عَقَد مدى الكرمل، يوم السبت الموافق 28 من أيّار (2022)، اللقاءَ السادس من ورشة “الصهيونيّة والحركة الوطنيّة الفلسطينيّة: قراءات في مذكّرات المستعمِر والمستعمَر” – الدورة الرابعة. كان عنوان اللقاء “جنود يهود يروون حرب 1948  “Jewish soldiers narrating the 1948 war”. تحدّث في اللقاء كلّ من: شايْ حازقاني Shay Hazkani من جامعة ماريلاند في الولايات المتّحدة، وتوم ﭘـيسَح Tom Pessah من “الكلّيّة الأكاديميّة العربيّة للتربية في إسرائيل – حيفا”. وتناولت المحاضرتان روايات متعدّدة للجنود اليهود حول حرب العام 1948: النكبة الفلسطينيّة.

 

ركّز شايْ حازقاني في محاضرته التي استندت إلى كتابه “Dear Palestine: A social history of the 1948 war” على كتابيّة تاريخ جديد لحرب عام 1948 بناء على محاضرات عامّة ورسائل خاصّة واقتباسات غير مقتبَسة (Quote the unquoted) لجنود يهود وعرب شاركوا في الحرب. لكنّه ركّز في محاضرته على نحوٍ خاصّ على رواية الجنود اليهود. يفحص كتابه الـﭘـروﭘـاﭼـندا الإسرائيليّة والعربيّة غير المبحوثة سابقًا بشأن الحرب من خلال الروايات الرسميّة وغير الرسميّة بلغات متعدّدة، من بينها: العربيّة؛ العبريّة؛ الفرنسيّة؛ لغة الييديش. وتناول في محاضرته أربعة عناصر: التعبئة (Mobilization)؛ التلقين (Indoctrination)؛ الانطباعات الأولى (First impressions)؛ العنف (Violence).

ويجادل أنّه، بناء على رسائل الجنود اليهود الذين شاركوا في الحرب والتي قام بدراستها، قد جرت تعبئةٌ مَهولةٌ وبناءُ منطقٍ جماعيٍّ للقتال لتجنيد النساء والرجال اليهود، وبخاصّة في مرحلة ما بعد الكارثة (كارثة الهولوكوست التي سبقت حرب العام 1948 بأعوام قليلة). أمّا التلقين، فبرأيه قد جرى فيه بناء سرديّة لليهود لتحديد “من هو العدوّ؟”، وهي سرديّة شُفِعت بوسائل تعليميّة عدّة أنتجتها الهاﭼـاناة، كيوسيف هاركابي، رئيس عصابة الهاﭼـاناة آنذاك الذي كان يدعو إلى “وضع حدّ للكارهين”، في حين تناول حازقاني في جزئيّة “الانطباعات الأولى” لدى الجنود اليهود أثناء الحرب ورواياتهم حول القدوم إلى فلسطين. ويَستدلّ حازقاني في جزئيّة “العنف”، ومن خلال روايات الجنود ورسائلهم، أنّ لكارثة الهولوكوست تأثيرها على “الجنديّة” والعسكرة في المرحلة التي تلتها، ويجادل في أنّ العنف هو جزء تأسيسيّ من مجتمع القوميّات الغربيّ، وأنّ هذا العنف عند الجنود اليهود في الحرب لم يكن متناقضًا مع يهوديّتهم، بل كان جزءًا منها.

 

أمّا مداخلة توم ﭘـيسَح، فقد تركّزت على أطروحته في الدكتوراة بشأن “تمثُّلات التطهير العرقيّ في المجتمعات الاستيطانيّة الديمقراطيّة داخليًّا”

(The representation of ethnic cleansing in (internally) democratic settler societies). ويقارب في مداخلته بين النكبة الفلسطينيّة وحالتَيْن دراسيّتَيْن حول المجتمع الاستيطانيّ في الولايات المتّحدة، وحالتَيْن في المجتمعات الاستعماريّة في كلّ من أستراليا ونيوزيلندا. واعتمد في منهجيّته على مقابلات مع قدامى المحاربين اليهود، بالإضافة إلى أرشيف الجيش. ويجادل ﭘـيسَح، اعتمادًا على المصادر التي توصّل إليها والمقابلات التي أجراها، إلى أنّه جَرَتْ شَرْعَنة النكبة من خلال توسيع تعريف الحرب لتشمل إلحاق الضرر بالمدنيّين وعلى نطاق واسع، وأنّ الاحتلال تضمّن على نحوٍ متأصّل (Inherently) فعْلَ الطرد، وأنّ الطرد قد انتصر على المعارضة الداخليّة المحتمَلة للتطهير العرقيّ الواسع.

تلا المحاضرتَيْن نقاشٌ غنيٌّ بين أفراد المجموعة وعدد من الضيوف الخاصّين الذين دعوا للورشة.

ويُذْكَر أنّ اللقاء السابع في الورشة سيُعقَد بين العاشر والثاني عشر (10-12) من تمّوز المقبل في مدينة أمستردام في هولندا، وبالتعاون مع جامعة أمستردام وبدعم من مؤسّسة الرباني في هولندا.