"تؤثّر الأحداث السياسيّة والظروف الاجتماعيّة على حياة النساء ولها إسقاطات عديدة على مبنى العائلة والعلاقات الاجتماعيّة. تحليل العلاقة بين مبنى العائلة والظروف السياسيّة قد يساهم في فهم بعض القضايا الاجتماعيّة مثل السيطرة والرقابة الاجتماعيّة على أجساد النساء" -هذا ما قالته د. إيزيس نصير في مداخلتها "المشرّدون/ات في البيت: الانتماءات الإثنيّة والنوع الاجتماعيّ في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل" في برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل.

 

بمناسبة صدور كتاب "المشرّدون/ات في البيت: الانتماءات الإثنيّة والنوع الاجتماعيّ في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل"، الذي صدر عن دار النشر "ساني بريس" عام 2010، وهو من تحرير د. روضة آن كناعنة وَد. ايزيس نصير، استضاف برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل د. إيزيس نصير (محرِّرة شريكة للكتاب ومحاضِرة في العلاقات الدوليّة ودراسات المرأة في جامعة "دينستون" في أوهايو الولايات المتّحدة)، ومنال شلبي (ناشطة وباحثة نسويّة لها فصل في الكتاب بعنوان "سياسات الجنوسة لدى النساء الفلسطينيّات في إسرائيل").

افتتحت اللقاءَ وأدارته السيّدة أريج صبّاغ- خوري (منسقّة مشروع المشاركة السياسيّة في مدى الكرمل) قائلة: "يسرّنا في برنامج الدراسات النسويّة وفي مدى الكرمل الاحتفال بصدور هذا الكتاب الذي يشكّل مرجعًا مهمًّا حول النساء الفلسطينيّات في إسرائيل. وهو من أوائل الأدبيّات الأكاديميّة التي تجمع كاتبات فلسطينيّات من مناطق الـ 48 يكتبن ويبحثن في مواضيع متعلّقة في السياق الاجتماعيّ الاقتصاديّ الخاصّ بهنّ. ويأتي هذا الإصدار -إلى جانب أدبيّات أخرى، بعضها من إصدار برنامج الدراسات النسويّة- ليملأ فراغًا دام طويلاً في الأدبيّات الأكاديميّة حول النساء الفلسطينيّات في إسرائيل، ولا سيّما مراجع باللغة الإنكليزيّة".

 

في بداية مداخلتها، تناولت د. إيزيس نصير فكرة الإصدار وطريقة العمل التي رافقت إصداره وقالت: "أهمّـيّة هذا الكتاب تتعدّى كونه متعدّد الأبعاد مركَّبًا ومتنوّع المواضيع، حيث تتراوح مواضيع الكتاب ما بين المهجّرين في الداخل والذاكرة التاريخيّة، وصولاً إلى جنسانيّة المرأة وإمكانيّات المقاومة الكامنة في ثقافة الهيب هوب بين الشبيبة الفلسطينيّة. بل عملنا كذلك على أنْ تحمل طريقة العمل عليه فكرًا وممارسةً نسويَّيْن، تضمن مشاركة الكاتبات في معظم مراحل تحضير الكتاب، واتّبعنا حساسية جندريّة خاصّة تجاه لغة والمضامين". وأضافت" يشمل الكتاب أربعة محاور مركزيّة: الدولة والإثنيّة؛ الذاكرة والتاريخ الشفويّ؛ جندرة الحيّز والجسد؛ الهجرة والتهجير. وحاولنا من خلال فصول الكتاب المختلفة تضمين التحليل النسويّ وتحدّي الاستقطاب الذي يحكم الكثير من الأبحاث التي تتناول مكانة النساء. فعلى سبيل المثال، كيف تتأثّر العلاقات الاجتماعيّة والاقتصاديّة وقضايا اجتماعيّة قد تُعتبر مهمَّشة عندما نقوم بربطها مع القضايا السياسيّة، أو ما هي العلاقة بين الخاصّ والعامّ والسياسيّ والاجتماعيّ وكيف نتناول التاريخ بعلاقته مع الحياة الخاصّة؟ وكيف تتقاطع الاهتمامات المحلّـيّة والوطنيّة والعالميّة وتشكّل حَيَواتنا اليوميّة. إنّ ما يميّز الكتاب هو التوازن اللطيف الذي تحافظ عليه فصول هذا الكتاب في ما بينها، فمن ناحية، تقوم فصول الكتاب بتحليل المظاهر القمعيّة والقسريّة والرمزيّة للدولة، ومن ناحية أخرى، تتناول الفلسطينيّين كمجموعة متنوّعة وخلاّقة ونشطة وقادرة على وضع الإستراتيجيات".

في تطرّقها إلى الفصل الذي ساهمت د. نصير في كتابته قالت: "بدأت دراستي عام 1998، عندها كانت دولة إسرائيل تحتفل بمرور خمسين عامًا على استقلالها، وكان الفلسطينيّون يُحْيون الذكرى الخمسين لنكبتهم. وحاولت من خلال هذه الدراسة فهم تأثير الأحداث السياسيّة الاجتماعيّة والاقتصاديّة المختلفة على ثلاثة أجيال من النساء الفلسطينيّات، استنادًا إلى تجربتهنّ. كذلك حاولت، من خلال هذه الدراسة، تحليل العلاقة بين الأوضاع الاجتماعيّة والسياسيّة على الحيّز الخاصّ وبنْية العائلة والسيطرة على جسد المرأة".

