كلمة التحرير
المقال التحليلي
وجهات نظر
أوراق معلوماتية
الرصد السياسي
الأنشطة الجارية في مركز مدى
المحرر المسؤول
نديم روحانا
المحرر الضيف
نبيل الصالح
مساعدة تحرير
جنان عبده
ترجمة
نواف عثامنة
تدقيق لغوي
حنا نور الحاج

 

 

المواد المنشورة في ”جدل” تعبر عن آراء كتابها، ولا تعكس بالضرورة مواقف مدى الكرمل. © حقوق الطبع محفوظة.

 

 

The seminar discusses the political and spatial policy employed by the State of Israel towards Palestinians living in Jaffa, and its implications on the status and economic rights of Palestinian women.

يحتوي خطاب حقوق الإنسان على فرضيات ضمنية بخصوص جوهر المجتمعات، كمفاهيم التخلف والتحضر، الحداثة والتقليدية، العقلانية والعواطف، وغيرها من المفاهيم. وهذه مفاهيم كولونيالية تشوه مفهوم العدل الاجتماعي وتمنع فهم العنف العسكري الذي تمارسه إسرائيل ضد النساء الفلسطينيات. هكذا تحدثت د. نادرة شلهوب-كيفوركيان، مديرة برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل، خلال محاضرتها حول "النساء الفلسطينيات والعسكرة". حيث استضاف كل من المركز النسوي امرأة لامرأة في حيفا، ومركز مدى الكرمل ومركز عدالة، د. نادرة شلهوب- كيوفوركيان، في محاضرة حول كتابها "العسكرة والعنف تجاه النساء في مناطق النزاع في الشرق الأوسط: الحالة الفلسطينية" الصادر عن جامعة كامبرج.

استهلت د. شلهوب-كيفوركيان محاضرتها بجلب أصوات نساء فلسطينيات من مخيم جنين اللواتي تحدثن بلغتهن عن تأثير العسكرة على حياتهن اليومية وعن العنف الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني ضد النساء الفلسطينيات، مثل استخدامهن كدروع بشرية، القتل، وهدم البيوت. وعرضت صوت "أم رياض" التي تحدثت وهي واقفة على ما تبقى من شرفة بيتها الذي هدمته إسرائيل وفي صدرها كوشان بيتها القائم في حيفا. ثم استعرضت بعض ممارسات النساء الفلسطينيات ضد العسكرة ومقاومة عنف الاحتلال بطرقهن المختلفة.

فيما بعد استعرضت شلهوب-كيفوركيان مبنى الكتاب وفصوله، قالت أن الكتاب يبدأ بمشاركة القارئ بالأساليب التي تعمل بها القوى الاستعمارية من خلال بسط قوتها وجبروتها على جميع الجوانب الشخصية واليومية على جسد وحياة وجنسية وبيوت وعائلات النساء، وعلى علمهن وتحركاتهن وعلى مجمل العلاقات الجندرية. وكذلك كشف وسائل نفي وتهميش المرأة الفلسطينية في محاولة لإعادة إنتاج سياسات جندرية قامعة.

"ثم يطرح الكتاب العلاقة الوثيقة بين إنتاج المعرفة العامة والعالمية وضرورة توطين المعرفة محليا، وخاصة بما يتعلق بقضايا قوانين حقوق الإنسان. إن لغة حقوق الإنسان تفشل في الكثير من الأحيان في فهم العنف الممارس ضد النساء بعمقه"، قالت شلهوب-كيفوركيان.

