نظم مركز مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية في حيفا ندوة أكاديمية لمناقشة وتقديم كتاب “من الحياة المشتركة إلى المقاومة المشتركة في فلسطين التاريخية” للمؤلفين مَرسيلو سـﭬيرسكي ورونين بن آرييه. الكتاب ينظر إلى السيطرة الصهيونية على فلسطين كحالة استعمارية استيطانية، ويقضي بأنّه عند دراسة مسار محو الحياة الأصلانية في فلسطين، لا يجب تجنب حقيقة فقدان الحياة المشتركة بين الفلسطينيين واليهود حتى عام 1948- المسلمون، المسيحيون واليهود الذين سكنوا بجوار بعضهم البعض في فلسطين في الفترة العثمانية، وفي فترة الانتداب البريطاني. محاولة محو الحياة الأصلانية أدت إلى القضاء على المجتمع الفلسطيني، على هيمنته الثقافية وتفوقه الديمغرافي، ولدوافع عرقية، نتج عن ذلك أيضًا رفض للروابط الفلسطينية-اليهودية، وللحياة في مجتمع مشترك. المسار الاستيطاني لنهب الفلسطينيين كان مصحوبًا بتدمير البنية التحتية الثقافية، الذي حوّل الحياة المشتركة بين اليهود والفلسطينيين إلى واقع تاريخي منسيّ.
تحدث في الندوة مؤلفي الكتاب، د. مارسيلو سبيرسكي، محاضر مشارك في كلية العلوم الاجتماعية والانسانية في جامعة وولونغونغ في استراليا، ود. رونين بن اريه، زميل بحث في مركز منيرفا للعلوم الانسانية في جامعة تل ابيب، ويدرس في كلية العمارة وتخطيط المدن في معهد التخنيون في حيفا، وأدارت الندوة وعقبت على الكتاب د. أريج صباغ – خوري، المحاضرة في قسم العلوم الاجتماعية وعلم الانسان في الجامعة العبرية في القدس، وزميلة بحث في مدى الكرمل.
المداخلة الأولى كانت لمارسيل سبيرسكي وجاء فيها:
“على المستوى البحثي كان امامنا تحدّ كبير كيف نحكي قصّة ما كان؛ وأكثر صعوبة، كيف نحكي قصّة محو ما كان، أي كيف قامت الحركة الصهيونية بمحو ما كان. من الواضح ان كتابًا واحدًا لا يمكنه تجميع جميع المشاهد من تلك الفترة، أي الفترة العثمانية وفترة الانتداب البريطاني، ولكن كان بإمكاننا تجميع مشاهد كافية لرؤية امور هامّة مثل خصائص تلك الفترة، وكيفية تغيّرها. لقد حاولنا في هذا الكتاب ان ننقل للقارئ كيف تم محو العيش المشترك بين العرب واليهود في الفترة العثمانية والانتداب البريطاني على يد الحركة الصهيونية.” المداخلة الثانية كانت لرونين بن ارييه وجاء فيها: “في هذا الكتاب قمنا، من ناحية، بالنظر إلى الماضي، ومن ناحية اخرى، ألقينا نظرة على الحاضر والمستقبل، انطلاقاً من فكرة انه اذا فهمنا كيف تم بناء الواقع يمكننا ان نفهم كيف يمكن تغييره. أود ان اعطي مثالاً حول ما قصدناه بالمقاومة؛ في بداية القرن الـ20 كان هناك قيادة شرقية يهودية خاضت نقاشاً مع يهود اوروبيين حول احتمالية تأثير المشروع الصهيوني، الجديد حينها، على طريقة حياتهم على عدة مستويات؛ من ناحيتنا، قمنا بتعريف هذا النقاش والمعارضة على انه مقاومة للصهيونية حتى لو ان هذه القيادة الشرقية لم تعرّفها كذلك. من المهم ايضاً التوضيح اننا لا نتعامل مع هذا الماضي بحنين او نقول انه يمكن العودة إلى ذلك الزمان، لأن الواقع هو كولونيالي وقد تغيّر الكثير مع مرور الوقت، بالتالي فإن الحديث اليوم عن العيش المشترك هو غير جدّي بسبب اختلال موازين القوى بين الطرفين.” وعقبت اريج صباغ – خوري على الكتاب ومداخلتَي الكاتبين قائلة أن “الكتاب هو عبارة عن اسهام مهم على المستوى الأكاديمي، ولكن، وليس اقل اهمية، على مستوى بناء واقع مختلف، لا تكون فيه العلاقة بين العرب واليهود علاقة قامع ومقموع او محتل وواقع تحت الاحتلال بل علاقة نديّة ومتساوية، حيث ان امكانية العيش العربي-اليهودي التي يطرحها الكتاب تشمل كلتا الهويتين، العربية الفلسطينية واليهودية، بدون حاجة للفصل بينهما”. كما أشادت صباغ – خوري باستعمال الكتاب لنظرية الاستعمار الاستيطاني وباستعمال مفهوم المقاومة وإدخاله للنظرية. يذكر ان الكتاب صادر باللغة الانجليزية وعدد صفحاته 206.