 

المداخلة الثانية كانت للباحثة والناشطة النسويّة منال شلبي تطرّقت فيها إلى المفهوم الاجتماعيّ والسياسيّ لجنسانيّة النساء الفلسطينيّات في إسرائيل، وقالت: "غالبًا تُهمَّش قضيّة جنسانيّة المرأة لصالح القضايا السياسيّة والاجتماعيّة، وهذا على الرغم من أهمّـيّة هذه القضيّة وإسقاطاتها المهمّة على جوانب متعدّدة في حياة النساء". وأضافت: "حاولت من خلال هذه الدراسة الإجابة عن عدّة أسئلة، من ضمنها: ما هو مفهوم ومواقف النساء تجاه جنسانيّتهنّ؟ كيف في الإمكان أن نفهم تعاطف النسويّات مع مجتمع يصفنه -في المعتاد- بأنّه مجتمع قامع؟ علاوة على ذلك، تحاول الدراسة أن تفهم: كيف تحظى العديد من النساء الناشطات بالاحترام والتقدير على الرغم من تحدّيهنّ للمفاهيم التقليديّة للجنسانيّة في المجتمع؟ وهل النساء الفلسطينيّات مقموعات جنسيًّا، أم متحرّرات؟ وكيف يجري التعامل مع الدلالات القيميّة للمصطلح"؟

وفي إشارة إلى أبرز النتائج، قالت شلبي: "معظم النساء، بصرف النظر عن درجة الثقافة والانتماء الدينيّ أو الطبقيّ، لم يفهمن المصطلح "الجنسانيّة"، ولم ينجحن في الإجابة عمّا تعنيه الجنسانيّة في حياتهنّ. مع هذا، يُستدَلّ من النتائج أنّ معظمهنّ استعملن دلالات سلبيّة للتعبير عن الجنسانيّة، نحو: القمع؛ التقاليد؛ وعدم الشرعيّة؛ الخوف؛ الألم؛ الكراهية. وفي تطرُّقهنّ إلى علاقتهنّ مع الجسد، طغت كذلك الصفات السلبيّة على هذا الموضوع، وغالبيّتهنّ عبّروا عن تجربة سلبيّة مع أجسادهنّ ارتبطت بالاشمئزاز والخطر والغربة. وتنعكس هذه العلاقة مع أجسادهنّ في علاقتهنّ مع المرآة، حيث عبّرت معظم المشارِكات في البحث عن ابتعادهنّ عن المرآة، ولاسيّما في سنّ المراهقة. فضلاً عن هذا، لم تستخدم معظم النساء اللغةَ العربيّة لوصف العلاقات الحميميّة، بل وصفت معظم النساء هذه القضايا مستعمِلات اللغة العبريّة أو الإنكليزيّة". وأضافت شلبي: "على الرغم من هذا الواقع، تشير نتائج الدراسة إلى أنّ النساء لا يخضعن تمامًا للقمع المجتمعيّ المفروض في مجال الجنسانيّة، وفي كثير من الأحيان تجد النساء وسائلَ وطُرُقًا بديلة لتناور البنى الاجتماعيّة القامعة وتستخدم حنكة اجتماعيّة تحاول من خلالها التغيير في النظام لا تغيير النظام".

 

في نهاية اللقاء، دار نقاش بين الحضور والمحاضِرات تمحور بدايةً في أهمّـيّة الدراسات التي تتناول واقع النساء الفلسطينيّات، ولا سيّما تلك التي تقوم بها باحثات نسويّات فلسطينيّات والتي تجمع بين السياق السياسيّ والاجتماعيّ والجندريّ. فضلاً عن هذا، تطرّق النقاش إلى المعيقات التي تواجه الباحثات الفلسطينيّات في الأكاديميا الإسرائيليّة؛ فمن ناحية، في كثير من الحالات، يتطلّب منهنّ إجراءُ الأبحاث في الجامعات الإسرائيليّة وتحدّي التوجّهات الاستشراقيّة التي تحاول الأكاديميا الإسرائيليّة فرْضَها على الباحثات أنفسهنّ. ومن ناحية أخرى، يتطلّب منهنّ إجراءُ الأبحاث في اللغة العبريّة حساسيةً ثقافيّة لغويّة وسياسيّة عند تحويل مضمون المقابلات التي أجرينها للبحث من اللغة العربيّة إلى اللغة العبريّة.

اختتمت في الناصرة يوم السبت 19 تشرين الثاني 2011 أعمال مؤتمر "الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيون في إسرائيل" والذي عقد على مدار ثلاثة أيام بتنظيم من مركز مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية في حيفا، ومؤسسة الدراسات الفلسطينية – رام الله، بمشاركة عدد من الباحثين/ات، والأكاديميين/ات، والنشطاء السياسيين من جانبي حدود 1967 ومن الخارج.

ويعد هذا المؤتمر المنبر الأول من نوعه الذي يناقش طبيعة العلاقة بين الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيين في إسرائيل في مختلف المراحل السياسية وتبعات الواقع السياسي الراهن وانسداد أفق الحلول السياسية على هذه العلاقة.
وصرح رئيس جامعة بيرزيت خليل الهندي في كلمة افتتح بها المؤتمر في بيرزيت " أنه قد نشأت حاجة مؤكده لصياغة المشروع الوطني من جديد على أساس عدم استثناء أي من مكونات الشعب الفلسطيني بالأخص بعد فشل جميع الاطروحات الهادفة لحل الدولتين." وعبّر نديم روحانا مدير مؤسسة مدى الكرمل عن سعادته لافتتاح المؤتمر وعن سعادة مدى الكرمل للتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية في طرح قضية شمولية تتعلق بالتاريخ السياسي الفلسطيني المعاصر وبالمستقبل الفلسطيني، مؤكداً أن الأوضاع السياسية الراهنة تثير اسئلة ليس فقط حول مسار وآليات واستراتيجيات المشروع الوطني الفلسطيني، بل ايضا حول جوهره وتعريفه؛ وقال: "ان الجديد هو شمولية الاسئلة المطروحة من ناحية معنى المشروع الوطني الفلسطيني، اذ صار من الطبيعي ان يتم الحديث عن المشروع كمشروع يخص كل الشعب الفلسطيني". كما وأكد كميل منصور، عضو مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية أن هذا المؤتمر يؤسس لشراكة واضحة بين المؤسستين مضيفاً "ان هذا المؤتمر يعتبر خطوة متواضعة في فاعليّتها، ولكنها متميزة في رمزيتها على طريق تفعيل وحدة الشعب الفلسطيني وعروبته في اماكن تواجده كافة ".