وبعد ان استعرضت ملخص فصول الكتاب قالت ان الكتاب يضع التجارب اليومية للنساء الفلسطينيات ومقاومتهن في قالب نظري ومقارنة ذلك بتجارب للنساء من مواقع صراع مختلفة. ويخوض الفصل الأخير من الكتاب في ماهية الحياة اليومية تحت العنف السياسي للدولة اليهودية. "فهم تأثير العسكرة على جسد، وحياة، وحيز، ووطن النساء، يتم فقط من خلال تحليل لولبي للانتهاكات، وهو التحليل الذي يكشف ويربك كل فكرة الحدود"، قالت شلهوب-كيفوركيان

كلمة التحرير

المقال التحليلي
وجهات نظر
أوراق معلوماتية
الرصد السياسي
المحرر المسؤول
نديم روحانا
المحرر الضيف
نبيل الصالح
مساعدة تحرير
ترجمة
نواف عثامنة
تدقيق لغوي
حنا نور الحاج

المواد المنشورة في ”جدل” تعبر عن آراء كتابها، ولا تعكس بالضرورة مواقف مدى الكرمل. © حقوق الطبع محفوظة.

عقد مركز مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، ورشة عمل حول دور مؤسسات المجتمع المدني العربية في اسرائيل وجاءت ورشة العمل تحت العنوان "المشاركة السياسية ما بين الإشكاليات النظرية ومهام المرحلة"، وقد شارك عدد من مندوبي الجمعيات الأهلية، والباحثين والناشطين في العمل الأهلي والسياسي.

عرض مدير طاقم المجتمع المدني في مدى، د. خليل نخلة، اهداف العمل ضمن إطار مجموعة عمل المجتمع المدني. وقال أن البحث حول مؤسسات المجتمع المدني ينطلق من فرضية وجود دور لهذه المؤسسات ضمن المشاركة السياسية، وأن البحث سيتناول مجموعة من الأسئلة مثل: مفهوم مؤسسات المجتمع المدني، طبيعتها ومضمونها وهيكليتها، مفهوم المشاركة السياسية من خلال التركيز على الحراك السياسي اليومي، والعلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني، علاقتها مع الأحزاب السياسية، علاقتها مع القاعدة الشعبية، مدى استقلاليتها، تمويلها ومرجعيتها الفكرية والسياسية. كما أشار أن ما طرح هو عناوين مختصرة وأولية للنقاش مع مندوبي ومندوبات المؤسسات والناشطين، بهدف بلورة أسئلة ومواضيع البحث.

يذكر أن هذه الورشة هي سلسلة من ورشات مستقبلية ينظمها مركز مدى ضمن مشروع "المشاركة السياسية للفلسطينيين في إسرائيل منذ عام 1948". يهدف هذا المشروع إلى دراسة أدوات العمل السياسي للمواطنين الفلسطينيين منذ 1948، وفحص جدوى هذه الأدوات وتفاعل الأحزاب والحركات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني معها. وتعمل ضمن المشروع خمسة طواقم باحثين من مجالات مختلفة لدراسة أدوات المشاركة السياسية التالية: العمل البرلماني ضمن الاحزاب؛ الحركات السياسية غير البرلمانية؛ الجمعيات الأهلية؛ العمل القانوني، لجنة المتابعة بوصفها مؤسسة وطنية.

من المقرر أن يتم هذا المشروع البحثي على مدار ثلاث سنوات، تتوج بنشر أبحاث الطواقم، عقد مؤتمر دولي لعرض النتائج من خلال المقارنة مع تجارب شعوب ودول ذات ظروف مماثلة، وبمشاركة أكاديميين وناشطين سياسيين من مناطق أخرى في العالم.

وفي القسم الثاني من ورشة العمل قدم مندوبو الجمعيات الأهلية تصوراتهم حول مؤسسات المجتمع المدني ودروها في الحراك السياسي، كما طرحوا العديد من الأفكار والملاحظات حول أسئلة البحث التي يطرحها المشروع وأهدافه. بداية تحدثت الناشطة النسوية والسياسية ومنسقة الاعلام في جمعية السوار، السيدة عرين هواري. وقالت أنه يتم عادة طرح موضوع الجمعيات الأهلية وعلاقتها بالأحزاب كشعار فقط، دون أن يتم بحث الموضوع بشكل جدي. ثم تطرقت السيدة هواري إلى نقاط التقاطع والاختلاف في المشاركة السياسية بين الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية، وخاصة فيما يتعلق بجانب التغيير المجتمعي والنهوض بالمجتمع. "صحيح أن الجمعيات الأهلية ليست منتخبة من قبل الجمهور كما الأحزاب، وهي لا تطرح نفسها كممثلة عن

