليل الدّوافع والاستراتيجيّات التي تدفع النّساء الفلسطينيّات المطلّقات للزواج مرّة ثانية في ظلّ نظام اجتماعيّ أبويّ، وكذلك الصّعوبات التي تواجهها حين التّصريح عن رغبتها في ذلك. أما المتحدثة الثانية فكانت الباحثة كاميليا إبراهيم، وهي طالبة دكتوراه في دراسات الجنوسة في جامعة بار ايلان، فقد تحدثت عن العزباوات الفلسطينيّات في إسرائيل، متطرقة الى ضرورة التّعامل مع حالة العزوبيّة باعتبارها حالة طبيعيّة، وليست مرحلة انتقاليّة إلى الزّواج. ادعت في مداختلها بان هناك أربعة أنماط مواجهة لدى العزباوات: مواجهة تهدف للوصول إلى الزواج، أخرى تهدف إلى معالجة المشاعر السّلبيّة، وثم مواجهة تهدف إلى تحقيق الذّات، وأخيرة تتجه نحو مفاوضة العائلة والمجتمع والمصالحة مع الموروث الثقافي.
وفي المداخلة الأخيرة في المؤتمر تناولت الباحثة هزام هردل زريق، وهي طالبة دكتوراه في كلية الخدمة الاجتماعيّة في الجامعة العبريّة، الأخصائيّات الاجتماعيّات في المجتمع الفلسطينيّ: ما بين التّصور العام لمهنتهن وتّمثّلاتها الإعلاميّة. أشارت خلالها بأنّ صورًا نمطيّة عدّة، وأفكارا مسبقة سلبية تكوّنت حول مهنة العمل الاجتماعيّ، بينما تحاول في بحثها إلقاء الضّوء على مكانة مهنة العمل الاجتماعيّ في المجتمع عمومًا والإعلام على وجه الخصوص. كما، تحاول هردل زريق تسليط الضّوء على تجربة الأخصائيّات الاجتماعيّات الفلسطينيّات اللواتي يعملن في قسم الخدمات الاجتماعيّة في بلدات ومدن عربيّة، وما تواجهنه من تعنيف في إطار عملهنّ.
وقد اشتمل المؤتمر على فقرة توزيع منح، قدمت خلالها عشر منح لطلبة الدراسات العليا المشاركين في السّيمنار، التي يوزعها مدى الكرمل سنويًّا.
في نهاية المؤتمر قامت بتلخيص المؤتمر وشكر المشاركات والمشاركين عضوة الهيئة الإداريّة لمدى الكرمل الدّكتورة أريج صباغ خوري، التي تحدّثت عن أهمية النّقد الذّاتيّ في الدّراسات الفلسطينيّة، وليس فقط نقد الحالة الاستعمارية، وأشارت إلى أن مدى يسعى إلى ان يوفر حاضنة أكاديميّة توفر للطلاب أدوات النقد والمعرفة في دراساتهم من خلال مقاربات ناقدة للذات وللسياق الاستعماري”.