عقد اليومان الأول والثاني في جامعة بير زيت، حيث تضمنت أعماله عدة جلسات كانت الأولى بعنوان "تصورات الحركة الوطنية الفلسطينية للعلاقة مع الفلسطينيين في إسرائيل؛ كيف تم صوغ التصورات؟" تحدث فيها أستاذ التاريخ بجامعة كولومبيا رشيد الخالدي مستعرضا الخلفية التاريخية السياسية لنضال الفلسطينيين بالداخل، لافتا لضرورة الاستفادة من تجاربهم بغية التصدي للمشروع الصهيوني. تلاه الكاتب والمحلل السياسي داوود تلحمي مستكملا استعراض أوضاع الفلسطينيين في الداخل في مرحلة ما بعد عام 1988. ترأست الجلسة مديرة برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل، والأستاذة في كلية القانون بالجامعة العبرية في القدس نادرة شلهوب – كيفوركيان.

أما الجلسة الثانية برئاسة جورج جقمان أستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بير زيت ومدير مؤسسة مواطن، فكانت بعنوان "الحركة الوطنية الفلسطينية في الفكر السياسي لدى الفلسطينيين في إسرائيل". وكانت المداخلة الأولى للمؤرخ ورئيس المعهد الاكاديمي لاعداد المعلمين العرب في كلية بيت بيرل عادل مناع تطرق فيها الى مرحلة ما قبل 1988. اما مرحلة ما بعد 1988 فاستعرضها الكاتب والأكاديمي واستاذ فلسفة القانون رائف زريق.

وفي الجلسة الثالثة التي كان عنوانها "الحركة الوطنية الفلسطينية ومراكز التأثير الجديدة" والتي ترأستها هنيدة غانم، باحثة وأكاديمية متخصصة في العلوم الاجتماعية، اشترك كل من الصحافي والكاتب والمحلل السياسي هاني المصري الذي قدم مداخلة بعنوان "تأثيرات انتقال منظمة التحرير الفلسطينية ونشوء مراكز فلسطينية متعددة"، والكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين حول "التشبيك، شبكات التواصل المتنوعة، واستراتيجيات العمل السياسي".

بدات اعمال اليوم الثاني بجلسة تحت عنوان: "الحلول المطروحة واثرها في العلاقة بين الحركو الوطنية الفلسطينية والفلسطينيين في اسرائيل" برئاسة المحامي حسن جبارين، مدير مركز عدالة. وكان اول المتحدثين في الجلسة هو مدير عام مدى الكرمل واستاذ العلاقات الدولية في جامعة تافتس في بوسطن، نديم روحانا الذي قدم مداخلة بعنوان: المواقف من الدولة اليهودية ومستقبل الهوية الوطنية الفلسطينية؛ تلاه عضو مجلس امناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية ورئيس لجنة الأبحاث فيها كميل منصور الذي تحدث عن تبعات حل الدولتين على الفلسطينيين في كافة اماكن تواجدهم.
استكمل الحديث حول محور الحلول المطروحة واثرها في الجلسة الثانية التي ترأستها المديرة المساعدة في مدى الكرمل، ايناس عودة – حاج. تحدث في الجلسة بشير بشير، محاضر في النظرية السياسية المعاصرة في الجامعة العبرية ، وباحث في معهد فان لير – القدس، حول حل الدولة ثنائية القومية. ثم استعرض ثابت ابو راس، جغرافي-سياسي ومحاضر في جامع بئر السبع وكلية سابير مواقف الأحزاب العربية في اسرائيل من حل الدولتين.

اما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان اشكال التواصل بين الفلسطينيين في فلسطين التاريخية، وترأسها الكاتب والناقد الادبي ورئيس تحرير مجلة الكرمل الجديد حسن خضر. تحدث في الجلسة كل من: امطانس شحادة، باحث في الاقتصاد السياسي في مدى الكرمل، حول أشكال التواصل الاقتصادي؛ ساما عويضة، مديرة مركز الدراسات النسوية، حول دور فلسطينيي 48 في حماية القدس والمقدسات؛ هديل قزاز، مديرة مركز الابحاث الفلسطيني الامريكي في رام الله، حول اشكال التواصل الفكري بين النساء الفلسطينيات؛ والكاتب ورئيس تحرير موقع قديتا علاء حليحل حول الخصوصيات الثقافية لفلسطينيي الداخل: قطيعة ام تواصل؟
ثم انتقلت اعمال المؤتمر في يومه الثالث الى مدينة الناصرة، حيث نظمت طاولة مستديرة شارك فيها مجموعة من السياسيين ممثلين عن الاحزاب والقوى السياسية من جانبيّ الوطن.