المجتمع ولكن كقلقة عليه وتحمل همومه". أشارت هواري الى ان الاحزاب السياسية تحمل مشروعا سياسيا، وامينة على تنفيذه ولكنها تفتقر لمشروع متعلق بتغيير صورة المجتمع ، ولكن بعض الجمعيات تقوم بهذا الدور، بينما تعمل الأحزاب على هذه القضايا فقط في حالة نشوب الأزمات العائلية والطائفية. لقد أخذت الجمعيات الأهلية على عاتقها مسؤولية التغيير المجتمعي وهي تقوم بذلك أفضل من الأحزاب، فقضايا المرأة مثلاً تبقى حصرا على الجمعيات النسوية، بينما تعاملت معها النساء بفضل النساء الناشطات في الاحزاب، واحيانا تم اختزالها هناك بمسألة التحصين". تناولت هواري فيما بعد توزيع الأدوار مشيرة إلى التعامل مع الجمعيات النسوية ومحاسبتها وكأنها المسؤولة عن آفات المجتمع القيمية بدلا من محاسبة المجتمع وممثليه، ولكنها في نفس الوقت اشارت الى ان التوجه الى الجمعيات لمساءلتها يدل بحد ذاته على ان الناس ترى بها عنوانا في قضايا المجتمع وأنها تتواصل معه . ثم دعت هواري إلى ضرورة التكامل بين الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.

أما السيد أمير مخول، مدير عام اتجاه، فقد تناول بالنقد أسئلة البحث التي يطرحها المشروع، وحاول ان يلقي النظر على اسئلة بحثية اخرى، وقال انه من خلال القاء الضوء على تجربة عمل المجتمع المدني العربي للفلسطينيين في اسرائيل يمكن تطوير اسئلة بحثية جديدة. وأشار انه "ثمة علاقة وتنسيق بين الجمعيات وبين الأحزاب، وفيما بينها، كما يتم تطوير الشراكة بين جميع الأطراف وهذا ما لم تتطرق له التساؤلات البحثية". ثم قال أن الجمعيات تعمل على تطوير أدوات إدارة الصراع، وأنها أستطاعت ترك أثر سياسي على مجمل الخطاب السياسي وادخال أدوات جديدة مثل التشبيك، المرافعة الدولية، تدويل الصراع، والتواصل الفلسطيني والعربي. كما أشار إلى أن العلاقة بين الجمعيات والأحزاب هي علاقة تكامل وليست علاقة تنافر، مؤكدا على التوافق، والاحترام والتنسيق فيما بين الاحزاب والجمعيات المختلفة. ثم طرح مخول لجنة الدفاع عن الحريات، لجنة مناهضة الخدمة المدنية، والتحضير للاضراب الأخير، كنماذج للتنسيق والعمل المشترك فيما يتعلق بالمشاركة السياسية.

السيد جعفر فرح، مدير عام جمعية مساواة، دعا إلى دراسة تجربة الجمعيات العربية الحالية ضمن امتدادها العالمي، والاقليمي والتاريخي. وقال أن العمل الأهلي في فلسطين بدأ قبل عام 1948، مشيرا إلى النقص الحاد في المراجع البحثية في هذا المجال. واقترح السيد فرح العمل على اقامة أرشيف ومكتبة في هذا الخصوص. وبخصوص الجهات الممولة وسياساتها، فقد انتقد التشكيك في العلاقة مع صناديق التمويل مشيرا إلى دورنا المجتمعي في خلق البرامج، والاستراتيجيات، وتنويع مصادر التمويل لتلائم تصوراتنا الفكرية. كما دعا السيد فرح إلى شمل العمل الأهلي الديني، بما فبه الاسلامي والمسيحي، مثل المدارس الأهلية والمستشفيات في الابحاث، وضرورة تنظيم العلاقة بين مؤسسات المجتمع بما فيها الأحزاب، والجمعيات، والسلطات المحلية، والقطاع الخاص والاعلام. وفي خضم مداخلته قال فرح: "التصور المستقبلي لعمل المؤسسات العربية يجب أن يشمل أربعة أنواع من المؤسسات التي نحتاجها: الوطنية، الحزبية، الدينية، والمؤسسات المستقلة التي تمتلك أجندات خاصة مثل موضوع المثليات والمثليين؛ فهذا كله جزء من بناء المجتمع ويساهم في تطوير الحيز الديمقراطي في مجتمعنا". وفي نهاية كلمته دعا فرح إلى ضرورة الأستفادة من التجارب العالمية بخصوص العمل الأهلي والمشاركة السياسية، مشيرا إلى أهمية التجربة الألمانية، الجنوب أفريقية، والجنوب أمريكية. كما دعا الاعلام المحلي إلى ضرورة أخذ دوره في مساءلة المؤسسات المجتمعية الوطنية بما فيها الجمعيات ومحاسبتها، وإلى ضرورة العمل بشفافية تامة.