افتتح اليوم الثالث بكلمات ترحيبية من رامز جرايسي رئيس بلدية الناصرة، و كميل منصور عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ونديم روحانا عن مدى الكرمل. وتضمن اليوم جلستين؛ خصصت الجلسة الاولى للدروس المستفادة من مراجعة العلاقة بين الحركة الوطنية الفلسطينية والفلسطينيين في اسرائيل، شارك فيها كل من: النائب جمال زحالقة، النائب ابراهيم صرصور، النائب محمد بركة، السيد رجا اغبارية، السيد عبد الحكيم مفيد، السيدة رنا النشاشيبي، السيد حنا عميرة والسيد عبد اللطيف غيث. بينما تناولت الجلسة الثانية موضوع العلاقات بين التجمعات الفلسطينية في الوطن والمنفى، وآفاقها المستقبليّة، وشارك فيها كل من: النائبة حنين زعبي، السيدة نبيلة اسبنيولي، السيد صالح رأفت، الدكتور ممدوح العكر، الدكتورة فيحاء عبد الهادي، الدكتورة هديل قزاز والسيد فيصل حوراني.
ورأى المؤتمرون أن منظمة التحرير الفلسطينية أهملت الداخل الفلسطيني، دون أن تكوّن خطة عمل وإستراتيجية واضحة للتعامل مع الداخل، بحيث ان التواصل يرتكز حتى اليوم على العمل العشوائي ويخضع لمبادرات فرديّة.
وتباينت المواقف بشأن طبيعة وتطور علاقة الحركة الوطنية بالداخل الفلسطيني والمعايير والضوابط التي تحكم هذه العلاقة، ومفهوم خصوصية النضال لفلسطيني 48 وتبعات ذلك على المشهد السياسي الفلسطيني العام.
وقد حاور المشاركين كل من نديم روحانا، رشيد الخالدي وخليل الهندي.

"إلى جانب كون الاعتداء الجنسيّ حدثًا صادمًا وله الكثير من التأثيرات النفسيّة والسلوكيّة على الضحيّة؛ حيث يمثّل لمعظم الضحايا فقدانَ الحياة، وفقدانَ الحبّ والأمان، ويسبّب للضحايا المعاناة العائليّة والمجتمعيّة -إذ تعاني النساء (في الأغلب) من تلويم الأهل والمجتمع-، إضافة إلى كلّ هذه المعاناة، تعاني النساء الفلسطينيّات كذلك من سلسلة خسائر أخرى لدى التقائهنّ مع جهاز الضبط الاجتماعيّ والقضائيّ" – هذا بعض ما جاء في سمينار "ضحيّة مزدوجة: النساء الفلسطينيّات ضحايا العنف الجنسيّ"، الذي عقده برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل (المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة) بمناسبة اليوم العالميّ لمكافحة العنف ضدّ النساء.

 

افتتحت اللقاء وأدارته همّت زعبي، مركّزة برنامج الدراسات النسويّة، وقالت بعد الترحيب بالحضور: "على الرغم من مرور أكثر من عَقد على إعلان اليوم العالميّ لمكافحة العنف ضدّ النساء، وعلى الرغم من النشاط النسويّ في المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل في قضايا الاعتداءات الجنسيّة من خلال العمل على رفع الوعي للعنف الجنسيّ واقتراح طرق تدخُّل وعلاج للضحايا، فإنّ الإحصائيّات التي تقوم بجمعها وتوثيقها جمعيّات نسويّة فلسطينيّة مختصّة في المجال تشير إلى خطورة الظاهرة، ولا سيّما في ما يتعلّق بعدم الثقة بين ضحايا العنف الجنسيّ والشرطة؛ إذ تشير إحصائيّات جمعيّة "السوار" – الحركة النسويّة العربيّة لدعم ضحايا الاعتداءات الجنسيّة- إلى أنّ نسبة ضئيلة من ضحايا العنف الجنسيّ المتوجّهات إلى خطّ الطوارئ في الجمعيّة تتقدّم بشكوى إلى الشرطة، ممّا يثير العديد من التساؤلات التي سيحاول اللقاء اليوم الإجابة عنها من خلال عرض نتائج دراسات جديدة في المجال".

في مستهلّ مداخلة السيّدة سائدة مقاري-ريناوي (اختصاصيّة اجتماعيّة، ومديرة وحدة معالجة العنف في العائلة مكتب الشؤون الاجتماعيّة في الرينة) التي تستند إلى أطروحة اللقب الثاني التي قدّمتها مقاري-ريناوي في قسم الخدمة الاجتماعيّة في الجامعة العبريّة، أشادت بأهمّـيّة السمينار الذي يتناول إحدى القضايا المهمّة التي تعاني منها النساء الفلسطينيّات ضحايا العنف الجنسيّ، مشيرة إلى أنّ نتائج دراستها تؤكّد أنّ النساء الفلسطينيّات ضحايا العنف الجنسيّ يواجهن العديد من الصعوبات عند التقائهنّ بالجهاز القضائيّ الإسرائيليّ عامّة، وبالشرطة الإسرائيليّة على وجه الخصوص. وقالت: "إلى جانب كون الاعتداء الجنسيّ حدثًا صادمًا وله الكثير من التأثيرات النفسيّة والسلوكيّة على الضحيّة؛ حيث يمثّل لمعظم الضحايا فقدانَ الحياة، وفقدانَ الحبّ والأمان، ويسبّب للضحايا المعاناةَ العائليّة والمجتمعيّة، إذ تعاني النساء في الأغلب من تلويم الأهل والمجتمع؛ إضافة إلى كلّ هذه المعاناة، تعاني النساء الفلسطينيّات كذلك من سلسلة خسائر أخرى لدى التقائهنّ بالشرطة"، إذ تُعزِّز نتائج البحث الذي قامت به السيّدة مقاري-ريناوي غالبيّةَ نتائج الأبحاث التي أجريت في أرجاء العالم، والتي قامت بفحص تجارب ضحايا الاعتداءات الجنسيّة من بنات الأقلّـيّات عند لقائهنّ للشرطة، بدءًا من إضفاء صبغة "الاعتياديّ" على الاعتداء، وصولاً إلى التقليل من شأن الاعتداء، وغياب التقبّل والتفهّم، وفجوات اللغة، والتمييز. وفي هذا السياق تقول مقاري-ريناوي إنّ دراستها تكشف النقاب عن "أنّ الجهاز القضائيّ في إسرائيل يتدخّل في قضايا العنف الجنسيّ في المجتمع الفلسطينيّ على نحوٍ مبنيّ على آراء مسبقة ولا تناسب سلّة الخدمات التي يقدّمها الجهاز احتياجات الضحايا، فضلاً عن انعدام وجود أدوات لقياس الخطر الذي قد تواجهه الضحيّة، فـتـبـقـى دون حماية. من هنا، بينما تصف الأبحاث العالمية تجربة ضحايا العنف الجنسيّ مع الشرطة بأنّها تجربة تشبه "الاغتصاب المجدّد"، تشير نتائج دراستي هذه إلى أنّ لقاء النساء الفلسطينيّات ضحايا العنف الجنسيّ مع جهاز القضائي تُدخِل الضحيّة في "دائرة اغتصاب" ممّا يزيد من معاناتها، وهكذا تضاف يد الشرطة إلى الأيدي التي تحاول إخراس الضحيّة".

 

المداخلة الثانية كانت للسيّدة عنان أبو صالح (اختصاصيّة اجتماعيّة، ومديرة إقليميّة لبرنامج "فتيات وأولاد في ضائقة" في قرى الشاغور). استندت المداخلة إلى رسالة الدكتوارة التي تعمل عليها أبو صالح في قسم الخدمة الاجتماعيّة في الجامعة العبريّة، والتي حملت العنوان "الفتيات الفلسطينيّات، العنف الجنسيّ ومراكز مساعدة الفتيات"، فتركزّت في فهم وتحليل العلاقة بين السياق السياسيّ والاجتماعيّ والثقافيّ لضحايا الاعتداءات الجنسيّة الفلسطينيّات واختيار طرق العلاج حسب وجهة نظر المهنيّين. وقالت أبو صالح في مستهلّ مداخلتها: "موقع النساء الفلسطينيّات ضحايا العنف الجنسيّ، وكونهنّ أقلّـيّة وطن، يضعانهن في أربع دوائر قمع: الأولى نتيجة كونها امراة؛ الثانية انتماؤها إلى مجتمع ذكوريّ؛ الثالثة كونها أقلّـيّة سياسيّة في دولة محتلّة وعنيفة؛ الرابعة كونها ضحيّة اعتداء جنسيّ". وأضافت: "تجتمع هذه الدوائر لتزيد من معاناة الضحيّة؛ فمن ناحية المجتمع، تعاني الضحيّة -وفي بعض الأحيان عائلتها- من وصمة عار يُلْصِقها بها المجتمع. أمّا من الناحية السياسيّة، فشعور الاغتراب بين الضحيّة والمؤسّسة –فضلاً عن التمييز في طرق العلاج والخدمات التي تقدّمها المؤسّسات المختلفة- يزيد من معاناة لضحيّة". أمّا في ما يتعلّق بالمهنيّين، فأضافت أبو صالح قائلةً: "التعقيدات التي تواجه ضحايا العنف الجنسيّ تنعكس كذلك على المهنيّين؛ فمن ناحية، يعاني المهنيّون هم كذلك من قلّة ثقة الضحيّة بهم لكونهم يعملون في مؤسّسات إسرائيليّة. ومن ناحية أخرى،ّ يواجهون صعوبات حقيقيّة تنبع من شُحّ الموارد المخصّصة لهم للعلاج".

في أعقاب المداخلتين، قامت السيّدة حنين إلياس (وهي عاملة اجتماعيّة وتدرّس في قسم الخدمة الاجتماعيّة في كلّـيّة صفد، وتدرس للحصول على درجة الدكتوراة في موضوع العمل الاجتماعيّ في الجامعة العبريّة في القدس في مجال الاعتداءات الجنسيّة) بالتعقيب على المداخلتين، مشيرة إلى أهمّـيّة الدراستين في إلقاء الضوء على قضيّة بالغة الأهمّيّة للنساء في مجتمعنا قلّما بُحثت، ولا سيّما أنّ الدراستين تقومان برفع وإيصال صوت الضحيّة. وأضافت قولها: "أرى من المهمّ والضروريّ، عند الحديث عن الاعتداءات الجنسيّة، التمييز بين أنواع الاعتداءات الجنسيّة: التحرّش الكلاميّ؛ التحرّش الجسديّ؛ الاعتداء؛ الاغتصاب. وليس ذلك من قَبيل التمييز بين حدّتها وصعوبتها، بل من قَبيل التعمّق في كلّ منها لبناء خطّة تَعامُل وعلاج تتناسب مع كلّ منها. كما أرى من الضروريّ، ابتغاءَ معالجة هذه الظاهرة ومحاولة الحدّ منها، أن نقوم كذلك بدراسة الظاهرة من جميع جوانبها، ويشمل ذلك المعتدين ومرتكبي هذه الجرائم حتّى نتمكّن من بناء برامج توعية وعلاج مناسبة وناجعة".
بعد التعقيب، دار نقاش بين الحضور والمحاضِرات تمحْوَرَ –في الأساس- حول المعضلات التي تواجه المهنيّين في مرافقة النساء ضحايا العنف الجنسيّ في المجتمع الفلسطينيّ، ولا سيّما المعضلة التي تتعلّق بتوجيه الضحيّة إلى المسار القضائيّ بصورة عامّة، وتقديم شكوى إلى الشرطة على وجه الخصوص، وذلك على ضوء ما جاء في نتائج الدراستين. 