بعد هذه المداخلات دار نقاش بين المشاركين طرحت خلاله العديد من الأفكار، وقدمت العديد من الاقتراحات العملية لتطوير المشروع. وفي ختام الجلسة أشار القائمون على المشروع أنهم سيأخذون جميع الاقتراحات بعين الاعتبار وسيعملون على تطوير أسئلة البحث وتوسيعها بناء على ما طرح خلال ورشة العمل.

"حل الدولتين يعني عدم عودة اللاجئين وهو لا يخلصنا من الصهيونية. فالصهيونية هي رزمة واحدة مهما اختلفت تياراتها، وتتضمن العنف، السيطرة، التهجير، الاستعلاء، الغطرسة، الفصل، الإنكار والخوف. وحل الدولتين هو حبل الآمان للصهيونية وجاء ليكرسها. لدينا نحن الفلسطينيين في الداخل القوة الأخلاقية لطرح تصوّر مستقبلي لحل يأحذ بالحسبان العرب واليهود ليس كرد فعل على الصهوينية، لكنه يشكل ضمنيا نفياً لها وللمارساتها. فتاريخياً كانت فلسطين محوراً لالتقاء الحضارات والثقافات والأمم،" هذه بعض أقوال البروفيسور نديم روحانا، المدير العام لمركز مدى الكرمل، التي ألقاها خلال مؤتمر حيفا الذي ناقش حل الدولة الديمقراطية الواحدة. يذكر أن مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية في حيفا، بالتعاون مع جمعية ابن خلدون للبحث والتطوير قد عقد في بداية الأسبوع (الأحد) مؤتمرا لمناقشة حل الدولة الواحدة في مسرح الميدان في حيفا بمشاركة باحثين فلسطينيين وإسرائيليين.

خُصصت الجلسة الأولى لمناقشة سؤال "لماذا الدولة الواحد" بمشاركة كل من د. أسعد غانم والباحث ميرون بنبنستي. في بداية مداخلته طرح د. غانم العديد من التساؤلات حول التصور المستقبلي للحل وتطرق بإيجاز إلى ولادة فكرة الدولة الواحدة. "على الأقلية الفلسطينية هنا وفي ظل الأوضاع القائمة أن تفكر جدياً في طرح أفكار وتصورات للخروج من المأزق الحالي، دون إستثناء الشعب الآخر من هذه النقاشات، وليس صدفة أن نعقد مؤتمرنا هذا في حيفا باللغتين العربية والعبرية وبمشاركة باحثين عرب ويهود،" قال غانم. ثم قال إن الحل المبنى على طرح الدولتين في حالة تلاش وأنه حان الوقت لمناقشة حلول أخرى بما فيها حل الدولة الواحدة، أنه علينا التفكير في مخرج من الأزمة الحالية يحفظ المكانة السياسية للطرفين ويضمن لهما حلاً عادلاً وأخلاقياً.