نادرة شلهوب ــ كيفوركيان

ترصد الكاتبة، في هذه المقالة، السياسية الإسرائيلية في الإستيلاء على المكان، وتأثيرات هذه السياسة في البيت والجسد الفردي والحيز الإنساني والمجتمع. وتكشف الكاتبة كيف يعمل الاحتلال على ضبط الحياة اليومية للفلسطينيين، ولا سيما في القدس، بوسائل كابحة، وكيف يصوغ الفلسطينيون مهاراتهم لمقاومة هذه السيطرة…… 

لقراءة المقالة، إضغط هنا (PDF)

 

"المعلّمات الفلسطينيّات في دولة إسرائيل واعيات للقيود وللمعيقات الاجتماعيّة والسياسيّة التي قد تمنعهنّ من التحدّي المباشر للقوى المهيمنة والقامعة. مع هذا، إنّ القراءة المعمّقة في قصص حياة المعلّمات العربيّات تشير إلى أنّهنّ لا يخضعن خضوعًا تامًّا لهذه القوى، بل ينجحن في إيجاد مساحات يقمن من خلالها ببناء خطاب بديل يحاول زعزعة هذه البنى وخلخلتها" -هذا ما قالته سلفيا سابا سعدي في سمينار برنامج الدراسات النسويّة.

 

في إطار سمينار الدراسات النسويّة، استضاف برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل د. سلفيا سابا سعدي في محاضرة حول "الخطابات الاجتماعيّة- السياسيّة في قصص حياة معلّمات فلسطينيّات في إسرائيل". وتشكِّل المداخلة جزءًا من رسالة الدكتوراه التي حصلت عليها من جامعة بن غوريون.
استهلت اللقاء البروفسورة نادرة شلهوب – كيفوركيان (مديرة برنامج الدراسات النسويّة في المركز)، مرحِّبةً بالحضور ومشدّدة على أهمّـيّة موضوع السمينار ولا سيّما تناوله لقضيّة التعليم قائلة: "التعليم كان ولا زال آليّة للسيطرة والقمع ومراقبة وتغيير أنماط التفكير. إنّ السياسات التي تُنتهج في هذا المجال تؤثّر بالغَ تأثيرٍ على المجتمعات عمومًا، وعلى الأقلّـيّات وأقلّـيّات الوطن (كالفلسطينيّين في إسرائيل) على وجه الخصوص".

"تجربتي كامرأة وكمعلّمة فلسطينيّة في دولة إسرائيل لطالما أثارت لديّ أسئلة حول كيفيّة تعامل المعلّمات العربيّات مع واقع مركّب ينطوي أحيانًا على بعض التناقضات" -هذه ما قالته د. سابا- سعدي في افتتاحيّة محاضرتها، وأضافت: "أحد أهداف هذه الدراسة يتعلّق باستكشاف ماهيّة التجربة الذاتيّة للمعلّمات العربيّات في مختلف مجالات حياتهنّ الشخصيّة المهنيّة والاجتماعيّة آخذة بعين الاعتبار واقع حياتهنّ كنساء يعشن ويعملن في إطار متعدّد الأنظمة الأبويّة المتمثّلة -مثلاً- في مؤسّسة العائلة والمجتمع والمدرسة والكلّـيّة وغيرها. كذلك حاولت هذه الدراسة أيضًا كشف الدلالة أو الدلالات التي تنسبها المعلّمات العربيّات إلى عملهنّ كمعلّمات في دولة إسرائيل. من خلال البحث، حاولت استكشاف الإستراتيجيات التي تستخدمها المعلّمات للتعامل مع ما يخلقه عملهنّ من تناقضات على الصُّعُد الشخصيّ والسياسيّ والاجتماعيّ. كما حاولت كشف كيفيّة تأثُّر المعلّمات بمهنة التربية والتعليم، التي تتطلّب فحصًا ذاتيًّا كما تتطلّب مبادَرةً. علاوة على ذلك، حاولت هذه الدراسة تناول طرق تعامل وتأثُّر المعلّمات بالاستقلاليّة المادّيّة التي توفّرها هذه المهنة. وبالطبع حاولت كذلك فحص كيفيّة تأثير هذه العوامل الواردة أعلاه على قراءة النساء لواقعهنّ الاجتماعيّ والسياسيّ، وكيفيّة تأثيرها على قدرتهنّ على التغيير الاجتماعيّ السياسيّ وعلى استعدادهنّ لتحدّي الأنظمة الأبويّة والسياسيّة القائمة".
وفي إشارة إلى أبرز نتائج الدراسة، أشارت سابا-سعدي إلى أنّ هناك تباينًا بين المعلّمات اللاتي شاركن في الدراسة، وبعكس ما تشير إليه الدراسات الإسرائيليّة، ينبع التباين من السياقات البنيويّة والشخصيّة وليس على أساس الانتماءات الطائفيّة أو الجغرافيّة (قرية/ مدينة). وأضافت قائلة: "إنّ التباين بين المعلّمات ناتج عن متغيّرات بنيويّة متفرّقة، ونتيجة تفاعل بين عدّة متغيّرات، كالنوع الإجتماعيّ، والطبقة الاجتماعيّة، والمكانة الاجتماعيّة السياسيّة، والتاريخ الشخصيّ للمرأة، والوضع المهنيّ، والوظيفة، والأقدمية، والفترة التي خدمت فيها، ودَوْر المرأة الاجتماعيّ في تلك الفترة، وفرص العمل، وتجارب المعلّمة الذاتيّة، وعائلتها -بالإضافة إلى اعتبارات طائفيّة".