"بعد مائة عام من الصراع ما زلنا أمام مأزق كبير. كفلسطينيين علينا التفكير مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ككل وليس مع جزء واحد منه فقط. فحل الدولتين لا يضمن حلاً لقضية القدس، ولا للاجئين، ولا للفلسطينيين الداخل. علينا التفكير جدياً في الدولة الواحدة المؤسسة على الشراكة والمواطنة – دولة ديمقراطية واحدة لجميع مواطنيها. هذا الحل يضمن وحدة فلسطين التاريخية ويتيح لكل طرف اعتبارها وطنه التاريخي دون الحاجة إلى التقسيم،" قال د. غانم وأكد على أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه فلسطينيو الداخل. كما أشار غانم إلى أن حل الدولتين إنهار بسبب الممارسات الإسرائيلية. ثم قال: "نواجه على الصعيد الفلسطيني حالة إنهيار للحركة الوطنية والسؤال هو كيف يمكن إنقاذ الوضع، وكيف يمكن إعادة جدوى النضال الفلسطيني. المدخل الوحيد برأيي هو حل الدولة الواحدة. في سياق طرح حل الدولة الواحدة علينا التفكير في ماهية ونوع النظام، علاقة هذه الدولة مع الشتات الفلسطيني ومع اليهود في العالم، وعلاقتها مع الحركة القومية العربية. ثمة ضرورة لطرح هذه المسائل ومناقشتها من قبل الطرفين".

أما الباحث الإسرائيلي ميرون بنبنسي فقال إن حل الدولتين وحل الدولة الواحدة لا يتناقضان بل هما امتداد لنفس المحور. "ثمة من يدعي أن حل الدولة الواحدة الذي سيغيّر الوضع القائم قريب جداً، لكن للأسف فهذا لن يحدث. فالوضع الراهن ثابت وقوي. لكن من الناحية العملية فتوجد في هذه البلاد دولة ثنائية القومية، والفصل بين المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي هو فصل اصطناعي. كما أحب أن أؤكد بأن حل الدولة الواحدة ليس طرحا أيديولوجياً، وليست تصوراً لحل، بل توصيفا للوضع القائم،" قال الباحث بنبنستي. كما أشار إلى أن وجود السلطة الفلسطينية يخلق الوهم بقرب قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. "السلطة الفلسطينية بفضل تمويل الدول الأجنبية، وهي تلك الدول التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال، لكنها تساهم عملياً في الحفاظ على الوضع القائم وتكريسه"، قال بنبنستي.

استعرضت البروفيسور ليلي فرسخ في الجلسة الثانية تاريخ ولادة فكرة الدولة الواحدة مركزة على جذورها الفلسطينية. فتناولت بداية الفكرة منذ عام 1969 عندما طرحتها حركة فتح وتم تبنيها من قبل المجلس الوطني الفلسطيني عام 1971. وقالت إن أهمية هذا الطرح تكمن في تحويل القضية الفلسطينية من قضية إنسانية تتلخص بمشكلة اللاجئين إلى قضية شعب وتحويل المطلب الإنساني إلى مطلب سياسي. وأشارت البروفيسور فرسخ إلى الدور الذي لعبه هذا الطرح في استقلالية القرار الفلسطيني عن القرار العربي. "لقد أكدت حرب الأيام الستة محدودية المشروع القومي العربي في تحرير فلسطين. وجاء طرح الدولة الواحدة كانتصار لمنظمة التحرير الفلسطينية عندما تم الاعتراف بها كالممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين. كما لعب هذا الطرح دورا تنظيميا في بناء مؤسسات الدولة قبل قيامها. ثم توقفت عند مقررات المجلس الوطني الفلسطيني الثاني عشر الذي تبنى فكرة الصراع المرحلي وأقر إقامة دولة فلسطينية على أي جزء من فلسطين يتم تحريره، محدثاً بذلك تحولاً في فكرة الدولة الواحدة، حيث تم ضمنيا القبول بقرار التقسيم، إلى أن تم التنازل نهائيا عن الفكرة عام 1988 باعتراف م.ت.ف بإسرائيل. "استمر هذا الوضع حتى جاءت اتفاقيات أوسلو التي همشت فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة وحولتها إلى ثمانية بانتوستانات تحكمها الحواجز العسكرية. في عام 2001 ومع فشل حل الدولتين عادت فكرة الدولة الواحدة لتظهر من جديد. لقد وصلت القضية الفلسطينية حالياً إلى واقع مأزوم وطريق مسدود،" قالت البروفيسور فرسخ مشددة على ضرورة تطوير فكرة الدولة الواحدة.