 

إلى جانب هذه التباينات، تشير نتائج الدراسة كذلك إلى قواسم مشتركة بين المعلّمات تتلخّص في ثلاثة مجالات: المجال الأوّل يتعلّق بأنّ معظم المشارِكات توجّهن إلى مهنة التدريس من منطلق الانجراف القسريّ، لا من خيار حرّ. رغم هذا، في ما بعد -لانخراطهنّ في المهنة- رأت معظمهنّ هذه المهنةَ رسالةً وطنيّة أو/وَ دينيّة أو/وَ اجتماعيّة. أمّا العامل الثاني المشترك، فيتعلّق بأنّ جميع المشارِكات رأين أنّ عملهنّ في مهنة التدريس ينبغي أن يتركّز في تحسين قدرات الطلاّب وفي تعزيز التسامح بين الطوائف. اهتمام المعلّمات بالقضايا المحلّـيّة والاحتراس من تحدّي القيم الاجتماعيّة السائدة والقضايا السياسيّة يشكّل العامل الثالث المشترك لمعظم المشارِكات في الدراسة. وتضيف سعدي قائلة: "المعلّمات الفلسطينيّات في دولة إسرائيل واعيات للقيود وللمعيقات الاجتماعيّة والسياسيّة التي قد تمنعهنّ من التحدّي المباشر للقوى المهيمنة والقامعة. مع هذا، إنّ القراءة المعمّقة في قصص حياة المعلّمات العربيّات تشير إلى أنّهنّ لا يخضعن خضوعًا تامًّا لهذه القوى، بل ينجحن في إيجاد مساحات يقمن من خلالها ببناء خطاب بديل يحاول زعزعة هذه البنى وخلخلتها".

"تحمل هذه الدراسة الكثير من التجديدات، أهمّها يتعلّق باختيار الموضوع نفسه، إذ تقوم الدراسة بإسماع صوت المعلّمات العربيّات اللواتي يشكّلن نسبة عالية من النساء العاملات في المجتمع الفلسطينيّ، فتحاول الدراسة من خلال تجربتهنّ فهم مكانتهنّ الاجتماعيّة والسياسيّة" -هذا ما قالته د. ماري توتري (رئيسة قسم المدنيّات في كليّة أورانيم، ومحاضِرة في جامعة حيفا) في تعقيبها على مداخلة سابا-سعدي. وأضافت قولها: "الأدبيّات الأكاديميّة النقديّة التي جرى بحسبها تحليل نتائج هذه الدراسة المهمّة تشكّل إحدى نقاط القوّة في الدراسة، وبخاصّة تلك التي تتطرّق إلى تحدّي الهيمنة. وقد تحدّت الدراسة بمنهجيّتها الأبحاثَ الإسرائيلية التي تتعامل مع المجتمع الفلسطينيّ كمجموعة طوائف، وأكّدت أنّ التباين والاختلاف بين المعلّمات يحتكمان إلى تفاعل بين بِنًى اجتماعيّة مختلفة".

 

وفي نهاية اللقاء، شكرت البروفسورة شلهوب كيفوركيان المداخلات القيمّة والنقاش الغنيّ مع الحضور، وقالت إنّ قوّة وأهمّيّة هذه الدراسة وغيرها من الدراسات التي تجريها باحثات فلسطينيّات تكمنان في أنّها تقوم بالربط بين هيكيليّات القمع المختلفة مع تجارب النساء ومجالات حياتها المختلفة. كما أكّدت أنّ برنامج الدراسات النسويّة سيستمرّ في استضافة دراسات جديدة تهتمّ بقضايا النساء الفلسطينيّات في إسرائيل.

مؤتمر مدى الأكاديمي الدولي الأول

مؤتمر 14-15، كانون أول 2004

الجلسة الأولى: قضية الحقوق الجماعية في الدول المتعددة القوميات: الحالة الإسرائيلية

رئيس الجلسة والمناقش: أحمد سعدي، جامعة بئر السبع

بروفيسور نيدم روحانا، مدى الكرمل–المركز العربي للدراسات الإجتماعية التطبيقية وجامعة تل أبيب –

“الهوية القومية والحقوق الجماعية: مسألة الحقوق الجماعية للفلسطينيين في إسرائيل”

حسن جبارين، عدالة: المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في اسرائيل –

“حق تقرير المصير للأقليات القومية: الفلسطينيون في إسرائيل”

أورن يفتاحئيل، جامعة بئر السبع –

“وهم المواطنة: الحراك الإجتماعي للأقليّة في مجتمعات إثنوقراطية”

محاضرة رئيسية

عادي أوفير جامعة تل أبيب، “الاحتلال والمواطنة”

الجلسة الثانية: الحقوق الجماعية والحقوق الفردية

رئيس الجلسة والمناقش: يوسي يونا ,جامعة بئر السبع

هنري ستاينر، كلية الحقوق، جامعة هارفارد –

“أنظمة الحكم الذاتي وحقوق الإنسان”

يوآف بيلد، جامعة تل- أبيب –

“من برن إلى الناصرة: حكم ذاتي ثقافي- قومي من منظور تاريخي”

رائف زريق، كلية الحقوق، جامعة هارفارد –

“حقوق المجموعات: ملاحظات حول قضية التمثيل”

الجلسة الثالثة: مبنى الدولة والحقوق الجماعية

رئيس الجلسة والمناقش: أسعد غانم، جامعة حيفا

إيريس يونغ، جامعة شيكاغو –

“حكم ذاتي علائقي ونماذج فدرالية”

أمل جمال، جامعة بنسلفانيا، ومدى الكرمل المركز العربي للدراسات الإجتماعية التطبيقية –

“إعادة تعريف دور الأكثرية في الدولة اليهودية: التشريع وعقبة المواطنة المتساوية”

جاد برزيلاي، جامعة تل-أبيب –

“الحقوق الجماعية وحل النزاعات: وجهة نظر كوميونيتارية نقدية”

محاضر رئيس
عزمي بشارة ، نائب البرلمان و”مواطن: المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية”.-

“الحقوق الجماعية وسياسات الهوية”

افتتح برنامج الدراسات النسويّة سميناره السنويّ للعام 2011-2012 بسمينار قراءة في كتاب "النساء الفلسطينيّات: سرديّات تاريخيّة وذاكرة مجندرة" (وهو للدكتورة فاطمة قاسم؛ وقد صدر عن دار "زيد بوكس" البريطانية عام 2011).