بعدها تحدث الباحث دان بابلي من جامعة حيفا، الذي قال إنه وحتى الآن لم يبحث الطرفان بشكل جدي فكرة الحياة المشتركة، وإن إي من الطرفين لم يطرح حلاً للصراع يقوم على المساواة والحياة المشتركة. ثم استعرض فكرة الدولة الواحدة في الفكر الصهيوني. وأكد بابلي استحالة تحقيق فكرة الدولة اليهودية وخاصة في ظل الوضع الديموغرافي، واستحالة الفصل بين الشعبين. ودعا بابلي إلى إقامة طواقم عمل عربية يهودية مشتركة للدفع بفكرة "دولة جميع سكانها" وإقناع الطرفين بأهميتها وجدواها، واقترح أن يمنح كل طرف حق النقض في القضايا المصيرية، والعمل على توزيع عادل للموارد بين الطرفين، وضمان حق العودة للشعبين. أما الباحث الفلسطيني حازم القواسمي الذي شارك في تلك الجلسة فقد استعرض تجربته الشخصية وكيف عمل على مدار خمسة عشر عام على تسويق فكرة الدولتين، إلى أن توصل عام 2000 إلى قناعة باستحالة هذا الحل وضرورة تبني حل الدولة الواحدة، مؤكداً على ضرورة وضع الإنسانية في المركز لدى التفكير في حل الصراع. "يجب العمل على إنهاء الاحتلال، ووقف نزيف الدم اليومي، ووقف القتل والهدم، وإزالة الجدار، كي نستطيع التفكير بعقلانية بالحل،" قال الباحث القواسمي.

أفتتح الجلسة الثالثة البروفيسور نديم روحانا وقال إنه من الخطأ طرح فكرة الدولة الواحدة كمسألة تكتيكية بهدف الضغط على إسرائيل لقبول حل الدولتين، مؤكداً أنه لا يوجد حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعتمد على التقسيم. "لم يكن قرار التقسيم ليشكل حلاً للقضية الفلسطينية، فهو قرار غير عادل وعنصري اعتمد على اقتطاع جزء من فلسطين ومنحه بشكل استثنائي للحركة الصهيونية. وقد اعتمد هذا القرار على فرضية خاطئة تدعى وجود صراع قومي بين حركتين تمثلان شعبين وأن لكل منها حقوقاً متساوية ومتوازية. سؤال هل الصهيونية هي حركة تحرر قومي لليهود أم لا، هذا ليس من شأني وغير مهم، فالمهم هو الممارسة على أرض الواقع، ومن ناحية الممارسة فإن الحركة الصهيونية هي حركة استيطانية في جوهرها. إسرائيل هي مشروع كولونيالي، وليست في جوهرها صراع قومي".

ثم أشار روحانا إلى أن السؤال المركزي هو "كيف يمكن التوصل إلى حل يحقق العدل للاجئين الفلسطينيين والمساواة بين الشعبين، دون امتيازات لأحد. بناء على ذلك يمكننا التفكير في الحلول، لكن من الواضح إن حل الدولتين لا يضمن ذلك". وتابع "أنا لا أتوقع من الصهيونية تطوير برامج أو طرح أفكار للعيش المشترك، فالاقتلاع هو الجانب الآخر للعملة الصهيونية. كما أن الأكاديمية الإسرائيلية لعبت عبر مراحلها المختلفة وما زالت دوراً مركزياً في شرعنة الدولة اليهودية وتثبيتها. لكنني أتوقع منا كفلسطينيين تطوير نماذج للعيش المشترك تضمن المساواة للطرفين. وهو الأمر الذي حدث في جنوب أفريقيا".