 

افتتحت اللقاء همّت زعبي، مركّزة وباحثة في برنامج الدراسات النسويّة، مرحّبةً بالحضور وقائلة: "يسرّنا في برنامج الدراسات النسويّة في مدى الكرمل افتتاح برنامجنا السنويّ بلقاء احتفاليّ نقوم من خلاله بالاحتفال بكتاب جديد حول النساء الفلسطينيّات لد. فاطمة قاسم التي إلى جانب كونها أكاديميّة فلسطينيّة باحثة مستقلّة ومحاضرة تعمل في عدّة كلّـيّات هي كذلك عضو في اللجنة الأكاديميّة للبرنامج. ومَرَدُّ أهمّـيّة هذا اللقاء –على وجه الخصوص- إلى أهمّـيّة الكتاب، الذي يعتمد –في أساس ما يَعتمد- على أطروحة دكتوراه، والذي يوثّق ذاكرة النساء من مدينتَي اللدّ والرملة، ويبيّن وجهة نظر النساء الفلسطينيّات المهمَّشات في المجتمع الإسرائيليّ تجاه أحداث 1948".

وأضافت زعبي أنّ السنوات العشر الأخيرة تشهد تزايدًا في الدراسات التي تتناول المرأة الفلسطينيّة في المجتمع الفلسطينيّ من وجهة نظر فلسطينيّة نسويّة نقديّة. ويندرج هذا الكتاب ضمن مجهود العديد من الباحثات الفلسطينيّات اللواتي يحاولن من خلال دراسات نسويّة نقديّة تحدِّيَ الأدبيّات الاستشراقيّة النمطيّة التي تميّز الأكاديميا الإسرائيليّة. كذلك أشارت زعبي إلى أنّ هذا اللقاء هو جزء من سلسلة لقاءات ينوي برنامج الدراسات النسويّة عقدها هذه العام، تتمحور وتستعرض دراسات وكتبًا جديدة صدرت عن النساء الفلسطينيّات.

 

تؤكّد د. منار حسن، محاضِرة في جامعة بار إيلان وفي كلّـيّة صفد؛ وهي كذلك عضو في اللجنة الأكاديميّة لبرنامج الدراسات النسويّة، على أهمّـيّة السمينار، وعلى أهمّـيّة الكتاب، فتقول في مداخلتها: "يشكّل هذا الكتاب مساهمة مهمّة وضروريّة في تأريخ الرواية الفلسطينيّة؛ إذ يقوم الكتاب –على نحو ما كتب الروائيّ عبد الرحمن منيف- بكتابة تاريخ مَن لا تاريخ لهنّ". وتضيف قائلةً: "إنّ الكتاب نجح في ألاّ يروي تاريخ المهزومين، كما جاء في مقدّمته، كما أنّه لا ينتمي إلى كتب التاريخ حبيسة المعايير الأكاديميّة التي لا يهمّها إنتاج معرفة جديدة، بل جاء ليساهم في إنتاج معرفة جديدة من خلالها يقوم بإسماع أصوات النساء التي أُخرِست طويلاً، ويعيد لهنّ اعتبارهنّ كذوات تاريخيّة فاعلة مشاركات في فعل التاريخ وفي حفظه ونقله للأجيال القادمة".

كما تطرّقت حسن في مراجعتها للكتاب إلى فصولة المتعدّدة متوقّفةً عند ثلاثة محاور مركزيّة ترى فيها أهمّـيّة خاصّة: اللغة؛ الجسد؛ البيت. وقالت حسن حول موضوع اللغة: "تكشف الباحثة خلال تحليل الشيفرات اللغويّة في سرد النساء أنّ دلالات اللغة تشير إلى أنّ النساء حافظن على علاقات القوى التراتبيّة داخل العائلة، ولكن في ذات الوقت تعكس محاولات لخلخلة هذه العلاقات، وكذلك تحمل اللغة التي استعملتها النساءُ في طيّاتها ضمنًا وعلنًا مواقع مقاومة عديدة".

 

استهلّت د. فاطمة قاسم مداخلتها بالتشديد على أهمّـيّة اللغة وتحليل دلالاتها وتقول "لم يكن اختيار العنوان "نساء فلسطينيّات" من قبيل المصادفة، وإنّما على العكس، كما لم يكن من قبيل المصادفة اختياري للتعبير "صَهْيَنَة المدن الفلسطينيّة" لا "تهويد المدن الفلسطينيّة". اللغة تعبّر عن واقع معيّن، لكنّها -في ذات الوقت- تخلق واقعًا آخر وتشكّل نوعًا من أنواع المقاومة". وأضافت قائلة: "للمقاومة أشكال مختلفة ومتعدّدة، من أهمّها مقاومة على وعينا لمفهوم قضايانا ومفهوم القضية الفلسطينيّة وصراعها مع الحركة الصهيونيّة".

يحمل الكتاب، وَفق ما تقول قاسم، توجُّهًا نسويًّا بمفهومه الواسع، لا لمجرّد كونه يتحدث عن النساء، بل لكونه يُسْمِع صوت المهمَّشين والمهمَّشات. وحول أهمّـيّة الكتابة من خلال سرديّات النساء وتحليل سِيَرهنّ الذاتيّة، أضافت قاسم تقول: "القضيّة هي قضيّة سياسيّة وحقّ وجود، وأنّ على المرأة الفلسطينيّة أن تنتزع حقّها المسلوب. حقّها في أن تسرد تاريخها وأن يكون لهذا التاريخ مكانة داخل مجتمعها". كذلك تطرّقت د. قاسم في مداخلتها إلى بعض الصعوبات التي واجهتها في كتابة الأطروحة، ولا سيّما الصعوبات التي واجهتها في الجامعة الإسرائيليّة، إذ قالت: "لقد كان صمود النساء ومقاومتهنّ مصدر قوّة لي كباحثة".