في نهاية محاضرته تطرق البروفيسور روحانا إلى التحديات التي تقف أمام فكرة الدولة الواحدة مثل عدم تقبل الفكرة حتى الآن لدى الفلسطينيين أو لدى الإسرائيليين. "لدينا القوة الأخلاقية لطرح تصوّر يأخذ بالحسبان العرب واليهود ليس كرد فعل على الصهوينية، لكنه يشكل ضمنيا نفياً لها وللمارساتها. فتاريخياً كانت فلسطين محوراً لالتقاء الحضارات والثقافات والأمم،" ختم روحانا أقواله.

أما بروفيسور أورن يفتحائيل من جامعة بئر السبع في النقب فأدعى إن رؤية الدولة الواحدة هي رؤية لا سياسية. وقال إن فكرة الدولة الواحدة هي فكرة مثالية وأخلاقية، لكن الأفكار الأخلاقية والمثالية غير كافية في أيامنا، ودعا إلى فكرة الكنوفديرالية، معتمدا بذلك على غياب نماذج مشابهة لصراع انتهى بحل الدولة الواحدة. كما اشار إلى أن المطروح على بساط البحث هو قيام الدولة الفلسطينية، وليس قيام إسرائيل الموجودة فعلا وبقوة. "هل سنذهب للكنيست ونطالبها بحل نفسها؟ هل سنطلب من الجيش الإسرائيلي حل نفسه؟ كيف يمكن إقناع الإسرائيليين بالتنازل عن دولة إسرائيل؟ صحيح أن الضغط الدولي قد يفعل ذلك، لكن هذا الضغط غير وارد بالسياق الإسرائيلي بتاتاً. الحل السياسي هو الكونفديرالية بين دولتين، من خلال بلورة أُطر مشتركة في مجالات الاقتصاد والمواصلات وغيرها". وقد بنا البروفيسور يفتحائيل طرحه على بعض الفرضيات الأساسية، كما قال، وهي: وجود قوميتين لهما الحق في الوجود؛ القرارات الدولية المتعلقة بالصراع؛ وجود دولة إسرائيل والحاجة إلى إقامة دولة فلسطينية؛ لا توجد في التاريخ الحديث ظاهرة إلغاء أو اضمحلال دول؛ القرار 181 مع تعديل معين سيشكل آلية لضمان العدل النسبي للطرفين.

المتحدث الأخير في هذا المؤتمر كان د. أمنون راز كراكوتسكين من جامعة بئر السبع، وهو أول من دعا إلى ضرورة التفكير بثنائية القومية كهوية وكإطار فكري. في بداية محاضرته قال: "لا أستطيع التفكير في تصوّر غير الدولة الواحدة. السؤال الذي يجب طرحه هو: كيف ولدت فكرة الدولتين؟ كيف ولدت هذه الفكرة الغريبة مباشرة بعد احتلال 1967؟ من أين جاءت الفكرة أن تتوحد باقة الشرقية مع غزة وليس مع باقة الغربية؟". ثم قال إن فكرة الدولتين تشكل أداة لضرب الشعب الفلسطيني. "لولا هذه الفكرة لما كانت مذبحة غزة. كما تشكل فكرة الدولتين نموذجاً لإقصاء الفلسطينيين داخل إسرائيل. لذلك من الضرورة محاربة هذه الفكرة. علينا التمسك بفكرة ثنائية القومية المرتبط بحل الدولة الواحدة. فلا يمكن قبول فكرة ثنائية القومية وبنفس الوقت الدعوة لبناء جدار الفصل. كما تتضمن هذه الفكرة العدل والمساواة المدنية والقومية. لقد قامت الصهيونية على مبدأ إنكار القومية الفلسطينية، بينما تشدد فكرة ثنائية القومية على القومية الفلسطينية".

كما قال البروفيسور كراكوتسكين أنه من الضروري لدى الحديث عن الدولة الواحدة وثنائية القومية تعريف حقوق اليهود. "ثنائية القومية هي أيضاً إطار لتفكيك الكولونيالية. من مسؤوليتنا إثارة النقاش والتفكير ووضع التحديات وليس البحث عن نماذج في التاريخ".